في ندوة "الفجر".. خالد علي يكشف كواليس وأسرار تنشر للمرة الأولى حول "تيران وصنافير"

خالد علي في ندوة
خالد علي في ندوة الفجر


تصوير: ياسمين عليوة - محمد السنوسي - أحمد علي

 

خالد علي محذرًا: موافقة البرلمان على الاتفاقية تضعف موقفنا أمام "التحكيم الدولي"

مواطنون بسطاء وراء نجاح القضية

لا يحق للسيسي والحكومة والبرلمان التنازل عن تيران وصنافير

"تيران وصنافير" هي القضية الأولى من نوعها في العالم

أطلس القوات المسلحة أكد مصرية الجزر والمحكمة أصيبت بذهول


في أول حوار صحفي له، بعد الحكم التاريخي بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، استضافت جريدة "الفجـر" المحامي الحقوقي خالد علي - عضو هيئة الدفاع عن الجزر، ومرشح رئاسي سابق، روى خلالها تفاصيل وأسرار تنشر لأول مرة عن قضية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والمعروفة إعلاميًا بـ"قضية جزيرتي تيران وصنافير".

 

وروى 'علي' بداية قصة معركة قضية تيران وصنافير، عندما كان في محافظة قنا، لحضور محاكمة ضباط الأقصر، وفوجئ مع المحامين بتوقيع اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، تلزم مصر بالتنازل عن الجزيرتين لصالح المملكة، ووصف ما انتابه من ذهول وتفاجؤ من توقيع الاتفاقية، قائلًا: "رأيت مرارة في نفسي وفي عيون المحامين لم أرها من قبل، شعرنا بالصدمة وإحساس بالهزيمة والانكسار"، وتابع: "كنت أتعجب في بداية الأمر، كيف للحكومة أن تتنازل عن هذا المضيق وهذه الجزر، بكل ما تحمله من أهمية وتاريخ عسكري".

وأضاف
'علي' أن التفكير في اتخاذ قرار رفع دعوى قضائية، استنفذ من وقته ساعات كثيرة، موضحًا أن القرار في بدايته كان منفردًا، ولكن أخذ بآراء المحامين، خوفًا من الاتجاه ناحية أن يتم الحكم في القضية أنها من أحكام السيادة، ويتم رفض المحكمة نظرها، موضحًا أنه كان يرى القضية من اتجاه مختلف، فهي نزاع بينه وبين دولتين، فقرر أن يقوم برفع القضية باسمه الشخصي، ليتحمل المسائلة القضائية والقانونية والسياسية، وقام برفع الدعوى ضد الاتفاقية في اليوم الثاني لتوقيعها.

وأوضح خالد علي أنه كان يتوقع سير الاتفاقية في مسار يعطيها تضامن قليل ومعارضة قليلة من البعض الآخر، ولكنه فوجئ بتضامن كبير من المواطنين والمحامين، مضيفًا أنه كان يتوقع أن يتهم الهجوم على القضية من اتجاه الحكومة فقط، ولكنه فوجئ بهجوم كبير من فصائل سياسية وأحزاب، من زاويتين، أولهم كان يرى أن النضال القانوني يخدم السلطة ويسحب الناس من التظاهر بالشارع ويؤثر بالسلب على الاحتجاج، والزاوية الثانية كانت ترى أنه من الخطأ أن يتوجه للحكومة في ملعبها، وأنه أعطاها شرعية لهذه الاتفاقية بعد تأييد المحكمة لها، وهو ما يعطي شرعية للاتفاقية، مشددًا على أنه تعرض للتخوين والمهاجمة بعد التقدم بدعوى بطلان الاتفاقية، وصل للتخوين.

وأكد أنه فتح باب الانضمام للمتضامنين معه في القضية، والمساعدة في تقديم المستندات في اليوم التالي لتوقيعها، متابعًا: "كتبت على صفحتي الشخصية على "فيسبوك"، أنها ليست قضية شخصية وهي قضية وطنية، ليست ملك أحد، هي ملك للجميع".

وأوضح أنه في اليوم التالي لتوقيع الاتفاقية، تقدم بدعوى، وتقدم علي أيوب المحامي الحقوقي أيضًا لدعوى أخرى، وقامت المحكمة من أول جلسه بضم القضيتين في قضية واحدة، وتم تحديد أولى جلساتها، وتقدمت عدد من المراكز والمحامين بدعاوى أخرى، مازالت حتى اليوم في المفوضين لم يحكم فيهم.

وأشار خالد علي إلى أنه بعد أول جلسة لدعوى بطلان الاتفاقية بالمحكمة الإدارية العليا، نجحت الدولة في عمل حملة إعلامية مضادة، ادعت أنها عمل من أعمال السيادة، موضحًا أنه تقدم خلال أول جلسة بكل المستندات التي تثبت مصرية الجزر، والتي حصل عليها فور رفع الدعوى، وكان له مخطط في ذلك، أولهم إرباك ممثلي الحكومة، وثانيهم التأكيد لهيئة المحكمة وللشعب المصري جديته في النزاع، مؤكدًا أن هيئة قضايا الدولة منذ تلك اللحظة بدأت في انتهاج منهج جديد خلال الجلسات، على الرغم من أن الحكومة لم تعطهم أي مستندات تثبت سعودية الجزر.

وشدد على أنه تقدم في أول جلسة للقضية بأطلس من إعداد إدارة المساحة والتشغيل العسكرية، وصادر عن القوات المسحلة المصرية عام 2007، يحتوي على أربعة صفحات تؤكد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وهو ما اعتبره نقلة كبيرة في القضية، وجعل هيئة المحكمة في حالة ذهول، وجعلت تقديرهم للقضية يختلف للجدية من اتجاه هيئة الدفاع، حتى سألته من أين حصل على هذا المستند، وتابع: "حتى وأنا رايح المكتب في اليوم ده، لقيت مواطنين وقفوني في الشارع، مش بيسألوني الجزر دي مصرية ولا لأ، يسألوني أنت فعلًا قدمت أطلس الجيش"، مؤكدًا أنه في هذه اللحظة مهمته الأولى نجحت، في تعامل المحكمة والشارع مع القضية بجدية، ليس كما يزعم الإعلام أنها مكايدة سياسية.

واستطرد بأن يوم جلسة الحكم حضر 15 شخصًا من بعض الأحزاب السياسية، لأنه كان غير متوقع صدور الحكم ببطلان الاتفاقية بهذه الجلسة، وكان هنا إعلان عن مرحلة جديدة في القضية من مسارات قضائية وسياسية مختلفة، مؤكداً أن كان لديه يقين أن الأرض مصرية مع كل جلسة يقدم خلالها مستندات جديدة.

وأوضح أنه طالب في أولى الجلسات من هيئة المحكمة بإلزام ممثلين الحكومة بنص الاتفاقية، بالإضافة لمحاضر الأعمال الخاصة باللجنة المصرية السعودية المشتركة، التي كانت تنعقد منذ عام 2010، موضحًا أن تشكيل اللجنة جاء بعد ترسيم السعودية لحدودها في الأمم المتحدة، ووضعت الجزيرتين تحت سيادتها، وتحفظت مصر على ذلك، وبناءً عليه تشكلت هذه اللجنة.

وقال "على" إن الدولة غرمت محامين الحكومة لعدم تقديمهم المستندات التي طالبتهم بها المحكمة، وهو ما دفعهم لقول أنها عمل من أعمال سيادة، واستندوا في ذلك إلى القضية التي رفعت لترسيم الحدود بين مصر وقبرص، والتي حكمت فيها المحكمة بأنها عمل من أعمال السيادة.

 وأكد "علي" أنه قدم للمحكمة أحكامها خلال اتفاقية دولية خاصة بإزالة الألغام، ووضعت المحكمة قواعد جديدة لنظرية أعمال السيادة، أهمها: "أن يكون غير مخالف للدستور، وأن يحقق المصلحة العامة، ويمثل دفاعًا عن الأمن الخارجي والداخلي للدولة، ولا يمثل عدوان عليها".

مجلس الدولة هو أول جهة طالبت برفع العلم المصري على الجزر

تعرضنا لمضايقات أمنية فور رفع دعوى بطلان اتفاقية ترسيم الحدود

لا يحق لمجلس النواب مناقشة الاتفاقية

اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية أصبحت "منعدمة"

وأوضح أنه قام بتقديم حكم للمحكمة الدستورية في اتفاقية إنشاء البنك العربي، وبالرغم من أنها اتفاقية، قالت المحكمة الدستورية: "ليست كل اتفاقية دولية عمل من أعمال السيادة، وأن هذ النظرية ليست نظرية جامدة تطبق على كل المنازعات، فهذه النظرية تتغير من منازعة لأخرى ومن قضية لأخرى، ومن دستور إلى آخر".

وأكمل "علي" أن المتغير الذى حدث، أن دستور 2014 المادة (1) نصت على: "إن أراضى جمهورية مصر العربية موحدة ولا يجوز التنازل عن شئ منها"،  والمادة (151 ) أضافت فقرة جديدة وهي: "إن لا يجوز توقيع أي اتفاقيات دولية تتضمن التنازل عن الأرض"، وتساءل: "هل يجوز للشعب النزول للدفاع عن أرضه بسلاح في مواجهة سلطته؟"، مشيراً إلى أنه لا يجوز للسلطة أن تتحصن بنظرية قانونية للهروب من رقابة القضاء.

وأكد "على " أنه لحسم هذه القضية كان لا بد من تحديد المركز القانوني للأرض، وعندما تصبح الأرض مصرية، فلا مجال لتطبيق مجال أعمال السيادة، لأنه لا يملك صلاحية التنازل عنها، فلا يجوز التحصن بأعمال السيادة، مشيراً إلى أن الدولة غرمت محامي الحكومة في الجلسة الثانية والثالثة أيضاً، لعدم تقديمهم مستندات، في حين تقديمه مستندات جديدة تثبت مصرية الجزر، وتم إرسال المستندات إلى المفوضين، والتي أوصت خلاله بمجموعة من الأسئلة، وتم عقد جلسة أخرى بالمحكمة.

وقال "علي" إن مجلس الدولة هو أول جهة طالبت برفع العلم المصري على الجزر، مشيراً إلى أنه عثر على رسالة دكتوراه للباحث "فكرى سنجر"، عن الصراع العربي الإسرائيلي والنظرية القانونية للمضايق، بإشراف الدكتور مفيد شهاب، وأشار في الرسالة لفتوى صادرة من مستشار مجلس الدولة، المستشار الدكتور وحيد رأفت، برفع العلم.

وأشار "خالد" إلى أنه وهيئة الدفاع  تعرضوا للتهديد منذ رفع القضية ، مؤكداً أن المحامي مالك عدلي عضو هيئة الدفاع تم القبض عليه بعد رفع القضية مباشرة، ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد الحكم بأول درجة من القضية، إلى جانب ثلاث محامين تم القبض عليهم أيضاً، بزعم تظاهرات الأرض، إلى جانب السب والقذف من وسائل الإعلام واللجان الإلكترونية، والحط من الكرامة والشأن من قبل المعارضين.

وأكد خالد علي أن قضية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، هي القضية الأولى من نوعها في العالم، وليس لها شبيه في مصر والشرق الأوسط، مشيراً إلى أن توثيق القضية وتفاصيلها مهم وضروري، ليس لكونها قضية مهنية، وأن الشعب المصري حقق نصر كبير وعظيم، ولكن لكونها تاريخ شاهد على هذه الحقبة، وشاهد أيضاً على كل ما جرى فيها من نضال ومقاومة.   


وفيما يخص ما عرف بـ"تظاهرات الأرض"، قال "علي" أن الشباب تضامن معه في القضية وتظاهر في "جمعة الأرض" يوم 15 إبريل، ويوم 25 إبريل، وتم القبض على مجموعة كبيرة منهم، وتوجهت لهم تهم زعم أن تيران وصنافير جزيرتان مصريتان، متابعًا: تم القبض عليهم بتلك التهم، وكأن ذلك الزعم جريمة.

واستطرد بأن القبض على الشباب خلال تظاهرات الأرض، كان مرعبًا لهيئة الدفاع عن الجزر، وذلك بسبب أن خسارة القضية في هذه الحالة، يحملهم عبء مسؤولية القبض على الشباب، بسبب دفاعهم عن الجزيرتين.

وروى
'علي' تفاصيل حصوله على أول مستندات من المواطنين المتضامنين معه، تثبت مصرية الجزر، قائلًا: "استعانتنا بالناس أزعم أنها سر نجاح هذه القضية، وفوجئنا بكم كبير من المستندات تأتي من المواطنين، حتى البسطاء منهم، وفوجئت في ذات يوم بمواطن بسيط جاء لمكتبي، مصاحبًا أجندة سنوية صادرة عن سلاح الدفاع الجوي للقوات المسلحة المصرية عام 2016، عليها صفحات دعائية عن الأماكن السياحية بمصر، تؤكد أن جزيرتي تيران وصنافير محمية مصرية طبيعية، ومن هنا بدأت أشعر أن القضية أصبحت في اتجاه أقوى، وحصلنا على مستندات لو حاولنا الحصول عليها وحدنا خلال عشرة سنوات ما كن سنستطيع الحصول عليها".

وأشار خالد علي إلى أن مصر قامت برفع العلم على الجزر عام 1950، موضحًا أن دلالة رفع علم دولة على أرض في القانون الدولي، هي دلالة كبيرة ومهمة بأن تلك القطعة ملكها، أيًا كان مكانها على خريطة مصر، مشددًا على أن الجنود المصريين حاربوا وسالت دماؤهم على أراضي تيران وصنافير باعتبارها أرض مصرية.

وقال
'علي ' إلى أن مصر شكلت فريق تفاوضي حول الجزر مع السعودية، كان رئيسه وحيد رأفت القطب وفدي كبير معارض، خلفه الدكتور نبيل العربي، موضحًا أن "رأفت" كان له فتوى تنص على قراءته خبرًا بجريدة الأهرام، يوم 12 يناير 1950، أن عضو بالكنيست الإسرائيلي طالب السعودية باحتلال تيران ورفع العلم السعودي عليها، وبناءًا على ذلك عمل خارطة طريق لمصر، أكدت أن الجزيرتين مصريتين، وأنه إذا كانت هناك دولة ستنازعنا على الجزيرتين فهي السعودية، وبناءًا على الفتوى أرسل وزير الخارجية المصري لملك السعودية أن القوات البحرية المصرية تحركت لجزيرة فرعون المصرية، بجوار تيران، يوم 13 يناير 1950 ورفعت عليها العلم المصري، ورفعته على كل جزيرة صنافير يوم 28 وتيران يوم 29 من نفس الشهر، وهو يؤكد أن مصر تحركت بإرادة منفردة، على عكس ما ادعى ممثلي الحكومة.

وفيما يخص الموقع الجغرافي للجزر، أكد "علي" أن الجزيرتين تقعان على بعد ثلاثة أميال بحرية من مصر، وأربعة أميال من السعودية، مؤكدًا أن هذا كان ردًا كافيًا على كل من ادعى أن الجزيرتين ملك للسعودية، لأنهما أقرب للسحال السعودي، مشيرًا إلى أن مصر رفعت العلم المصري على الجزيرتين في عام 1950، للتأكيد على فرض السيادة المصرية عليهما، فضلًا عن الدماء المصرية التي سالت على تلك الجزر.

وقال "علي" إن مجلس النواب قانونًا ليس له الحق في مناقشة الاتفاقية بعد حكم محكمة القضاء الإداري، لأن حكم المحكمة يجعل الاتفاقية "منعدمة"، أي أنها لم تكن، مشددًا على أن هيئة الدفاع عن عن الجزيرتين ستتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل تحرك تقوم به الحكومة المصرية تجاه الجزر، يتسبب في ضياعهما، متابعًا: "المسار القانوني ليس بديلًا عن المسار الشعبي الذي يجب أن يدافع عن الجزر"، مضيفًا أن هيئة الدفاع عن الجزيرتين ستقوم بالطعن على مناقشة الاتفاقية تحت قبة البرلمان، حال القيام بذلك، استنادًا أنه ناقش اتفاقية بحكم المحكمة هي منعدمة الوجود، وهو يحاول إحياءها من جديد، وهو ما يعتبر أيضًا تجاهلًا لحكم المحكمة.

وفي حال لجوء السعودية للتحكيم الدولي، أكد "علي" أنها إذا توجهت له بعد حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية مباشرة، ستكسب مصر القضية، مشددًا على أن مناقشة الاتفاقية تحت قبة البرلمان يعطي للسعودية فرصة أكبر للفوز بالجزر في التحكيم الدولي، موضحًا أن الاتفاقية في نظر التحكيم الدولي هي "ورقة منعدمة الأصل".

وحمل "علي" المسؤولية لمجلس النواب والحكومة ورئيس الجمهورية، سياسيًا وتاريخيًا وأخلاقيًا وقانونيًا ودستوريًا، خسارة مصر التحيكم الدولي، حال لجوء السعودية له، إذا ناقش البرلمان الاتفاقية ووافق عليها، وتابع: "يجب أن يعرفوا الجريمة التي سيقوموا بها، إذا تم إحالة الاتفاقية للمناقشة تحت قبة البرلمان"، مؤكدًا أن السعودية ستلجأ في التحكيم الدولي لعدة دلالات ستضعف موقف مصر، منها: "حكم محكمة الأمور المستعجلة بإلغاء حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، تسجيلات فيديو للرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد فيها أن الجزيرتين سعوديتين، ممثلين الحكومة الذين كانوا يؤكدون طوال جلسات القضاء الإداري أن مصر قامت باحتلال الجزر، بالإضافة إلى مناقشة السلطة التشريعية بالبرلمان للاتفاقية وهي سلطة ممثلة للشعب بكامله".

وتابع: حتى لو البرلمان وافق، الاستفتاء الشعبي لا يملك أن يتنازل عن الأرض، وليس من حق رئيس الجمهورية أو الحكومة أو أي شخص أن يقوم بذلك، وحكم المحكمة أبطل الاتفاقية ليس لأن من وقع عليها رئيس الوزراء، ولكن لأنها تضمنت تنازل عن جزء من أرض مصرية.