مفاجأة حول موقع التنقيب الجديد لـ"آثار المطرية".. أرض مهجورة يحرسها البلطجية وتجار المخدرات

تقارير وحوارات

مزرعة المساجين
مزرعة المساجين



رئيس البعثة الأثرية: "مزرعة المساجين" الموقع الثاني للتنقيب عن آثار المطرية

أهالي بالمطرية: "المزرعة" غرزة لتجار المخدرات وملجأ البلطجية والمجرمين

على مدار الأيام الماضية، تحولت المطرية لأشهر منطقة في العالم، على خلفية الاكتشافات الأثرية التي شهدها المكان، والذي كان أبرزها تمثال الملك رمسيس الثاني، الذي تم انتشال الجزء الثاني منه 13 مارس، وسط ضجة عالمية.

وبعد الانتهاء من الاكتشاف الأول بالمطرية، كشف ديترش رو، رئيس البعثة الأثرية الألمانية، لـ"الفجر"، أنه من المقرر بعد الانتهاء من أعمال الحفائر بموقع سوق الخميس الذي اكتشف فيه تمثال الملك رمسيس الثاني، سيتم الانتقال إلى موقع تنقيب جديد يبعد عدة أمتار عن الموقع الحالي يسمى "مزرعة المساجين أو الأرض السودا"، مؤكدًا أن هذا الموقع الجديد به العديد من الاكتشافات الحديثة.

قصة وتاريخ الأرض السودا (مزرعة السجون)

لمن لا يعرف "الأرض السودا أو مزرعة المساجين"، هي عبارة عن قطعة أرض ذات مساحة كبيرة جدًا تصل لعشرات الأفدنة توجد في حي المطرية بشرق القاهرة خلف المسلة الفرعونية الشهيرة، ففي منتصف السبعينات، أُلحق لها اسم "مزرعة المساجين"، لأن مصلحة السجون كانت تجعل المساجين يزرعونها، وكانت تعرض ما تنتجه للبيع لأهالي المطرية بأسعار أقل بكثير مما يعرض في الأسواق، وتصدر الفائض إلى بعض المناطق الأخرى.

بعد فترة، دخلت وزارتا الآثار والأوقاف في نزاع، وقالت الأولى إن في باطنها الكثير من الآثار الفرعونية؛ أما الثانية قالت إن هذه الأرض وقف وتخضع لإشرافها، بينما جاءت وزارة الدفاع ووضعت كتيبة من كتائبها فيها لفترة من الوقت، وبعدها تركت الأرض دون أي استغلال، حتى يتم الفصل في هذا النزاع، ولكن الأرض بارت وأصبحت مقلبًا لمخلفات المباني واستغلها المجرمون والخارجون عن القانون في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك، كأوكار لهم يستغلونها في جميع أنواع الجرائم.

وبعد ثورة 25 يناير، استغل هؤلاء غياب الأمن والفوضى في تقسيمها فيما بينهم، وباعها بعضهم كأراضٍ للبناء، وهي تبنى الآن، والبعض الآخر عبارة عن جراچات للسيارات، ومقالب للقمامة، وجزء منه يتم فيه التنقيب عن الآثار.

تنقيب سري داخل الأرض السودا

"الفجر" ذهبت للأرض السودا "الموقع القادم لتنقيب البعثة الأثرية"، لكشف التحضيرات التي تسبق الاكتشاف الأثري القادم، وأثناء المحاولة الذهاب للمكان، وجّه العديد من الأهالي تحذيرات من التواجد في تلك الأرض، مشيرين إلى أنها أرض مهجورة تقع بداخلها عدة جرائم، وبها كثير من الخارجين على القانون.

"الأرض السودا" كما تلقب، بها عدد من المباني الجديدة التي لم يكتمل بناؤها، وورش على أطراف الأرض، وفي منتصفها تلال من القمامة، وعلى أطرافها لافتات معلقة مكتوب عليها عبارة "هذه الأرض تابعة لوزارة الأوقاف"، وبعدها بأمتار موقع مغلق بكاردون بداخلها عدد من العمال من الجنسين وعدد من أفراد البعثة الألمانية ينقبون عن الآثار، وحولهم عدد من الحراسات المكونة من أفراد عاديين.

"الفجر" حاولت الدخول للموقع، ولكن عدة صعوبات واجهتنا، أبرزها رفض جميع العمال الذين يحرصون على عدم متابعة أحد من المواطنين لأعمال التنقيب، وعند حدوث أي تجمع للمواطنين يتم تفريقهم بسرعة فائقة وحرص شديد، كان الرفض هو العنوان الأبرز للبعثة بشأن تواجد الصحفيين هناك، حيث تفرض سرية على المكان.

حكايات عن الأرض السودا (مزرعة المساجين).. ملجأ البلطجية وتجار المخدرات

وفي محاولة جمع معلومات عن الأرض والتنقيب، تواصلنا مع عدد من الأهالي، الذين كشفوا لنا عدد من الحكايات حول الأرض التي ستكون شاهدة على التنقيب الجديد، وأوضح أحد الأهالي، رافضًا ذكر اسمه، أن الأرض تعد مهجورة، يتم فيها كل أنواع الجرائم، قائلًا: "الأرض دي تعتبر مهجورة، لذلك فهي ضمن الأماكن التي يحتمي بها كل المخالفين للقانون".

وأضاف أنها مأوى لـ"بلطجية المطرية"، على حد وصفه، متابعًا: "الأرض دي إحنا مسمينها الأرض السودا بسبب القرف اللي بيجي منها، تعتبر من أخطر الأماكن اللي في المطرية، لدرجة وصلت أن الأهالي بيمنعوا أولادهم وخصوصًا البنات أنهم يعدوا من جنبها، فيها بيشربوا جميع أنواع المخدرات وبيبيعوا كمان، غير أنها كل البلطجية بيناموا فيها بالليل، وخصوصًا الناس اللي بتكون هربانة من الحكومة والسجون".

وأشار كذلك، إلى العديد من الجرائم التي وقعت هناك، قائلًا: "الأرض كمان وقع فيها جرائم قتل وسرقة كتير أوي، يعني مثلًا حرامية التكاتك بيسرقوها ويخبوها جوا الأرض، وطبعا محدش يقدر يقرب ليها من الأهالي للتأكد من السرقة وإلا هتبقى مجزرة، كما أنها شهدت وقوع جرائم قتل، ويحكى أن بعض المجرمين يدفنون ضحاياهم داخل الأرض، ولكن لا أحد يعلم صدق تلك المعلومة".

فيما قال "محمد. ع" أحد أهالي المنطقة، إن مزرعة السجون "الأرض السودا" أكثر الأماكن التي يتم بها سرقة الآثار، مستشهدًا بسرقة المسلة، مضيفًا: "سرقة الآثار في الأرض السودا كانت على مرأى ومسمع من الجميع، فكانوا مجهولين يقومون بالحفر اليدوي، أو عن طريق الأوناش، ويستخرجون تماثيل صغيرة ولا أحد يعلم من هؤلاء ولا تقوم وزارة الآثار بإعلان أي خبر عن تلك الآثار التي تستخرج، وكنا نعلم أن هؤلاء المنقبين حرامية آثار".

وكشف "محمد"، عن محاولات لجأ لها عدد من أهالي المطرية لتسهيل سرقة الآثار من هناك، قائلًا: "بعض أهالي المطرية استولوا بعد الثورة على أجزاء من الأرض السودا، وباستخدام حيلة أنهم يبنون عماير على تلك الأراضي، كانوا يعملون كردون حراسة حول قطعة الأرض التي استولوا عليها، ويحفرون في الأرض تحت حجة البناء، وعقب ذلك يسرقون الآثار كما يحلو لهم".