د. نصار عبدالله يكتب: يوميات ضابط فى حرب اليمن (3)

مقالات الرأي



مازلنا مع كتاب الأستاذ محمود مبروك «يوميات ضابط حرب اليمن» الذى روى فيه ذكرياته كضابط احتياط مصرى شاء له قدره أن يشارك فى الحرب التى اشتعلت بين أنصار الثورة اليمنية (ثورة 26 سبتمبر) 1962 وبين أنصار الإمام المخلوع محمد البدر حيث استنجد الثوار بمصر باعتبارها فى ذلك الوقت نصيرا لكل حركات التحرر والنهضة الوطنية، ولم تخلف مصر حسن ظن الثوار بها فقررت أن تدعمهم عسكريا فيما عرف وقتها فى المصطلح العسكرى بالعملية 9000.. والواقع أن ثورة سبتمبر لم تكن هى الثورة الأولى فى تاريخ اليمن الحديث التى كانت النخب الواعية فيها تناضل من أجل التخلص من حكم آل حميدالدين الاستبدادى الذى ينتمى إلى العصور الوسطى، لكى تقيم بدلا منه حكما دستوريا يساير روح القرن العشرين، وقد كانت أولى الحركات التى نجحت فعلا فى الاستيلاء على السلطة بمعونة من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر التى انتهزت شوق النخب اليمنية إلى الحياة الدستورية لكى تمارس تمددها لا فى داخل مصر وحدها بل فى عدد من الدول العربية الأخرى كانت اليمن على رأسها، كانت أولى هذه الحركات التى نجحت فعلا فى الاستيلاء على السلطة هى حركة 1948 التى يصفها البعض بأنها ثورة بينما يفضل البعض أن يصفوها بالانقلاب الذى قام به عبدالله الوزير الذى كان الإمام يحيى قد عينه قائدا عامًا للجيش ومحافظا للحديدة، حيث نجح أنصاره فى اغتيال الإمام ثم أذاعت الحركة بيانا أعلنت فيه موت الإمام يحيى دون الإشارة إلى أنه قد مات مقتولا ، كما أضاف البيان أن عبدالله الوزير قد بويع أميرا للمؤمنين وإماما للمسلمين، كما أصدرت الحكومة الجديدة بلاغا عامًا باسم مدير الدعاية يصف فيه سير الأحداث التى جرت  خلال الأيام التى سيطرت الحكومة الجديدة فيها على الوضع العام جاء فيه ما يأتى: فى الساعة السابعة من يوم الثلاثاء الموافق 8 ربيع الآخر سنة 1267 هـ الساعة الأولى من 17 فبراير 1948 مات الإمام يحيى حميد الدين، وفى صبيحة يوم الأربعاء الساعة واحدة عربى أى: «الساعة السابعة صباحا» تجهزت الجماهير من علماء صنعاء وسادتها وخطبائها وشعرائها وتجارها وباعتها وأجمعوا أمرهم وفى مقدمتهم حكام الاستئناف على تنصيب إمام جديد يكفل لها الخير الشامل والبركة، فقر قرارهم بعد تبادل المشورة على اختيار السيد عبدالله بن أحمد الوزير أيده الله فبلغ اختيارهم له، فخرج من داره واتجه حيث عقدت له البيعة وحطوا أيديهم فى يده «هكذا وردت فى بيان الحكومة اليمنية الجديدة»، وبايعوه إماما شرعيا شوريا دستوريا وبعد تقدمهم وعقد بيعتهم، تقدم أمير الجيش اليمانى وكتبته فبايعوه كما بايعه الذين من قبلهم ثم دخل على أثرهم مشايخ قبائل ورؤساء عشائرهم فبايعوه على ذلك! وألفت الحكومة اليمانية الجديدة من مجلس الشورى يتألف من ستين عالما، كما طلبت من الإمام حسن البنا ومن الفريق عزيز المصرى أن يكونا مستشارين للحكومة، وأذاعت إذاعة صنعاء أن الإمام الجديد قد تفضل  وعين أحد المصريين وهو مصطفى الشكعة مديرا للإذاعة اليمنية، كما قام بتعين معه أربعة من زملائه من جماعة الإخوان المسلمين المصريين للعمل كمذيعين!، وفي مصر وصفت جريدة الإخوان المسلمين فى عددها يوم 21 فبراير عام 1948 الإمام الجديد عبد الله الوزير بالتقى، والعالم، والفقيه.