مينا صلاح يكتب: هل مرت تذكرة المترو من ماكينة الأجهزة الرقابية

مقالات الرأي

مينا صلاح
مينا صلاح


لن أكتب سطورًا إنشائية تؤيد قرار حكومة المهندس شريف إسماعيل، برفع سعر تذكرة المترو لجنيهين، ولن أخوض في تفاصيل الخلافات التي وقعت خلال اجتماع لجنة النقل بمجلس النواب، مع المهندس هشام عرفات وزير النقل المعين مؤخرًا، والذي جاء ضمن حزمة الإصلاحات الوزارية التي لم تضف جديدًا حتى الآن، ولكني اكتب لكم اليوم عن ثروة قومية، بإمكانها أن تنفق على قطاعات الدولة، وأن تتطور ذاتيًا من مواردها، وأن تحل أزمات عدة، وهي رفع ثمن تذكرة المترو لجنيهين!

اتفق مع الذين يؤيدون القرار بزيادة السعر، فليس من المنطقي أن استقل خط حلوان المرج بجنيه، ولكن ليس من المنطقي أن اترك الفرخة التي تبيض ذهبًا وأنظر إلى برازها فقط !

لم يفكر الوزير الحالي للنقل هو ومن سبقوه في ذلك المنصب، في اتخاذ إجراءات من شأنها استغلال ذلك الكنز الحديدي الذي يسير على قضبان حديدية بالطاقة الكهربائية، ويستقله الملايين يوميًا، من شرق المحروسة لغربها، ومن شمالها لجنوبها.


التطوير:

لم نكن بحاجة إلى شركات أجنبية لتطوير الخطوط الحالية وإنشاء الخطوط المستقبلية، كالشركة الفرنسية، فنحن من حفرنا قناة السويس بدمائنا، ونحن من صدرنا خيرة مهندسي العالم لينشئ كبري خطوط مترو الأنفاق على مستوى العالم، لدول العالم الأول المتقدمة، فما الداعي إذن لتوقيع شراكات مع دول أجنبية، تفرض علينا حقوق انتفاع ومديونيات، فمن اتخذ القرار عليه أن يتحمل نتائجه وليس الشعب.


تذكرة المترو:

تلك الشريطة الورقية الممغنطة، التي لا قيمة لها سوى أن يقطعها لك فرد الأمن يدويًا عند دخولك لتعطل عشرات الماكينات التي تقرأ الشفرة، وهنا نتسائل لماذا لا يتم استبدال الماكينات بأخرى ولماذا نسير على نهج الشركة الفرنسية التي فرضت علينا بوابات العبور منذ الثمانينات، أقول لك بكل صدق قارئي العزيز، لأن ذلك يعود إلى شراكة مع إحدى شركات إنتاج الورق الأجنبية، التي نستورد منها لفافات التذاكر الممغنطة، ما يكلف الدولة ويكلفنا الكثير دون أي جدوى.

لم يتحرك مسئولًا من على مقعده ليتخذ إجراءات إصلاحية، باستبدال منظومة الماكينات والتذاكر، ودعنا نفترض المبالغة التقديرية لتكلفتها، ولكن بماذا قابلت الحكومة الشاب الذي طرح عليها مشروع طباعة إعلان على التذكرة الواحدة، من كبرى الشركات المصرية، ما يساهم في زيادة ربح المترو بشكل جنوني ؟!


شركة الإعلانات:

تمتلك الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، شركة مستقلة للتسويق والإعلانات، ولكننا لم نرى سوى إعلانًا يتيمًا دون شقيق، من وقت لآخر، على العلم أن المترو يعتبر هو الوسيلة الإعلانية الأغلى بين فئاتها، من الراديو والتلفزيون والمجلات والصحف حتى، فما العائق في قبول مواد إعلانية تسدد أرباحها ديون المترو، لم نجد بداخله إعلانًا سوى قليل من الفئات المضمحلة في فئتها لمراكز التأهيل، والمراكز الطبية، وتعرت أسوار المحطات والعربات، كما تتعرى الأنثي المغتصبة في سوق القماش من ثيابها!


المخالفات:

كم تحصد شركة المترو يوميًا من المخالفات، إذا افترضنا إنها تسجل 10 آلاف جنيهًا مخالفات، فأين يذهبوا ؟!


راديو المترو:

هل فكر أحدكم يومًا في قيمة تكاليف إنشاء راديو مترو الأنفاق، وما الفائدة والمردود المنعكس على الركاب منه ومن خدماته، فهل من المنطقي ان نموت خنقًا وتدافعًا ونحن نسمع أنغام أم كلثوم!

اعتمد راديو المترو على بث برامج غير منتظمة، وعلى بث أغنيات لا فائدة منها، حيث افتقد الخريطة البرامجية المتكاملة، فأي معلن قد يمكنهم إقناعه بعرض رسائله من خلاله؟!

ربما على وزير النقل أن يكف عن جولاته التي انتهج فيها أسلوب سالفه المهندس جلال سعيد، والتركيز على البدائل والإصلاح، فعدسات الصحف والسطور التي تكتب عنه يوميًا لن تفيد الركاب في شئ، ولكن ما يفيد هو رؤيته وخطته الإصلاحية، التي لم نرى منها شيئًا وكان على معاليه أن يكاشفنا بالحقائق قبل طلب زيادة سعر التذكرة.

أنا على اتم الاستعداد مجبرًا أن احجز تذكرتي من الآن قبل طرحها بالأسواق، ولكن ليس قبل أن يجيب عليّ وزير النقل هو أو من ينب عنه، على تساؤلاتي السابقة: "ليه سايبين الفرخة اللي بتبيض ذهب وباصين لبرازها" لما لا نستغل موارد دخل مترو الأنفاق ونحسن استثمارها!

وأناشد الجهات الرقابية أن تراجع موازنات مصروفات وإيرادات هيئة المترو، ووزارة النقل وقطاعاتها بشكل عام، للوقوف على المتسبب الحقيقي في ضياع المنظومة ومديونيتها، ورفع يده من على المنظومة الإدارية، والذي يدفع الشعب ثمن جهله وفشله، ويسدد فاتورته حتى الآن.

فماذا بعد الزيادة، هل يأتي إصلاح.. لا اعتقد ولن أعلق أمالًا على شماعات ضعيفة، فسيظل الوضع على ما هو عليه، حتى نتفاجئ بزيادة تلو الأخرى.

سطوري السابقة عن المترو فقط، أحد أفرع وزارة النقل، ولم أتحدث عن هيئة السكك الحديدية، والموانئ، والطرق والكباري، وشركاتها المتفرعة، مابالكم أنني أحدثكم عن وزارة بإمكانها أن تنفق على مصر وأهلها، لا ليخرج علينا وزيرها يحدثنا عن مديونياته، فهذا سوء إدارة ليس من  شأننا.