أحمد متولي يكتب: أمك قرعة

مقالات الرأي

أحمد متولي
أحمد متولي


أمك ثم أمك ثم أمك، هكذا وصانا الحبيب صلى الله عليه وسلم بالأم التي كرمها الله في كل كتبه السماوية وجعل الجنة تحت أقدامها لما تعانيه من آلام في الحمل والولادة والإرضاع ثم في التربية إلي أن يصبح ابناها كبار ومسئولين عن تكوين أسر أخرى، ورغم ابتعادهم عنها إلا أن ودها وخوفها وحنانها وسؤالها عنهم لم ولن ينقطع حتى ولو كانوا لا يسألون عنها.

 

احتفل العالم منذ أيام باليوم العالمي للمرأة، ونحتفل اليوم بعيد الأم، في الوقت الذي قررت فيه مصر أن يكون هذا العام (2017) هو عام المرأة المصرية لقدرتها في تحمل المسؤوليات وشغل المناصب الحكومية، والتاريخ مليء بالبطولات النسائية منذ بدء الخليقة على أرض مصر، وكانت هناك بادرة أمل مؤخرًا في تعيين المهندسة نادية عبده محافظا للبحيرة، لتكون أول سيدة تتولى منصب المحافظ في مصر، وأستغل هذه الفرصة في تقديم التهنئة والتحية لأمي ولكل أم على وجه الكرة الأرضية لما تبذله من جهد وعطاء في سبيل راحة أولادها ونجاهم.

 

فمن منا لم تشتعل فيه مشاعر الغضب والحزن وهو طفل صغير لا يعرف أي شي في حياته عندما كان يسبه طفل أخر بمصطلحات -محفوظة كالتراث في ثقافة أي طفل مصري- مثل (أمك قرعة) أو (أمك أسمها حنفي)؛ فلما لا وهي الأم التي ربت وكافحت من أجل طفلها فلا يجب إهانتها حتى ولو كان في إطار من الدعابة والهزار مع الأصدقاء.

 

أمد الله في عمر أمي وكل الأمهات، ولكني عايشت مؤخرًا مصطلح "أمك قرعة" بعدما أصاب مرض السرطان اللعين فرد من أفراد عائلتي، وهي شقيقتي الكبرى متزوجة ولديها أطفال، وبدأت تُعالج من هذا المرض بالكيماوي الذي جعل رأسها كالصحراء الجرداء، وكانت عائلتي في صدمة لم نتعاف منها إلا منذ أسابيع قليلة بعدما تعافت من هذا المرض اللعين، بفضل صمودها أولاً ثم توقف علاجها الكيماوي، رغم البطء الشديد في التعامل مع المستشفيات والروتين الحكومي والغير الحكومي الذي صادفنا خلال رحلة البحث عن علاج سريع لاستئصال مرض لعين ينتشر في الجسم مثلما تنتشر النار في الهشيم، ونحمد الله على نعمه في السراء وفي الضراء.

 

ذكرت هذا المثال ونحن نحتفل بعيد الأم وعام المرأة المصرية، لأؤكد على أن المرأة المصرية هي المرأة الحديدية بكل المقاييس، فهي التي تحرم نفسها من الأكل لتطعم أولادها أو توفر من مصاريف منزلها حتى تدفع مصاريف دراسة أولادها رغم الظروف المعيشية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، وهناك نماذج كثيرة تشهد على ذلك.  

 

رسالة أخيرة أوجهها للسادة المسؤولين بداية من وزير الصحة إلى أصغر موظف أو دكتور في مستشفي حكومي أو خاص بضرورة الالتفات إلي مصابي مرض السرطان اللعين ونجدتهن في أسرع وقت ممكن، فاغيثوهم اغاثكم الله، ولا تقولون لهم ولأسرهم كما كان يقول الفنان رأفت فهيم في برنامجه الإذاعي الشهير "همسة عتاب": (فوت علينا بكره يا سيد) بحجة أنه لا توجد أماكن ولا توجد أجهزة للعلاج ولا يوجد كيماوي ولا توجد حقن، لأن وقتها لن تسمعون منهم سوى مصطلح واحد وهو (أمك قرعة)!

 

للتواصل مع الكاتب: Ahmed Ramadan