200 قضية نشر ضد صحفيين أخطرها إهانة القضاء والأزهر والتشكيك فى البرلمان وإثارة الفتنة الطائفية

العدد الأسبوعي

الكاتب الصحفى إبراهيم
الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى


يحالون للجنايات رغم مخالفة ذلك للدستور

300 صحفى يواجهون الحبس أبرزهم «عيسى ومسلم وقنديل ورزق»

لا يخلو جدول القضايا بأى محكمة على مستوى الجمهورية، من قضية نشر تورط فيها صحفى، سواء لأنه كتب بخط يده، أو لأنه سمح بالنشر.

تعيش الصحافة «واقعا مريرا»، فيما يخص قضايا النشر، والوصف ليس مبالغة، ليس لأن على رأس الصحفى ريشة تمنع مثوله أمام القضاء، ولكن لأن الصحفى إن لم يكتب كما يمليه عليه ضميره، فقد مصداقيته، وتحول تحت الضغط والخوف من بهدلة المحاكم إلى «مبرراتى»، يمرر المعلومات التى ترضى عنها السلطة، ويجد المبررات لتعسفها وتسلطها على رقاب العباد..

كما أن الحبس فى قضايا النشر يسد مسام المجتمع، ويجعله ضعيفا أمام الحقيقة، يداريها خيراً له من علاجها، حتى لا تتأثر صورته الوردية المتوهمة..

يصل عدد قضايا النشر على مستوى الجمهورية حالياً بحسب إحصائية رسمية أعدتها نقابة الصحفيين، وحصلت «الفجر» على نسخة منها، إلى 200 قضية، يحاكم فيها 300 صحفى وصحفية، منهم من تخطى مرحلة النيابة والتحقيق، وينتظر الفصل فى قضيته أمام القاضى، ومنهم من يقف على أبواب النيابات فى انتظار المثول أمام وكيل النيابة مثل أى تاجر مخدرات، أو مختلس للمال العام، أو مرتشٍ.

ورغم أن الصحفى الذى تتم محاكمته فى قضايا نشر، يتميز عن باقى المجرمين، بأنه أدى عمله بكتابة ما لم يعجب أصحاب السطوة والنفوذ، أو دخل دهاليز الفاسدين فقرروا الزج به فى غياهب السجون، إلا أنه يظل مجرما بحسب ترسانة من القوانين البالية.

 الإحصائية السابقة لا تتعلق بحصر قضايا الصحفيين عن عدة سنوات مضت، لكنها ترصد القضايا بين عامى 2016 و2017 فقط!

آخر قضايا النشر تلك التى يحاكم بموجبها الكاتب الصحفى محمود مسلم، رئيس تحرير جريدة الوطن، والصحفى بالجريدة أحمد الخطيب.

الأخير كتب بالجريدة مجموعة مقالات، انتقد فيها مؤسسة الأزهر، وتحدث عن فساد المؤسسة الدينية، فلجأت الأخيرة إلى الرد الحاسم الذى تتوهم أنه سيخرس الألسنة، وهو التقدم ببلاغات عاجلة للنائب العام ضد الخطيب ومسلم، وتلقى مكتب الشئون القانونية بنقابة الصحفيين، عددا كبيرا من إخطارات النيابة العامة، التى طلبت فيها مثولهما للتحقيق.

أولى القضايا حملت رقم 3490 لعام 2016، والثانية حملت رقم 1645 إدارى الدقى، وأيضاً القضية رقم 6946، ورقم 1825 ،ورقم 6945 إداري  الدقى لعام 2016، وضمت المؤسسة الدينية لقائمة المتهمين بالتحدث عنها، الزملاء عبدالفتاح الجبالى، وولاء نعمة الله، الصحفيان بجريدة الوطن .

 فى قائمة الملاحقين قضائياً أيضاً، الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة المقال، الذى لاحقته عدة قضايا مؤخراً، أبرزها «إهانة البرلمان».

وتبدأ قضية «إهانة البرلمان» ببلاغ رسمى تقدم به رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبدالعال، يتهم «عيسى» بتشكيك الرأى العام فى مجلس النواب وأعضائه! ولم يكتف المجلس ونوابه بوقف برنامح إبراهيم عيسى، الذى كان يقدمه منذ أسابيع قليلة على شاشة فضائية «القاهرة والناس»، بل عمدوا إلى معاقبته أمام المحاكم.

ويواجه «عيسى» عددا من المحاكمات خلال الفترة القادمة، أبرزها قضية نشر مقال على صفحات «المقال» بعنوان «دولة تزدرى نفسها»، بدعوى نشر أخبار كاذبة، وإثارة الفتنة الطائفية، وذلك من خلال مقال انتقد فيه مؤسسة القضاء! وتحمل القضية التى بدأت ببلاغ تقدم به أحد المحامين للنائب العام المستشار نبيل صادق رقم 6261.

لم يسلم الكاتب الصحفى عبدالحليم قنديل، رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، من البلاغات، فهو حالياً متهم فى 5 قضايا نشر، صنفتها النيابة العامة بأنها قضايا جنح مباشرة، وتمت إحالتها للمحاكم، منها القضية رقم 5283 لعام 2016، ورقم 6072 لعام 2016، ورقم 14 لعام 2016، حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة، والقضية رقم 4639 جنح قصر النيل، كما أنه محال إلى محكمة الجنايات بتهمة إهانة القضاء، حيث طالب فى أحد مقالاته بأن يكون التفتيش القضائى خاص بمجلس القضاء الأعلى، وليس لوزارة العدل، ممثل السلطة التنفيذية، حتى لا تجور السلطة التنفيذية على التشريعية، وينتظر «قنديل» الحكم الذى قد يصل إلى السجن.

 الكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس تحرير جريدة اليوم السابع، يدخل ضمن قائمة المطلوبين قضائياً بـ 7 قضايا، منها القضية رقم 2 لعام 2016 حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة، والقضية رقم 2415، المتهم فيها أيضاً الكاتب الصحفى أكرم القصاص وعمر الأيوبى، والقضية رقم 2492 لعام 2016 إدارى الدقى، والقضية رقم 3087 لعام 2016 إدارى الدقى، والقضية رقم 2129 لعام 2016 إدارى الدقى، والقضية رقم 2415 لعام 2016، إدارى الدقى .

رؤساء تحرير الصحف القومية، وعدد من الزملاء العاملين بتلك الصحف، متهمون أيضاً فى عدد من القضايا، أولهم الكاتب الصحفى ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة أخبار، وتحمل قضيته رقم 961 لعام 2016، وينضم إليه فى نفس القضية الكاتب الصحفى جمال سيد حسين، رئيس تحرير الأخبار المسائى، والصحفى بالجريدة محمود توفيق، وأيضاً الجنحة رقم 2106، المتهم فيها الصحفى حسين أحمد عبدالقادر، وهبة عبدالرحمن عطية،  والقضية رقم 2106 جنح بولاق أبوالعلا، المتهم فيها 3 صحفيين إلى جانب «رزق».

رئيس تحرير جريدة الجمهورية، الكاتب الصحفى فهمى عنبة، يحاكم فى القضية رقم 3911 لعام 2016، وفى قضية الجنح رقم 366 لعام 2017،  إلى جانب محرر الجريدة حسام الغرباوى. ويوجد أيضاً القضية رقم 3364 إدارى بولاق أبوالعلا، ضد الزميلة فايزة محمد أمين.

فضلاً عن اتهام الكاتب الصحفى إبراهيم جاب الله، رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر، فى القضية رقم 5537 لعام 2016 جنح الأزبكية، ومقدم ضده البلاغ رقم 51 عرائض الأزبكية، والمحضر رقم 4080 إدارى الأزبكية. 

وتواجه مجلة الإذاعة والتليفزيون، مصيراً غامضاً، فى عدة بلاغات محالة إلى النيابة العامة، منها القضية رقم 1084 لعام 2016 إدارى قسم قليوب، المتهم فيها الكاتب الصحفى خالد حنفى، رئيس تحرير المجلة، والقضية رقم 767 لعام 2015 إدارى بولاق أبوالعلا، ضد الزميلة ناهد عز العرب، والزميل أيمن إبراهيم.  

تشير الإحصائية إلى أن عدد الزملاء الصحفيين المحالين للجنايات بتهم تتعلق بإهانة القضاء يصل إلى 20 زميلاً خلال العام الأخير.

من بين المحالين للقضاء من تسقط عنهم التهم حال تقديمهم تسجيلاً بكلام المصدر، وأبرزها تلك القضايا القضية رقم 9863 جنح قصر النيل، المتهم فيها الكاتب الصحفى إبراهيم منصور، رئيس التحرير السابق لجريدة التحرير، والصحفيين بالجريدة هدى أبوبكر، ويارا حلمى. وللكاتب الصحفى هشام يونس، رئيس تحرير بوابة الأهرام، نصيب بالإحالة للجنايات بتهمة إهانة القضاء أيضاً.

الفقيه القانونى والمحامى عصام الإسلامبولى، قال إن النص القانونى الذى يحال بموجبه الصحفيون للجنايات أصبح مخالفاً للدستور، لأن المادة 96 من الدستور قررت حق التقاضى على درجتين، ولذا فإن إحالة الصحفيين إلى الجنايات فى قضايا الجنح يعد خروجاً عن الأصل. وأوضح أن محكمة الجنايات درجة تقاضى واحدة، وبمجرد صدور حكم الحبس يصبح واجب النفاذ، رغم الطعن عليه .

وأضاف أن القرار الذى أصدرته النيابة العامة بإخلاء سبيل الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، بكفالة مالية على تهمتين عقوبتهما سالبة للحرية، مخالف للنص الدستورى الذى أكد أن الجرائم المتعلقة بالنشر لا تصبح فيها العقوبة سالبة للحرية، وبالتالى لابد من إثارة ذلك أمام محكمة الجنايات، عند نظر قضية «عيسى»، أو غيره من الصحفيين.

وفيما يخص البلاغات بإهانة القضاء أوضح الإسلامبولى أن المادة 184 التى يحاكم بها الصحفيون فى تلك النوعية من القضايا، يعاقب فيها بالحبس، وتتعارض مع نصوص الدستور التى تحصن الصحفيين فى قضايا النشر من الحبس، ما يستدعى عدم إحالة تلك البلاغات من الأصل للجنايات، لكنها تحال بالفعل.

وأضاف أن من حق المحكمة الامتناع عن تطبيق نص يخالف الدستور، وهذا ما جاء فى المادة 47 و49 من قانون الإجراءات الجنائية.

وأكد أن الصحفيين المتهمين بإهانة القضاء، ومؤسسة الأزهر، ويحاكمون أمام محكمة الجنايات، يواجهون مصيراً غامضاً بسبب أن بعض القضاة لم يدركوا حتى الآن تطور النص الدستورى.

والسبب الرئيسى كما يقول الإسلامبولى، أن الجهة التشريعية تتعمد تعطيل التشريعات التى تحصن الصحفيين كما ينص الدستور. والإبقاء على نصوص مخالفة له، وأوضح أن هناك مشروع قانون قدمه الكاتب الصحفى حسين عبدالغنى، لمنع عقوبة الحبس فى القضايا المتعلقة بجرائم النشر، وقدم حصراً بتلك القضايا، و«توليت هذا المشروع من الناحية القانونية»، وأرسلناه للحكومة فى أغسطس 2015، لكنه اختفى ولم ير النور حتى اللحظة.