العلاقة الحرام.. الإخوان وبريطانيا تحالف منذ الملكية وحتى الآن

تقارير وحوارات

علاقة بريطانيا بجماعة
علاقة بريطانيا بجماعة الإخوان


يتحركون بحرية كاملة، ويعقدون إجتماعات سرية لهم، ويتمتعون بحق اللجوء السياسي رغم حظرهم واعتبارهم على قوائم الجماعات الإرهابية في مختلف دول العالم، هذه هي العلاقة التاريخية التي تربط جماعة الإخوان ببريطانيا، فبريطانيا تعتبر علاقتها بالجماعة استراتيجية ممتدة وبحسب التاريخ الموثق بالمراجع الاجنبية والعربية. 

 لم تكن علاقة الإخوان ببريطانيا حديثة العهد، بل هى منذ نشأة الجماعة، ومستمرة حتى اليوم، وخلال السطور التالية ترصد "الفجر" تاريخ العلاقة المحرمة بين بريطانيا وجماعة الإخوان الإرهابية.

الإخوان وبريطانيا في العهد الملكي

أما عن العلاقة التاريخية بين الإخوان ولندن، تكشفها الوثائق، الموجودة بكتاب إنجليزى يحمل اسم "العلاقات السرية" للكاتب مارك كيرتس وقد صدر فى 2010، حيث أشار إلى وجود صلات قوية بين الإنجليز، والجماعة منذ النصف الأول من القرن الماضى، ويتحدث من خلال وثائق بريطانية رفعت عنها السرية مؤخرا، حول توطيد العلاقات من خلال التمويل والتخطيط لإفشال المنطقة العربية والإسلامية.

قال "كيرتس": "كانت الإخوان تعتبر بريطانيا دولة ظالمة بسبب اعتدائاتهم على اليهود، ودعوا لمقاومة الاحتلال البريطاني، فى تلك الفترة، وكان الملك فاروق  حليفاً لبريطانيا، وفى الأربعينيات ومع مهادنة حكومة فاروق لحسن البنا، بدأت بريطانيا فى تمويل جماعة الإخوان منذ عام 1940".

وبحسب الكاتب الإنجليزى، فقد موّلت بريطانيا جماعة "الإخوان المسلمين" فى مصر سرا، من أجل إسقاط نظام حكم الرئيس السابق جمال عبدالناصر، التمويل الذى بدأ عام 1942، واستمر بعد وفاة عبدالناصر، ورغم استخدام الرئيس الراحل أنور السادات الجماعة لتدعيم حكمه وتقويض تواجد اليسار والناصريين فى الشارع المصرى، استمرت بريطانيا فى اعتبار الجماعة "سلاحاً يمكن استخدامه"، وفى الخمسينيات تآمرت بريطانيا مع الجماعة لاغتيال عبدالناصر، وكذلك الإطاحة بالحكومات القومية فى سوريا.

وقال الكاتب الانجليزى فى كتابه: "هدف بريطانيا من وراء دعم المنظمات الإسلامية فى ذلك الوقت هو التصدى للتيار القومى، الذى اكتسب شعبية كبيرة، والحفاظ على الانقسامات فى منطقة الشرق الأوسط، وجعلها تحت سيطرة سياسات منفصلة، لضمان عدم وجود قوة فاعلة وحيدة فى الشرق الأوسط تسيطر على المنطقة- وهو ما كان يسعى عبدالناصر لتحقيقه ويدعمه فيه المؤيدون للقومية العربية، التى كانت التهديد الأبرز لمصالح بريطانيا، خاصة النفطية، خلال عقدى الخمسينيات والستينيات.

علاقة بريطانيا والإخوان في عهد مبارك

فى عام 2008، أصدر جوشوا ستاشر الباحث فى معهد أبحاث السياسة العامة ( IPPR ) تقريرا بعنوان "إخوة فى الأسلحة"، أوصى فيه وبقوة ضرورة إشراك الإخوان المسلمين فى مصر، باعتبارها عنصرا حاسما فى المشهد السياسى المصرى، خاصة وأن التقرير اعتبر أن الجماعة استطاعت إثبات نفسها لتكون إحدى الجهات الفاعلة السياسية ذاتية التطور، وينبغى أيضا اعتبارها شريكا محتملا لأى عمليات متعلقة بالتنمية السياسية الإقليمية، وعلى الرغم من أن وثائق السياسات الأخيرة التى تنتهجها جماعة الإخوان أظهرت وجود حركة رجعية عازمة على الحكم الدينى بالقوة، إلا أنها تغاضت عن تلك النقطة، بل بدلا من ذلك، قيل إنها لإظهار مجموعة ملتزمة بتحقيق إصلاحات سياسية أكثر واقعية، وذهب التقرير إلى ضرورة عرض المعتقدات السياسية للجماعة، خاصة وأنها تستند إلى القيم العالمية.

فى دراسة قام بها كل من مارتين فريمبتون وشيراز ماهر، حملت عنوان "بين المشاركة وقيم بريطانيا- علاقة الإخوان المسلمين بالحكومة البريطانية من سبتمبر حتى ثورات الربيع العربى"، أشارت الدراسة أن العلاقة بين بريطانيا والإخوان اتخذت العديد من المنحنيات المهمة، والتى كان من أبرزها أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، وتفجيرات لندن عام 2005، وأخيرا ثورات الربيع العربى فى 2011، لتمثل تلك المراحل محاور رئيسية شكلت طبيعة العلاقة بين جماعة الإخوان ولندن.

في منتصف 1990، عندما شن حسنى مبارك حملة على الجماعات الإسلامية المصرية، الحكومة البريطانية وفرت اللجوء السياسى لأغلب أعضاء الجماعات الإسلامية.

وفى أعقاب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى فبراير 2011، كان ديفيد كاميرون أول مسئول بريطانى يزور مصر، فى وعود منه للمصريين بمد يد بلاده لمساعدة مصر لإنشاء دولة ديمقراطية، فى تلك الأثناء رفض كاميرون إجراء أى لقاء مع الإخوان المسلمين، الرفض الذى جعل عصام العريان عضو مكتب الإرشاد يشن هجوما حادا على كاميرون، وبحلول إبريل 2011، أفادت التقارير أن وفدًا من الخارجية البريطانية بقيادة مارى لويز آرتشر القنصل العام بالقاهرة، زار المكتب الإدارى للجماعة فى الإسكندرية، والذى أعلنه موقع الجماعة باللغة الإنجليزية "إخوان أون لاين"، ولكن لفهم الأحداث التى تلت ثورة يناير فى مصر، علينا أن نفهم منظور العلاقة بين بريطانيا والإخوان المسلمين منذ تفجيرات سبتمبر 2001 حتى يناير 2011.

علاقة بريطانيا بالإخوان بعد الثورة

أما حديثا فتجلى ارتباط الجماعة بلندن، بعدما أصدرت حكومة لندن برئاسة تريزا ماى قرارا يتيح لعناصر الإخوان، غير المتورطين فى أعمال عنف فى حق الحصول على اللجوء السياسى وذلك فى شهر أغسطس 2016، وقد وذكر التقرير الصادر عن حكومة لندن عدة أسماء من قيادات الإخوان مؤهلة للحصول على هذا اللجوء السياسى وكان فى مقدمتهم مختار العشرى، القيادى الإخوانى وعضو المكتب القانونى للجماعة.

وبعدها مباشرة استطاعت الإخوان عقد عدة مؤتمرات صحفية فى الجامعات البريطانية أبرزهم جامعة لندن وأكسفورد للدعوة إلى ما يسمونه بالعصيان المدنى داخل مصر، ولقاء تم أيضا بين مكتب التنظيم الدولى وأعضاء لجنة الشئون الخارجية بالعموم البريطانى حول فكر جماعة الإخوان، حضرها كل من مها عزام رئيسة المجلس الثورى المؤيد للإخوان، وجمال حشمت عضو مجلس شورى الإخوان، وحمزة زوبع القيادى الإخوانى، وآخرون.
وقد عقد التنظيم الدولي مؤخراً عدة اجتماعات في مدينة استراتفورد في شرق لندن، ضمت هذه الاجتماعات أمين عام التنظيم الدولي الذي يتمتع بعلاقات قوية داخل الدوائر السياسية من صنع القرار في بريطانيا - والقيادي همام سعيد مسؤول الاتصال الحالي عن منطقة الشرق الأوسط داخل الجماعة، ومن صناع القرار داخل بريطانيا كريستين بلانت وقد اتهم بأنه تواجد في اعتصام رابعة - وهذا الراجل هو لاعب أساسي في دعم التنظيم الدولي داخل الاتحاد الأوربي.

وخلال الشهر الجاري، أعلن مجلس العموم البريطانى، إنحيازه الإرهاب الإخوان، عندما أصدرت لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان البريطانى، تقريرا، حرضت فيه وزارة الخارجية البريطانية على عقد لقاءات مع قيادات الجماعة بلندن، وعدم حظر نشاط التنظيم، فيما قال خبراء، إن بريطانيا تتعامل مع الإخوان بمبدأ المصالح المشتركة بين الطرفين.

كما أن التنظيم عرض من خلال قياداته من رجال الاعمال مضاعفة الاستثمارات حتي نهاية العام بـ ٤ مليار جنيه أسترالييتي في مقابل تبني دعم الجماعة علي المستوي الدولي.

وعن حجم استثمارات جماعة الإخوان فى بريطانيا وكيفية تحرك عناصرها داخل لندن، كشف مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن جماعة الإخوان تمتلك فى لندن ثروة مالية ضخمة تقدر بحوالى 10 مليارات دولار.