مى سمير تكتب: بالأسماء.. خريطة الجيوش "الخاصة" فى الشرق الأوسط

مقالات الرأي



تديرها شركات عملاقة تحقق أرباحاً بمليارات الدولارات سنويًا

■ تنتشر بكثافة فى البحرين والعراق ولبنان والسودان وليبيا.. وكتائبها تضم مرتزقة وقيادات عسكرية متقاعدة


«دولة بلا جيش.. هى دولة بلا كيان» .. فأغلب دول العالم لها جيوشها التى تدافع عن أرضها، وتؤمن حدودها، ولا تضم فى صفوفها إلا خيرة أبنائها، باستثناء دول ضعيفة لا تمتلك قوى بشرية فتستعين بجنود مرتزقة لحماية أمنها، وفى بلدان أخرى تنتشر الجيوش «الخاصة» التى تستأجرها السفارات والهيئات الدولية لحمايتها.

منظمة «وور أون» البريطانية نشرت تقريراً مفصلاً عن «الجيوش الخاصة»، وحقيقة انتشارها فى منطقة الشرق الأوسط بعدما تحولت إلى صناعة ضخمة تدر أرباحاً تقدر بمليارات الدولارات سنوياً.

«جون هيلارى» المدير التنفيذى لمؤسسة «وور أون» أشار فى مقدمة التقرير إلى أن متعهدى الجيوش الخاصة يعملون بكثافة فى مختلف أنحاء العالم بشكل مثير للانتباه، ما يجعل هذه الظاهرة بمثابة إعلان عن عودة «كلاب الحرب».

وأضاف التقرير أن الجيوش الخاصة وشركات الأمن الدولية شهدت ازدهاراً كبيراً خلال العقد الأخيرة، وتعتبر «بريطانيا» مركزاً رئيسياً لمثل هذه الشركات التى يطلق عليها اسم «بى إم إس سى» وهو اختصار لعبارة الجيوش الخاصة وشركات الأمن، حيث يوجد ما يقرب من 60 شركة للجيوش الخاصة التى تعمل فى العراق فقط، بينما تنتشر الشركات البريطانية التى تعمل كمتعهد للجيوش الخاصة فى مختلف أنحاء العالم إما لتأمين الحكومات فى المناطق غير المستقرة أو التعاون مع الأجهزة الأمنية من أجل مواجهة أى اضطرابات أو تهديدات.

1

الأبواب الخلفية

ألقى التقرير الضوء على حقيقة الارتباط الوثيق الذى يجمع بين المؤسسات العسكرية الغربية وظاهرة الجيوش الخاصة، مشيراً إلى أن هذه الجيوش أصبحت ملاذاً للقيادات العسكرية الغربية بعد تقاعدها عن العمل الرسمى.

واستعرض التقرير أكثر من نموذج للشخصيات العسكرية السابقة التى أصبحت تحتل مناصب قيادية فى الجيوش الخاصة، ومنها على سبيل المثال قيادات سابقة بالجيش البريطانى تحتل مناصب قيادية فى مجموعة «أوليف» العسكرية التى تحقق أرباحا سنوية تقدر بمئات الملايين من الدولارات بفضل خدمات الاستشارات العسكرية والمساعدات الأمنية التى تقدمها للعديد من الحكومات.

كما تضم شركة «كونترول ريسك» الكثير من الشخصيات العسكرية المهمة فى مناصب قيادية، ويتولى الإشراف على عمليات الشركة فى منطقة الشرق الأوسط الضابط السابق بالبحرية البريطانية «أندريس كارلتون سميث»، فيما يتولى الإشراف على عمليات الشركة فى العراق الضابط السابق بالجيش البريطانى «ديفيد أموس» الذى يتولى فى الوقت الحالى قيادة 1200 ضابط وجندى فى العراق إلى جانب 340 مدرعة عسكرية منتشرة فى مختلف أنحاء العراق.

وتضم قائمة الموظفين فى شركة «كونترول ريسك» الضابط السابق فى القوات الخاصة البريطانية «إيدى إيفريت» والذى يتولى الإشراف على إدارة تقديم الخدمات للعملاء الدوليين بالشركة، بينما يعد الضابط السابق بالمخابرات الأمريكية «جيم بروكز» المسئول الأول لفرع الشركة فى الولايات المتحدة، ويلعب «بروكز» دوراً رئيسياً فى دعم أنشطة الشركة العسكرية فى مختلف أنحاء العالم، كما يقدم الاستشارات العسكرية المتعلقة بالخدمات الأمنية فى أمريكا اللاتينية.

إما شركة «إيجس للخدمات الدفاعية» فتضم كلاً من وزير القوات المسلحة البريطانى السابق «نيكولاس سوماس» الذى يشغل منصب رئيس مجلس إدارة، و»جراهام بينز» القائد السابق للوحدة السابعة بالجيش البريطانى والذى يعمل كمدير عام الشركة.

2

جيوش خاصة للإيجار

عالم من الجنود السابقين والقيادات العسكرية الغربية المتقاعدة إلى جانب المرتزقة التى يتلقون تدريبا عالى الجودة من أجل تكوين هذه الجيوش الخاصة التى تحقق أرباحا بمليارات الدولارات. موقع «بيزنس انسايدر» نشر قائمة بأسماء أبرز الجيوش التى تعمل فى الشرق الأوسط، ومن بين الشركات التى تعمل فى هذا المجال شركة «G4S» البريطانية التى تعد ثانى أكبر شركة على مستوى العالم، حيث تضم ما يقرب من 625 ألف موظف، وتتركز أعمالها بشكل أساسى على تأمين السجون، المطارات، والمؤسسات الدولية، إلا أنها تلعب دوراً كبيرا فى توفير مثل هذه الجيوش الخاصة بالمناطق التى تشهد صراعات عسكرية.

فى عام 2008 سيطرت «G4S» على مجموعة «أرمورى» التى تدير جيشا قوامه 9000 من الحراس يتولى حماية ثلث قوافل الإمدادات غير العسكرية فى العراق، وبحسب الموقع فإن لهذه الشركة علاقات واسعة النطاق بأمراء الحرب فى أفغانستان.

هذه الشركة لديها أعمال أمنية فى أكثر من 125 بلداً، لا سيما المناطق الخطرة فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث إنها توفر للوكالات الحكومية والشركات قوات الأمن المدججين بالسلاح، وتلعب دوراً فى إزالة الألغام الأرضية، وتقدم خدمات الاستخبارات العسكرية والتدريب الأمنى.

وبحسب تقرير «اطلاق المرتزقة: العالم الجديد للجيوش الخاصة وشركات الأمن»، فإن هذه الشركة قد تواجدت فى مصر منذ عام 2001، حيث شاركت « G4S» فى إخلاء مسئولين حكوميين رفيعى المستوى وموظفين دوليين وموظفى السفارات خلال ثورة يناير عام 2011، وتضاعفت إيراداتها إلى ما يقرب من 8 ملايين جنيه استرلينى بين عامى 2007 و2011، وبحسب موقع الشركة فإن حجم إيرادات عملياتها فى عام 2015 وصل إلى 183 مليون استرلينى، إلى جانب تحقيقها نمواً كبيراً فى عدد من البلدان العربية الأخرى مثل اليمن والبحرين.

الشركة الثانية فى قائمة موقع «بيزنس انسايدر» هى «يونايتى رسيورس»، وهى استرالية تضم أكثر من 1200 موظف حول العالم، وتمكنت من توطيد مكانتها فى العراق بعد انسحاب الجيوش السيادية، وتتكون إدارتها من قدامى المحاربين من استراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، وهذه الشركة هى المنوطة بحراسة السفارة الاسترالية فى بعداد.

خارج العراق، ساعدت هذه الشركة فى توفير الأمن خلال الانتخابات النيابية فى لبنان، بالإضافة إلى إخلاء شركات النفط خاصة من مناطق الأزمات فى البحرين، وتعمل فى جميع أنحاء إفريقيا والأمريكتين وآسيا الوسطى وأوروبا.

فى المرتبة الثالثة تأتى شركة «إيرنيس البريطانية» التى تتولى جيوشها الخاصة عمليات تأمين أهم الآبار البترولية فى العراق، وتشرف على 16 ألف جندى يتحملون مسئولية تأمين 282 منطقة حيوية بما فى ذلك حماية خطوط البترول وغيرها من مناطق الطاقة الحيوية.

لهذه الشركة تواجد كبير فى إفريقيا التى يمكن وصفها بساحة المعركة الخاصة بعمليات الشركة التى حصلت مؤخرا على عقدين مع حكومة «الكونغو» من أجل تأمين مشاريعها الضخمة سواء فى مجال البترول أو التعدين.

ولا تقتصر الظاهرة على الشركات الغربية، فبحسب موقع «بيزنس انساديدر» هناك مجموعة «آسيا سيكيورتى»، وهى شركة أمنية يقال إنها على علاقة وثيقة مع الرئيس الأفغانى السابق حامد كارزاى. أسس الشركة «حشمت كارزاى» ابن عام الرئيس السابق حامد كارزاى، وتلعب دوراً كبيراً فى الحرب الدائرة فى أفغانستان، وتضم ما يقرب من 600 جندى.

تعد «كابول» هى المقر الرئيسى لهذا الجيش الخاص الذى حصل على عقود بملايين دولار من الجيش الأمريكى لحماية قوافل إمدادات قوات التحالف فى جنوب أفغانستان، كما قامت الشركة بإمداد شركة «داين كورب» الأمريكية بالكثير من الجنود المرتزقة من أجل تغطية العمليات شبه العسكرية التى تقوم بها الشركة الأمريكية فى المنطقة. وتعد شركة «دين» هى الأخرى من أهم شركات الجيوش الخاصة ولها الكثير من العمليات فى مختلف أنحاء العالم.

«داين كورب» هى شركة أمريكية مقرها الرئيسى فى «فرجينيا»، وهى واحدة من ثمانى شركات أمريكية تم اختيارها من قبل وزارة الخارجية الأمريكية من أجل العمل فى العراق فى الوقت الذى تنسحب فيه القوات الأمريكية من هناك.

تصل أرباح هذه الشركة السنوية إلى ما يعادل 3.4 مليار دولار، وتدير الكثير من الأنشطة العسكرية فى إفريقيا، أوروبا الشرقية، وأمريكا اللاتينية مع عدد موظفين يصل إلى 10 آلاف موظف. اكتسبت الشركة شهرة واسعة فى مجال توفير الجيوش الخاصة بعد نجاح مقاتليها فى التصدى لمجموعات المتمردين فى كولومبيا فى عام 2000، كما تولى جنود هذه الشركة مهام متعلقة بالتصدى لتجارة المخدرات فى بيرو، إلى جانب دخولهم فى معارك من أجل نزع أسلحة بعض الجماعات المقاتلة فى الصومال، ليبريا، وجنوب السودان.

واحدة من الشركات الثمانى الأمريكية التى تم تجنيدها لكى تحل محل القوات الامريكية الرسمية فى العراق، شركة «تريبل كانوبى» التى تملك جيشا مكوناً من 1800 جندى فى العراق من أوغندا وبيرو، وتدير الشركة عقود بقيمة تصل إلى 1.5 مليار دولار.

قامت الحكومة الأمريكية بمراجعة أداء هذه الشركة فى العراق، وتم وصف جيش هذه الشركة فى تقرير رسمى بأنه يتمتع بتدريب جيد، وبمهنية وخبرة واسعة، وهى تضم ما يقرب من 300 موظف فى مختلف أنحاء العالم.

هذه الشركة لها تواجد كبير فى دولة «تهايتى»، حيث تتولى عملية تأمين السفارة الأمريكية والإسرائيلية، ويوفر عملاؤها حماية خاصة لوزارة الخارجية الأمريكية.

كذلك من بين أشهر شركات الجيوش الخاصة « أكاديمى» المعروفة سابقاً باسم «بلاك ووتر»، التى تدير منشأة تدريب على مساحة 7000 فدان فى ولاية «كارولينا الشمالية»، وتعد هذه المنشأة واحدة من أكبر وأعقد ساحات التدريب العسكرية الخاصة فى العالم.

تمتلك هذه الشركة أكثر من 20 ألف جندى و20 طائرة، إلى جانب أسطول من المركبات المدرعة وكلاب الحرب المدربين، ولها عمليات واسعة النطاق سواء فى العراق أو أفغانستان.

وبحسب تقرير «اطلاق المرتزقة: العالم الجديد للجيوش الخاصة وشركات الأمن»، فإن هذه الشركة تجند الكثير من المرتزقة من أمريكا اللاتينية بشكل عام وكولومبيا بشكل خاص، حيث شارك هؤلاء الجنود فى الحرب الدائرة فى اليمن ضد الحوثيين.