د. نصار عبدالله يكتب: انتهى معرض الكتاب.. فمتى يبدأ الحساب؟

مقالات الرأي



فى العاشر من هذا الشهر «فبراير» أنهى معرض الكتاب دورته الثامنة والأربعين التى شهدت إقبالا يفوق السنوات الماضية.. لا أعرف كم بلغ عدد الزوار بطبيعة الحال وإن كنت قد قرأت فى إحدى الصحف أنه فى ضوء عدد التذاكر المبيعة وفى ضوء عدد السيارات التى سمح لها بالدخول فإنه يتراوح ما بين ربع المليون إلى ثلاثمائة ألف زائر يوميا، وأظن أن هذا الرقم فى حدود ما لمسته بنفسى فى الأيام التى قدر لى أن أتجول فيها فى المعرض لا يتجاوز الحقيقة كثيرا...وإن كان جانب كبير من الزائرين هم من زوار الفسحة أو الفرجة وليسوا من جماهير الثقافة أو الكتاب بدليل أن هذه الجماهير الغفيرة لم تترجم عمليا إلى زيادة ملموسة فى حجم المبيعات كما أكد لى أكثر من ناشر ممن تربطنى بهم صلة وثيقة، صحيح أن ارتفاع سعر الورق نتيجة لارتفاع سعر الدولار مع ارتفاع تكاليف الطباعة عموما قد ترتب عليه زيادة سعر الكتاب ومن ثم إحجام القارئ عن شرائه.. غير أن هذا لا ينفى القول بأن جانبا كبيرا من الزائرين ليسوا من جماهير الكتاب، لأن القراء الذين اعتادوا على رصد جانب من ميزانيتهم أيا ما كان مقدارها لاقتناء الكتاب سوف يستمرون رغم ارتفاع الأسعار فى الشراء، وكل ما فى الأمر أنهم سوف يشترون كتبا أقل عددا مما اعتادوا عليه نتيجة لزيادة الأسعار، أضف إلى ذلك أن الهيئة العامة للكتاب لا تزال تبيع مطبوعاتها فى الأعوام السابقة بنفس السعر الذى كانت تباع به وقت صدورها، بل إن المطبوعات الأقدم قليلا قد شملها هذا العام خصم قدره خمسون فى المائة من سعرها «الذى هو منخفض أصلا إذا ما قورن بدور النشر فى القطاع الخاص»،... وبمناسبة انخفاض أسعار إصدارات الهيئة «ربما عن سعر التكلفة فى بعض الحالات» وهو انخفاض يتحمل المواطن المصرى العادى فاتورته النهائية بغض النظر عن كونه من الذين اعتادوا أن يقتنوا الكتب ويخصصوا لها جانبا من ميزانيتهم ،أم من الذين لم يشتروا فى حياتهم كتابا ثقافيا بل وربما لم يشتروا كتابا من أى نوع كان باستثناء الكتب الدراسية والمدرسية، بمناسبة هذا الانخفاض الذى يضاعف من عبئه على المتحمل النهائى للفاتورة «المواطن العادى» يضاعف منه ذلك الخصم الكبير الذى حددته الهيئة على إصداراتها القديمة نسبيا، وهو خصم لا يضاهيه سوى ما يمنحه المركز القومى للترجمة لشرائح الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات على جميع إصداراته الحديثة والقديمة على حد سواء، ولما كان المركز القومى تابعا بدوره لجهة حكومية هى وزارة الثقافة فإن المواطن العادى باعتباره دافعا للضرائب هو الذى سيتحمل أيضا عبء الفاتورة النهائية لقيمة الخصم وإن قلل من عبئها عليه فى هذه الحالة أن أسعار إصدارات المركز القومى للترجمة أعلى بكثير من أسعار إصدارات الهيئة العامة للكتاب، رغم أن كليهما تابعان لوزارة واحدة هى الثقافة التى تأتى ميزانيتها من مصدر أساس واحد هو جيب المواطن العادى!!...أعود إلى القول إنه بمناسبة ما ذكرناه فى السطور السابقة، أظن أن من حق المواطن العادى أن يعرف أين ذهبت، وإلى أين تذهب موارده؟.. وهل هناك كتب قد تم إصدارها مراعاة لخاطر جهة أو أشخاص بعينهم، بينما هى لا تخدم الشرائح القارئة من المواطنين فى شىء.. وما مصير تلك المطبوعات إن وجدت، وكم تم توزيعه منها وكم تم تكديسه فى المخازن، لكى تضطر الهيئة فى النهاية لأن تقرر ذلك الخصم الضخم سالف الذكر، من واجب الهيئة أن تنشر ولو على موقعها بيانا بكل هذه المعلومات.