د. رشا سمير تكتب: مولانا.. زواج السلطة والدين

مقالات الرأي



حين يختلط الحُب بالجنس يتحول العشق إلى أكذوبة فى قلوب العشاق..

وحين يختلط الجد بالهزل تتحول المسارح الكوميدية إلى قاعات عزاء..

وحين تختلط المبادئ بالمطامع يتحول البشر إلى حواة فى سيرك الحياة..

ومتى إختلطت الأولويات بالأبجديات لتحول الفرسان إلى عرائس ماريونيت بين أيدى أصحاب النفوذ..

حين تختلط المسميات..ترتبك الأشياء..وتسقط الأقنعة..وتنزوي الرموز الكبيرة..

فماذا لو إختلط الدين بالسياسة؟!..وماذا لو إرتدى الشيوخ بدل رجال الأعمال؟..

ماذا لو تحولت آيات القرآن والأحاديث إلى سلاح نقتل به أنفسنا قبل أعدائنا؟

ماذا لو إرتبك الكبار والتبس الأمر على الصغار وتخبط أصحاب القيم بين معنى القيمة والمُكتسب منها؟

ماذا لو بعد ألاف السنين من دعوة كان لبُها السلام أصبحت أيدينا مُخضبة بدماء من إحترفوا تطويعها لأغراضهم؟!.

ماذا لو..ماذا لو..وماذا لو.. تلك الأسئلة دارت فى عقلي وأنا أجري بعيني فوق سطور رواية (مولانا) للكاتب الصحفى الإعلامى إبراهيم عيسى الصادرة عن دار بلومزبرى فى 554 صفحة والتى وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر عام 2013..

تسائلت مع كل فصل كتبه إبراهيم عيسى الثائر دائما، الباحث عن الحقيقة بالكلمة،  ماذا لو كانت تلك الحقيقة تأتيه دائما على طبق من الهجوم المخيف الذى أعتقد أنه يتوقعه عقب كل حلقة يطل فيها على مشاهديه أو عقب كل رواية يكتبها عن الأديان!

الواقع أن إبراهيم عيسى صحفى له مذاق مختلف..صحفى تعود الصُراخ دون خوف..والنقد بلا تراجع..والتهكم الذى يحمل ألف تنهيدة أسى فى جوهره..

إبراهيم عيسى إبن مدرسة روز اليوسف الذى أوقفت الدولة صدور ثلاث صحف كان يرأس تحريرها بسبب حدة قلمه وصراحته المباشرة دون مواراة..إذن نحن أمام صحفى مخضرم تتلمذ على يد عمالقة روزاليوسف..

حاكمته أجهزة الأمن المصرية بتهمة نشر أخبار كاذبة عن صحة رئيس الجمهورية، وصدر يوم 13 سبتمبر 2007 حكم ضده بالسجن سنة، وتمت إعادة محاكمته أمام دائرة أخرى والتي أصدرت حكمها عليه بالحبس

لمدة شهرين، وكان الحكم مشمولاً بوجوبية النفاذ فسلّم نفسه للسلطات في نفس اليوم، ولكن الرئيس حسني مبارك أصدر قراراً جمهورياً بالعفو عنه في 6 أكتوبر 2008 فى خطوة ذكية أحتسبت لنظام كان حوله مجموعة تتعمد إلى تلميع صورته بذكاء شديد!.

عيسى له مؤلفات روائية عديدة طالما تسببت له فى مشاكل سياسية ودينية..مثل رواية (مقتل الرجل الكبير) و(أشباح وطنية) و (العُراة)..

أثبت الزمان أن إغلاق صحفه والزج به فى القضايا ومحاولات تصنيفه جعلت منه بطلا لمواقع التواصل الإجتماعى..فالقلم الصحفى الشريف لا ينكسر ولا ينهزم ولا يتراجع..إنه فقط يدوى مثل طلقة الحبر ليسكن قلوب الجهلاء..


الشيخ حاتم الشناوى:

تبدأ الرواية بقطعة تفضح فحواها..وبإسقاط مُحكم سواء كان مقصود أو غير مقصود فهو فى محله، تبدأ الرواية بكلمات ترسم ملامح شخصية الشيخ حاتم بطل الرواية الذى يُلقى خُطبه بمسجد السلطان حسن كل جمعة، فيكتظ المسجد بمريديه وكأنهم فى مباراة كرة قدم!..إنه يضع الماكياج على وجهه فى لقطة ترمى إلى إسقاط صريح على محاولاته لإخفاء عيوبه ليست فقط الشكلية ولكن الإنسانية وهى الأهم..فالتجميل الداخلى هو ما يحتاجه كل هؤلاء ممن يظهرون على شاشات الفضائيات ليرتزقون ويثرثرون ويمثلون بلا جوهر حقيقي وخصوصا الدعاة!.

تبدأ الرواية بقطعة ذكية.. ((كانت تضع البودرة على جبهته بآلية أصابع محترفة وهى تقول مستجلبة رضاه: - "تمام يا مولانا".. ضحك وهو يرد: "بارك الله فيكِ يا أخت جورجيت". كرر أنور عثمان نفس جملته الرتيبة التى يقولها منذ عام حين صار ضيفًا رئيسياً معه فى البرنامج: "تفتكر ما هو إحساس المصلِّين وراءك والمريدين لك وطالبى فتاوَاك لما يشوفوا مولانا وشيخنا يضع مكياجًا قبل التصوير؟ فرد بحسم منبسط: ما النبى صلى الله عليه وسلم يا خويا كان بيحنى شعره وبيكحل عينيه، النبى تتلهى يا أنور من أسئلتك الرخمة دى")).

هذا هو الشيخ حاتم الشناوى..من شيخ فى الأوقاف خريج الأزهر إلى داعية فى زاوية إلى إمام فى أكبر مساجد مصر.. من الفقر والحوارى إلى شاشات الفضائيات والقصور..واحد من شيوخ الفضائيات الذى وجد من الدين بابا للمال والشهرة والنساء..شيخ يمنع المسلمون من معايدة المسيحيون فى أعيادهم ويسمح لفتاة مسيحية أن تضع الماكياج على وجهه وينعتها بلقب "الأخت"!..

إذن نحن أمام واحد ممن يتعاملون مع الدين على أنه مطية للسياسة والأضواء..وأكم من شيخ يستحق نيل هذا اللقب عن جدارة!.

الإختلاف الوحيد أن الشيخ حاتم ليس عبوسا متجهما..بل هو عفويا ضحوكا بل وإبن نكتة..وهو ما أراد المؤلف أن يضع تحته الخط بوضوح فى موقف مثل تعليقه على فتوى إرضاع الكبير بقوله: "الشيخ اللى يفتى بجواز إرضاع الكبير يبقى راجل ناقص رضعة!".

حالة من إنفصام الشخصية التى يُعانى منها معظم من يجهرون بأشياء لا يبطنون شئ منها..ولكن هل هو مسموح أن يُعانى الشيوخ بالمثل من تلك الحالة؟ كيف يصبح لشيخ مصداقية وهو يُلقى على مسامع البشر ما لا يؤمن به هو شخصيا؟ إنهم يمحون عقول أجيال بالضلال فى غياب دور الدولة..

فى إعتقادى أن حاتم فى دور أمين الشُرطة فى فيلم (هي فوضى) وحاتم فى رواية (مولانا) هما حاتمان لنكبة واحدة..هى نكبة السطوة..وهى نكبة مصر.. فلاشباك لعلاقات متشابكة: تظهر البراعة السردية لعيسى فى لقطات الفلاشباك التى تعطينا ومضات سريعة عن نشأته وعلاقته بزوجته ولقطات لتعذيبه فى أمن الدولة..

لقطات الفلاشباك مستخدمة ببراعة ودون إقحام فى لُب الرواية حيث يجب أن تكون وهو ما يحتسب له فى رواياته المتعددة..

ثم تأخذنا الرواية إلى جانب آخر من حياة حاتم وهى علاقته بإبنه عمر..وهى علاقة تستعرض الجانب الإنسانى لشخص إستطاع أن يخدع الجميع، وتظهر مصداقيته الوحيدة فى علاقته بأهل بيته..

بفلاش باك فى عقل مولانا يظهر هذا الجانب من شخصية حاتم، الجانب الذى كانت تتحكم فيه مشاعره الخفية لإحساسه بالذنب..وشعور مخيف يطارده بأن الله سينتقم منه فى أعز ما يملك..الولد الذى

أنجبه بعد فترة عناء ومواعيد وجداول، بعدما تأخر حمل زوجته أميمة كثيرا..فتنجب ولدا عفيا..يخبئه حاتم بين ضلوعه حتى لا يصيبه مكروه، فإذا به يسقط فى حمام السباحة فيفقد الذاكرة ويصبح سفره للخارج هو الحل..ويهرب هو من تحمل مسئولية بيته..فيحدث تقاعسه شرخ فى علاقته بزوجته.

تستعرض الرواية أيضا ببراعة موضوعات شائكة للغاية أعتقد أنها سوف تجعل كل الجهات تصب جم غضبها على إبراهيم عيسى مع بدئ عرض الفيلم الذى كان عرضه الخاص أول أمس..فالحقيقة المُخزية أننا شعوب لا تقرأ ولكننا نشاهد ونستمع، لذا فإن عرض الفيلم على شاشة السينما سوف يجعل من مشاهدته وجبة أكيدة على موائد المشاهدين الذين تكاسلوا عن قراءة الرواية وهو كما أعتقد ما سوف يفتح ألف باب للإنتقاد وليس للنقد.. وربما أيضا لرجم الكاتب بالحجارة!..

فهناك ما بين المشاهد أشياء أثارت بلبلة كبيرة مثل حادث الإفك الذى يحاول الكثيرين من الشيوخ الإختباء من تفسيره..وواقعة زواج الرسول (ص) من السيدة زينب بنت جحش زوجة إبنه بالتبنى زيد إبن حارثة..وتتضارب أقوال الشيوخ بين صفحات الرواية فى فتوى إرضاع الكبير التى أقامت الرأى العام ولم تقعده منذ سنوات، على الرغم من كونه حديثا صحيحا!..

من الإبداع الروائى إلى التمحيص البحثى: العمل الروائى عادة ما ينقسم إلى شقين..لو نجح كلاهما نجح..ولو أخفق جانب واحد لمالت كفتي الميزان..وأنا هنا أتحدث عن الروايات التى تحمل طابعا بحثيا بجانب الحبكة القصصية..

أرى أن الكاتب إبراهيم عيسى نجح إلى حد كبير فى شقي العمل..وأستطيع أن أقول أيضا وبكل عدم إنحياز أن المجهود الحقيقي الذى بذله المؤلف فى البحث الأكاديمى الذى إستغرق ثلاث أعوام بحسب قوله، من البحث والتمحيص بدا واضحا بشكل كبير فى الإطلاع الدقيق على القرآن وتفاسيره، والسنة النبوية والسيرة والأحاديث، كما أشار لتاريخ الإسلام وفكر المعتزلة، ولم يغفل أيضا تاريخ الكنيسة وعلم اللاهوت المسيحى..

أما الإبداع الأدبي أو التنوع السردى فهو واضح من حيث تفاصيل الشخصيات البسيطة التى تنعكس على ملابسهم وملامحهم، وهو ما يبدو واضحا أيضا فى اللغة التى كُتب بها الحوار وهى نسخة طبق الأصل من واقع تلك الفئة والفئات الأخرى وخصوصا فى المشاهد التى كان الشيوخ يجتمعون فيها على موائد الطعام وهى فى الواقع المتعة المُفضلة للشيوخ من هذا النوع، بعد النساء طبعا!...

نجح المؤلف فى رسم بورتريه أدبي دقيق للشخصيات المحورية فى الرواية مثل رجل الأعمال أبو حديد وإبن الرئيس والشيخ مختار والداعية نشوى وحسن بطرس..وحتى مجموعة اللواءات الذين يجتمعون فى مزرعته للعشاء واللهو..وتظهر الصورة الحقيقية للمصالح التى إستطاعت أن تجمع بين نماذج مختلفة من البشر..فعلى تلك الموائد تجتمع كل الفئات من رجال أعمال وشيوخ بل وضباط أيضا..فلو لم يجمعهم الطعام لجمعهم اللهو!.

هكذا يصف الكاتب الشيوخ فى المقام الأول بقوله: "هؤلاء الشيوخ ليسوا على درجات اليُسر ولا يملكون من مفاتيح ملذات الدنيا إلا التى تفتح بابي الغذاء والنساء..فالأكل عندهم فى مصاف الشهوات الكُبرى التى تظهر أكثر وتبدو متبدية وبائنة وأوضح فى أجواء الحزن والنكد"..

جاء الحوار بسيطا أقرب إلى لغة الشارع فى أماكن ويحمل صوت إبراهيم عيسى وقناعاته فى أماكن أخرى مثل: ((وهل تفتكر لو أعطينا مسيحياً مصحفاً وقرا سور القرآن كلها ستنتهي به القراءة إلي الإسلام . الإيمان في عقلك أو قلبك، وعندما يكون عقلك قاصراً وقلبك مريضاً فلا إيمان ، بل إتباع وتقليد وتسليم)) .

النساء فى حياة مولانا: مولانا رجل دين..يعرف الله ويخشى عقابه فى الظاهر..ولكن هذا لا يمنع أن باطنه علاقات جنسية صريحة مع فتيات ونساء يرونه أيقونة للتقوى والفضيلة..فهو يرتدى عمامة وجلباب فى الصباح ويرتدى العطور فى المساء..نساء يرويهن بأحاديثه وفتواه أمام الشاشة ويرويهن من فحولته خلف الأبواب الموصدة!..

تظهر نشوى تلك الفتاة التى تشعر من اللحظة الأولى لظهورها بين صفحات الرواية بالريبة منها وكأنك تنتظر أن تقوم بالكشف عن وجهها طول الوقت..بالفعل يتضح أن نشوى مُجندة من قبل جهاز أمن الدولة لإستدراج حاتم وتصويره..

هنا يتناول عيسى الدور الحقيقي لجهاز أمن الدولة لكونه جهاز يخدم أفراد ولا يصب فى مصلحة الدولة أو على الأقل هذا ما وصلنى كقارئة للرواية بشكل بعيد عن التحليل والنقد..الحقيقة التى تكشفت من بين أروقة ثورة يناير حين ظهرت سيديهات المحادثات الشخصية لشخصيات عامة كانت ملفاتهم موجودة طول الوقت ولم تظهر إلا عندما قرروا أن يغردوا بعيدا عن السرب..طريقة قديمة إتبعها صلاح نصر وكتب عنها نجيب محفوظ فى الكرنك..وكأن التاريخ الإستخباراتى لا يتغير!..

الفارق الوحيد أن فكرة إطلاق أيدى الدُعاة الذين تُنجبهم الدولة وتسهل لهم الإنتشار والتوغل فى عقول الشباب بغرض إستغلالهم فى إجهال الشعب وتغييبه كى لا يفكر فى السياسة أو الحقوق بحسب قول الأجهزة الأمنية للشيخ حاتم..

والمرأة الأولى فى حياة حاتم هى زوجته أميمة التى تظهر منذ البداية وكأنها ضيف شرف بدلالة عميقة..أميمة التى فترت علاقتها بل ونستطيع أن نقول إنكسرت، بزوجها الشيخ حاتم منذ أن فقد إبنهما الذاكرة وبحثت عنه مثل أى أنثى تبحث عن كتف رجل تستند إليه فى هذا الموقف..فإذا بمولانا ينظف المراحيض العمومية فى محاولة للهروب من نفسه أو ربما فى محاولة للتغلب على نفسه أو إذلالها كما كان يفعل الشيخ الشعراوى حين كان ينظف المراحيض بحسب روايته الشهيرة..

هنا تنكسر العلاقة وتبتعد الزوجة ومثل أى أنثى ضعيفة تبحث عن السند فى لحظة ضعف تقع فى إعجاب يؤدى إلى وقوعها فى علاقة آثمة بطبيب إبنها الشاب عادل..

الدين بين أحضان السياسة: تظهر الشخصية الأكثر جدلا فى الرواية، الشخصية التى تجعل القارئ يتسائل فور ظهورها..إلى أى درجة تتطابق شخصيات هذه الرواية مع الواقع..فنحن أمام كاتب طالما كان صراعه مع الرؤساء وخصوصًا الرئيس السابق محتدما!..

حسن بطرس..الشاب المسلم إبن الأكابر وهو أخو زوجة إبن الرئيس الذى قرر أن يتحول إلى المسيحية..وعليه إستدعى الرجل الكبير الشيخ حاتم ليرده إلى الإسلام..فينتهز الشيخ حاتم الفرصة ويستعدى كافة أدواته من توظيف آيات من القرآن بعينها وأحاديث يفسرها على هواه لخدمة المواقف التى قد يستفيد منها..

هنا تتجلى بوضوح علاقة رجال الدين بالبيت الحاكم ورجال السياسة..وتظهر من بين السطور تدخلات إبن الرئيس فى إقناع الداعية وعلاقة أخرى أكثر إرتباكا..

تُرى هل هو نوع من الإسقاط على شائعات كثيرة ربطت نظام سابق بداعية كبير؟ أو بدقة أكثر ربطت زوجة إبن رئيس سابق بداعية شاب هداها فى فترة ما من حياتها؟!.

هناك أيضا إشارات واضحة فوق السطور عن مدى تورط الدين مع أجهزة الدولة!..وهو ما يجسده عيسى فيما حدث لحاتم أثناء إستجوابه فى أروقة أمن الدولة من مذلة ومهانة تنتهى به متبولا فى الغرفة وكأنه يتبول على النظام بأكمله وجهازه إستخباراته معلنا عن سخطه الذى لم يستطع الجهر به فى وجوههم..

نبؤة الثورة: الحقيقة أن الكاتب عادة ما يحاول الإختباء خلف روايته ولا يفصح عن هويته أو توجهاته وأحيانا يفشل فى تحقيق تلك الخطوة..أما فى رواية مولانا، فقد قرر إبراهيم عيسى أن يقف بين صفحات روايته ويصرخ بأعلى صوته قائلا: أنا إبراهيم عيسى..أنا قلم مُعارض..أنا ضد القمع والديكتاتورية..أنا ضد الأنظمة والحكومات المستبدة وضد أجهزة الدولة الأمنية!"

الحقيقة أيضًا أن إبراهيم عيسى من خلال مقالاته وبرامجه وأحاديثه يتجلى بوضوح إيمانه بثورة يناير..فهو قد تنبأ بها فى مقالاته الساخرة وهاهو يمسك البلورة السحرية ويتنبأ بها من جديد فى رواية مولانا..

فالقمع يولد الغليان..والغليان يطلق الحمم البركانية..والحمم البركانية لو إنفجرت فى الوجوه لأحدثت ثورة..فهكذا يرى الكاتب أن التطرف يأخذنا إلى العنف والعنف يأخذنا إلى المزيد من العنف..

تنتهى الرواية بحادث كنيسة القديسين بالأسكندرية وهو نفس الحادث الذى تكرر منذ أيام فى تفجير البطريركية بالعباسية..فهل يكتب الزمان بنفس القلم؟ وهل ترحل الأنظمة ويبقى الإرهاب؟

يتضح لنا أن منفذ العملية هو حسن بطرس..ويرتبك حاتم إثر كلمات الأنبا موسى: "لابد أن نتحرك سريعا، فلدينا شباب يغلى كما رأيت بنفسك..والأقباط ليس فى مصر وحدها..بل فى العالم كله، وصلوا مع هذه الحادثة إلى درجة من عدم القدرة على التحمل"..

تنتهى الرواية بمشهد فوضوي يستعرض علاقة الأقباط بالمسلمين فى مصر..تلك العلاقة التى تتأجج دون أن تتدخل الدولة إلا بالمسكنات العادية..المؤاخاة والعناق والقبلات الباردة بين شيخ الأزهر وقداسة الأنبا..وتتشابك أيديهم فوق بركان يغلى من المشكلات والإختلافات..


من هو مولانا؟

إنها رواية تستحق القراءة وتستحق إعادة القراءة..فهى تحمل إسقاطات وكنايات سياسية عميقة وإن كانت واضحة لمن يتابع الموقف عن كثب..

إستطاع عيسى أن يضع يده على المشاكل الشائكة التى هى بمثابة عش الدبابير مثل  باطن الدعوة والخطاب الدينى المرتبك والفتنة الطائفية والفتاوى الخاطئة وتنحى دور الأزهر وإنتشار إسلام الزوايا.. كلها أعراض لمرض واحد هو التراخى وغض البصر..والذى قام عيسى بإقتحامه بضربة قلم..فهل هو قادر على حماية معتقداته من هجوم الدبابير؟..

المسكنات لن تكون الحل..لأن البتر والتعامل مع المرض بضراوته أحيانا لا يكون له بديل..ويبقى السؤال الذى سمعته من كل ممن قرأ الرواية وهو السؤال ذاته الذى ألقيته على مسامع الأستاذ إبراهيم


عيسى وجها لوجه..من هو مولانا؟

إقترح أصدقائى أسماء..وأختلف زملائى على أسماء..وسوف أحتفظ بإجابة عيسى لنفسي وستظل إبتسامته عالقة بذهنى!..

وفى النهاية يجب أن أفصح عن قناعاتى الشخصية كروائية أقرأ بعين الناقد والروائى معا...