سليم الهوارى يكتب"عندما تم إحراج حبيب العادلى أمام قياداته"

مقالات الرأي

بوابة الفجر


كان الصمت هو سيد المكان وقتها، لايخلو من نظرات الجميع الى بعضهم البعض ومن ثم الى رجل واحد، تمامآ كالملك فى بيادق الشطرنج، كانوا يتراصو الواحد تلو الأخر، فى إنتظار من يفصح من القيادات عن أى شئ يجول بخاطر الحاضرين،إلا أن قام أصغرهم بفعل ما لم يفعله أحد تلك القيادات.

إجتمع اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، الأسبق، في فبراير 1999 بمجموعة عشوائية من ضباط الشرطة، من مختلف الرتب والإدارات، للاستماع إليهم والتعرف على مشكلاتهم في العمل، وذلك بقاعة الاجتماعات بمقر أكاديمية الشرطة القديمة بمنطقة العباسية.

هنا فقط فوجئ العادلي اثناء الاجتماع الذي حضره أكثر من 2500 ضابط بمختلف الرتب بضابط يشق صف الحضور من الخلف ويوجه كلماته بجرأة غير مسبوقة لضابط صغير برتبة رائد في حضور الوزير، وقياداته في العمل دون مقدمات قائلاً: "يافندم مش قادر أتحمل تعبت خلاص انا لي سنة كاملة بشتغل وما اخدتش أجازة وولادي زهقوا مني".

اندهشت القيادات بجرأة الضابط وحدته في التحدث أمام سيادة الوزير وإفصاحه بم يخشون كشفه دون انتظار دوره للتحدث أو الاستئذان، وعلت كلمات الضابط الحماسية، وارتفع صوته في وجه العادلي معرباً عن غضبه لعدم تلبية طلبه في الحصول على إجازة مثل باقي زملاؤه غير أن الوزير لم يجد بد من الرد عليه سوى أنه قابل كلماته الحماسية بالضحك، موجهاً حديثه لقيادات الوزارة المتواجدة بالقاعة: "فيه حد فيكم بياخد أجازات، شوف يابني دول اخواتك الكبار كلهم في الوزارة مش بيروحوا من مكاتبهم وأنا كمان بنام كل يوم في استراحتي في المكتب" 

وتابع العادلي ناصحاً الضابط: العمل الشرطي قاس ورجل الأمن دائماً يعمل تحت ضغط ولابد من تحمل كافة الصعاب والمعوقات، لإنجاز مهام عمله التي شرف بتكليفها، وهنا عاجله الضابط بكلمات أكثر حدة قائلاً" يافندم بقول لحضرتك أنا ما اخدتش يوم واحد أجازة وحضرتك مستحيل حد يقدر يتحمل ده وانت كمان.. في الصيف اللي فات حصلت على إجازة وبعد ما جهزت متعلقاتي للسفر مع أولادي لقضاء الإجازة الصيفية بعث لي أحد القيادات وأخبرني بأن أجهز لتنفيذ مأمورية عاجلة تتطلب مهاراتي الخاصة، هو أنا عشان ناجح في شغلي يحصل معايا كده"، فمازحه العادلي قائلاً :"عشان انت كفاءة وشاطر مفيش حد ينفع نتسند عليه غيرك. 

وكشف  أحد القيادات التي كانت في الاجتماع عن هوية الضابط قائلاً إنه كان يعمل بإدارة الأمن المركزي والتحق بقوات العمليات الخاصة وحصل على عدة جوائز من قياداته في فن الرماية وتنفيذ المهام الخاصة والعمليات القتالية وفن الاشتباك، والإسعافات الأولية. 

وكان الضابط الذي حمل رتبة رائد محبوباً من قياداته وأمر الوزير آنذاك بتحفيز الضباط وعدم إضعاف روحهم المعنوية، بتكليفهم بالعمل تحت ضغط كي لا يشعر الضباط بأن بيئة العمل لا تحتضن مشكلاتهم وبالتالييصبح أدائهم للمهام مجرد تحصيل حاصل.