صوفيا إسماعيل تكتب: قاعدة الحب استثنائيته

ركن القراء

الكاتبة صوفيا إسماعيل
الكاتبة صوفيا إسماعيل


جرى العرف إن لكل قاعدة استثناء، ولذلك رأيت إن قاعدة الحب هي استثنائيته، وهذا إذا اعتبرنا إن للحب قواعد أو شروط يخضع لها، فالحب يصيبنا كسهام القدر دون ميعاد أو ترتيب، ولا ننتبه لوجوده إلا بعد اصابتنا به،وفي الوقت الذي نخشى فيه أن نكون وقعنا في الحب، وهو الوقت الذي نتأكد منه اننا وقعنا وتمكن من الحب ومن قلوبنا الضعيفة.

يقولون "إن معجزة الحب تكمن في عشق العيوب"، أعتقد إن هذا هو أحد أهم الأستثناءات في الحب، هو إن نعشق العيوب أو نتقبلها، ويكون بداخلنا إيمان قوي إن الله عز وجل لم يخلقنا متشابهين ولكن خلقنا مختلفين، وفي اختلافنا رحمة، وخلقنا الله لنكمل بعض.

علاقتنا بعالم الحياة الأخرى أو الموت، أرى إنه علاقة حب استثنائية، "أن يعيش الإنسان على ذكرى شخص رحل جسده عن الحياة الأرضية، ولكن الروح مازالت تنعم مع محبيها وتشاركهم أفراحهم، وتمسح دموع أعينهم في أوقات الحزن والآسى.

السيدة زليخة، وحبها الشديد لسيدنا يوسف عليه السلام، وما فعلته به حتى يشعر بحبها، فدبرت له المكائد، وزجته في السجن، فلبث في السجن بضع سنين، فقصة الحب هذه لم تأخذ حظها من الشهرة، مثل عنتر وعبلة، وقيس وليلى، وروميو وجوليت، ولكنها لم تقل عظمة عنهم جميعا، ولكن هنا الفرق إن الحبيبة اتخذت كل السبل حتى تصل لمحبوبها، وحتى وإن كانت لحقت به الضرر في أغلب الأحيان، ولكن نرى في النهاية إن حكمة الله تعالى بأن يصبح سيدنا يوسف ملك مصر، ويشكر السيدة زليخة بعد ذلك، لأن البلاء التي تسببت له فيه، كان أول طريق النجاة والنصرة، ولقاء سيدنا يعقوب وأخوته، وتحقق رؤياه التي رأها عندما كان صغيرا.

وأيضا حدث الأستثناء في حكايات ألف ليله وليله، عندما علمت شهر زاد حكاية الفتيات اللاتي قتلهم الملك شهريار، فبدأت تتحايل عليه، في حكاياتها التي كانت ترويها عليه كل ليله، في عدم وضع نهاية لأي حدوتة، حتى أصبحت الفتاة الوحيدة التى لم يقتلها.

كما يمكننا أن نقول إن علاقة العشق والحب بين العبد وربه علاقة استثنائية، لأن لكل منا طريقة في التعبير عن عشقه، فالبعض يراها في الصدقة، وآخر في الصلاة، وآخر في حلق الذكر، فطرق الوصول إلي الله كثيرة، ولكن في البداية حدد هدفك ومطلوبك مع الله، ووحد دعاءك وطلبك ورجاءك، فإلهي أنت مقصودي، ورضاك هو عين مطلوبي.

فحالات الحب الاستثنائية، يكون القلب فيها هائم كالدرويش التائه في حلقات الذكر، أو كالقائم في محراب الصلاة، لا إعمال للعقل، ولكن الوجدان والأحساس هو بطل الموقف.

فالحب غير منكر في الأديان ولا محظور في الشريعة، هكذا قال ابن حزم الأندلسي، في كتابه طوق الحمامة، الذي كان يحكي قصص العشاق.

ونار الحب هي عين الجنة، كما قالت أم كلثوم في أغنية ألف ليله وليله 
يا حبيبي الحب حياتنا وبيتنا وقوتنا
للناس دنيتهم واحنا لينا دنيتنا
وإن قالوا عن عشاقه، بيدوبوا في نار أشواقه
أهي ناره دي جنتنا
والحب عمره ما جرح، ولا عمر بستانه طرح غير الهنا وغير الفرح.