د.دينا أنور تكتب: #التعدد_شرع.. "نخاسة" بيع الرجال في سوق المتعة..!

مقالات الرأي

د.دينا أنور
د.دينا أنور


يبدو حقاً أن هذا المجتمع أمعن في ظلم المرأة باسم الشرع والتقاليد إلى حد أن جعلها سجيناً  أدمن سجنه وأقنع نفسه بمحبة سجانه، المرأة العربية في الأغلب لا تكاد ترى نور الشمس عبر نافذتي نقابها الضيقتين، وتناست منذ طفولتها إحساس الهواء وهو يداعب خصلات شعرها ويبعثرها يميناً وشمالاً لأنها تغطي شعرها منذ أكثر من نصف سنوات عمرها تقريباً وربما منذ نعومة أظافرها .
والجديد الآن هو إطلاق حملة عبثية على مواقع التواصل الإجتماعي، تطالب الزوجات فيها بالخطبة لأزواجهن، والبحث لهم عن زوجات صالحات من محيط أصدقائهن ومعارفهن تحت شعار "التعدد شرع".

والحملة وإن بدت إستفزازية ومنفرة للكثير من السيدات الطبيعيات اللواتي يحملن بداخلهن مشاعر الغيرة والرغبة في الزواج بمفهوم السكن والشريك والحبيب وليس فقط مجرد الزواج لأداء الجنس بعقد شرعي، إلا أنني رأيتها حملة استعراضية مثيرةً للشفقة، ويا لها من إهانة أن أدهس كرامتي بحذائي، وأقنع نفسي عنوة أن شرعي وديني يجبرونني على إيذاء نفسي وجرح مشاعري .

هؤلاء السيدات مثيرات للتعاطف حقاً، لقد وصل بهن اليأس والألم إلى حد تقبل مسببات هذا اليأس ومرارة هذا الألم وأوجاعه، من يدري كيف تم إجبارها عنوة على تقبل امرأة أخرى في حياة زوجها، ليس في محيط العمل ولا العائلة ولا الجيران، بل في فراش مثل فراشها وبعقد زواج كعقدها وبحقوق كاملة كحقوقها، وليس لها حق الإعتراض، بل واجب عليها التظاهر بالسعادة وتقديم التهاني والإحتفال بتطبيق الشرع على حساب مشاعرها وكرامتها وإنسانيتها، ما هذا العبث والهراء؟!

أكاد أجزم أن جميع هؤلاء السيدات اللواتي يدعمن الفكرة ويؤيدنها هن سيدات مقهورات بسبب تعلق أزواجهم بالنساء ورغبتهم المستمرة في تبديل الزوجة بناءً على الرخصة الدينية والمباركة المجتمعية، وتقول في قرارة ذاتها " ما دام هو كده كده هيتجوز عليا، أخطب له أنا واحدة أعرفها واختارها له أحسن ما يروح يجيب لي واحدة ما أعرفهاش"، ويحاولن التعتيم على هذا القهر بإظهار القبول والرضا، بل وصل بهن عدم الإتساق النفسي إلى حد التظاهر بالقوة والرغبة في نشر تلك الآفة في المجتمع ككل من باب أن المساواة في الظلم عدل..! وربما نظراً لإفراطها في التعبد والتصوف إلى حد الزهد والاستعفاف عن ممارسة العلاقة الحميمة مع الزوج وربما عدم القدرة على ممارستها، فتلجأ إلى هذه الحيل الرخيصة للهروب من واقعها المؤلم.

وإذا تحدثنا عن الشق الرجالي الذي غالباً ما يظهر فرحةً وغبطةً لمثل تلك الدعوات المشبوهة، نظراً لما يعانيه المجتمع من هوس جنسي وتسليع للمرأة، إلا أن حملة "التعدد شرع" تضع الرجل الذي يقبل بذلك في نفس حيز التسليع والإستغلال من منظور المتعة فقط، إذ يبدو فيها الرجل كبضاعة تنتظر من يروج لها، بل إن المهين أن من تروج له هي زوجته التي من المفترض أن تحبه وتغار عليه من أي سيدة أخرى تقترب منه فقط، ويظهر الأمر في شكل كوميدي وكأن لسان حالها يقول "اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور"، والذي يتبادر للذهن أكثر في هذا الموقف هو المثل الشعبي الشهير القائل "لو كان فيه خير ما كان رماه الطير"، أي أن سيادتك وصلت إلى درجة من الرخص إلى حد التدليل عليك في سوق النساء يا حضرة الحاج متولي، وزوجتك تعطيك بيدها إلى زوجة أخرى لتتقاسم معها مسؤولياتك وأعبائك وخصالك السيئة التي لا طاقة لسيدة واحدة أن تتحملها، شوفت استهتار أكتر من كده..!

هؤلاء الأشخاص المشوهون يعيثون في المجتمع فساداً، يبثون سموم عقدهم النفسية في آذان المجتمع لأنهم لا يتحملون أن يكون في المجتمع بعض النماذج السوية التي تذكرهم بواقعهم المؤلم، ويستخدمون الشرع دائماً في التعتيم على رغباتهم المريضة، فالزواج ليس عقداً لممارسة المتعة مع نساء متعددات، الزواج شراكة ومحبة وتفاهم بين طرفين قررا أن يعيشا في بيت واحد لمزيد من التقارب وبهدف تكوين أسرةٍ وإنجاب أطفال وتأسيس حياة كاملة، وعندما يستشعر طرف تغيراً في المشاعر أو بروداً عاطفياً تجاه الطرف الآخر، وجب عليه التفاهم والبحث عن أسباب هذا الخلل، وإلا فإن الإنفصال هو الحل الأمثل للحفاظ على الأواصر الموجودة والإبقاء على الذكريات الطيبة، أما هذا الترقيع المسمى بـ"تعدد الزوجات" والذي لا يزيد ثوب الزواج سوى قبحاً وتشوهاً، فليس مقبولا أن يتم نشره بمثل تلك الحملات "الإخوانوسلفية" التي تريد نشر الأفكار الوهابية وعادات المجتمع البدوية في وطن مثل مصر، لذلك يجب التصدي لهذه الأمراض المجتمعية قبل تفاقمها أكثر من ذلك، فوالله لقد سئمنا العودة إلى الوراء ونبش المفاهيم المتخلفة ومحاولة طفوها على سطح المشهد المجتمعي في غياب واضح وربما متعمد للدولة والأجهزة المعنية بتوعية المجتمع والحفاظ على ثقافته.