مرصد الإفتاء: "داعش" يبحث عن بقائه من خلال الأطفال والأرامل

إسلاميات

داعش
داعش


أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن تنظيم "داعش" الإرهابي قد وضع خطة قبل عامين بدأها في عام 2015 لإعداد جيش جديد من الأطفال يدعم صفوفه، وأطلق عليهم "أشبال جند الخلافة"، وهم الأطفال ما فوق العاشرة ودون الخامسة عشر، ممن فقدوا ذويهم في عمليات "داعش" القتالية.

 

وقال المرصد - في تقرير جديد بعنوان (ما بين أشبال الخلافة والأرامل السوداء.. داعش يبحث عن البقاء" اليوم السبت، - "إن قتال التنظيم في أكثر من جبهة في وقت واحد قد أنهكه بصورة لم يكن يتخيلها، علاوة على أن هذا القتال قد نال من القوة العددية للتنظيم، بحيث أصبح يعاني نقصا شديدا في صفوف مقاتليه، وحرصا منه على البقاء لأطول فترة ممكنة أخذ يبحث عن بدائل لتعويض النزيف المستمر في صفوفه، وضعف قوته التي لم تعد قادرة على المواصلة".


وأرجع هذا الضعف لأمرين؛ أولهما ضعف الدعم اللوجستي المقدم للتنظيم نتيجة تضييق الخناق عليه، وثانيهما نقص القوة العددية نتيجة انفضاض الناس عن التنظيم فكريا، مما كان له عظيم الأثر في الحيلولة بينهم وبين الانضمام لصفوف التنظيم، فكان سببا رئيسا في هذه القلة العددية.


وأضاف المرصد "أن "نظرية البقاء" لدى التنظيم وتعويض القلة العددية بنيت على سبيلين؛ الأول تمثل في تجنيد ما يعرف بـ"الأرامل السوداء"، وهن مجموعة من الانتحاريات الأرامل، واللائي كن زوجات لقيادات ومقاتلي التنظيم الإرهابي أو أرامل لأشخاص قتلهم التنظيم وأسرهن؛ حيث يقوم التنظيم بإعدادهن لتنفيذ عمليات تفجيرية بحجة الانتقام لأزواجهن حيث يستغل التنظيم حالة اليأس التي وصلت إليها زوجات مَن قُتلوا في المواجهات العسكرية، ورغبتهن في الانتقام لأزواجهن أو ذويهن لتنفيذ بعض العمليات الانتحارية، وذلك لإحداث حالة من الفوضى داخل المجتمعات؛ إلا أن هذا السبيل لم يقدم القوة الكافية للتنظيم".


وتابع "أن السبيل الثاني الذي وجد فيه التنظيم ضالته، هو تجنيد الأطفال ممن فقدوا ذويهم في هذه الحروب، وهم من أسماهم بـ"أشبال جند الخلافة"، مرجعا ذلك لسهولة تجنيد الأطفال، وسهولة غرس الأفكار المشوهة في عقولهم.. وبالفعل قام التنظيم بإعداد هؤلاء الشبيبة فكريا وعسكريا من خلال عدة طرق بدأها بالمناهج الدراسية الخاصة بالتنظيم، التي تشبعت بمنهجة السقيم والمتطرف أو من خلال التطبيقات التي يطلقها لهم، والتي كان أولها تطبيق "حدثني أبي" وآخرها تطبيق "أحياني بدمه"، الذي حول فيهما الأطفال إلى قتلة".


وأكد المرصد أن هذه الطريقة في التربية قد أفرزت قتلة في أجساد أطفال؛ حيث شهد العامان الماضيان جرائم لأطفال ينهون حياة آخرين إما بقطع أو تسديد الرصاص إلى الرؤوس بدم بارد، والتي كان آخرها قبل أيام لطفل لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات، والذي لم يتمكن بعد من نطق الكلمات بصورة صحيحة، يحمل في يده مسدسا صغيرا ويقتل به رجلا مقيدا أمامه لينهي الطفل حياته بطلقة واحدة، لافتا إلي أن هذا يأتي أيضا بعد نشر التنظيم في وقت سابق من العام الماضي مقطع فيديو لطفل لم يتجاوز العاشرة، وهو يذبح شخصا ويفصل رأسه عن الجسد، ويقول "الله أكبر".


وكشف المرصد أن التنظيم يفعل هذا انطلاقا من عقيدته بأنه مكلف من قبل الله تعالى بتقديم مقاتلين من صفوفه عن طريق إعدادهم الإعداد الجيد لمواجهة من يطلقون عليهم كفارا، سواء أكان هؤلاء الكفار هم كفار في العقيدة بالأساس أو ممن كفروهم بارتكابهم المعاصي مثلما فعل الخوارج ومن خرجوا من عباءتهم عندما كفروا المسلمين المرتكبين للمعاصي وقتلوهم بدم بارد.



واستطرد "أن التنظيم الذي دأب على التأكيد أنه هو من يطبق الشرع وحده، وهو حامي حمى الإسلام، لم يمنعه ذلك من أن يبرر لنفسه انتهاك براءة هؤلاء الأطفال وتحويلهم إلى قتلة، مخالفا بذلك ما أمر به رسولنا الكريم (صل الله عليه وسلم) من الحسن إليهم".


وشدد المرصد علي أن هذه الأفعال تكشف إزدواجية المعايير لدى "داعش"؛ وكيف يوهمون أتباعهم بأنهم يحتكمون إلى الشرع في كل شيء، في الوقت الذي يخالفونه في كل شيء، حتى إنهم لم يتورعوا عن سلوك كافة السبل لتحقيق أهدافهم حتى لو اصطدمت بالشرع نفسه، وحتى لو قتلت براءة الأطفال وحولتهم لمسوخ تقتل وتذبح وتطلق بعدها الصيحات فرحة مسرورة.


وأشار إلي أن استخدام "داعش" لهؤلاء الأطفال يلفت نظرنا إلى نقطة مهمة وخطيرة، وهي ضرورة إحتواء الدول لهؤلاء الأطفال، وعدم تركهم فريسة سهلة يحقق بها "داعش" ومن على شاكلتهم من التيارات المتطرفة مآربهم وهم بمأمن من العقاب.

واقترح المرصد على الدول توفير الأمن الفكري لهؤلاء الأطفال قبل الأمن الغذائي والاجتماعي؛ لأن فرصة تجنيد الأطفال وتحويلهم إلى قتلة وقنابل موقوتة تنفجر في وجوهنا أسرع من تجنيد الشباب والرجال، وغرس الأفكار في عقولهم أسهل بكثير من غرسها في عقول غيرهم، وأن هؤلاء الأطفال في هذه السن المبكرة تترسخ في عقولهم الأفكار المتطرفة ومن الصعب نزعها بسهولة من رؤوسهم.. فالوقاية هنا أسلم بكثير من العلاج.


واختتم المرصد تقريره بالتأكيد علي أن الإعداد النفسي مهم جدا وضروري، بجانب محاولة تأهيلهم لأن يندمجوا في المجتمع من خلال تنمية روح الانتماء بداخلهم للوطن، وعودتهم كعناصر صالحة وفاعلة في المجتمع.