عبدالرحمن سليم يكتب: للحلم بقية.. و"النني"!

مقالات الرأي

عبدالرحمن سليم
عبدالرحمن سليم


حلم الحصول على بطولة الأمم الإفريقية المقامة حاليًا في الجابون يقف على مسافة واحدة من المنتخبات الستة عشر المتنافسة، رغم ترجيح كفة بعض المنتخبات على الأخرى، وفي ظل غياب مصر عن المشاركة أخر ثلاث بطولات يرى المحللون أن فرصتها لنيل اللقب صعبة نوعًا ما، ولكن..

حتى الآن يتصدر المنتخب المصري لكرة القدم قائمة الفائزين ببطولة كأس الأمم الإفريقية «CAN»، كأكثر منتخبات القارة السمراء حصولاً عليها برصيد سبع بطولات، ثلاث منها على التوالي، خلال فترته الاستثنائية.. التي بدأت في 2006 واستمرت حتى 2010.

واعتمد الجهاز الفني للمنتخب المصري طوال تلك الفترة بقيادة «المعلم» حسن شحاتة على 52 لاعب، رغم استقراره بالأساس على القوام الرئيسي للمنتخب.. الذي لم يخلُ أبدًا من: عصام الحضري في حراسة المرمى، وائل جمعة وأحمد فتحي في خط الدفاع، حسني عبدربه وأحمد حسن ومحمد أبوتريكة في خط الوسط، وعماد متعب في خط الهجوم.

الغريب في تجربة «شحاتة» الفريدة مع منتخب مصر، أنه لم يعتمد على المحترفين بشكل كبير، الذين كانوا -رغم قلتهم- ملئ السمع والبصر في أوروبا آنذاك، فمثلا.. أحمد حسام «ميدو»، المحترف الأشهر في جيله، نجم جنت البلجيكي وأياكس الهولندي ومارسيليا الفرنسي وروما الإيطالي وتوتنهام الإنجليزي وسيلتافيجو الإسباني، بالإضافة إلى محمد زيدان نجم بروسيا دورتموند الألماني وغيره، وحسام غالي نجم فاينورد الهولندي وتوتنهام الإنجليزي، ومحمد شوقي نجم ميدلسبره الإنجليزي.

لم يحظ بثقة «المعلم» حسن شحاتة الدائمة من المحترفين إلا «الصقر» أحمد حسن نجم أندرلخت البلجيكي، وصاحب تجربة الاحتراف الأنجح في جيله، التي بدأها في تركيا مباشرة بعد تألقه اللافت ببطولة كأس الأمم الإفريقية 1998، تحت إدارة «الجنرال» محمود الجوهري وقيادة كابتن المنتخب والهداف «الأسطوري» حسام حسن، الغريب أيضًا في تجربة «شحاتة» مع المنتخب أن التألق لم يأت ممن توقع الجميع له أن يتألق.

2016
في كأس الأمم الإفريقية 2006 التي احتضنتها مصر، ضم حسن شحاتة 23 لاعبًا، هم: عصام الحضري، عبدالواحد السيد ومحمد عبدالمنصف لحراسة المرمى، وأحمد فتحي، محمد بركات، طارق السيد، محمد عبدالوهاب، إبراهيم سعيد، عبدالظاهر السقا، وائل جمعة وأحمد السيد للدفاع، وحسن مصطفى، حسني عبدربه، محمد شوقي، أحمد حسن، محمد أبوتريكة وأحمد عيد عبد الملك للوسط، وعمرو زكي، عماد متعب، أحمد حسام «ميدو»، عبدالحليم علي، أسامة حسني وحسام حسن للهجوم.

النجم الأبرز في هذه القائمة بحسب توقعات الجماهير والشهرة العالمية والنجاحات التي حققها قبل انطلاق البطولة هو أحمد حسام «ميدو»، فهو المهاجم الشاب الذي انتقل على سبيل الإعارة في أغسطس 2005 لنادي توتنهام الإنجليزي قادمًا من نادي روما الإيطالي، ليسجل ستة أهداف في الدوري الإنجليزي الأقوى والأغلى والأعلى مشاهدة قبل انضمامه مباشرة لمنتخب مصر في يناير 2006.

انتظرت الجماهير من «ميدو» تألقًا في البطولة الإفريقية يوازي على الأقل تألقه بأوروبا، وفتح هدفه الأول الذي أحرزه بمباراة الافتتاح في شباك المنتخب الليبي الباب على مصراعيه للآمال والطموحات والتوقعات، ولكن للأسف.. لم يكن آداء «ميدو» طوال البطولة عند حسن ظن الجماهير ولا النقاد، بينما تألق «الصقر» أحمد حسن تألقًا لافتًا وحصل على لقب أفضل لاعب في البطولة، التي كانت نقطة انطلاق قوية نحو النجومية لكل من: عصام الحضري، عمرو زكي، محمد أبوتريكة ووائل جمعة. 

2008
أما في بطولة كأس الأمم الإفريقية 2008 التي احتضنتها غانا، استعان حسن شحاته بـ23 لاعبًا، وهم: عصام الحضري، محمد عبدالمنصف ومحمد صبحي لحراسة المرمى، ومحمود فتح الله، أحمد المحمدي، إبراهيم سعيد، شادي محمد، هاني سعيد، وائل جمعة، سيد معوض، أحمد فتحي وطارق السيد للدفاع، وحسني عبدربه، محمد شوقي، أحمد شعبان، حسن مصطفى، محمد أبوتريكة، عُمر جمال وأحمد حسن للوسط، وعماد متعب، محمد زيدان، عمرو زكي ومحمد فضل للهجوم.

اختلف الحال تمامًا في هذه البطولة عن سابقتها، فالمنتخب المصري وصل إلى ذروة مستواه الفني ووعيه التكتيكي وحمله البدني، وأصبح من الصعب تسليط الضوء على نجم واحد من هذه الكوكبة التي من الصعب أن تتكرر في تاريخ كرة القدم المصرية، تألق أغلب لاعبي المنتخب في «CAN» 2008، ولكن لاعبًا واحدًا كان مفتاح الفوز في أغلب المباريات، تغلب على نفسه.. فبرز عن كل زملائه الذين توقع لهم الجميع التألق والنجومية، إنه «عازف السمسمية» حسني عبدربه نجم الدروايش.

نال «عبدربه» لقب أفضل لاعب في البطولة، وحل ثانيًا في ترتيب هدافين البطولة بعد الهداف صامويل إيتو نجم منتخب الكاميرون، ليس ذلك فحسب.. بل انضم للتشكيل الأمثل لمنتخب إفريقيا كواحد من أفضل 11 لاعبًا في القارة السمراء، ووصل الأمر إلى عرض الموقع الإلكتروني لـ«فيفا» مقالا مطولا عنه في صفحته الرئيسية تحت عنوان «عبدربه.. أمل مصري جديد»، تألق زيدان وأبوتريكة وأحمد حسن والحضري ووائل جمعة وأحمد فتحي وعمرو زكي، لكن حسني عبدربه كان النجم الأبرز. 

2010
أما بطولة أمم إفريقيا 2010 التي احتضنتها أنجولا، فكانت شاهدة على واحدة من أكبر المفاجآت التي لم تعتادها مصر عبر تاريخها الكروي، فدخل حسن شحاتة البطولة بقائمة ضمت 23 لاعبًا، هم: عصام الحضري، عبدالواحد السيد ومحمد أبوالسعود لحراسة المرمى، وأحمد فتحي، وائل جمعة، هاني سعيد، محمود فتح الله، عبدالظاهر السقا، أحمد المحمدي، سيد معوض، المعتصم سالم ومحمد عبدالشافي للدفاع، وحسني عبدربه، عبدالعزيز توفيق، أحمد حسن، حسام غالي، محمد ناجي «جدو»، أحمد عيد عبدالملك، ومحمود عبدالرازق «شيكابلا» للوسط، وعماد متعب، محمد زيدان، أحمد رؤوف والسيد حمدي للهجوم.

مهدت أهداف «جدو» البديل طريق المنتخب نحو البطولة الأصعب، فمعدل أعمار النجوم زاد، واللياقة استنفذت، واستعصى الحسم في كل مباراة على نجوم كبار، مثل أبوتريكة، زيدان، عمرو زكي أو عماد متعب، فأثبت محمد ناجي جدو أنه الورقة الرابحة في كل المباريات، فسجل في مرمى نيجيريا وموزمبيق بدور المجموعات رغم مشاركته لأقل من 15 دقيقة، كما أحرز هدفًا في الشوط الإضافى الأول من مباراة مصر والكاميرون ليساهم في تأهل منتخب مصر للمربع الذهبي.

ليس ذلك فحسب.. بل سجل الهدف الرابع في شباك الجزائر بمباراة نصف نهائي البطولة التي انتهت برباعية نظيفة لمصر، والتي كانت بمثابة الثأر من «محاربي الصحراء» بعدما صعدوا لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا على حساب «الفراعنة»، وأخر أهداف البطولة سجلها «جدو» في شباك منتخب غانا بمباراة النهائي؛ ليفوز منتخب مصر باللقب السابع في تاريخه والثالث على التوالي، وليحصل «جدو» على لقب هداف البطولة برصيد خمسة أهداف.

2017
ويبقى سؤال.. هل ما حدث في المشاركات الثلاث الأخيرة للمنتخب المصري بأمم إفريقيا يُعبر عن شيئ؟، ظني أن نجم المنتخب الأول في بطولة 2017 هو محمد صلاح، جناح ذئاب روما الرائع وأمل مصر الحقيقي، والمقارنة بينه وبين نجوم المنتخب المصري عبر تاريخه تصب في صالحه، فما قدمه خلال الأربعة أعوام الأخيرة مبشرة للغاية، ولكن إذا -لا قدر الله- لم يتوهج «صلاح» في البطولة.. فمن سيتألق؟.

قائمة المنتخب تضم العديد من المواهب الشابة التي تفتقر إلى الخبرة نوعًا ما، وأري أن الأقرب للتألق بجوار «صلاح» هم بالترتيب: محمود حسن «تريزيجيه»، عبدالله السعيد، محمد النني، مروان محسن ومحمود «كهربا» إذا نال فرصته كاملة، ومن وجهة نظري على «النني» الآن أن يتحمل مسؤلية ربط خط وسط مصر لخطي الدفاع والهجوم، فإمكانياته البدنية والفنية والتكتيكية تؤهله لذلك، بشرط واحد وهو التركيز في البطولة فقط، إذا ما نجح «النني» في لعب دوره كما هو متوقع منه سيصل المنتخب المصري لأبعد نقطة في الجابون.