مصطفى الفقى: "تيران وصنافير" أثرت على دور مصر والسعودية المحورى فى الشرق الأوسط

العدد الأسبوعي

مصطفى الفقي
مصطفى الفقي


أكد أن فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية "فأل خير"

■ إيران وتركيا وروسيا استغلت انشغال الطرفين بالجزيرتين وتحكمت فى الأزمة السورية

■ حرب اليمن «فخ» وعلى السعودية إنهاؤها

■ "ترامب" سيعلن قريبًا: القدس عاصمة إسرائيل

■ الأحزاب السياسية المصرية مُحبطة.. والوزراء الفنيون محدودو الرؤى.. والبرلمان يفتقد للتيارات


اعترف المفكر السياسى مصطفى الفقى، بأن العلاقات المصرية - السعودية فى طريقها للتعافى وأنها لم تتأثر كثيرًا بموقف جزيرتى تيران وصنافير الحساس، مؤكدًا أن الوقت كفيل بتهدئة الأوضاع على الأصعدة كافة، خاصة أن الخلاف بين الشقيقتين الكبيرتين استغلته تركيا وإيران وروسيا للانفراد بالحل فى الأزمة الروسية.

وأكد «الفقى» خلال حواره مع «الفجر» أن العلاقات الطيبة التى تجمع بين الرئيس السيسى وترامب ستساهم بشكل كبير فى تلطيف الأجواء المشحونة فى الشرق الأوسط بعد تصريحات الأخير العنصرية ضد العرب والمسلمين، وأوضح «الفقى» أن الأداء السياسى المصرى متخبط على المستويات كافة الحزبية والبرلمانية والوزارية.


■ كيف تابعت تطورات «تيران وصنافير» منذ البداية؟

- موضوع جزيرتى تيران صنافير شائك، وأعتقد أنه جوهر الخلاف بين مصر والمملكة العربية السعودية، ومن وجهة نظرى لم يكن الأمر موفقًا من البداية، وكان يجب فصله عن زيارة العاهل السعودى لمصر.

المشكلة الحقيقية فى الوثائق التاريخية التى أثبتت أن الجزيرتين مصريتان، بينما الدفوع القانونية التى استندت إليها الحكومة المصرية قبل توقيعها على الاتفاق تمنح الجزيرتين للسعودية، وتفاديا لهذ الجدل بين دولتين شقيقتين تربطهما علاقات كبيرة، أفضل أن يترك الموضوع الآن، على أن تسير العلاقات المصرية - السعودية فى مسارها الطبيعى، خاصة أن الموضوع الآن موجود بالبرلمان.


■ من وجهة نظرك.. أين يكمن الحل؟

- الوقت كفيل بحل الأمر برُمته، ومن المؤكد أن النفوس ستهدأ بالتدريج، وسيدرك كل طرف أين حقه تماما، وبذلك نتفادى هذه الخلافات الحساسة بين دولتين من أكبر دول العالم العربى، خاصة بعدما تطورت تداعيات الحكم القضائى الأخير بمصرية الجزيرتين بسرعة، والتى كان آخرها منع شحنات البترول المتفق عليها مع مصر، بالإضافة إلى زيارة مسئول سعودى لسد النهضة الإثيوبى، والتى اعتبرها المصريون تصرفًا عدائيًا بينما رآها السعوديون زيارة عادية ليس لها صلة بأى موقف مسبق تجاه مصر.

وحاليًا زاد الأمر تعقيدًا، فأصبح من يتحدث عن سعودية الجزيرتين خائنًا، ومن الممكن استثمار الجزيرتين بعد عدة سنوات فى مشروعات مشتركة بين الطرفين، وشخصيًا كنت أتمنى أن تعلن الحكومة المصرية عن وجود رأى عام شعبى ربما لا يوافق على اتفاقية ترسيم الحدود، مع اقتراح بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية للفصل فى الأمر.


■ ما تأثير قضية الجزيرتين على المنطقة؟

- الخلاف المصرى - السعودى ترك الساحة تمامًا أمام إيران وتركيا وروسيا للانفراد بالحل فى الأزمة السورية، ويجب أن ندرك جميعًا أهمية المحور المصرى - السعودى التاريخية؛ فالعلاقات المصرية الخارجية وكذلك السعودية عناصر توازن بالعالم العربى، ولا يجب أن يختل هذا التوازن على الإطلاق.

وأتصور أن العلاقات المصرية - السعودية فى طريقها للحل، وربما كانت تصريحات العاهل السعودى بمهرجان الجنادرية بالإضافة إلى بعض المواقف المصرية المرنة مؤشرًا واضحًا إلى ذلك، وفيما يخص علاقة مصر بدول الخليج العربى بصفة عامة فهى طيبة، وسامح شكرى وزير الخارجية المصرى زار مؤخرًا ثلاث دول خليجية، فعلاقتنا الخليجية غير قابلة للانقطاع.


■ ما تصوراتك لحل الأزمة السورية؟

- أتوقع أن تنتهى الأزمة السورية هذا العام؛ فالإجهاد سيطر على كل الأطراف وتم تدمير سوريا تقريبًا، وتحول شعبها إلى خليط من القتلى والجرحى واللاجئين، الحزن يعتصر القلوب على سوريا وشعبها فهى دولة عربية مهمة جدًا، وهناك توجه دولى الآن بشكل أو بآخر لوقف إطلاق النار بشكل مستمر هناك.

وأبدى أغلب الأطراف المؤججة للأزمة مرونة واضحة، فتركيا موافقة على وقف إطلاق النار وروسيا طالبت بذلك مؤخرًا وإيران ستستجيب، ومن وجهة نظرى فإن بشار الأسد جزء من الحل كما كان جزءًا من المشكلة، وعليه أن يقبل بما اتفق عليه الجميع بصورة غير رسمية، وأن يجلس على طاولة المفاوضات للوصول إلى حل نهائى.


■ فسر لنا ما يحدث فى اليمن؟

- باختصار هى فخ، وما كان يجب أن تسقط فيه قوات التحالف، فلم يشهد التارخ تحقيق انتصار عسكرى فى اليمن، وتجربة جمال عبدالناصر معروفة للجميع، فمصر خلال حرب اليمن الأولى 20 ألف شهيد علاوة على خسارة الأموال الطائلة، ورغم أن أهدافها كانت نبيلة، إلا أنها كانت أحد الأسباب الكبيرة التى ترتب عليها نكسة 1967.

اليمن بلد فقير وظروفه صعبة للغاية، واستمرار القتال فيه معناه استمرار المآسى، والحل لكل ما هناك يكمن فى التنمية والدعم الاقتصادى، ويمكن للشقيقة المملكة العربية السعودية أن تفعل ذلك، ومن وجهة نظرى هذا أفضل كثيرًا من الضربات الموجهة للحوثيين رغم علمى بأنهم مدعومون من إيران، فهذا أمر لا خلاف عليه، لكن لا يجب التصعيد أبدا على حساب الأرض اليمنية والشعب اليمنى.


■ تصريحات الرئيس الأمريكى الجديد «ترامب» دائمًا ما تثير التساؤلات.. كيف تستقبلها؟

- لا يمكن لأمريكا بلد الحريات التى ترفع تمثال الحرية بمدخل مدينة نيويورك أن تتحول بين ليلة وضحاها إلى دولة تعصب وعنصرية وإقصاء، فالبعض يطلقون عليها أرض الأحلام، ويلوذ بها كل هارب من اضطهاد دينى أو سياسى أو فكرى، كل ذلك لا يستقيم مع تصريحات دونالد ترامب العنصرية.

لا أعتقد أنه يستطيع تمرير سياساته على المدى الطويل، هو بدأ بالتصريحات التى كانت صادمة، فلقد سقط فى فخ صدام الحضارات وأتمنى أن يخرج من هذا المأزق سريعًا لأن الاستمرار بهذا النهج صعب للغاية، لأن بعض الذين تم منعهم من دخول أمريكا بعد تصريحات «ترامب» مؤيدون للسياسة الأمريكية تاريخيًا، فالرئيس الأمريكى الجديد يمارس سياسات غير إنسانية تدل على العنصرية والتطرف ولن تؤدى أبدًا لازدهار أمريكا بالصورة التى تعودنا عليها.


■ ماذا عن موقف «ترامب» السياسى من مصر؟

- موقف ترامب من الدولة المصرية أفضل بكثير من موقف هيلارى كلينتون، التى كان فى جعبتها الكثير من المتاعب لنا، فهى حليف أو شبه حليف لتيار الإسلام السياسى المتوغل فى الشرق الأوسط، خاصة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وفوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة يدعونا للتفاؤل، وعلينا ألا ننسى أنه فى النهاية رئيس أمريكى محكوم بمؤسسات تصنع القرارات السياسية، ولا نستطيع أن نتصور أن هذه السياسة يمكن أبدًا أن تتغير بتغير الأشخاص، خصوصًا أن موقفه الشخصى تجاه العرب بصفة خاصة والعالم الإسلامى عموما لم يكن إيجابيًا على الإطلاق.


■ لكن ردود الأفعال المصرية على فوز «ترامب» كانت إيجابية.. لماذا؟

- ربما تكون «الكيمياء» بين السيسى وترامب سببًا فى تلطيف الأجواء، وإن كنت أظن أن الأخير سيعلن قريبًا القدس عاصمة لإسرائيل، وفى هذه الحالة سوف تشجب مصر وترفض ذلك الإعلان؛ لأنها ملتزمة بميثاق جامعة الدول العربية، علاوة على التزامها تجاه القضية الفلسطينية.

ولا ينبغى أن نتناسى أن كل الإدارات الأمريكية كانت موالية لإسرائيل على الإطلاق، إلا أن ولاء ترامب لهم ربما يكون زائدًا بعض الشىء، لكن هذا لا يبرر أن تتوقف الاتصالات بين القاهرة وواشنطن، أمريكا دولة عظمى ومصر دولة مركزية محورية فى الشرق الأوسط، ولا بد أن يكون بينهما حوار متواصل ومستمر.


■ وزراء خارجية مصر لعبوا دورًا محوريًا فى عودة مصر لمكانتها مؤخرًا.. فما تقييمك لهم؟

- أظن أن نبيل فهمى أعاد مصر إلى حضن القارة الإفريقية، بعد عودتها إلى مظلة الاتحاد الإفريقى، وسامح شكرى حقق أيضًا العديد من النجاحات الدبلوماسية على الصعيد الإقليمى والإفريقى والدولى، حيث زار معظم دول شرق آسيا وأوروبا، ولا نستطيع أن نقول أبدا إن مصر محاصرة، وخير دليل على ذلك حصولها على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن بـ179 صوتا من أصل 192 صوتا، أغلبية غير مسبوقة.

أرى أن سياسات مصر الخارجية الآن أكثر استقرارًا مقارنة بما عانيناه فى الماضى القريب، لكنها محاطة بملفات شائكة، ليبيا فى الغرب ومياه النيل فى الجنوب والحرب على الإرهاب الدائرة بسيناء، يجب أن نعلم جميعًا حقيقة أن مصر تحارب فى ثلاثة اتجاهات فى وقت واحد.


■ وداخليًا.. كيف ترى الأداء السياسى حزبيًا ووزاريًا وبرلمانيًا؟

- عمل الأحزاب السياسى محبط للغاية، فهى منصرفة عن العمل العام، وهى مشكلة تاريخية تعانى مصر منها، ويبدو المسار العام للحياة السياسية الآن غير مشجع؛ فالجميع يدرك أن مشكلات مصر أكبر من أن يحتويها حزب سياسى، لذلك انصرف السياسيون إلى التصريحات الإعلامية التى أكدوا من خلالها أننا نمضى فى الطريق الصحيح رغم كل مصاعبه.

والمشكلة الحقيقية الآن تتلخص فى أن معظم الوزراء فنيون، وأنا من مناصرى الوزير السياسى على حساب الوزير الفنى، الذى قد لا يتمتع بالرؤية الكافية، حيث يكون محصورًا فى تخصصه فقط، أما أداء مجلس النواب فكان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك، فهو به تيارات سياسية تعبر عن تمثيل فئوى قوى للأقباط والمرأة والمصريين فى الخارج وذوى الاحتياجات الخاصة والشباب، لكن لا يوجد تيارات سياسية بالمعنى المفهوم، ولا يوجد يسار ويمين ولا قوى ناصرية.


■ ماذا عن عودة حركة السياحة لمصر؟

- السياحة تعود لمصر مرة أخرى ولكن ببطء نتيجة العمليات الإرهابية الأخيرة التى استهدفت ضرب الاقتصاد المصرى فى الأساس، ومعظم السياح أسيويون، وفيما يخص السياحة الروسية فعودتها مرهونة بضوابط الأمن فى المطارات المصرية، التى أصبحت سليمة تمامًا، ونحن جاهزون فى أى وقت لعودة السياح الروس.