محمد مسعود يكتب: كل سنة وأنتم طيبون.. براءة مبارك من تهمة التحريض على قتل المتظاهرين

مقالات الرأي



عندما سئل الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك عما يحب أن يقوله للمصريين فى الذكرى السادسة لثورة الخامس والعشرين من يناير، قال:» أقول لهم.. كل سنة وأنتم طيبون».

ربما جمعت جملة مبارك بين المرارة والحزن، على عرشه المفقود من ناحية، وبين الشماتة والانتقام، ممن ثاروا عليه فانتزعوا سلطاته، وآل بهم الحال بعدها إلى ما آل عليه بتولى جماعة الإخوان المسلمين سدة الحكم، بعد الإطاحة به وبأسرته وبنظامه من حكم مصر، وإيداعهم غياهب السجون فى تهم عدة، أهمها قضية محاكمة القرن التى حصل فيها على البراءة مؤخرا من تهمة التحريض على قتل 846 متظاهرا خلال اشتباكات مع الشرطة فى يناير وفبراير 2011، وقضية «قصور الرئاسة» التى أدين فيها بحكم نهائى بالحبس لمدة 3 سنوات.

قبل أن ينطق القاضى ببراءة مبارك من تهمة التحريض على قتل المتظاهرين، حرص الرئيس الأسبق على أن يوجه كلمة سياسية أمام المحكمة، قد تكون شهادة أخيرة لمحارب عجوز أنهكته الهزيمة، لتنقلها وسائل الإعلام ويشهد بها أو لها التاريخ، جاء فيها أنه لم يكن أبدا ليأمر بقتل المتظاهرين أو إشاعة الفوضى أو إحداث الفراغ الأمنى، مؤكدا أنه برغم ما لقيه من إساءة وتشهير واتهام، لا يزال شديد الاعتزاز بالمصريين المؤيدين له والمعارضين على حد سواء، وحرص مبارك أن يكرر جملته التى جاءت فى خطاب ما قبل التنحى، بأن التاريخ سيحكم عليه وعلى غيره بما له.. وما عليه.


1- القهر.. والثأر

الحكم ببراءة مبارك فى قضية التحريض على قتل المتظاهرين وكلمته التى أدلى بها أمام هيئة المحكمة، أكدت أن الرئيس الأسبق عاش سنوات من القهر، شعر خلالها أنه لم يفعل شيئا، ولم يكن جزاؤه أبدا أن يصل إلى ما وصل إليه، خاصة أنه – من وجهة نظره - كان كل ما أراده هو مصلحة الوطن والمواطن، لم يك ليسعى لثروة أو استغلال نفوذ، كما قال.

لكن ما قاله مبارك يتنافى ضمنيا مع حكم المحكمة بإدانته فى قضية قصور الرئاسة بسجنه 3 سنوات، ويتنافى أيضا مع حزمة من الممارسات التى ارتكبها نظامه وحكوماته المختلفة كانت ضد مصلحة المصريين.

المؤكد أن مبارك، لم يسع بكلمته أمام المحكمة، أن يحقق شعبية جديدة فوق شعبيته، خاصة أن هناك حالة تعاطف معه بالفعل من كثيرين، ربما بفعل عمره الذى قارب على التسعين، وربما بفعل اتخاذ قرار البقاء وعدم الهرب مثل الرئيس التونسى زين العابدين بن على، وربما بفعل الظروف التى عاشها المصريون من بعده، وإنما كان الغرض من الكلمة أن تحقق ما يتمناه مبارك، وهو تبرئة ساحته أمام الشعب قبل القضاة، خاصة أنه بحكم إدانته فى قضية قصور الرئاسة حرم من حقوقه السياسية كالترشح والانتخاب.

وربما يقيم مبارك دعاوى قضائية ضد كل من اتهمه بقتل المتظاهرين فى البرامج والصحف ومواقع التواصل الاجتماعى، كونه يملك حكما بالبراءة.. لكن هل يفعلها مبارك ثأرا لنفسه وشرفه وكرامته، هل يعود لينتقم؟!


2- حقوق مبارك

فرحة مبارك ببراءته فى قضية التحريض على قتل المتظاهرين، ربما تنتهى تماما بإدانته فى واحدة من القضيتين الباقيتين، أو كلتاهما، قضية هدايا الأهرام، وقضية الكسب غير المشروع.. لكنه على الأقل سيحصل على هدنة ولو لأيام قليلة ليرى فيها فيللته بمصر الجديدة التى لم يدخلها قرابة السبع سنوات، خاصة أن الدولة غير ملزمة بتوفير مسكن له بعد إخلاء سبيله.

لكن هل يترشح مبارك للانتخابات القادمة؟، وهو السؤال الملح الآن فى الشارع المصرى، لكن بنص القانون لا يجوز له الترشح، ففى حال حصوله على البراءة فى القضيتين سالفتى الذكر، وبراءته الأولى فى قضية التحريض على قتل المتظاهرين، تبقى قضية قصور الرئاسة التى أدين فيها، وعلى ذلك ليس من حقه ممارسة حقوقه السياسية كالترشح والانتخاب لمدة 5 سنوات من تاريخ صدور الحكم فى مايو 2014 إلى مايو 2019، وهو ما يفوت عليه فرصة الترشح للانتخابات فى العام القادم إن أراد الترشح.

لكن يحق لمبارك التقدم بطلب للتعويض عن فترة الحبس الاحتياطى التى قضاها، وجمعها مع مدة الحبس الاحتياطى فى القضايا الأخرى.