من الضرب إلى الاغتصاب.. هنا عالم تعذيب عصابات التسول بالأطفال.. وخبراء: هذا مصير الجناة

تقارير وحوارات

تشرد الأطفال - أرشيفية
تشرد الأطفال - أرشيفية


تعد ظاهرة خطف الأطفال واستخدامهم في التسول، ليست حديثة، بل قديمة ولكنها لا زالت مستمرة، حيث أن الأسرة تفقد طفلها وتجهل مصيره .. هل مازال على قيد الحياه أم قتل؟ هل وجد منزل يحتضنه أم مشرد؟، وبرغم جهودات الدولة وفرض القوانين وجهود رجال الشرطة إلا أنها غير كافية.

وبالبحث تجد أن الضرر لم يقع فقط على ضحايا التسول، بينما يظهر تأثيره بزيادة مجرم جديد، ويتم استغلال ضحايا التسول من أجل جني أرباح طائلة من تعاطف الجماهير، والغريب في الأمر هو قيام الجاني بخطف الطفل وإجباره على التسول، وعندما يرفض الأخير الأمر يقوم بتعذيبه، كطفلة الإسكندرية التي تم تعذيبها حتى الموت.

الحبس شهرين للطفل
فيما ينص قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، على أنه:"يعاقب كل شخص صحيح البنية ذكرًا كان أم أنثى بالحبس مدة لاتجاوز شهرين شريطة أن يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا أو أكثر، فيما يتم إنذار والد الطفل في المرة الأولى لتسول طفله عن طريق نيابة الأحداث وفي حال جاء الطفل بجريمة تسول جديدة فإن ولي الأمر الذي سبق إنذاره يتعرض لتوقيع العقوبة التي جاء بها نص المادة 113 من قانون الطفل وهي الغرامة التي لاتتجاوز مائة جنيه".

السجن 5 سنوات لمستغلي الطفل للتسول
أما عقوبة الكبار على التسول في التشريع المصري ، تعاقب صحيح البنية بالحبس شهرين أما غير صحيح البنية يعاقب بالحبس شهر واحد، فيما يعاقب القانون استخدام طفل في التسول بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وفقًا للمادة 116 منه، على عقوبة الجاني بالحبس لمدة 5 سنوات، فيما يعاقب بمدة لاتزيد عن ثلاثة أشهر من تصنع الإصابة بجروح أو عاهات لاستدرار عطف الجمهور.

تعذيب حتى الموت
وتأتي الطفلة ملك، ضمن ضحايا الخطف والإجبار على التسول، وكانت النتيجة حينما عثرت مباحث مديرية أمن الإسكندرية تفاصيل سقوط على جثتها مقتولة، وعليها آثار تعذيب وضرب في منطقة اللبان غرب الإسكندرية.
وتوصلت جهود البحث الجنائي، إلى أن الجثة للطفلة "ملك. ع"، 4 سنوات، مقيمة طرف جدتها "ز. ق"، 58 سنة، بائعة مقيمة بدائرة قسم ثان المنتزه.

وتعرفت جدة الطفلة المجنى عليها على الأولى منذ حوالى ثلاثة أشهر تقريبًا وقامت بتسليمها الطفلة والتي كانت تعاني من بعض الأمراض النفسية والتبول اللا إرادي لتتولى رعايتها والإقامة لديها مقابل خمسين جنيهًا شهريًا، إلا أن المتهمين تجردًا من كل معاني الإنسانية والرحمة فاستغلتها الأولى في أعمال التسول ونظرًا لتكرار مرضها وتبولها اللاإرادى المستمر قاما بالتعدى عليها بالضرب أكثر من مرة، إلا أنهما أفرطا في التعدى عليها وتعذيبها حتى فارقت الحياة.

وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهمين وبمواجهتهما أقرا بارتكاب الواقعة وأنهما تعديا على المجنى عليها أكثر من مرة وتعذيبها بخرطوم بلاستيك ما أدى لحدوث إصابتها التي أودت بحياتها، وخشيه افتضاح أمرهما قام الثاني بلف المجنى عليها ببطانية لإخفائها وحملها على كتفه واستقل إحدى السيارات الأجرة "ميكروباص" وقام بإلقائها بمكان العثور عليها، وأضافت الأولى أنها أبلغت أهليتها بهروب ابنتهم من مسكنها ولم يقوما بالإبلاغ بغيابها.

تسول بالنهار.. واغتصاب بالليل
"وجدنا أنفسنا بالشارع بعد هروبنا من أهالينا، ووقعنا في أيدي التوربيني، الذي أجبرنا على العمل كمتسولين طوال النهار، وفي الليل يغتصبنا.. بهذه الكلمات أعرب ضحايا التوربينى السيدة زينب، عن مأساتهم بعد القبض عليه لاتهامه باغتصاب 9 أطفال أسفل كوبرى أبو الريش.

حيث وردت معلومات إلى اللواء محمود فاروق، مساعد وزير الداخلية، مدير مباحث الأحداث، تفيد بوجود بلطجى يغتصب الأطفال.

وتشكل فريق بحث أشرف عليه اللواء محمد الشامى، مدير إدارة مكافحة جرائم الأحداث، والعميد أحمد سمير، رئيس قسم الاتجار بالبشر، وتوصلت التحريات إلى أن المتهم يدعى "كريم. و"، وشهرته "الونش"، يجبر الأطفال على التسول وبيع المناديل في الشوارع، ثم يغتصبهم ليلًا.

وضُبِطَ المتهم وبرفقته 9 أطفال، وتبين أن المتهم يقيم حفلات الجنس الجماعي، ويغتصب الأطفال ليلًا، أسفل كوبرى أبو الريش تحت تهديد السلاح الأبيض.

وكشفت التحقيقات مع الضحايا، أن الأطفال هربوا من جحيم أسرهم إلى الشارع، ووقعوا فريسة في أيدي المتهم، الذي تعدى عليهم بوحشية.
 
جناية قتل
وتستغل عصابات الخطف، الأطفال في التسول والسرقة بالإكراه وتعليمهم السلوكيات الإجرامية لصالح الخاطفين، وجنى أموال طائلة، وقد ظهر ذلك في تقرير المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة،أن الخطف بغرض استغلال الطفل في التسول كان بنسبة 12% من مجمل حالات الخطف وقد يقع الأطفال تحت طائلة القانون بسبب البيئة الإجراميه التي يعيشون فيها، كحالة الطفلة هند أنور "13 سنة"، وتهمتها جناية قتل ولكن وفقًا للقانون المصري الذي يمنع تنفيذ حكم الإعدام أو المؤبد على المجرمين دون السن القانوني تم إصدار أمر بإيداعها بإحدى دور الرعاية بالجيزة وتقديم الدعم النفسي للطفلة.
 
ممارسات إرهابية
وفي إطار استغلال الأطفال المخطوفة، يذكر أنه قد تم استغلالهم في ممارسات إرهابية كحالة الطفل زياد الذي حاول تفجير كمين شرطة في سيناء.
 
عصابات تدير المتسولين
ويؤكد خبراء علم الاجتماع والنفس، أن ظاهرة التسول منتشرة بشكل واسع، حيث أن هناك مافيا تدير هؤلاء المتسولين.

وقالت حنان سالم، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة عين شمس، إن ظاهرة التسول شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وخاصةً بمحافظتي القاهرة والإسكندرية.

وأكدت سالم، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، المحزن في التسول تناميه بين كبار السن، والأطفال الصغار الذين يستغلونهم الخاطفين أو الأهالي، والذي يؤثر بشكل سلبي على الأطفال ويساهم في ظهور مجرم جديد، ناهيك عن انتشاره بين النساء أيضًا، لجني الأموال.

وأوضحت أستاذة علم الاجتماع، أن هناك عصابات كبرى تدير هؤلاء المتسوليين وتوجههم، في الأماكن المليئة بالناس، مطالبةً الأجهزة الأمنية بتكثيف جهودها من أجل القبض على هؤلاء، للحد من الظاهرة، متمنية أن يشارك رؤساء الأحياء والمدن، الأجهزة الأمنية في الحملات الدورية للتنقيب عن المتسولين بصفة دائمة وملاحقتهم بدلًا من انتشارها.
 
القانون يجرم التسول
فيما أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن المرجع الرئيسي في ظاهرة التسول وانتشارها، هو الفقر، وعدم الرغبة في البحث عن العمل، مشيرةً إلى أن البعض يتخذ من التسول عملًا له.

وأضافت "خضر"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هناك أساليب عديدة للتسول، منها التسول بطلب الإحسان مباشرة، والتسول من خلال البيع كالمناديل، لافتةً إلى أن التسول انتشر بين الأطفال بشكل واسع، وهو ما يؤثر سلبيًا على نفسية الطفل.
 
وفيما يخص مستخدمي الأطفال في عمليات التسول، أكدت أستاذة علم الاجتماع، أن القانون يجرم التسول، وبخاصةً الأطفال، وهو ما تم ذكره في قانون الطفل، حيث يعاقب مستخدم الطفل في التسول بالسجن 5 سنوات.