عادل حمودة يكتب: أخطر تقرير سياسى وأمنى عن سيطرة الإخوان على إدارة أوباما!

مقالات الرأي



■ الرئيس الأمريكى الراحل عن البيت لأبيض استسلم لأربعة من مؤسسى التنظيمات الإخوانية وعيّنهم مستشارين له فى رسم سياسته الخارجية تجاه الشرق الأوسط!

داليا مجاهد
استخدمت استطلاعات معهد جالوب لدعم حكم الجماعة فى مصر

رشاد حسين
المتورط مع منظمات إخوانية ــ نائبا مساعدا لمجلس البيت الأبيض واستعان به فى كتابة خطابه الذى ألقاه تحت قبة جامعة القاهرة

محمد ماجد
إخوانى سودانى تربى فى مصر اخترق المباحث الفيدرالية والبنتاجون والخارجية والنيابة العامة وأجهزة الأمن القومى ونجح فى التخلص من 700 وثيقة تدين الجماعة

هما عابدين
سيطرت على هيلارى كلينتون فمنحت تأشيرة دخول لحفيد حسن البنا وفتحت مفاوضات للإفراج عن عمر عبد الرحمن وأقنعت أوباما بدعوة مرسى إلى واشنطن قبل إقالته بشهر


التقية الإخوانية هناك.. تقية سياسية وحضارية.. تخفى الرغبة فى تغيير أساليب الحياة التى يعتبرونها فاجرة.

فى عام 2004 ألقت المباحث الفيدرالية القبض على إخوانى بارز يعيش فى فيرجينيا هو محمد أكرم.. ووجدت فى بيته وثيقة من 18 صفحة صيغت عام 1991 توزعها الجماعة سرا على أعضائها وتحثهم على مواجهة الخطايا التى يعيش فيها الشعب الأمريكى بعبارات واضحة مثل:

يجب على الإخوان أن يفهموا أن عملهم فى أمريكا هو نوع من الجهاد العظيم فى إزالة الحضارة الغربية وتدميرها من الداخل وتخريب منزلها البائس بأيديهم وبأيدى المؤمنين وستزول بإذن الله وينتصر الإسلام على كل الأديان الأخرى.

وكشفت هذه الوثيقة عن أسماء 29 منظمة من أصدقائنا ذات الرغبة نفسها فى جعل أمريكا متسامحة مع أهداف الإخوان بتقديم الشريعة بديلا للديمقراطية.

لذلك لا تؤمن الجماعة هنا وهناك بحريات الضمير والتعبير والعقيدة والمساواة بين البشر دون تمييز عرقى أو دينى وهى القيم الذى بنيت عليها المجتمعات الحديثة ونجحت وتفوقت وازدهرت.

أكثر من ذلك تسللت شخصيات إخوانية إلى إدارة أوباما ونجحت فى تغيير سياسياته والتأثير فى قرارات -حسب التقرير- شديدة الجرأة الذى قدمه فرانك جافنى (مدير مركز الدراسات السياسية والأمنية) فى واشنطن إلى الكونجرس وتبناه خمسة من أعضائه (هم ميشيل باخمان وترينت فرانكس ولو جو هميرت وتوم رونى ولين وستمور لاند) وبعثوا برسالة إلى هارولد دبليو جيزل المفتش العام لجهاز المباحث الفيدرالية يسألونه فيها : هل كبار موظفى الدولة الذين لهم صلات ووصلات إخوانية أثروا فى سياسة البلاد داخليا وخارجيا ؟

واستشهدوا بحالة هما (أو هوما كما تنطق بالإنجليزية) عابدين التى اختارتها هيلارى كلينتون مساعدتها الشخصية فى حملة الانتخابات الرئاسية (عام 2008) وأخذتها معها إلى وزارة الخارجية لتعينها نائبا لرئيس الموظفين وكبيرة مستشاريها وهو منصب مؤثر فى القرارات السياسية.

وهما محمود عابدين مسلمة من أم باكستانية وأب هندى هاجرا إلى ميتشجان حيث ولدت ابنتهما هناك عام 1976 وباقترابها من هيلارى كلينتون عرفت الفتاة السمراء النحيفة طريقها للبيت الأبيض ليصفها أوباما بالمسلمة الورعة بعد أن قالت كلينتون فى خطاب لها: لدى بنت واحدة فقط ولكن لو كان لدى بنت ثانية لكانت هما.

لكن هما حسب تقرير فرانك جافنى كانت مرتبطة بشكل مباشر بمنظمة إخوانية هى معهد شئون الأقليات المسلمة التى أسسها ومولها عبد الله عمر ناصيف (الأمين العام الأسبق لرابطة العالم الإسلامى) وهو إخوانى بارز ثبت تورطه فى تمويل تنظيم القاعدة بجانب أن والدها ووالدتها وشقيقها مرتبطون بمنظمات إخوانية أخرى.

وبتأثير هما فى الخارجية الأمريكية منحت هيلارى كلينتون عام 2010 تأشيرة دخول لطارق رمضان حفيد حسن البنا ومجدد النظريات الإخوانية التى دعت أعضاء الجماعة للهجرة إلى الغرب هروبا من الاضطهاد فى بلادهم (كما فعل والده سعيد رمضان بالهروب إلى سويسرا عام 1954) لحشد قواهم واختراق مؤسسات صنع القرار فى الدول الكبرى (مثل بريطانيا والولايات المتحدة) بما يؤثر لصالحهم فى بلادهم الأصلية.

وفى العام نفسه بدأ موظفو الخارجية الأمريكية فى إجراء اتصالات سرية مع ممثلى الإخوان.

وبعد سقوط مبارك مباشرة عام 2011 دربت الخارجية الأمريكية مجموعة منهم على كيفية الفوز فى الانتخابات ضمن برنامج أكبر عن الديمقراطية.

وفى العام نفسه تعاونت الخارجية الأمريكية مع منظمة التعاون الإسلامى (وهى منظمة حكومية لا تخلو من نفوذ الإخوان فيها) على تحجيم الانتقادات التى توجه للشريعة الإسلامية وهو ما اعتبرته الميديا الأمريكية تقييدا لحقوق التعبير.

وصرحت هيلارى كلينتون بأن إدارة أوباما ستكون راضية عن انتخاب حكومة يهيمن عليها الإخوان فى مصر.. وأنها ستقيم علاقات رسمية مع الجماعة.. وفى المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب تجاهلت ذكر حماس الفرع الفلسطينى من الجماعة ضمن قائمة المنظمات المصنفة إرهابية.. كما تجاهلت قيود الكونجرس على تحويل مبلغ 150 مليون دولار إلى الحكومة المصرية بعد تأسيس برلمان يسيطر عليه الإخوان عشية انتخاب محمد مرسى.

وفى عام 2012 استضاف البيت الأبيض والخارجية وفدا من البرلمان المصرى لم يتضمن أعضاء فى الإخوان فقط وإنما كان بينه واحد من الجماعة الإسلامية التى ارتكبت مجازر ضد أبرياء عقب اغتيال السادات ويترأسها عمر عبد الرحمن الذى ينفذ حكما بالسجن مدى الحياة لتورطه فى محاولة قتل مبارك فى واشنطن ومحاولة تفجير برجى التجارة فى نيويورك خلال تسعينيات القرن الماضى.

أكثر من ذلك منحت الخارجية تأشيرة دخول لواحد من أتباع عبد الرحمن هو هانئ نور الدين للتفاوض حول إطلاق سراحه وأبلغت وزيرة الأمن الداخلى جانيت نابوليتانو الكونجرس أن الخارجية ستصدر تأشيرات دخول أكثر لأفراد سبق اتهامهم بعمليات إرهابية إن تابوا عنها.

وخلال رحلتها إلى مصر فى يوليو 2012 ضغطت كلينتون على المجلس العسكرى (ورئيسه المشير حسين طنطاوى) لتسليم السلطة إلى البرلمان والرئيس الإخوانيين والتقت فيما بعد مع محمد مرسى وسلمته من أوباما دعوة لزيارة البيت الأبيض فى مايو التالى، رغم أنه صرح علنا فور دخوله قصر الاتحادية بأن واحدا من أهم أولوياته هو الضغط على الولايات المتحدة من أجل إطلاق سراح الشيخ الكفيف.

وليست هما عابدين الوحيدة التى كانت تناصر الإخوان فى إدارة أوباما بل كانت هناك شخصيات أخرى قريبة منه ربما أكثر تأثيرا منها.

لقد وصف الرئيس الأمريكى السابق رشاد حسين بـ العضو المخضرم فى مجتمع المسلمين الأمريكيين لأنه حافظ للقرآن.

لقد اكتسب حسين احترام سيد البيت الأبيض لمجرد أنه حافظ للقرآن، رغم أنه تورط لفترة طويلة مع منظمات أمامية للإخوان منها المعهد الدولى للفكر الإسلامى الذى يرتبط به جهاديون مثل سامى العريان الذى اتهم عام 2006 بتقديم مساعدات مالية لحركة حماس ومثل جمال برزنجى الأب المؤسس للجماعة فى الولايات المتحدة بجانب تورط حسين مع منظمة إخوانية أخرى هى اتحاد الطلاب المسلمين.

ورغم ذلك عين حسين عام 2009 نائبا مساعدا لمجلس البيت الأبيض وكانت ضمن مهامه الحكومية فى هذا المنصب قضايا الأمن القومى ووسائل الإعلام الجديدة.. بمعنى آخر كان مسئولا عن المساعدة فى الإبلاغ عن جهود الإدارة فى التواصل مع المسلمين وقدم نصائحه فى مسودة الخطاب الأول للرئيس أوباما إلى العالم الإسلامى الذى ألقى فى يونيو 2009 تحت قبة جامعة القاهرة وفى فبراير التالى اختاره أوباما مبعوثه الخاص إلى منظمة التعاون الإسلامى.

ولعب حسين دورًا مؤثرًا فى إقناع الإدارة بأن تسليم السلطة للإخوان فى بلادهم يسهل ضرب الجماعات الإرهابية المسلحة دون أن يجرؤ على تفنيد اتهام الجماعة بأنها التنظيم الأم الذى خرج منه باقى التنظيمات الأخرى بما فيها تنظيمات التكفير والتفجير.

وفى خطوة لاحقة سعى حسين إلى إيهام الإدارة بالتفاهم مع التنظيمات الجهادية لتحييدها واحتضانها بدلا من مواجهتها.

ولثقة أوباما فيه أضاف إلى مهامه مبادرات الحوار بين الأديان والمفاجأة أن هذه المبادرات دعت إليها الجماعة فيما سمى برحلة تشييد الجسر التى نظمها سهيل خان وثيق الصلة بالإخوان الذى سبق أن خدم فى الحكومة الفيدرالية (وزارة المواصلات) وشارك فى هذه الرحلة ثمانية إسلاميين أمريكيين بارزين بجانب هانا روزينتال مبعوث الولايات المتحدة الخاص لمراقبة معاداة السامية ومكافحتها.

أشرف حسين على تشييد الجسر تحت مسمى عملية استنبول فى يوليو عام 2011 حين بدأ هذا المشروع الدبلوماسى فى عاصمة الخلافة العثمانية وكان يضم منظمة التعاون الإسلامى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى فى محاولة لتكييف متطلبات الإسلاميين بوضع قيود على الانتقادات التى توجه إليهم بسبب العنف ضد المرأة واضطهاد المسيحيين.

وبرزت فى إدارة أوباما شخصية إسلامية ثالثة هى داليا مجاهد التى عينت فى المجلس الاستشارى بالبيت الأبيض فى عام 2009 لتختص بقضايا الإسلام والشريعة.

جاءت داليا من مصر إلى الولايات المتحدة وعمرها 4 سنوات وحصلت على شهادتها الجامعية من جامعة ويسكونسن وعلى درجة الماجستير فى إدارة الأعمال من جامعة بيتسبورج وعينت مديرا تنفيذيا وكبير المحللين فى مركز جالوب للدراسات الإسلامية المتخصص فى استطلاعات الرأى.

فى سبتمبر 2008 دافعت داليا عن اثنتين من أهم جبهات الإخوان فى الولايات المتحدة : الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ووصفت تقرير المباحث الفيدرالية بأنهما منظمتان إرهابيتان بأنه عار من الصحة.

وظهرت داليا فى المؤتمر السنوى الرابع والثلاثين للمجلس الإسلامى لشمال أمريكا وهو جماعة طالما دعمت الشريعة ودافعت عن الجهاد وأدرج اسمها فى قائمة المنظمات الإخوانية التى قدمتها المباحث الفيدرالية للجهات المختلفة فى إدارة أوباما.

وحسب ما صرحت به فإنها تستخدم حدسها العام ــ أكثر من الأدلة ــ من أجل جالوب للتوصل إلى نتائج تفصل بين التدين والتطرف لتدعم النظرية السياسية التى اقنعت بها إدارة أوباما: إن الطريقة الوحيدة التى يمكن بها محاربة الإرهاب هى تمكين الناس الذين يحاولون تنفيذ التغييرات نفسها بوسائل غير عنيفة وإبلاغ العالم بأن هذا ممكن.. وكأنها تقصد : إذا لم تعطوا مؤيدى الجهاد والشريعة غير العنيفين ما يريدونه فإنكم ستمكنون مؤيدى الجهاد والشريعة العنيفين.

ونشرت داليا هى وأستاذها جون إسبينوز ــ رئيس مركز الوليد بن طلال فى جامعة جورج تاون ــ كتابا بعنوان من يتحدث باسم الإسلام ؟ وصفت الميديا الأمريكية ما به من معلومات بأنها مطبوخة ودللت على ذلك بما عبرت عنه داليا بقولها: إن استهداف المدنيين فى الولايات المتحدة (دولة الحريات) يصل إلى 6% من تعداد السكان فيها بينما استهداف المدنيين فى لبنان وإيران ومصر يتراوح ما بين 2 و4% فقط.

ويعترف لى سميث خبير الشرق الأوسط فى كتابه «حصان القوى السلطة وتضارب الحضارات العربية» بأن داليا هى الشخص الذى كان الأكثر نفوذا فى توجيه إدارة أوباما عند اتخاذ القرارات السياسية التى تخص الشرق الأوسط حيث يمكنها هى وحدها أن تدخل البيت الأبيض بشكل منتظم لعضويتها فى مكتب شراكة الإيمان والجوار. وهى أيضا عضو فى فريق العمل المختص بمكافحة التطرف العنيف فى وزارة الأمن الداخلى ومسئولة عن اختيار المدربين الذين ينظمون دورات المكافحة وفى كثير من الأحيان كان بعضهم على صلة وثيقة بالإخوان.

وحسب ما نشرت وول ستريت جورنال فى فبراير 2012 فإن داليا استخدمت استطلاعًا لجالوب يؤكد أن 54 % من المصريين ــ بما فى ذلك أعضاء الأحزاب الإسلامية ــ يعطون أولوية للحلول الاقتصادية على حساب الحلول الدينية.

ووجدت إدارة أوباما فى مثل هذه البيانات مبررا لمساعدة الإخوان الذين كانوا يسيطرون على البرلمان فى مصر ومنحت الحكومة المصرية نصيبها من المعونات الأمريكية دون شروط مسبقة.

ونافس داليا مجاهد فى التأثير على إدارة أوباما لا يقل عنها حماسا للإخوان هو محمد ماجد وهو سودانى المولد هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1987 ولا ينكر أنه رجل دين تلقى تدريبه فى مصر على يد قيادات إخوانية.

وهو إمام مركز مجتمع مسلمى منطقة دالاس فى ستيرلنج حيث يتبع المركز سبعة فروع فى فيرجينيا الشمالية، مما جعله واحدا من أكبر مجمعات المساجد فى محيط العاصمة كما أن الدعاة فيه لا يكفون عن المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية فى الولايات المتحدة نفسها.

ويعد ماجد من أمهر ممارسى التقية للظهور فى صورة الإمام المعتدل والمتسامح ونجح فى تحسين علاقته بشخصيات مؤثرة فى الدفاع والخارجية والنيابة العامة وحتى الرئيس نفسه.

ويدير ماجد أكبر جبهة للإخوان فى الولايات المتحدة (الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا) ولكنه يبعد عن نفسه وعنها الاشتباه بالتعاون مع المباحث الفيدرالية بتقديم معلومات عن خصومه فى تنظيمات إسلامية أخرى.

ونجح ماجد بإقناع مدير المباحث الفيدرالية روبرت مولر بوجوب مراجعة ملفاتها والتخلص من الوثائق التى تدين الإخوان وأعلن مولر فى 8 فبراير 2012 تطهير أرشيفه من 700 وثيقة خاصة بنشاط الإخوان مقابل معلومات قدمها ماجد عن متطرفين قبض عليهم.

وقبل ذلك فى أكتوبر 2011 عانق توماس بيريز مساعد النائب العام للحقوق المدنية ماجد على مسرح جامعة جورج واشنطن، ولكن جلس صامتا عندما طالبت سحر عزيز ــ مساعدة ما جد فى الجمعية ــ بوضع قيود على سلطة المحققين فى مجال الإرهاب ومنع التدريب على مكافحة الإرهاب واعتبار نقد الإسلام تمييزا عنصريا.

وساعد ما جد فى تحصير خطاب أوباما الذى ألقاه فى وزارة الخارجية بحضور الشخصيات المرموقة وبالطبع حضر إلقاء الخطاب.

وتضمن تقرير فرانك جافنى الكثير من الوقائع الأخرى التى تثبت تورط إدارة أوباما فى نوع من الزواج العرفى مع التنظيمات الإخوانية فى بلاده ويمكن وصف جافنى بالتشدد فى معاداة الإسلام السياسى ولكنه كان على حق فى أن الإخوان سيطروا على عقل أوباما ووجهوا سياساته نحو الشرق الأوسط ــ بعد ثورات الربيع العربى لصالحهم وهو ما قرب جافنى من ترامب واختاره مستشارا أمنيا له، كما دعاه للتعاون مع عضو الكونجرس تيد كروز فى تقديم الأدلة القانونية التى يريدها لإقرار مشروع قانونه الذى يسعى لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية وهى قصة أخرى.