معارك متقطعة رغم الهدنة الهشة في سوريا وأزمة المياه تتفاقم

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


دعت المعارضة السورية مجلس الأمن الدولي إلى التدخل لوقف خروقات قوات النظام وحلفائها لوقف إطلاق النار خصوصاً في منطقة وادي بردى قرب دمشق، في اليوم السابع من الهدنة الهشة.
 
وفي مدينة جبلة الساحلية ذات الغالبية العلوية، قتل الخميس 15 شخصاً على الأقل، بينهم ثمانية مدنيين، جراء تفجير سيارة مفخخة في شارع مكتظ، وفق حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الانسان.

واتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان الخميس قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءها بارتكاب "الخروقات وجرائم الحرب خصوصاً في منطقة وادي بردى"، داعياً "مجلس الأمن والأطراف الضامنة إلى وقف الهجمات فوراً وإدانة مرتكبي الخروقات ومعاقبتهم".

وتشهد الجبهات الرئيسية في سوريا منذ منتصف ليل الخميس الماضي وقفاً لإطلاق النار تم التوصل إليه بموجب اتفاق روسي تركي، في غياب أي دور لواشنطن التي كانت شريكة موسكو في هدن سابقة لم تصمد.

وعلى على الرغم من الهدنة، تتعرض جبهات عدة تحديداً في ريف دمشق لخروقات متكررة، وخصوصاً في منطقة وادي بردى، حيث تدور معارك مستمرة بين قوات النظام ومقاتلين من حزب الله من جهة والفصائل المعارضة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) من جهة أخرى، وفق المرصد.

وأفاد المرصد الخميس عن "معارك متفاوتة العنف بين الطرفين تزامنت مع غارات وقصف لقوات النظام على المنطقة".

وتسببت المعارك المستمرة في وادي بردى منذ 20 ديسمبر بحسب المرصد السوري، بانقطاع المياه عن معظم العاصمة بعد تضرر إحدى مضخات المياه الرئيسية في مؤسسة عين الفيجة. وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالمسؤولية عنها.

واتهمت السلطات السورية الفصائل المقاتلة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) بتلويث المياه ثم قطعها بالكامل عن العاصمة، فيما تنفي الفصائل المقاتلة وجود جبهة فتح الشام في وادي بردى.

ويعاني الملايين من سكان دمشق من انقطاع المياه منذ اسبوعين.

وتقول ريهام (49 عاماً) وهي موظفة تقيم في حي مشروع دمر في دمشق لفرانس برس "لم أتمكن من الاستحمام أو غسل حاجياتي منذ أسبوع جراء نقص المياه".

وتضيف "أفضل توفير المياه المتبقية في الخزان والتي توشك على النفاذ، من أجل الاستخدامات الضرورية اليومية".

ويشكو مهند (53 عاماً) بدوره من ارتفاع أسعار عبوات المياه المعدنية بعد انقطاع المياه.

ويوضح "اشتري اليوم صندوق المياه المؤلف من ست عبوات سعة ليتر ونصف مقابل ألف ليرة سورية (دولاران) علما أن سعره الرسمي محدد بـ 650 ليرة".

ويقول "هذا مصروف لم يكن بالحسبان ويضاف إلى غلاء المعيشة".

ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار بشكل رئيسي التنظيمات المصنفة "ارهابية"، وخصوصا تنظيم داعش . وتقول موسكو ودمشق إنه يستثني أيضاً جبهة فتح الشام الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.

ويزيد هذا التباين من صعوبة تثبيت الهدنة بسبب وجود فتح الشام ضمن تحالفات مع فصائل أخرى مقاتلة في مناطق عدة أبرزها محافظة ادلب (شمال غرب) أبرز معقل متبق للفصائل بعد خسارتها مدينة حلب الشهر الماضي.

وتزيد الخروقات في وادي بردى وجبهات أخرى، من هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على مفاوضات سلام مرتقبة الشهر الحالي في كازاخستان.

ويوضح الاستاذ الجامعي ومدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار أن الهدن السابقة في سوريا "كانت تبدو كأنها استمرار للحرب ولكن بوسائل أخرى، أما وقف أطلاق النار الحالي فعلى الرغم من هشاشته لكنه لم ينهر بالكامل بعد".

ويرى أن "حظوظ الهدنة بالصمود فترة أطول هي أفضل من السابق بسبب موقف تركيا الجديد وتنسيقها الجوهري مع الروس" في حين لموسكو ودمشق "مصلحة بإطالة أمد وقف اطلاق النار موقتاً لتعزيز مكاسبهما والاستعداد لمعاركهما المقبلة التي قد تجري قريباً بعد ما يسمى محادثات السلام في استانا".

ويرى مدير المرصد رامي عبد الرحمن أنه مع الخروقات، تبدو الهدنة في "مرحلة حرجة" وان كانت "لا تزال صامدة".

ويستدل على ذلك بالإشارة إلى تراجع "وتيرة العمليات العسكرية" على الجبهات الرئيسية و"انخفاض حصيلة القتلى منذ وقف اطلاق النار مع "رصد مقتل 13 مدنياً فقط في المناطق المشمولة بالهدنة".
ويضيف "هذا ما كان يشكل حصيلة غارة واحدة قبل تطبيق الهدنة".

ومن شأن انهيار الهدنة أن تؤدي إلى "تعثر" مفاوضات استانا التي تعمل موسكو وطهران حليفتا دمشق، مع أنقرة على انجاحها قبل جولة مفاوضات تأمل الأمم المتحدة باستئنافها في الثامن من الشهر المقبل في جنيف.

وغداة تحذير وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو من أن "مفاوضات آستانا قد تتعثر إذا لم نوقف الخروقات المتزايدة" لوقف اطلاق النار، انتقدت المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي الخميس "التصرحات غير البناءة للمسؤولن الاتراك".

واعتبر أنها "تؤدي فقط لمزيد من تعقد الظروف وزيادة المشاكل في طرق الحل السياسي للأزمة السورية".

وتبادلت أنقرة وطهران الاتهامات حول الطرف المسؤول عن ارتكاب الخروقات، تزامناً مع دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في بيان عن قصر الإليزيه الخميس، "الأطراف المعنيين، وخصوصاً النظام" إلى "الاحترام التام لشروط وقف إطلاق النار".

على جبهة اخرى في سوريا، قتل الخميس 15 شخصاً على الأقل بينهم ثمانية مدنيين جراء تفجير سيارة مفخخة في مدينة جبلة ذات الغالبية العلوية على الساحل السوري، وفق المرصد.

واستهدف التفجير الذي نفده "إرهابي انتحاري بسيارة مفخخة" وفق التلفزيون السوري شارعا مزدحماً في المدينة التي شكلت في مايو الماضي مسرحاً لتفجير مماثل أوقع عشرات القتلى وتبناه تنظيم داعش.