الدكتور "ممدوح غراب" يكتب: سيادة الرئيس.. ماذا لو تم تحرير سعر الدواء؟

ركن القراء

رئيس جامعة قناة السويس
رئيس جامعة قناة السويس - الدكتور ممدوح غراب


إن تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه أدى إلى زيادة أسعار كل مدخلات صناعة الدواء من خامات دوائية وعبوات ومواد تعبئة وتغليف، مما أدى إلى مطالبة شركات تصنيع الدواء بزيادة أسعار الدواء أو التوقف عن التصنيع.

تفاقمت مشكلة الدواء في مصر من أزمة توفيره إلى زيادة أسعار الخامات وصولا إلى اختفاء بعض الأصناف تماما وما صاحب ذلك من تصفية للحسابات بين بعض أطراف الصناعة والتراشق بين الجميع والصوت العالى والصراخ والذي كان بعضه فقط بهدف المصلحة العامة وكثير منه لاستعراض القوه أو لإثبات الوجود والظهور الاعلامى، الأمر جلل ويحتاج إلى الصمت والهدوء والتفكير العميق لإيجاد حلول لهذه المشكلة المستعصية منذ زمن طويل، أنه القدر الذي حمل القيادة السياسية نتائج قرارات خاطئة أدت لتراكم المشكلات وتفحلها الى حد ينذر بالخطر من نقص حاد فى الدواء الى توقف صناعة استراتيجية هامة وهروب المستثمرين فيها.

هل المشكلة الآن في تسعيره الدواء؟ لا أعتقد.. ولكن المشكلة هي كيفية توفير الدواء بسعر مناسب للجميع، وأن مشكلة تسعير الدواء المثارة الآن ستنتهى كالمعتاد بحلول وسطية لإرضاء الجميع "سياسة إمساك العصا من المنتصف" وليس الى حلول نهائية لمصلحة المريض ومصلحة هذه الصناعة الهامة.كان يجب عند دراسة الحلول وضع الصورة كاملة أمام الجميع سواء من جانب قوانين التأمين الصحى والاستثمار والضرائب وقانون أو من جانب أخلاقيات البحث العلمى حتى يمكن اتخاذ قرارات حاسمة من شأنها إنهاء هذه المشكلة نهائيا ولا نضطر الى إعادة النظر والتسعيرة مع كل تحرك للعملة أو مع التضخم. كما ذكرنا سابقا فإن شركات الدواء هى مشروع استثمارى الغرض منه الربح وليس دعم الدواء، كذلك مشروع الصيدلية هو مشروع تجارى خدمى الغرض منه الربح وتقديم خدمة للمريض وليس لدعم الدواء. إذا فالجهة المنوط بها توفير الدواء للمواطنين بالمجان هى الحكومة وليس الشركات أو الصيدليات من خلال التأمين الصحي وبسعر مناسب للغير مؤمن عليهم صحيا.

والانتهاء من قانون التأمين الصحي واعتماد الميزانية المخصصة له أصبح ضرورة ملحة لتغطية جميع المواطنين وتوفير الدواء من خلال وزارة الصحة (التأمين الصحى)، وبالتالى لايتأثر المريض بزيادة أسعار الدواء، على أن تقوم وزارة الصحة بتوفير أدوية التأمين الصحى من خلال طرح مناقصة كبرى بين الشركات المحلية والعالمية لشراء احتياجاتها من الدواء، فتصبح المنافسة مفتوحة بين جميع الشركات مع اعطاء ميزة تنافسية للشركات المحلية بزيادة السعر 10–15% من أقل سعر تقدمت به الشركات العالمية، وفى حال أراد المريض شراء أصناف من خارج المحددة من قبل وزارة الصحة يتحمل أو تتحمل جهة عمله تكاليف الشراء.

وضرورة إعادة النظر فى نظام تسجيل الدواء الحالى الذى يسمح باحتكار بعض الشركات والأفراد لسوق الدواء والذى أدى إلى مساومتهم للدولة على توفير الدواء بسعر مناسب. وأن يعتمد نظام التسجيل على الإسم العلمى مع ضرورة تشكيل لجان من خبراء تكاليف ومحاسبة لتقيم التكلفة وبالتالى مقترح الأسعار، وفتح باب التسجيل للأدوية بين الشركات دون حد أقصى واتباع الشفافية فى كل خطوات التسجيل، ضرورة الاستعانة بأحد الشركات العالمية لوضع منظومة تعتمد على الشفافية والسرعة فى تسجيل الأدوية ومتابعتها فى الأسواق وكذلك إدارة هذه المنظومة باحترافية لاتعتمد على الأهواء أو الخواطر.

وهنا نطرح السؤال، ماذا لو تم إطلاق تسعير الدواء؟

تمت الاستعانة بإحدى الشركات العالمية لإدارة منظومة التسجيل والمتابعة في الأسواق؟

والإجابة المنطقية أنه فى حالة وجود منظومة التأمين الصحى لن يتأثر المريض بالسعر ولكن سيتم توفير الدواء بالمجان، وستنتهى مشكلة التسعير والتسجيل والاحتكار، ويتم توفير الدواء بالأسواق ليكون فى متناول الجميع، كما سيتم زيادة تصدير الدواء بالسعر الحر وتصبح مصر من أكبر الدول المصدرة للدواء بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث أن الدول التى يتم التصدير إليها تشترط أن يتم التعاقد طبقا للسعر المتداول داخل السوق المحلى،مع الأخذ فى الاعتبار تدنى أسعار الدواء بمصر مقارنة بسعره فى هذه الدول.

وحتى يتحقق ما سبق عرضه يجب الاعتماد على الشركات المملوكة للدولة (9 شركات انتاج دواء) فى المرحلة القادمة لتوفير الأدوية غير المتوفرة في الأسواق وحتى يعود التوازن والاستقرار لسوق الدواء، كما ينبغي سرعة تطبيق نظام الصيدلة الإكلينكية في جميع المستشفيات لنجاح هذه التجربة في توفير صرف الدواء وحماية المريض.

سيادة الرئيس نعلم جميعا أن الهموم كثيرة وبعض المشكلات مستعصية، ولكن نثق تماما فى إرادة سيادتكم والمخلصين معكم فهم كثر.