مديحة عاشور تكتب: وداعًا.. سيد حجاب "المبدع الثائر"

رحيل الشاعر الكبير المبدع سيد حجاب، ليس خسارة للوسط الفني فقط بل أيضا خسارة فادحة للوسط الثفافى والسياسى وخسارة أكبر للإنسانية كلها، كان "حجاب" من أعظم شعراء العامية وظل مبدعا أكثر من نصف قرن؛ فقد كتب الكثير من التترات لأشهر المسلسلات المصرية، فلا تتخيل نفس النجاح والشهرة للمسلسل لو لم يكتب أغنياته.

 

من منا لا يعلق بذاكرته أغنيات المقدمة والنهاية لمسلسل "ليالي الحلمية" ربما أكثر من المسلسل نفسه، بل أن تتر هذا المسلسل تحديدا أصبح يمتزج بوجدان كل مصرى، فكل بيت شعرى كان يمثل عبرة ونصيحة وشجن وأنين، وحين غنا المطرب محمد الحلو "ومنين بيجي الشجن من اختلاف الزمن ومنين بيجي الهوى من  ائتلاف الهوى ومنين بيجي السواد من الطمع والعناد ومنين بيجي الرضا من الإيمان بالقضا".

 

وبمجرد أن تستمع لتتر مسلسل أرابيسك تجد نفسك وسط الحارة المصرية وأمام أحد نماذج الجدعنة والشهامة الحقيقية للمصرى الأصيل "الأسطى حسن" وبمجرد سماع التتر نتذكر كل أحداث المسلسل "وينفلت من بين إدينا الزمان، كأنه سحبه قوس فى أوتار كمان، وتنفرط الأيام عود كهرمان، يتفرفط النور والحنان والأمان".

 

"اللى بنى مصر كان فى الاصل حلوانى" اصبح مثل دارج بعد أن كتب كلماته حجاب وغناها المطرب على الحجار، ليصبح تتر مسلسل  بوابة الحلوانى يروى حكاية فترة مهمة فى تاريخ مصر، تسترجعها فور سماعك الجملة الأولى من مقدمة المسلسل.

 

"بابا عبده" تتر مسلسل أبنائى الأعزاء شكرا، بمجرد أن تسمعه تعيش مع مأساة الأب الطيب "بابا عبده" عبد المنعم مدبولى، فهنا أيضا شاركت أشعار حجاب فى جزء كبير من نجاح المسلسل وشهرته، وفى مسلسل "المال والبنون" أبدع حجاب حين تفوه بالحكم كعادته  "قالوا زمان دنيا دنية وغرورة، قلنا واللى تغره يخسر مصيره.. قالوا الشيطان قادر وليه ألف صورة، قلنا ما يقدر على اللى خيره لغيره".

 

ولا ننسى كلماته الرائعة "تحت نفس الشمس وفوق نفس التراب كلنا بنجرى وراء نفس السراب، كلنا من أم واحدة أب واحد دم واحد بس حاسين باغتراب" تتر مسلسل "الشهد والدموع" الذى ظل أيضا ككل كلمات حجاب محفورا فى النفس والقلب والوجدان.

 

هذا العملاق الذى جاءت كلمات تترات مسلسلاته بهذه القوة، كتب أيضا أغنيات بسيطة وسهلة للأطفال، طبعا هو السهل الممتنع، من منا لا يتذكر "سوسه كف عروسه" التى تغنت بها عفاف راضى، وبعيدا عن تترات المسلسلات غنى من إبداع كلماته عمالقة هذا الجيل مثل على الحجار وسميرة سعيد و محمد منير، وأيضا خاض حجاب تجربة ناجحة مع فوازير شريهان بعنوان "حاجات ومحتاجات".

 

أما عن سيد حجاب الوطنى الثائر فله تاريخ طويل من النضال الوطنى توجه بأن كان واحد من أهم مفجري ثورة يناير بل من أهم فلاسفتها والمدافعين عنها حتى صاغ أهدافها في ديباجة دستور يقوم على الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة.