مي سمير تكتب: اختيار "صديقة الإخوان".. نائبة لوزير الدفاع الأمريكى

مقالات الرأي



ترامب يعيد باترسون إلى المشهد العالمى

■ اختيار السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة يعد لغزًا فى ظل سعى واشنطن إلى إدراج الجماعة على قائمة الإرهاب 

■ السفيرة السابقة دعمت الجماعة واعتبرت «30 يونيو» مجرد احتجاجات وكانت سبباً فى توتر العلاقات بين المنطقة أمريكا


اختار وزير الدفاع الأمريكى، جيم ماتيس، السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة آن باترسون، كى تشغل أهم منصب مدنى فى وزارة الدفاع الأمريكية، حيث اختارها ماتيس لكى تكون نائب وزير الدفاع للشئون السياسية، وهو المنصب الذى يعد رابع أهم منصب فى وزارة البنتاجون بحسب تقارير الصحافة الأمريكية.

أثار هذا الاختيار حالة من الجدل فى أروقة الحكم الأمريكية نظرا لشهرة باترسون، كأحد كبار المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، فى مصر، فى نفس الوقت خرجت تقارير تشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، تسعى لتصنيف الجماعة كتنظيم إرهابى.

ليس من الغريب أن البيت الأبيض يقاوم اختيار وزير الدفاع جيم ماتيس، وهو جنرال متقاعد فى سلاح مشاة البحرية، آن باترسون، لكى تشغل هذا المنصب المهم والحساس، ولكن من ناحية أخرى تتمتع باترسون، بتاريخ طويل فى العمل السياسى حيث عملت سفيراً لأمريكا فى مصر وباكستان وكولومبيا والسلفادور والأمم المتحدة، إلى جانب كونها مساعد وزير خارجية أمريكا فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لشئون الشرق الأدنى، ولكن هذه الخبرة السياسية الواسعة لم تمنع من تصاعد حالة من القلق على نطاق واسع، سواء فى الداخل والخارج، بسبب علاقتها الوثيقة مع مرسى والإخوان.

تحولت آن باترسون إلى هدف واضح للانتقادات على نطاق واسع، بعد ترشيحها لهذا المنصب، وبدأت الصحافة الأمريكية وكثير من المواقع الإلكترونية الأمريكية فى مراجعة تاريخها مع جماعة الإخوان حيث دعمت باترسون الجماعة ومرسى، واشتهرت بوصفها ثورة يونيو ضد حكم الجماعة بأنها مجرد احتجاجات، وكان هذا الموقف هو سبب مباشر للإطاحة بها من منصبها كممثلة للدبلوماسية الأمريكية، فى القاهرة، خاصة بعد تحول صورتها إلى رمز مباشر ووجه عام يمثل سياسات إدارة أوباما فى دول شمال إفريقيا، وهى السياسات التى أثارت حالة واسعة من الجدل وكانت سبباً فى توتر العلاقات بين المنطقة والولايات المتحدة الأمريكية.

يعترض البيت الأبيض على هذا الترشيح لكون باترسون هى من شغلت منصب السفيرة الأمريكية فى القاهرة فى الفترة التى سبقت وصول جماعة الإخوان إلى الحكم ثم الإطاحة بها، وبالنسبة لماتيس وبحسب موقع بولتيكو فإنه رشح باترسون لهذا المنصب السياسى فى وزارة الدفاع من واقع خبرتها السياسية الواسعة وهو لا يدرك لماذا يعترض البعض على هذا الاختيار أو لماذا تقف إدارة البيت الأبيض ضد هذا الترشيح؟

وبحسب المجلة الأمريكية فإن سمعة باترسون السيئة بين المصريين أثارت حفيظة الرئيس ترامب وغيره داخل البيت الأبيض فى الوقت الذى يدرس فيه الرئيس الأمريكى إعلان جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية.

وكثيراً ما انتقد ترامب، سلفه باراك أوباما بسبب علاقته القوية مع جماعة الإخوان، فى نفس الوقت تقدم السيناتور تيد كروز باقتراح مشروع قانون إعلان الإخوان منظمة إرهابية.

وأضافت المجلة الأمريكية بولتيكو، إن ترامب ليس الوحيد الذى يعتبر جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، فكثير من علماء الدين الإسلامى والعديد من الدول الإسلامية تعتبر الجماعة بالفعل تنظيماً إرهابياً لتورطها فى كثير من الأعمال الإرهابية إلى جانب علاقتها الوثيقة بالتنظيمات الإرهابية.

وكان محمد الحاج حسن، مؤسس التحالف الأمريكى-الإسلامى، قد صرح لمحطة فوكس نيوز، بأنه يجب على الرئيس الأمريكى ترامب المضى قدما فى وضع الإخوان فى قائمة التنظيمات الإرهابية، لأن هذه المجموعة منذ إنشائها تمارس القتل والجرائم والهجمات الإرهابية فى العالم العربى، فى مصر وسوريا وتونس وغيرها من البلدان، كما يدعو رجالها من أجل تبنى العنف.

الجدير بالذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية ليست الوكالة الحكومية الوحيدة التى دخلت فى صراع مع البيت الأبيض بشأن اختياراتها، حيث تعرضت وزيرة الخارجية ريكس تيلرسون، لمواقف مشابهة، فى الشهر الماضى، عندما رفض ترامب اختياره لأحد نوابه، ولكن ماتيس يبدو أنه لا يهتم كثيراً باعتراضات البيت الأبيض، حيث أظهر إصرارا لا يشوبه أى لمحة تراجع عن اختياره لباترسون.

وقد يعنى أن عملية شد الحبل بين ماتيس والبيت الأبيض ستستمر فى الفترة المقبلة التى قد تشهد عودة آن باترسون من جديد للساحة السياسية رغم سمعتها غير الطيبة فى الشارع المصرى أو العربى.


1- صديقة الإخوان

هناك مجموعة من الحقائق حول آن باترسون، لعل أهمها علاقتها الوثيقة بجماعة الإخوان أثناء شغلها منصب السفيرة الأمريكية فى القاهرة فى الفترة من 2011 إلى 2013، حيث لعبت دورا كبيرا فى دعم الجماعة.

وبحسب جريدة نيويورك تايمز تمت دعوة باترسون من أجل الحديث عن العلاقات المصرية - الأمريكية وذلك فى يونيو 2013، أى فى الوقت الذى اشتعلت فيه المظاهرات ضد الإخوان ومحمد مرسى، وفى خطابها قالت باترسون إنها تشك بقوة فى أن التحرك بالشارع قد ينتج عنه نتيجة أفضل من الانتخابات.

قبل أن تشغل منصب السفيرة الأمريكية فى القاهرة، خاضت باترسون مشواراً طويلاً من العمل السياسى بدأ فى عام 1984، فى البداية كضابط اقتصادى ثم مستشاراً سياسياً فى بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة فى جنيف، وبعد ذلك عملت كمدير لدائرة دول الأنديز، وأخيرا نائب مساعد وزيرة الخارجية لشئون البلدان الأمريكية.

فى عام 1997، أصبحت باترسون سفيرة الولايات المتحدة فى السلفادور فى عهد الرئيس بيل كلينتون، واستمرت فى هذا المنصب لمدة 3 سنوات، وبعد ذلك أصبحت سفيرة الولايات المتحدة فى كولومبيا فى عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وفى عام 2004 شغلت باترسون منصب القائم بأعمال ممثل أمريكا للأمم المتحدة بعد استقالة جون دانفورث، بقيت فى هذا المنصب لمدة 8 أشهر لحين تعيين بديل دائم حيث وقع الاختيار على جون بولتون.

وفى عام 2007، قام الرئيس جورج دبليو بوش، بتعيين باترسون لتكون سفيرة الولايات المتحدة فى باكستان، خلال فترة كان من المفترض أن تلعب باترسون دورا فى دعم جهود حكومة الولايات المتحدة للضغط على باكستان لمحاربة تنظيم القاعدة وحركة طالبان.

يذكر أن باترسون لم تحقق أى نجاح عملى على أرض الواقع فى هذا الأمر. وعلى الرغم من تصريحات باترسون الصحفية بشأن نجاحها فى إحداث تغييرات إيجابية فى سياسة باكستان إلا أنه فى عام 2010، أصدرت ويكيليكس عددا من البرقيات المسربة التى أظهرت أن باترسون لديها بعض المخاوف حول سياسة حكومة الولايات المتحدة تجاه باكستان، حيث وصفت هذه الجهود بأنها تأتى بنتائج عكسية وتحمل مخاطر زعزعة استقرار الدولة الباكستانية، واستعداء كل من الحكومة المدنية والقيادة العسكرية، وإثارة أزمة أوسع من دون تحقيق الهدف المرجو.

يذكر أيضاً أنه فى الآونة الأخيرة، عملت آنا باترسون فى منصب مساعد وزيرة الخارجية لشئون الشرق الأدنى ولكنها تقاعدت فى يناير عام 2017.

ويبقى السؤال المهم هل تعود باترسون من جديد للمشهد السياسى الأمريكى لتشغل أهم منصب مدنى فى وزارة الدفاع الأمريكية؟ سؤال صعب وإجابته ستحمل الكثير من التفاصيل الخاصة بالحرب بين البيت الأبيض وبين المؤسسات الأمريكية التقليدية على رأسها البنتاجون فى ظل الرفض المعلن من قبل ترامب لهذا الاختيار.