شركة هندية تربح 898 مليون دولار من عملية "نصب" باسم القطن المصرى.. ووزير الصناعة يوقع اتفاقية معها بـ6 ملايين دولار!

العدد الأسبوعي

صناعة المنسوجات -
صناعة المنسوجات - أرشيفية


أسهمها ارتفعت 7٪ عقب توقيع الاتفاقية


تفجرت فى أغسطس الماضى، فضيحة تزوير لإحدى كبريات الشركات الهندية فى مجال صناعة المنسوجات، وتدعى "ويلسبن"، إذ تبين قيامها بعملية تحايل ونصب كبيرة على محلات شهيرة بالولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها، من خلال بيع منسوجات على مدار أعوام، تحت شعار 100% قطن مصرى طويل التيلة، بخلاف الحقيقة، وهو ما حقق لها مكاسب خلال العام الماضى تقدر بـ898 مليون دولار، كان ثلثها من المحلات الأمريكية وحدها.

بعد الكشف عن الفضيحة، خسرت تلك الشركة 42% من قيمتها السوقية، إذ اعترف مديرها العام (.....)، بأن الخطأ كان من جانبهم، ويجب أن يتحملوا المسئولية، وذلك بعد أن تم تحليل عدد ضخم من "ملاءات السرير" التى تنتجها الشركة، تبين أنها لا تحتوى على القطن المصرى، كما هو مدون عليها، لتبرير بيعها بسعر مرتفع جداً.

أحدثت القضية جدلاً كبيراً فى الأسواق الأمريكية، بعد أن تمت مقاضاة الشركة الهندية، ووقف التعامل معها، وأدى ذلك إلى حدوث أزمة ثقة كبيرة فى شراء كل ما هو تحت شعار قطن مصرى، وفتحت الفضيحة شهية العالم للهجوم على المنتجات التى تحمل شعار القطن المصرى، وانتشرت دعوات لمقاطعتها فى الصحف الأمريكية، ووصل الأمر إلى معايرة بعض الكتاب لمصر بأن أمريكا تخطت مصر كأكبر منتج عالمى للقطن، وأنها تصدره لمصر نفسها!

وفيما يشبه الفضيحة الأكبر، تفجر خلال الأيام القليلة الماضية، خبر قيام طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، بتوقيع اتفاق تتعدى قيمته 50 مليون جنيه، أو ما يعادل 2.75 مليون دولار، بين جمعية قطن مصر، وتلك الشركة الهندية، التى ستحصل بموجب الاتفاق على حق استخدام شعار القطن المصرى، لمدة 5 سنوات، حتى عام 2022.

ووفقا للاتفاق، فإن الشركة تساهم فى الترويج للقطن المصرى، وشعاره، وأنشطة تسويقية أخرى للمنتجات المصنوعة من القطن المصرى، فى جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى المساعدة فى تطوير حلقات الإنتاج المرتبطة بالقطن المصري! الأمر الذى أدى إلى إعادة الثقة فى أسهم الشركة، لترتفع بنسبة 7% بمجرد الإعلان عن توقيع الاتفاق مع مصر.

من جانبها أعلنت الشركة عن دراسة توسيع عملياتها فى مصر، لتشمل إقامة مصنع للمنسوجات المنزلية، المصنوعة من القطن المصرى، وأبدت رغبتها فى ضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية، تقدر بـ3 ملايين دولار، على مراحل، خلال السنوات المقبلة.

ويعتبر رد فعل الحكومة المصرية على فضيحة الشركة الهندية، تواطأً غير مسبوق، ففى شهر أكتوبر من العام الماضى، وبعد مرور شهرين على إعلان القضية استقبل وزير الصناعة، طارق قابيل، ومعه رئيس جمعية قطن مصر، بحفاوة، وفداً من الشركة، يرأسه عضوها المنتدب، وانتهى الأمر ببيان، بدلاً من مقاضاة الشركة، أو اتخاذ أى إجراءات ضدها.

البيان الذى أصدرته وزارة التجارة والصناعة حينها، أكد فيه الوزير أهمية المحافظة على سمعة الأقطان المصرية، داعيا الشركات الهندية لإنشاء مصنع لها فى مصر للاستفادة من الحوافز والمزايا المتوفرة، فى مجال صناعة المنسوجات.

واكتفى وائل علما- رئيس جمعية قطن مصر- بالتأكيد خلال البيان على التزام الشركة الهندية بعدم الإساءة للقطن المصرى، وإجراء تحقيق داخلى فى التزوير الذى حدث لعدم تكراره!

وحسب خالد شومان -المدير التنفيذى لجمعية قطن مصر- فإن كل ما تشتريه الشركة الهندية من مصر لا يتجاوز 4000 طن قطن، ويفسر ذلك بأن معظم الشركات الأجنبية تلجأ لشراء كميات قليلة من القطن المصرى، لتحصل على الحق القانونى لاستخدام شعار 100% قطن مصرى، ثم تستخدم قطنا آخر للإنتاج الفعلى.

فى إبريل الماضى، أجرت الجمعية اختبارات على منتجات للشركة الهندية، كتب عليها «قطن مصرى»، واكتشفت أن 90% منها ليس به قطن المصرى على الاطلاق!

الغريب أن اللقاء الأخير الذى جمع الوزير بالشركة الهندية، حرص فيه على التأكيد أن الشركة هى أكبر شركة صناعية فى العالم، فى مجال صناعة المفروشات المنزلية، وذلك لتأكيد أهمية الاتفاق الذى تم توقيعه معها، حتى لو كان ذلك على حساب سمعة القطن المصرى عالمياً.

وللمرة الثانية يخرج وائل علما - رئيس جمعية قطن مصر - ليقول إنه تم توقيع الاتفاق مع الشركة بعد التأكد من قيامها بتطبيق نظام تتبع كامل لمنظومة الإنتاج وفق القواعد والمعايير التى وضعتها الجمعية لضمان سلامة المنتجات، موضحاً أنه تم إنهاء الخلاف السابق مع الشركة، مشيراً إلى أن الجمعية تجرى تحليلا للبصمة الوراثية لعينات عشوائية من منتجات القطن، لملاحقة المخالفات، وإنهاء الترخيص عند ثبوت المخالفة!

المثير، أن الجمعية التى تدعى قدرتها على الرقابة، لم تكتشف عملية النصب التى قامت بها الشركة الهندية، وكانت المحلات الأمريكية صاحبة الفضل فى الإعلان عنها وكشفها، إذ تبين أن 750 ألف "ملاءة سرير" ليست من القطن المصرى، ما أدى إلى خسارة مبيعات سنوية تقدر بـ90 مليون دولار.

وأنشأت وزارة التجارة والصناعة، جمعية قطن مصر، بالتعاون مع جمعية مصدرى الاقطان بالإسكندرية، وللجمعية الحق الحصرى فى بيع شعار 100% قطن مصرى، للشركات الراغبة فى ذلك.

ويتم الحصول على الشعار من خلال طلب انضمام، مصحوب بعدد 2 عينة من المنتجات لتحليلها مقابل رسوم، وبعد التأكد من صحة البيانات، يتم ارسال شهادة حق استخدام الشعار المصرى للعميل، وحصل على الشعار 35 شركة أجنبية، و33 محلية.

فى السياق ذاته تقدم النائب محمد أنور السادات، بسؤال إلى طارق قابيل - وزير الصناعة والتجارة - حول الإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية تجاه التزوير الذى قامت به الشركة الهندية، والذى يعد هدماً لسمعة المنتجات الصناعية المصرية وتشويها لها بالخارج.