المغضوب عليهم فى المشيخة

العدد الأسبوعي

الإمام الأكبر الدكتور
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف


7 أعضاء غابوا عن جلسة التجديد للمفتى دون إبداء أسباب

10 من "كبار العلماء" أقروا التجديد رغم أن النصاب 26 عالماً


بثقة شديدة أعلن الأزهر الشريف، تجديد هيئة كبار علمائه برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى الدكتور شوقى علام، ليتولى منصب مفتى الجمهورية لفترة ثانية، ورغم أن قرار الهيئة باطل من الناحية القانونية، إلا أن الطيب سيرفع توصية الهيئة إلى رئاسة الجمهورية لاتخاذ قرار التجديد لعلام فى مارس المقبل.


1- اجتماع هيئة كبار العلماء مخالف للائحة

ووفقا لقانون الأزهر تحدد اللائحة الداخلية لهيئة كبار العلماء، مدة شغل منصب مفتى الجمهورية بـ4 سنوات قابلة للتجديد وذلك بناء على عرض شيخ الأزهر، على الرئيس بعد أخذ رأى هيئة كبار العلماء، وفى جميع الأحوال تنتهى مدة المفتى عند بلوغه السن القانونية المقررة لترك الخدمة وهى بلوغه الــ60 سنة.

الهيئة لم توافق على التجديد لعلام سوى لسب واحد، وهو أن الرجل يلقى قبولاً من الطيب الذى يرغب فى التجديد للمفتى لأنه يسير على نفس منهج ودرب المشيخة، ولا يشاغب أو يختلف مع المؤسسة الدينية، ولم تشهد سنواته الـ4 فى المنصب أى خلاف مع الطيب، بخلاف الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف الذى دخل مع مشيخة الأزهر فى صدام وصل لتدخل مؤسسة الرئاسة لحل الأزمة التى نشبت بينهما على خلفية رغبة الوزارة فى إقرار خطبة مكتوبة يتلوها الخطباء على منابر المساجد.

المعضلة التى تواجه الرئاسة والمشيخة معاً، أن النصاب القانونى لهيئة كبار العلماء، الذى جدد الثقة فى علام، لم يكن مكتملاً ما يجعل من هذه الخطوة باطلة من الناحية القانونية، وهو أمر صعب للغاية لأن الهيئة تضم 12 عضواً فقط من بين 40 عضواً حسب لائحة الهيئة، وكان الاجتماع يحتاج لنحو ثلثى هذا العدد كى يكون الاجتماع صحيحاً.

وفقاً لقانون الأزهر والمادة 14 من لائحــة الهيئــة «يدعو شيخ الأزهر الهيئة إلى الانعقاد قبل موعد انتهاء مدة مفتى الجمهورية بشهر على الأقل، للنظر فى ترشيح المفتى الجديد، وترشـح الهيئــة 3 من بين أعضائهــا أو غيرهم ممن تنطبق عليهـم شروط ومعــايير صلاحية شغل منصب المفتى، التى تقررهـا الهيئة، ثم تقترح الهيئة عبر الاقتراع السرى المبـاشر على المرشحين الثلاثــة فى جلسة يحضرهــا ثلثـا عدد الأعضاء، ويعتبر من يحصل على أعلى الأصوات هو مرشح الهيئة لمنصب الإفتاء بشرط حصوله على الأغلبية المطلقـة للأعضـاء الحاضرين، ويعرض شيخ الأزهر الترشيح على رئيس الجمهورية لإعمـال اختصـاصـه فى إصدار قرار تعيين مفتى الجمهورية».

الواقع أن هيئة كبار العلماء تضم 17 عضواً فقط من 40 عضواً، حيث تم تشكيلها من 26 عالماً فقط فى 27 يونيو عام 2012، بقرار من المجلس العسكرى برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى، وقتئذ، وصدق عليها مجلس الوزراء برئاسة كمال الجنزورى، على أن يستكمل الطيب تسكين الــ14 عالما الباقين بالانتخاب من بين المتقدمين على أن يتم ذلك فى مدة أقصاها 3 أشهر، وهو ما لم يتم رغم مرور نحو 5 سنوات، حيث توفى 11 عالماً من الــ26 ليصل عدد أعضاء الهيئة لــ14 عالماً فقط، وحاولت مؤسسة الرئاسة سد العوار القانونى للهيئة بتعيين 3 علماء جدد بقرار جمهورى، بعد وصول عدد من التقارير إلى الرئاسة تفيد بتلك الكارثة، ليصل عدد أعضاء الهيئة لــ17 ولم يحاول شيخ الأزهر سد هذا الفراغ القانونى فى أكبر هيئة فقهية فى العالم، ولم ينتهى عند هذا فقط ولكن يتم إصدار قرارات عن الهيئة رغم بطلانها من الناحية القانونية.


2- الطيب يتعمد إضعاف هيئة كبار العلماء

البعض يتشكك فى عدم استكمال الدكتور الطيب لتشكيل هيئة كبار العلماء، ويراه تصرفاً متعمداً لإضعاف الهيئة، خصوصا أن اجتماع التجديد لمفتى الجمهورية لم يحضره من الــ17 عالماً المسجلين فى الهيئة سوى 10 فقط وتغيب 7 لأسباب غير معلومة ودون اعتذار.

لم يبد الطيب أى اهتمام لتطوير الهيئة وضم الكفاءات العلمية لها، خصوصاً المستنيرين المساهمين فى مسألة تجديد الخطاب الدينى، ولم يتم ضم أحدهم سواء من أساتذة جامعة الأزهر أو أعضاء مجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشئون الدينية، إلى الهيئة كما لم يضم شيخ الأزهر أحدا من شباب المجددين، لإكسابهم الخبرة من خلال احتكاكهم بكبار العلماء، الذين تجاوز معظم أعضائها الـ70 سنة، ما يهدد الهيئة بمزيد من فقدان أعضائها بسبب التقدم فى العمر، وكأن الطيب يتعمد إضعاف الهيئة.


3- المغضوب عليهم من شيخ الأزهر

لاشك أن هناك أسماء لامعة فى الخطاب الدينى ويحملون فكراً مستنيراً من علماء ومشايخ الأزهر ولكن لم يتم ضمهم لهيئة كبار العلماء، أمثال الدكتور سعد الدين الهلالى، الذى خطى خطوات واسعة فى مجال تجديد الخطاب الدينى، وهو ابن الأزهر البار، رغم جفاء مشيخة الأزهر وعلمائه تجاهه، حيث عقد مجمع البحوث الإسلامية اجتماعاً طارئاً للنظر فى فتاويه وأصدر المجمع قرارا باعتباره منحرفاً فكرياً ومنهجياً عن الأزهر، كما حذر المواطنين من الانسياق وراء آرائه التى اعتبرها ضالة.

كما تحامل الأزهر ضد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية، ويعاقبه بخصومات كثيرة من راتبه، كما تتحفظ المؤسسة الأزهرية على كثير من آرائه، ولكنه يخرج ليعلن عنها فيكون جزاؤه الخضوع لتحقيق إدارى فى جامعة الأزهر عدة مرات.

ويدخل على الخط من المغضوب عليهم داخل المؤسسة الدينية صبرى عبد الرؤوف، هو أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، والذى لم يستعن به الأزهر يوماً، سواء فى المؤتمرات أو الندوات أو حتى القوافل الدينية، ورغم أن كثيرا من العلماء تتلمذوا على يد عبدالرؤوف إلا أنه لم يتم اختياره عضوا بأى من لجان المشيخة، التى تذهب دوما لأصدقاء الطيب ومستشاره القانونى محمد عبدالسلام.

وتضم قائمة المبعدين عن هيئة كبار العلماء، بكر زكى عوض، أستاذ الثقافة الإسلامية، عميد كلية أصول الدين السابق بالقاهرة، أول من دعا إلى تجديد الخطاب الدينى، بعد أن ألف كتاباً يتناول هذا الشأن فى عام 2005، وشاركت به وزارة الأوقاف فى أحد المؤتمرات الدولية. كان عوض دائماً ما يدلى بدلوه فى الموضوعات المثارة على الساحة الدينية، بصفته من أكبر أساتذة الثقافة الإسلامية فى الوطن العربى، وعادة ما تتم الاستعانة به فى الأمور الشائكة، بسبب آرائه الميسرة والبعيدة عن التشدد، لذلك اعتبره البعض من أوائل المجددين فى العصر الحديث. وبرغم علمه الغزير، وآرائه الميسرة، لم ينل الدكتور عوض، حظه من التقدير والعناية اللازمة من الأزهر، بسبب رفضه الخضوع لسيطرة القائمين على المشيخة، لدرجة أنه لم يتم التجديد له، بعد انتهاء مدته كعميد لكلية أصول الدين بالقاهرة، رغم الإصلاحات التى شهدتها الكلية فى عهده وكونه أول عميد منتخب بالجامعة.


4- استبعاد وزير الأوقاف والمفتى من الهيئة

لا أحد ينكر على كل من الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئاسة الجمهورية للشئون الدينية، علمهم ومكانتهم بالإضافة لتوليهم مناصب قيادية داخل المؤسسة الدينية وأنهم حملوا على عاتقهم الإلمام بكل التفاصيل التى تهم الأمة العربية والإسلامية، ولكنهم رغم ذلك لم ينضموا لهيئة كبار العلماء، وحسب مصادر فإن الدكتور الطيب لا يرغب فى ضمهم للهيئة، لأنها المؤسسة المتحكمة فى مستقبل المؤسسة الدينية، حيث تملك حق ترشيح شيخ الأزهر، نفسه، خصوصاً الدكتور مختار جمعة، الذى أصبح نداً وأحياناً خصم اللطيب فى كثير من المسائل، ما جعل الأزهر والوزارة فى خصام حاد أحياناً، قد يكلف الوزير منصبه.

أما الدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية والذى يعد الابن البار للراحل الدكتور محمود العزب، مستشار شيخ الأزهر للحوار، ويتمتع بإمكانيات علمية كبيرة جداً ولكن لا يحظى بثقة ودعم كامل من الطيب والمقربين منه، أما المفتى الذى جدد الطيب الثقة فيه، فلم ينضم للهيئة رغم أنه قاد دار الإفتاء ووضعها على الخريطة العالمية من خلال فتاويها الصادرة بالعديد من اللغات، ما جعل الدار مؤثرة فى المسلمين حول العالم، بعيداً عن المشيخة وباتت لها خطوات ملموسة فى تجديد الخطاب الدينى على أرض الواقع، ولكن تفوقه على الأزهر فى تلك النقطة ربما أثار الغيرة فى نفوس مشايخ الأزهر.

أما اللغز الأخير فيخص الدكتور أسامة الأزهرى، المستشار الدينى لرئاسة الجمهورية، والرجل كما يدعى ويعلن مرارا وتكرارا يحمل مشروعاً تنويرياً يحتوى على نقاط كثيرة فى تجديد كتب التراث والحفاظ على هويتها، وتكلفه المؤسسة الأزهرية بكثير من القضايا العالقة لتحديد موقف الدولة منها، ومن المعروف أنه مرشح لتولى مناصب قيادية داخل المؤسسة، منها وزير للأوقاف ولكن الغريب غياب التواصل بينه وبين الطيب.