مبادرات مرتقبة للقاء محمد بن سلمان ووزير الدفاع الأمريكي

السعودية

بوابة الفجر


جدّد اجتماع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع، مع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الثقةَ المتبادلة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لمدة 80 عاماً مضت، وأزال تكهنات أشارت -في وقت سابق- إلى صعوبة التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب؛ ليس هذا فحسب؛ إنما رسم خارطة طريق جديدة للتعامل الحازم والسريع مع قضايا الشرق الأسط، وبخاصة القضية الفلسطينية وأزمة سوريا، والتهديدات الإيرانية للمنطقة والعالم، وغيرها من القضايا الراهنة؛ وهو الأمر الذي سيُسفر -بحسب الجانبيْن- عن القيام بعدة مبادرات، سيجري العمل عليها خلال الأيام القليلة القادمة؛ لتتبلور في صورة قرارات وتحالفات تُحقق تطلعات البلدين، وتُعزز الاستقرار المأمول في المنطقة. ولم ينسَ الجانبان -خلال الاجتماع الذي عُقد أمس- استعراض العلاقات الثنائية ومجالات التعاون الاستراتيجي القائم بين البلدين، وسبل تطويرها.

ويرى محللون أن المكاسب التي حققها ولي ولي العهد خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت الأربعاء الماضي، واجتماعه لأول مرة بالرئيس الأمريكي ترامب؛ انعكست بالإيجاب على اللقاء بين سموه ووزير الدفاع الأمريكي ماتيس، الذي أكد عُمق ومتانة العلاقات بين البلدين، وتطابق وجهات النظر في العديد من القضايا التي تهم الشرق الأوسط. بحسب صحيفة "سبق"

ولعل أبرز ما خرج به لقاء محمد بن سلمان وماتيس، توحيدُ الرؤية تجاه ضرورة مواجهة الأخطار والتهديدات الإيرانية الموجهة لمنطقة الشرق الأوسط والعالم، من خلال دعمها المباشر وغير المباشر للجماعات الإرهابية، وتبني عمليات المليشات المسلحة، وتوجيه بوصلتها إلى العديد من الدول؛ لإفساد الأجواء فيها كما هو حاصل في لبنان واليمن؛ فضلاً عن تدخلها الدائم في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وعدم انصياع طهران للمطالب الدولية بالابتعاد عن الأزمة السورية والكف عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد.. واختار الأمير محمد بن سلمان كلماته وعباراته بكل دقة، عندما أراد التعليق على الملف الإيراني وما يشكّله من إزعاج دائم لدول الخليج العربي؛ وذلك عندما قال: إن "المملكة العربية السعودية تُعَد الخط الأمامي لمجابهة التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم، والمتمثلة في تصرفات النظام الإيراني المربكة للعالم والداعمة للمنظمات الإرهابية، إضافة إلى التحديات التي تقوم بها المنظمات الإرهابية".

وتدرك الإدارة الأمريكية الجديدة جيداً، طبيعة الدور الذي تقوم بها المملكة العربية السعودية، نيابة عن الأمة العربية والإسلامية، في مواجهة الخطر الإيراني والمد الشيعي، وإثارة الفتن والقلاقل في العديد من دول المنطقة، مثلما هو حاصل في لبنان واليمن ومملكة البحرين، وترى هذه الإدارة ضرورةً قصوى في التنسيق الدائم مع الجانب السعودي فيما يخص مواجهة الإرهاب الإيراني، كما تعلم الإدارة الأمريكية طبيعةَ الدور السعودي في مواجهة الإرهاب بشكل عام، وتحديداً التصدي للإرهاب الداعشي في الداخل والخارج، والنجاحات التي حققها الأمن السعودي في وقف العمليات الإرهابية لهذا التنظيم في الداخل؛ مما يتطلب مزيداً من التنسيق لتوحيد الجهود وتوزيع الأدوار.

ويكشف لقاء محمد بن سلمان وماتيس، عن تغيير شامل وجذري في نظرة الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إيران، بالمقارنة بنظرة الإدارة الأمريكية السابقة؛ حيث وجدت طهران في اتفاقها النووي مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2015، فرصةً سانحةً للتمادي في فرض السيطرة -عنوة- على دول المنطقة بأكملها، ومواصلة عملياتها الإرهابية دون رقيب أو حسيب، بيْد أن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، ترى العكس تماماً، وتؤمن أن ترك الحبل على الغارب لإيران، سيحوّلها إلى ذئب مفترس غير مروّض، يمكن أن يبتلع المنطقة ويغرقها في بحور الإرهاب؛ لذا لا بد من التصدي له.

ولدى الولايات المتحدة الأمريكية معلومات استخباراتية أكيدة عن طبيعة الدور الإيراني في كل من سوريا ولبنان والبحرين وغيرها من دول المنطقة، كما تدرك أبعاد العلاقة الخفية والعلنية بين طهران وجماعة الحوثيين في اليمن، وطبيعة الدعم الإيراني لهذه الجماعة المنقلبة على السلطة الشرعية؛ وهو ما صعّب من مَهمة التحالف العربي بقيادة السعودية في مواجهة الأخطار الحوثية وأطال من أمد الحرب هناك، وترى الولايات المتحدة الأمريكية أن الشراكة والتنسيق مع السعودية في مواجهة هذه الأخطار، يعزز النتائج المتوقعة، ويعيد الاستقرار والهدوء إلى منطقة الشرق الأوسط، ويوقف المد الشيعي.

ويرى محللون أن تطابق الرؤية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية؛ سيعجّل بنهاية الحرب في اليمن، ويعيد الشرعية إلى أصحابها بعد دحر الإرهاب الحوثي في اليمن، ووقف الدعم الإيراني عن الانقلابيين؛ مؤكدين أن السعودية حريصة اليوم أكثر من أي وقت مضى على إنهاء الحرب في اليمن، وعودة اليمنيين إلى ديارهم، والأمر نفسه سيحدث في سوريا التي دخلت عامها السادس دون حل يوقف آلة الحرب هناك.

وإجمالاً، يمكن وصف زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية، بأنها أكثر من ناجحة، ومحت المخاوف والتكهنات التي أشارت إلى تدهور محتمل في العلاقات بين المملكة وإدارة ترامب؛ الأمر الذي دعا بعض المسؤولين السعوديين إلى التأكيد بأن المملكة حظيت بنقطة تحول تاريخية في علاقتها مع الولايات الأمريكية، بعد ترحيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وصحح مسار العلاقات بين البلدين، وأصبح اللقاء بينهما بمثابة نقطة تحول تاريخية في العلاقات بمختلف المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية. ويعكس تفهّم ترامب الكبير لتأثير العلاقات الأمريكية السعودية، وحرص الدول العربية على تجديد التحالف مع الإدارة الجديدة بعد سلسلة إخفاقات عميقة مع الرئيس السابق باراك أوباما، بعدما وقّع الاتفاق النووي عام 2015 مع إيران.