سمر الدسوقي تكتب: مهرجان لسينما المرأة

الفجر الفني

بوابة الفجر


بالرغم من أن تاريخ السينما المصرية لا يمكنه أن يغفل الدور الذي لعبته رائدات ساهمن في حمل هم هذه الصناعة على أكتافهن، أمثال بهيجة حافظ وعزيزة أمير وآسيا وماري كويني وأمينة محمد، وغيرهن من الرائدات اللاتي شكلن صمام الأمان لاستمرار وبقاء السينما المصرية، إلا أن صورة المرأة وقضاياها المعالجة على هذه الشاشة قد ظلت ولفترة زمنية ليست بالقصيرة حبيسة لنموذجين لا ثالث لهما أولهما الفتاة الرقيقة والحالمة القابعة بمنزلها في انتظار فارس الأحلام، وثانيهما المرأة صارخة الجمال التي تبذل قصارى جهدها للفوز بهذا الفارس، ولم يستثن من هذا التكريس لهذه الصور السلبية التي لا دور فعلي لها في الحياة سوى سينما الواقع لصلاح أبوسيف والتي قدمت العديد من النماذج الحية والحقيقية للنساء المصريات اللاتي ساهمن في قيادة دفة الحياة، وبنفس الصورة جاءت ثورة يوليو لتساهم في تغيير هذا النمط حيث وجدنا أعمال تقدم المرأة كصانعة ومشاركة في الحياة العامة والأحداث آن ذاك بل تطرح رؤى جديدة نحو سعيها لتغيير الصورة النمطية المتوارثة عنها كما هو الحال في «أنا حرة»، على سبيل المثال.

 

 

واستمرت رحلة السينما مع قضايا المرأة بين منحنيات للصعود والهبوط، وبالأخص مع ظهور دعاوى مجتمعية في حقبة السبعينيات تدعم رجوع المرأة للمنزل وتركها للعمل، لنصل إلى حقبة التسعينيات ثم واقعنا الراهن، حيث أخذ هذا الفن الجميل منحنى أشد خطورة في التعامل مع قضايا ومشكلات المرأة، فقدمت العديد من الأعمال الفنية التي تكرس للنظرة الدونية للمرأة، وتنظر لكل صور العنف الممارس ضدها على أنه سلوك عادي ليس بغريب، بل ووجدنا أعمالا أخرى تستخدمها كسلعة للبيع لا أكثر ولا أقل، وغابت الأدوار التي تعكس صورة المرأة المناضلة والعاملة، بل الصورة الحقيقية للأم والأخت والزوجة، وظهرت صور بعيدة كل البعد عن واقعنا، فيما عدا قلة قليلة من الأعمال التي تعد على أصابع اليد والتي نجحت في رصد صورة حقيقية عن واقع ومشاركة المرأة ودورها في الحياة العامة، وفي ظل هذه الأزمة كان لابد أن يلتفت المبدعون إلى دعاوى الوقوف أمام هذا الوهم المغلوط ومحاولة التصدي له، وكان من أجمل ما عايشت من هذه المحاولات مهرجان أسوان الدولي الأول لسينما المرأة، والذي احتضنته مدينة أسوان مؤخرا على مدى أسبوع كامل، بحضور ومشاركة فنية مصرية وعربية ودولية واسعة النطاق، حيث حاول أن يلقي الضوء وبكل جرأة على العديد من الأعمال السينمائية المصرية والعربية والعالمية سواء الروائية أو الوثائقية التي نجحت في التطرق للعديد من قضايا المرأة الشائكة بكل جرأة، ودون أن تضع الربح نصب أعينها، كان منها على سبيل المثال وليس الحصر فيلم «سجن الوصمة» للكاتبة الصحفية نوال مصطفى، والذي تطرق بمشرط جراح لواقع المرأة التي يطاردها ماضي خوض تجربة السجن دون رحمة، حتى وإن كان لأسباب خارجة عن إرادتها كما هو الحال مع الغارمات، وكيف تظل هذه الوصمة تلاحقها وذويها، كما نجد في الفيلم الكرواتي «بيلادونا» وهو أحد الأعمال التي شاركت في مسابقة المهرجان للافلام القصيرة رحلة في أعماق وأحلام نساء ينتمين لأعمار وطبقات اجتماعية مختلفة، وغيرها الكثير من النماذج التي رصدت بنجاح قضايا وهموم ومشكلات النساء حول العالم، ونجح المهرجان في جمعها في بوتقة فنية متميزة، تكملها الندوات المعنية بمناقشة واقع المرأة في هذا العالم الفني، ومنتدى «نوت» الذي أقيم على هامش المهرجان وتطرق بشجاعة منقطعة النظير لقضية من أبرز الأنتهاكات التي تمارس ضد المرأة ألا وهي العنف وكيفية تناول الفن لها كقضية ما زالت عالقة، وفي كل هذا كان المجلس القومي للمرأة بقيادة المايسترو د.مايا مرسي حاضرا بقوة ومشاركا بفاعلية في كل أنشطة المهرجان، من أجل تحقيق هدف سام ألا وهو إعلاء مكانة المرأة والتعبير عن قضاياها كرسالة سامية.

 

أما نحن فلابد أن نشير إلى أننا نحتاج مع تحية القائمين على هذا الحدث الفني إلى مزيد من المحاولات الفنية الهادفة لتقديم فن يعبر بصدق عن قضايا وهموم المرأة المصرية.

 

هذا المقال نقلا عن المصري اليوم