فؤاد راتب.. "الخواجة بيجو" الذي أشاد به الريحاني وأفسد "العندليب" حبه الأول

الفجر الفني

بوابة الفجر


عشقه للفن جعله يتمرد على طبيعة حياته الجادة، وخفة ظله كانت بوابة دخوله لقلوب الجمهور، هو فؤاد راتب، أو "الخواجة بيجو" كما عرفه الجمهور، وهي الشخصية التي جسدها في أكثر أعماله الفنية، وكانت مصدر بهجة وسعادة للمشاهدين، والمفارقة أن شخصية "الخواجة بيجو" التي اختار "راتب" تقديمها في مسلسل "ساعة لقلبك" على إذاعة البرنامج العام، كانت تبعد كثيرا عن حياته الشخصية قبل دخوله مجال التمثيل.

وُلد فؤاد راتب في ١ مايو عام ١٩٣٠م، وهو من أبناء محافظة الشرقية، وراوده حلم التمثيل منذ نعومة أظافره، ولكن الحظ عانده حتى مرحلة دراسته الجامعية، التي اعتقد أنها ستكون بوابة لتحقيق حلمه، فبينما يذهب الطلاب للدراسة في الجامعة، كان "راتب" يبحث عن مسرح الكلية، ولكنه واجه العديد من العراقيل التي حالت دون انضمامه إلى فريق التمثيل في عدد من الكليات، وانتهى المطاف بالتحاقه بكلية التجارة، والتي تخرج منها عام ١٩٤٩م.

كان الجزء الأول من حياة "راتب" يتصف بالجدية الشديدة، فبعد تخرجه من الجامعة، التحق بوظيفة باتحاد الصناعات وتدرج بها حتى صار مديرا إداريا للعلاقات العامة، ثم حصل على عدة درجات علمية في الدراسات العليا، وتخصص في مجال التخصيص والإحصاء في العلاقات العامة، ممل سهل له العمل بالعيئة الإفريقية الأسيوية للشئون الإقتصادية، وبعدها سافر إلى الكويت وتولى تنظيم العلاقات العامة حتى عام ١٩٧٢م، والتحق للعمل بالتليفزيون الكويتي كعضو ومقرر اللجان والاجتماعات التي يعقدها التليفزيون.

تحدى "راتب" نفسه وحقق نجومية كبيرة من خلال مشاركته في المسلسل الإذاعي الشهير "ساعة لقلبك" عام ١٩٥٢م، بشخصيته الشهيرة "الخواجة بيجو"، بالرغم من وجوده وسط كوكبة من نجوم الكوميدية في ذلك الوقت، ومنهم فؤاد المهندس، وعبدالمنعم مدبولي، ومحمد عوض، وأمين الهنيدي، لكنه استطاع تكوين ثنائي فني رائع مع شريكه الفنان محمد أحمد المصري، الذي جسد شخصية "أبو لمعة" وهو الشخص الذي ينتصر دائما على "بيجو" بكذبه وفشره، ويحتار الأخير في أمره، مرددا عباراته الشهيرة: "يا لخوتي، يا النافوخ بتاع أنا" وغيرهما.

"يا جدع انت مش بطال، خليك في التمثيل على طول"، بهذه الكلمات عبر الفنان الكبير نجيب الريحاني، أحد رواد فن المسرح، عن إعجابه بموهبة فؤاد راتب، بعد موقف جمع بينهما عام ١٩٤٨م، عندما كوّن راتب مع زميله نور الدمرداش فريق فني، وقاما بعرض مسرحيتهما على مسرح الريحاني في ذلك الوقت،  وفي إحدى الليالي انتهى الموعد المحدد للعرض حتى يجهز المسرح لعرض الريحاني، لكن المسرحية لم تكن قد انتهت، وعندما هاج المسرح حتى يغلقوا الستار، أمر الريحاني بأن يتركوا الفرقة تعمل وظل جالساً يشاهد العرض ويضحك على الخواجه بيجو، وتطورت علاقتهما بعد ذلك.

وعن حبه الأول لفتاة يونانية تدعى "ماريكا"، والذي أفسده الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، تروي زوجته فتحية الصاوي : "كان صبياً صغيراً يحمل تحت ابطة كراريسه ويلبس الشورت ويذهب الى المدرسة الابتدائية، وكان يسكن في الطابق الثالث من أحد المنازل، وكانت هناك عائلة يونانية تسكن الطابق الأول في نفس المنزل، أما الطابق الثاني فكانت تسكنة عائلة صديقه عبد الحليم حافظ الذي كان يصغره بعدة أعوام.. وكانت العائلة اليونانية لديها بنت صغيرة جميلة كان ينتظر خروجها أو عودتها ويبتسم لها ابتسامة رقيقة أو تحية".

وأضافت: "وراح يطلب من والدته أن تزور جارتها اليونانية.. الى أن جاء عيد شم النسيم وذهب اليهم ليهنئهم وفي طريقه الى باب الخروج وضع بيدها ورقة صغيرة طلب فيها منها أن يتقابلوا وحدد لها الزمان والمكان.. ولأول مرة أبدل لبس الشورت بالبنطلون.. وانتظر ولكنها لم تحضر وفي المساء قابلها في بير السلم ومدت إليه يدها بالورقة وهي تقول انا ما عرفش أقرأ عربي وخفت اعطيها لحد يقرأها.. وبدأ غراماً عنيفاً تشهده شوارع الزقازيق".

واختتمت: "ولكن عيون الصبية وعلى رأسهم عبد الحليم حافظ راحت تنغص عليه حبه فما كان تواعد معها فيه على اللقاء، حتى يكون حليم وبعض الصبية قد سابقه وبدأت قصة الحب تشيع بين أهل الحي على يد عبد الحليم حتى بلغت والدتها ومنعتها من الخروج، وبدأت والدته تضيق الخناق عليه خصوصاً بعد أن بدأ السقوط في المدرسة يتكرر ولم تجد والدته منفذاً الا أن تترك البلد وتذهب الى القاهرة حتى يفلح طفلها في الدراسة واقاموا في حي لازغلي".

اشتياقه للمسرح بعد غياب ١٢ عاما، لم يمنعه من رفض المشاركة في مسرحية "ممثل الشعب" في اللحظات الأخيرة قبل عرضها للجمهور، وكان السبب في ذلك هو اختلاف "راتب" مع مخرجها، اعتراضا منه على وضع الأخير لبعض العبارات المسيئة لمصر، وامتنع راتب، عن تقديم المسرحية، وحل محله فنان أخر، إلى أن تم حذف هذه العبارات المسيئة.

وقع الخواجة بيجو في براثن المرض، في نهاية حياته، حيث أصيب في الكويت بالشلل النصفي عام ١٩٧٥م، ولكن التليفزيون الكويتي ظل متمسكا به كمعدا للبرامج، حتى عاد إلى مصر عام ١٩٧٨م، وتوفى في عام ١٩٨٦م، إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة.