عادل حمودة يكتب: كيف نضمن تمرير قانون أمريكى يصنف الإخوان منظمة إرهابية؟

مقالات الرأي



وزيران للخارجية ومستشار سياسى لخمسة رؤساء أمريكيين ونواب فى البرلمان يتحدثون: 
كيف نضمن تمرير قانون أمريكى يصنف الإخوان منظمة إرهابية؟

■ السيناتور تيد كروز متبنى التشريع يستند إلى 11 وثيقة جمعها رجاله فى لقاءات مع أجهزة أمن مصرية

■ جمال هلال: الأرضية خصبة فى الكونجرس والبيت الأبيض لكن الأهم تقديم أدلة قانونية لا اتهامات إعلامية

■ مطلوب شخصيات إخوانية منشقة لكشف إرهاب الجماعة فى جلسات الاستماع التى تسبق إقرار الكونجرس للقانون

■ محمد العرابى: الملفات التى قدمتها الخارجية جيدة ولكننى أخشى أن يكون المقابل سكوتنا عن نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس

■ ترامب يلتقى ملك الأردن فى حفل إفطار ليكون الرئيس المصرى أول حاكم عربى يدخل البيت الأبيض فى عهده


لم يعد لشعراء العشق.. عيش.

أصبح عيبا عليهم أن يثرثروا فى رومانسية الحبيبة ويتغزلوا فى حرير يديها وخوخ شفتيها والنار التى تأكل العالم وصلت إلى ثيابهم وقصائدهم.

تحولت الشعوب إلى وحوش سياسية.. ما لم تفسر لها ما يجرى حولها.. أكلتك.

انتهى زمن الكتابة بالشيكولاتة.

بهذه المعانى الخشنة أجمع خبراء العلوم الاستراتيجية فى الغرب على أن الدنيا تعيش انقلابا حادا يصعب على سكانها معه أن يختبئوا تحت لحاف اللامبالاة بعد شرب فنجان يانسون ويغطون فى سبات عميق فى انتظار عودة التاريخ.

ورغم أن الزلزال سجل اهتزازات محتملة لم نشعر بها فى دول متفرقة على الخريطة فإنه وصل إلى ذروته عندما وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

قلب المقاول المقامر المائدة على محتكرى الحكم فى بلاده وألقى بالزفت الساخن على وجوه خصومها فى الداخل والخارج دون أن يلقى بالا بسيمفونية الصراخ والغضب التى راحت تتفجر من حوله مثل موسيقى حسب الله الرابع عشر.

جاءت جماعة الإخوان التى تتوارى وراء 28 منظمة خيرية وطلابية وإسلامية فى الولايات المتحدة على رأس قائمة الأعداء.

إنها أصل الإرهاب والرحم الكبير الذى خرجت منه كل التنظيمات الجهادية المسلحة والقضاء عليها يقتلع الشر من جذوره فلم لا تصنف واقعيا على أنها منظمة إرهابية؟

وما يثير الحزن أن خبراء الخارجية المصرية راهنوا على منافسته فى الانتخابات الرئاسية هيلارى كلينتون رغم أن فوزها كان سيصبح كارثة يصعب علينا تجاوزها، لكن من حسن الحظ أن جهات أخرى مؤثرة فى صنع القرار سعت إلى ترامب مبكرا وسهلت له كثيرًا من العقبات التى كانت تقف فى طريقه داخل كواليس الحكم فى الشرق الأوسط فلم ينس ذلك لنا.

وربما.. لهذا السبب سيكون الرئيس عبدالفتاح السيسى أول حاكم عربى يستقبل استقبالاً رسميا فى واشنطن بعد أيام قليلة من زيارة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو بعد شهور قليلة.

صحيح أن العاهل الأردنى الملك عبد الله سبق بالوصول إلى العاصمة الأمريكية لكن صحيح أيضا أنه لم يدخل البيت الأبيض ليجرى مباحثات رسمية مع ترامب واكتفى البروتوكول الذى بدا غريبا هذه المرة بلقاء مع نائب الرئيس مايك بنس وبدقائق معدودة مع الرئيس فى حفل إفطار الصلاة الوطنية وهو حفل سنوى يجمع بين أقطاب السياسة ودعاة الدين على مائدة واحدة.

ولتنشيط الذاكرة الضعيفة فإن القاهرة استقبلت قبل الانتخابات الأمريكية الأخيرة جنرالات أصبحوا فيما بعد مسئولين فى إدارة ترامب منهم مستشار للأمن القومى مارك فلين ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو ووزير الدفاع جيمس ماتيس والتقوا الرئيس ووزيرى الدفاع والخارجية ومستشارة الأمن القومى وسمع مسئولونا الكبار منهم ما يؤكد إيمانهم بأن الإخوان منظمة إرهابية وأن طالبوا فى الوقت نفسه بتحالف إقليمى يضم مصر وإسرائيل ودولاً عربية أخرى لوضع ترتيبات جديدة للمنطقة.

وزار مصر أيضا عدد كبير من أعضاء الكونجرس.. أكثرهم شهرة بالنسبة لنا تيد كروز.. مقدم قانون إدراج الإخوان على قوائم المنظمات الإرهابية.

وتيد كروز أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سنا.. جذوره إسبانية كوبية.. ولد فى كندا.. درس الفنون لكنه اشتغل بالمحاماة بعد دراسات عليا فى القانون.. وكان النائب العام لولاية تكساس قبل أن يمثلها فى الكونجرس.

وقبل أن يصل ترامب للحكم قدم مشروع قانونه بعد أن جمدت إدارة أوباما مشروع قانون مماثلاً سبق أن تقدم به السيناتور الجمهورى ماريو دياز بالارت.

وقد أرسل كروز مستشاره السياسى وسكرتيرته إلى مصر ليلتقيا أجهزة الأمن المختلفة بحثا عن مستندات قانونية يستخدمها فى إثبات أن الإخوان منظمة إرهابية.

وحسب معلومات جمعتها من مصادر مختلفة فإن كروز أرفق بمشروع القانون (11) وثيقة تثبت أن الإخوان جماعة تؤمن بالعنف وتسعى إلى تحقيق أهداف مدمرة.

وكروز شخصية قوية نجح فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى لاختيار مرشحه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

لكن.. الأهم أن كروز يصنف مسيحيا متشددا فى أيديولوجيته السياسية المحافظة ما يعنى أنه سيصر على القانون ليس حبا فينا وإنما كرها فى الجماعة ودعما لمبادئه المؤمن بها.

ويرى جمال هلال المستشار السياسى السابق لرؤساء الولايات المتحدة من ريجان إلى أوباما أن هناك أرضية سياسية مناسبة لإقرار هذا القانون فأغلبية أعضاء الكونجرس من الحزب الجمهورى، كما أن الرئيس الحالى ينتمى لنفس الحزب.

وحسب خبرة وزير الخارجية السابق نبيل فهمى الذى قضى فى وشنطن تسع سنوات سفيرا لمصر فإن أمام الكونجرس ثلاثة احتمالات إزاء قانون كروز :

أن يكتفى بأن يكون مجرد تحذير من الإخوان وفى هذه الحالة لا يكون القانون ملزما.

أو أن يكتفى بوصف الجماعة بأنها منظمة إرهابية دون أن ينص على إجراءات عقابية مكملة وفى هذه الحالة لا تعانى الجماعة إلا بالنبذ.

أو يصدر القانون بإدراج الجماعة فى قائمة المنظمات الإرهابية على أن تنص بنوده على إجراءات عقابية مثل منع قادتها وشخصياتها البارزة من دخول الولايات المتحدة وتجميد أنشطة المنظمات التابعة لها ومنع أنشطتها وسجن أعضائها إذا ما عادوا إلى ممارسة نشاطهم.

ويتوقع وزير الخارجية الأسبق محمد العرابى أن يشن الحزب الديمقراطى والميديا المناصرة له والمنظمات الحقوقية حملة مضادة للقانون بدعوى عدم تصنيف البشر أو حرمانهم من ممارسة الأنشطة العامة.

وفى الوقت نفسه استشعر كثير من قيادات الإخوان الخطر مبكرا فنقلت نشاطها من الولايات المتحدة إلى كندا وأرسلت أوراق الهجرة إليها عبر تركيا وليس عبر الولايات المتحدة وبريطانيا، كما كان الحال فى السابق.

وكان العرابى (الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية فى مجلس النواب) قد سافر إلى واشنطن أكثر من مرة بعد فوز ترامب بالرئاسة لمراجعة الملفات التى قدمتها السفارة المصرية فى العاصمة الأمريكية منذ شهور وتسعى إلى إثبات أن الإخوان جماعة إرهابية.

وحسب ما سمعت منه فإن قانون كروز وصل إلى اللجنة التشريعية فى الكونجرس وإن توقع ألا يناقش قبل شهور بعد أن تدرس الإدارة الآثار السلبية له وتحسب الثمن الذى يمكن أن تدفعه من ردود الفعل المتوقعة.

لكن.. الأهم حسب جمال هلال أن يعتمد القانون على أدلة وأسانيد قانونية وإلا مات قبل أن يولد.. واقتصر تجريم الإخوان على التجريم السياسى والتجريح الإعلامى.

وهنا.. يجب على مصر التأكد من دقة المستندات التى قدمتها إلى كروز وتضيف إليها ما تملك من سجلات دقيقة وشهادات حية.. ويمكن أن تقدم نسخة منها إلى وزارة العدل الأمريكية بجانب النسخة التى ستصل إلى الكونجرس.

ويرتكن كروز فى ضربته الأولى إلى أن حماس المصنفة إرهابية فى الولايات المتحدة تعترف فى ميثاق تأسيسها أنها جزء من الإخوان ومن ثم يمكن الربط بينهما.

وبخبرة جمال هلال فإنه إذا كانت الملفات التى قدمت لا ترقى إلى مستوى إقرار القانون فعلينا الآن تكليف عدد من المحامين والصحفيين لتجهيز ملفات أفضل بجانب أن يلتقى المسئولون فى الحكم بنظرائهم الأمريكيين للشرح والتفسير والتأكيد استكمالا للملفات القانونية.. ويمكن أن تلعب شخصيات عربية حاكمة الدور نفسه.

ويرشح محمد العرابى لهذه المهمة سفير الإمارات فى واشنطن يوسف العتيبة الذى يعتبره أكثر الدبلوماسيين العرب تأثيرا هناك.

بجانب ذلك يقترح جمال هلال سفر شخصيات عامة بعضها انشق عن الإخوان للتحدث فى جلسات استماع تمهد للقانون.

وكان وفد برلمانى مصرى قد التقى وليد فارس مستشار ترامب فى الحملة الرئاسية على هامش حضور الرئيس اجتماعات الجمعية العامة وسمعوا منه - حسب ما عرفت من النائب طارق الخولى - ما يؤكد رغبة مرشحه فى إقرار القانون مهما كانت الصعوبات والتحديات.

واختار وفد آخر من مجلس النواب والشخصيات العامة السفر إلى الولايات المتحدة يوم 21 يناير، اليوم التالى لتصيب ترامب لكن لصعوبة الالتقاء بشخصيات أمريكية مؤثرة فى هذا التوقيت تأجلت الزيارة إلى مارس القادم.

ويضم الوفد من النواب طارق رمضان وداليا يوسف وطارق الخولى وعلاء عابد ومحمد السلاب ورشا رمضان وأسامة هيكل الذى لم يكن متحمسا لضم شخصيات عامة للوفد.

أما الشخصيات العامة التى رشحت للسفر فهى منى عمر المساعد السابق لوزير الخارجية وداليا زيادة الناشطة الحقوقية ودولت سويلم المصرية المقيمة فى الولايات المتحدة وإبراهيم نجم مستشار المفتى ورجل الدين المسيحى القس راضى السكندرى.

ومهمة الوفد التمهيد لزيارة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال وسيمكث الوفد يومين فى نيويورك وخمسة أيام فى واشنطن.

وبالقطع سيناقش الوفد خطورة التنظيم العالمى للجماعة ولكن هل سيحمل معه ما يدلل به على كلامه بما يقنع الطرف الآخر؟

وحسب مصادر فى الخارجية فإنها أرسلت إلى واشنطن تقريرا كتب بالإنجليزية والفرنسية يتعرض للدعم المالى الذى يلقاه التنظيم الدولى للإخوان من قطر وتركيا ونسب التقرير بعض مصادر التمويل إلى تجارة السلاح وغسل الأموال.

ولا شك أن انتماء الحكم فى تركيا إلى التنظيم الدولى للجماعة يجعل الإدارة الأمريكية تتمهل فى إقرار قانون كروز بسبب عضويتها فى حلف الناتو.

كان فلين قد استقال من منصبه (مدير استخبارات الدفاع فى عهد أوباما) محتجا على عدم تنفيذ رؤيته فى مواجهة الدول المتشددة إسلاميا مثل تركيا لكنه أعاد النظر فى رؤيته بعد أن نالت شركته التى أسسها بعد التقاعد لتقديم الخدمات الاستخباراتية عقدا من تركيا.

على أن أهم ما يخشاه أعداء الإخوان فى المنطقة العربية أن يكون مقابل تمرير قانون كروز قرصًا مخدرًا يسمح لترامب بنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس, حسب ما يخشى محمد العرابى.

هل ستنقل السفارة الأمريكية فعلا إلى القدس؟

الإجابة ليست سهلة وتستحق مزيدا من الوقت للبحث والتدقيق.