فتنة "أبو هاجر" تضرب "ولاية سيناء"

العدد الأسبوعي

لحظة انفجار كمين
لحظة انفجار كمين "المطافي"


ضابط عراقى سابق يقود التنظيم.. خطط لتفجير«كمين المطافئ» لتدعيم نفوذه.. و«يقمع» محاولات الانفصال عن «داعش»

بعملية «كمين المطافئ بالعريش، عاد «دواعش» سيناء إلى واجهة المشهد الإرهابى فى مصر مرة أخرى، مع بداية العام الجديد.

لتتكشف أيضاً على وقع تلك العملية، دلالات وكواليس تنظيمية آنية، لا يمكن الاستهانة بها، فى إطار المواجهة مع «ولاية سيناء»، منها ظهور موجة تجنيد جديدة لدى التنظيم، وفقاً للباحث فى الحركات الإسلامية ماهر فرغلى، الذى يؤكد أيضا على تأثير العائدين من مناطق الصراع كسوريا وليبيا على الأداء الأخير لتنظيم «ولاية سيناء».

فى السياق نفسه، كشف الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيرى، أن العملية الإرهابية الأخيرة، تكمن أهميتها فى أنها جاءت بعد فترة انقطاع طويلة عن استهداف تنظيم «ولاية سيناء» للكمائن الثابتة للشرطة فى سيناء، حيث كان «كمين الصفا»، آخر الكمائن الثابتة التى نجح التنظيم فى استهدافها هناك فى مارس 2015.

ويلفت البحيرى النظر إلى أن العملية الأخيرة هى نتاج تخطيط وتنفيذ قيادة جديدة على رأس التنظيم الآن، هى بالقطع فى أمس الحاجة لتنفيذ عملية بذلك الحجم، وكانت تسعى حثيثاً لتحقيق ذلك الهدف، لإثبات وجودها من ناحية فى مواجهة الدولة، وأيضا لاعتبارات تنظيمية داخلية يعيشها «ولاية سيناء» الآن.

ويشير البحيرى فى ذلك بوضوح إلى «أبو هاجر الهاشمى»، القائد الجديد للتنظيم، الذى كُشف عنه مؤخراً، فى حوار أجراه قبل أيام، فى العدد رقم 60 من صحيفة «النبأ» التابعة للتنظيم المركزى « داعش»، وهى سابقة من نوعها، من حيث الظهور الإعلامى لقيادات تنظيم «ولاية سيناء»، الذى كان يكتنف زعماؤه عادة الغموض والسرية.

غير أن حالة أبوهاجر الهاشمى فى ذلك السياق تحديدا، تحمل خصوصية أكبر ممن سبقوه من القيادات، بسبب توقيت توليه قيادة «ولاية سيناء»، بعد الضربات الموجعة التى تلقاها ولا يزال التنظيم من الجيش فى سيناء، وأدت إلى مصرع قائده السابق أبودعاء الأنصارى، أغسطس الماضى، ومبادرة المتحدث العسكرى آنذاك بالإعلان عن ذلك الإنجاز الضخم لترسيخ الهزيمة النفسية المطلوبة لدى التنظيم الإرهابى.

الأمر الذى دفع «ولاية سيناء» وهو يعترف بمصرع «أبو دعاء»، إلى الإسراع بتسمية «والى جديد» للتنظيم، يدعى «أبو عبدالله»، لكن اسم الأخير تحول بدوره إلى مثار اختلاف بين المحللين، والخبراء الأمنيين، وذلك بعد إعلان اسم «أبو هاجر الهاشمى» وظهوره فى المشهد، ما تسبب فى حدوث التباس عما إذا كانا «أبو عبدالله» و»الهاشمى»، شخصين، بحيث تولى الهاشمى القيادة بعد مصرع أبو عبدالله، أم أنهما شخص واحد.

يرجح البحيرى فرضية أنهما الشخص نفسه، على خلفية احتمال استعمال العنصر أو القيادى الإرهابى أكثر من كنية، وأيضا لتعمد التنظيمات الإرهابية الإعلان عن كوادرها بأكثر من لقب لتشتيت الأجهزة الأمنية، وذلك بالقياس على حالة محمود شفيق انتحارى الكنيسة البطرسية الذى أعلن «داعش» عن تنفيذه للعملية بصفته «أبوعبدالله المصرى» فى كنية مغايرة لـ»أبودجانة الكنانى» التى عرفه بها الأمن.

فى نفس الوقت يجدد لقب «الهاشمى» الذى يحمله «أبو هاجر» التساؤلات وعلامات الاستفهام عن جنسية الزعيم الجديد للتنظيم، حيث يرجح أن يكون من الأردن أو الحجاز فى حالة أن يكون اللقب دلالة على جنسيته، وفقا للباحث أحمد كامل البحيرى، الذى يرى ضرورة الوضع فى الاعتبار احتمال أن يكون اللقب إشارة إلى نسبة أو قبيلته التى تنحدر أصوله منها كـ»بنى هاشم» مثلاً، ولا يكون دلالة على جنسية قريبة له.

وإن كانت قد نُسب قبلا لصحيفة النبأ الإلكترونية القريبة من تنظيم الدولة الإسلامية، الإعلان أن أبو هاجر الهاشمى كان ضابطاً سابقا فى الجيش العراقى، انضم إلى داعش، قبل أن ينسب له قيادة فرع داعش المصرى، ما يفتح الباب من جديد للحديث عن إشكالية القائد غير المصرى، التى أثيرت قبلاً.

وانفردت «الفجر» بنشرها، فور مبايعة تنظيم «أنصار بيت المقدس» لأبوبكر البغدادى، وتحول إلى «ولاية سيناء»، وقد تواترت الأنباء فى الأوساط -جهادية- وقتها، عن أن تنظيم «الدولة الإسلامية» وخليفته أبو بكر البغدادى،قد اشترطا بدايةً لقبول مبايعة قيادات «أنصار بيت المقدس» فى نوفمبر 2014، موافقة التنظيم وكوادره على تغيير موقع القيادة فيه، بحيث ينضوى تحت ولاية قائد عراقى جديد من «الرقة» يقوم «الخليفة» بإرساله ليكون على رأس «ولايته» الجديدة فى سيناء.

الشرط الذى لم يلق -وفقا لبعض الروايات- قبولاً لدى قادة وأعضاء «بيت المقدس»، ثم انتشرالحديث بعدها عن أن التنظيم خرج من مأزق تعيين قائد غير مصرى يقود العمليات بسيناء، بإقرار صيغة توافق عبر تعيين قيادى داعشى يقيم فى العراق للإشراف على عمليات بيت المقدس على الأرض فقط، ولا علاقة له بالإدارة الروحية أو السياسية أو الفقهية له، على أن يتولى ذلك القائد مهمة نقل تعليمات البغدادى من خلال رسائل يتلقاها منه بالشفرة إلى مسئول التنظيم بمصر.

علماً بأن تنظيم أنصار بيت المقدس، خاصة بعد تقديم البيعة لداعش تحول إلى تنظيم «متعدد الجنسيات»، يضم بين صفوفه إرهابيين من تركيا والشيشان والصومال واليمن والجزائر وليبيا وغيرهم من الجنسيات الأخرى ممن أصبحوا يمارسون، مايطلق عليه «سياحة الجهاد» فى سيناء.

بظهوره الإعلامى، فى حواره مع مجلة «النبأ» الداعشية، حاول أبوهاجر الهاشمى ضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما إظهار الثبات والقوة والقدرة على الاستمرار، فى سياق الحرب النفسية والدعائية ضد الدولة المصرية، حيث دعا أعضاء تنظيمه إلى شن الهجمات بالسيارات المفخخة على الكمائن الأمنية فى سيناء والاستمرار فى زرع العبوات الناسفة حولها.

أما الهدف الثانى وهو المفاجأة الحقيقية، فكانت محاولة ترسيخ نفوذه كزعيم وقيادة جديدة للتنظيم، وإثبات ذلك كأمر واقع فى مواجهة انشقاقات ومعارضة يواجهها الهاشمى ومجموعته على مايبدو داخل ولاية سيناء، وفقا لبعض التسريبات المتداولة الآن.

وتفيد تلك التسريبات بأنه بعد مقتل أبو دعاء الأنصارى وتولى أبو هاجرالهاشمى، فإنه -على مايبدو- لقى معارضة داخلية حقيقية فى التنظيم، ترى ضرورة «نقض» البيعة لأبو بكر البغدادى ولتنظيمه «الدولة الإسلامية /داعش»، والعودة من جديد إلى مبايعة تنظيم القاعدة وزعيمه أيمن الظاهرى.

خاصةً فى ظل حالة الضعف التى يعيشها التنظيم «الأم» الآن، على وقع الضربات المتلاحقة له من قوات التحالف الدولى، وهزائمه الفادحة حالياً وخسارته لمعاقله التنظيمية فى سوريا والعراق، وذلك فى مقابل وضع أكثر هدوءا وأقل تصادمية بالنسبة لتنظيم القاعدة، الذى يملك توافقات مع قوى إقليمية مهمة فى المنطقة مثل إيران.

تلك التسريبات التى يؤكد البحيرى أنه لايستطيع الجزم بها حتى الآن، فإن صحت بالفعل ونجحت تلك الانشقاقات والمعارضة الداخلية فى تحويل مسار التنظيم، فسيكون ذلك منعطفاً حقيقياً فى مسار تنظيم «ولاية سيناء».

وستكون سابقة هى الأولى من نوعها تسجل ولاية سيناء كطليعة فروع داعش التى ستتحلل من بيعة التنظيم الأم، ناهيك بكونها تجربة لو حدثت قد تتكرر بين «فروع» تنظيم القاعدة التى سبق أن نقضت بيعتها للظواهرى وانتقلت إلى تنظيم «الدولة الإسلامية /داعش»، بعد أن سحب البساط من «القاعدة»، وسيطر على المشهد الإرهابى العالمى لحسابه طيلة الفترة الماضية.

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن ما يشهده حاليا «ولاية سيناء/أنصار بيت المقدس سابقاً»، هى موجة الانشقاقات الثانية التى تعصف بالتنظيم، على خلفية قضية «البيعة»، حيث شهدت الموجة الأولى فى أعقاب نقض بيعة «أنصار بيت المقدس» لتنظيم القاعدة ،وإعلان بيعته لداعش وتحوله إلى «ولاية» له فى سيناء.

وعندئذ شهد التنظيم موجة انشقاقات كبرى لعدد من أهم وأخطر قياداته من أصحاب الولاء القاعدى، وكان أشهرهم هشام عشماوى ضابط الصاعقة السابق، وكان مسئول العمليات بالتنظيم، ومؤسس قسم «التدريب» به، وانفصل عن التنظيم، وأسس تنظيمه الخاص « كتيبة المرابطين»، مع زميله عماد الدين عبدالحميد، ومجموعة من الأنصار الذين يدينون له بالولاء.

وقد ترددت أنباء فعلية فى ذلك التوقيت عن قيام «أنصار بيت المقدس « بإعدام 12 من الأعضاء المنشقين عنه بسبب مبايعته إلى داعش أبرزهم فايز وموسى أبوفريح، بعد محاولات من التنظيم وقتها احتواء الخلافات الداخلية بين صفوفه وبعد أن أعلن مبايعته للبغدادى فى بيان مبايعة 4نوفمبر2014، عادت ونفت المبايعة على أمل الوصول إلى توافق بين صفوفها، لكنها عادت وأعلنت البيعة بشكل نهائى بتاريخ 10نوفمبر2014.