سمير فريد يكتب: مشاكل توثيق الأفلام المصرية تصل حتى إلى عام 2016

الفجر الفني

سمير فريد
سمير فريد


شكلت الأمم المتحدة عام 1980 مجموعة عمل دولية لكتابة التاريخ العام للسينما فى العالم برئاسة الناقد الإيطالى جيدو أريستاكرو، وكان من بينها ثلاثة من العرب هم كاتب هذه السطور وإبراهيم العريس من لبنان وفريد بوغدير من تونس. وكان موضوع الاجتماع الأول فى فارنا فى بلغاريا عن المنهج، وتقسيم السينما فى العالم إلى سينمات كبيرة ومتوسطة وصغيرة من حيث كم الإنتاج وكم الجمهور، الذى يتوجه إليه ذلك الإنتاج.


وقد انتهت اللجنة إلى اعتبار السينما المصرية من السينمات الكبيرة العشر الأولى فى العالم بعد السينما فى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا والهند والصين واليابان، وذلك من بين أكثر من 200 دولة فى العالم أغلبها ينتج الأفلام. والآن وبعد أكثر من ثلاثة عقود يمكننى القول إن السينما المصرية الوحيدة بين السينمات العشر الكبرى، وربما بين كل سينمات العالم التى لا يعرف عدد أفلامها على نحو علمى دقيق، سواء الأفلام الطويلة (أكثر من 60 دقيقة)، أو متوسطة الطول (أكثر من 30 دقيقة)، أو القصيرة (أقل من 30 دقيقة)، وسواء الصامتة أم الناطقة، وسواء الروائية أم التسجيلية أم التشكيلية. ولايزال العرب يختلفون فى ترجمة التسجيلى فيطلق عليه البعض «وثائقى» رغم أن كل الأفلام وثائق، وفى ترجمة التشكيلى إذ تسمى التحريك رغم أن كل الأفلام صور متحركة.

وهذه المأساة التى تصل إلى درجة الفضيحة العلمية نتيجة عدم وجود «دار السينما» فى مصر، وهى ترجمة مجمع اللغة العربية لكلمة سينماتيك الفرنسية على غرار «دار الكتب»، حيث تقوم دار السينما بالنسبة للأفلام بنفس وظائف دار الكتب بالنسبة للكتب، وهى التوثيق والحفظ والإتاحة. وقد بحت أصوات كل أجيال صناع ونقاد السينما منذ نصف قرن ويزيد لمطالبة الدولة، ممثلة فى وزارة الثقافة، بإنشاء دار السينما المصرية، ولكن من دون جدوى. وهذه الدار تبدأ بتخصيص أحد قصور الثقافة لتكون مقراً لها. وكانت أحدث المطالبات العام الماضى 2016 لتخصيص قصر عائشة فهمى، ولكن وزارة الثقافة لم تستجب.

ويخلط البعض فى وزارة الثقافة بين دار السينما التى توثق وتحفظ الأفلام ووثائق الأفلام وتتيح مشاهدة نسخ ديجيتال كاملة طبق الأصل منها، وبين حفظ الأصول (النيجاتيف) والنسخ السينمائية المطبوعة.

وهناك مشاكل علمية فى توثيق الأفلام، ولكن هذه المشاكل لا تصل إلى حد عدم معرفة عدد الأفلام، وأحدث دليل على ذلك ما نشر الأسبوع الماضى بمناسبة نهاية العام الميلادى، حيث نشرت جميع الصحف والمجلات من دون استثناء أرقاماً مختلفة عما عرض لأول مرة من أفلام مصرية طويلة عام 2016، فما بالك بالأفلام التى أنتجت ولم تعرض، وما بالك بكل الأفلام من كل الأطوال والأجناس.