مينا ميلاد يكتب: وزارة السعادة وسعادة الوزير

ركن القراء

مينا ميلاد
مينا ميلاد


"لو الناس كلها تحب البلد وتخاف على مصلحتها زي ما بتحب نفسها كان زماننا أحسن بلد في الدنيا".. تلك المقولة قالها الوزير، بفيلم "الواد محروس بتاع الوزير"، أثناء زيارته إحدى المناطق العشوائية، وكان الحديث وقتها بين ثلاث أشخاص، وهم المتحدث بأسم المستثمرين والوزير و محروس.

كان الحديث كالتالي:

المستثمر: "تخيل سعادتك ياباشا لما يبقي هذا المكان البشع "الزرايب" تخيل يا باشا لما تتحول لمدينة ملاهي عالمية فالطفل من حقه ان يتفتح يا باشا واللعب حقً من حقوق الطفل ومن حق كل طفل في عصر سعادتكم ان يتزحلق على الزوحليقة و يتمرجح على المرجيحة.

 فرد محروس "ومش الطفل بس ياباشا الشعب كله لازم يتمرجح على المرجيحة و يتزحلق على الزوحليقة كله هيتزحلق لما هيتقطع نفسه.

 ومن ثم رد الوزير "انا شايف ان دى فكرة كويسه جدًا، بس انا شايف بيوت هناك هتعملوا فيها ايه؟

رد المستثمر ما هو ده سر استدعاء سعادتك يا معالى الوزير، الناس دول طماعين ولبط اووى تخيل سعادتك دول قاعدين في عشة متر في متر ومع ذلك بيرفضوا أي مبلغ المستثمرين بتقدمه ليهم، الناس دى سعادتك مش عايزة البلد تتقدم، فأجاب الوزير "لو الناس كلها تحب البلد وتخاف على مصلحتها زي ما بتحب نفسها كان زماننا أحسن بلد في الدنيا" .

راودني ذلك المشهد بعد حادث تسمم 3353 طفل مباشرةً بالمدارس، متذكرًا تلك المقولة الافتتاحية، وسؤالي ماذا ينقصنا وما علينا فعله في دولة يفترض إنها دولة قانون ذات طابع مُتدين؟، كي نطمئن على أولادنا ومستقبلنا بها؟، من أين تاتى المشكلة؟، أنعدام الضمير أم "التطبيل"، من قبل الجكومة  وعلى رأسها مجلس الشعب إلى الوزراء بشكل مبالغ فيه؟.

وأما نحن كشعب نقوم دائمًا باللوم على الوزراء!، ونتناسى سؤالًا، ماذا سيفعل الوزير تجاه قضية تخص أمن بلاده؟، سؤال مُحير رغم سذاجته .

من قديم الازل وحتي وقتنا هذا، ويؤسفني القول إن استمر الوضع هكذا، فستصبح الجملة الأصح، منذ قديم الازل وحتي نهاية الدهر، تكمُن مشكلتنا في محبة بلادنا، ويختلف منسوب المحبة إلى كل الفئات، فمنهم من يرى أن محبة بلاده تتلخص في عائلته و هو فقط، ومنهم من يرى أن محبة بلاده تتلخص في ما يمكن استغلاله، من ثرواتها لحسابه الشخصي، ومنهم من يرى المحبة عطاء للبلاد.

ناهيك عن مختلف وجهات النظر، ولكن ماذا بعد وجوب شخصًا لمنصب بالدولة، وهو على اقتناع مُسبق، أن المحبة تعنى عائلته وهو فقط؟.

حقيقةً كسُلطات مصرية، نُدرك المشكلة جيدًا، ولكننا لا نُريد حلها، في ظنًا منهم أن تم حل المشكلة، فهم لن يتمكنوا من نهب ثروات مثل تلك التي تتم، اثناء وجود فوضى بالبلاد، وذلك يسبب لهم شخصيًا مشكلة.

وما عن مجلس الشعب، فحقيقة الأمر انا شخصيًا لا أرى له أي فائدة، تعود على كمواطن، ودائمًا ما اُشبهه بما حدث قبلًا، وقت الاحتلال الانجليزي، بالاجتماع لست دول على يد مصطفي النحاس، وسُميت بجامعة الدول العربية.

بوقتها زعمت الصحف، أننا نمارس أزهى عصور الديمقراطية، وأن عصر الإنفتاح قد بدأ، وأن هذا اعظم قرار قامت به الدول العربية، باجتماعهم على طاولة واحدة، لمناقشة كافة المشاكل العربية، ولكن بحقيقة الأمر، لم يكن أيٍ من ذلك صحيحًا، ففكرة إنشاء جامعة الدول العربية، كانت بريطانيةُ الأصل، وكانت الفكرة تتضمن ثلاث أهداف، أولهم عدم دخول فلسطين تلك الجامعة العربية، بأعتبار مُسبق غير معلن من بريطانيا، أن فلسطين يستحقها اليهود، ثانيًا والتي كانت الأكبر، وهي إلهاء كل من كان يطمح في المناصب، "بالمناصب" حتي وأن كانت زائفة، والنقطه الثالثة، هي "الكوبري" فأن أرادت بريطانيا إصدار أمرًا، للدول العربية كانت تُرسلهُ مباشرةً، إلى ما سُمي "بجامعة الدول العربية"، ووقتها تكون بريطانيا فعلت ما أرادت، ولكن "بأيدى مصرية".

كواطن مصري، لن أطمح بأن يكون لدينا وزارة للسعادة، حال الدول الأخرى، ولكنني فقط أطمح بما طمح من ماتوا قبلًا، ولم تتحقق أحلامهم بعد، وبالرغم من تفاهة تلك المطالب وقتها، إلا إنها باتت شبه مُستحيلة، "عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية"، عيش لا يُسمم من يأكله ، حرية لا يدفع ثمنها أشخاص أخرون ، عداله ترضي الله بيننا ، فقط تلك المطالب وليست وزارة سعادة حاشا لله ، يا سعادة الوزير.