رغم نفى عبد العال ووصف الأمر بالشائعات المغرضة.. "البرلمان" يبارك خصخصة الخدمات العامة

العدد الأسبوعي

مجلس النواب - أرشيفية
مجلس النواب - أرشيفية


رغم أن الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، أكد فى أكثر من مرة تصدى البرلمان لخصخصة المرافق العامة والشركات والبنوك، بقوله: «مفيش بيع للشركات ولا للبنوك ولا للمرافق ولا يجب أن نسير وراء الشائعات الكاذبة»، إلا أن اللجان النوعية وافقت على مشروعات الحكومة لخصخصة قطاعات الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحى.

الحكومة من جانبها، أعدت حزمة من القوانين تسمح للقطاع الخاص بتقديم خدمات الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحى، وتقلص دور الدولة فيها من خلال فتح السوق للمستثمرين، رغم كونها من القطاعات الاستراتيجية التى لا يجب طرحها للبيع.


1- الكهرباء

البداية كانت فى شهر يوليو من العام قبل الماضى، عندما أعدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، القانون رقم 87 لسنة 2015 لتنظيم وخدمات مرفق الكهرباء، مؤكدة حينها أنه يجذب المستثمرين، ويسمح للقطاع الخاص بتقديم الخدمة التنافسية تحت إشراف الحكومة.

الرئيس السيسى صدق على القانون، ووافق عليه البرلمان فى يناير 2016 خلال دور الانعقاد الأول، والذى استحدث فكرة السماح للقطاع الخاص بالاستثمار فى الكهرباء وتوزيعها على العملاء، بدلاً من اقتصار الأمر على الشركة القابضة للكهرباء التى تملكها الدولة.

وفوضت المادة «3» من القانون عملية تنظيم سوق الكهرباء إلى جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، بحيث أصبح يملك سلطة تنظيم ومتابعة ومراقبة وتطوير ما يتعلق بالكهرباء سواء فى الإنتاج، والنقل، والتوزيع والاستهلاك، وجذب وتشجيع الاستثمار فيها.

ويختص الجهاز حسب المادة «4» من القانون بوضع تعريفة بيع الكهرباء للمشتركين وأسعار تبادل الكهرباء فى السوق، وإقرار مقابل استخدام شبكات النقل والتوزيع، وأيضاً منح تراخيص لإنشاء مشروعات إنتاج الكهرباء، والنظر فى أى نزاع ينشأ بين أطراف مرفق الكهرباء، ودراسة شكاوى المستهلكين.

القانون أثار مخاوف حول قدرة الحكومة على تحديد سعر التعريفة فى مواجهة ضغوط القطاع الخاص، والذى يدخل فيه عوامل أخرى مثل سعر العملة الأجنبية، وتغيير سعر الوقود، وهامش ربح الشركات وغيرها.


2- الغاز الطبيعى

ما يؤكد سيناريوهات خصخصة الخدمات العامة، قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز المقدم من وزارة البترول والثروة المعدنية، وأحاله البرلمان فى 28 من نوفمبر الماضى إلى لجنة الطاقة والبيئة لمناقشته وإقراره، وأبدت اللجنة موافقتها المبدئية على القانون.

ويهدف مشروع القانون إلى تحرير سوق الغاز الطبيعى، وذلك من خلال السماح أيضا بمشاركة القطاع الخاص فى تقديم كل أنشطته سواء الشحن أو النقل أو التخزين أو التوزيع والتوريد والبيع والتسويق والتجارة، وذلك بعد أن كانت الخدمة حكراً على الهيئة العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس».

واستحدث القانون فى المادة «23» جهازاً لتنظيم أنشطة سوق الغاز، والذى ستكون مهمته منح التراخيص للمستثمرين وتحديد تعريفة الخدمة، وإعداد خطة تدريجية لتحرير سوق الغاز للوصول إلى السوق التنافسية.

وسمحت المادة «21» من القانون باستخدام الشبكات والتسهيلات لأطراف جدد دون تمييز بين أى من أطراف السوق، كما منحت المادة «22» الحرية للمستهلك فى اختيار مورد الغاز.

النائب محمود عطية عضو لجنة الطاقة والبيئة قال لـ«الفجر»، إن دخول القطاع الخاص لتقديم خدمات الكهرباء والغاز لا يسبب مشكلة، بل على العكس سيحقق التنافسية فى السوق، وهو أمر لصالح المواطن، ويقضى على مبدأ احتكار الخدمات، بالإضافة إلى استفادة الدولة من عائد الضرائب التى تدفعها الشركات المستثمرة الجديدة.

وأضاف عطية: إن مصر تأخرت عن العالم كثيراً فى خصخصة قطاعى «الكهرباء والغاز الطبيعي»، مشيراً إلى أن القانون سيسهم فى جذب المستثمرين، ويساعد فى توصيل الغاز للمواطنين خاصة فى قرى الصعيد التى لا تستطيع الحكومة تغطيتها بالكامل بعد أن يقوم القطاع الخاص بذلك.


3- المياه والصرف الصحى

وفى سبتمبر الماضى، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون تنظيم «مياه الشرب والصرف الصحي» الذى أعدته وزارة الإسكان والمرافق، والذى انتهى مجلس الدولة من مراجعته، وتم إرساله إلى لجنة الإسكان والمرافق بالبرلمان، لدراسته وإقراره خلال الأيام المقبلة.

ويهدف القانون إلى إشراك القطاع الخاص أيضاً فى تقديم خدمات المياه والصرف الصحى، وذلك من خلال جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك الذى تأسس منذ سنوات، وسيكون هو المسئول عن تحديد التعريفة الاقتصادية لتلك الخدمات حسب المادة «4» من القانون.

وحسب المادة «5» فإن الدولة ملزمة بدعم الفارق لمقدمى الخدمة إذا كانت التعريفة أقل من سعر الخدمة، كما توفر الدولة الأراضى اللازمة لإقامة المشروعات بنظام «حق الانتفاع» وفقاً للمادة «7».

ويشرف جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى على تنظيم ومتابعة ومراقبة كل ما يتعلق بأنشطة القطاع على مستوى الجمهورية أياً كانت الجهة التى تباشر هذه الأنشطة، وتشجيع الاستثمار فيه حسب المادة «12» من القانون.

ويرى محمد عبد العال المستشار القانونى للمركز المصرى للحق فى السكن، أن القانون يثير كثيراً من علامات الاستفهام، متسائلاً: عما إذا كانت الدولة ستلعب دور عسكرى المرور الذى يقوم بالتنظيم فقط، أم أنها تستعين باستثمارات القطاع الخاص، لأنها ليس لديها القدرة لايصال تلك الخدمات للمواطنين.

وأشار عبد العال إلى أن سياسات الحكومة الحالية تعمل على تنفيذ تشريعات تؤثر على الاحتياج الضرورى للمواطن، وهى مسألة تحتاج إلى وقفة، خاصة أن تلك القوانين تأتى من منطلق ينحاز إلى رءوس الأموال ويفتح المجال للاستثمار فى الخدمات الرئيسية التى يجب أن يكون تحديد سعرها فى يد الدولة بشكل كامل.

وأرجع عبد العال، خطورة تلك التشريعات إلى أنها تحول الخدمات العامة إلى سلع خاضعة للعرض والطلب وترفع الأسعار وتجعلها متوفرة فقط للقادرين على دفع ثمنها، خاصة أن الحكومة تتجه إلى هيكلة الدعم، وهو ما يؤدى إلى كوارث حقيقية فى مجتمع يعانى من ارتفاع معدلات الفقر.