مترجمات في الإسكندرية: نعيش واقع خفي بسيطرة اللغة الإنجليزية ودور النشر تقدم"الفانتزيا"للأطفال لرفع مبيعاتها

الفجر الفني

بوابة الفجر


كشفت مترجمات بالإسكندرية عن أهم العواقب التي تواجه المترجم في مصر، وخاصة فيما يخص مترجمو أدب الاطفال، واتجاه الجيل الجديد إلى أخذ الجانب السلبي من الترجمة، دون الاعتماد على الجانب الإيجابي الذي يقوم على فهم واستيعاب الاخر بعمق، وذلك خلال مشاركتهم في ندوة"دور الترجمة في نشر الثقافات" على هامش فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، وقد تحدثت كلًا من الدكتورة نهاد منصور استاذ اكاديمي في علم الترجمة، الدكتورة هبه مكرم استاذ اكاديمي بكلية التربية جامعة الإسكندرية، مترجمة قصص الاطفال الدكتورة منى النموري، وقد ادار الجلسة ريهام صلاح.

 

وقالت الدكتورة نهاد منصور إن استخدام الجيل الجديد لغة "الفرنكو"وهي كتابة الكلمات العربية بحروف إنجليزية، قد تسبب في هيمنة اللغة الإنجليزية على اللغة العربية، وأن تلك السلوك اللغوي يتم استخدامه دون وعي وبشكل عفوي، ولكنه أدى إلى خلق واقع فعلي خفي يسمى في علم الاجتماع"هابيتس"، وأنه يظهر جاليًا في كتابة اسماء المتاجر ولافتات الشوارع بالحروف الإنجليزية.

 

وكشفت عن أنها قد تقدمت بمشروع أثناء ترأسها لجنة الترجمة بوزارة الثقافة، بتغيير كتابة اسماء الشوارع من اللغة الإنجليزية إلى العربية، وأيضًا اسماء المحلات، متبعة أن تلك المشروع لم يستمر، ولكنه يحتاج إلى وعي مجتمعي وخصوصًا لدى اصحاب المتاجر، الذين سيبدأون في ممارسة نشاطهم، وذلك لتغيير السلوك اللغوي للمواطنين، قائلة: "أي اجنبي يمر الان أمام المحلات سيظن أنه في دولة اجنبية وليس عربية بسبب استخدام الحروف الإنجليزية".

 

وأتبعت أن تلك السلوك اللغوي خلق ظن أن اللغة الإنجليزية أعلى من اللغة العربية، قائلة: "كلما ضعفت لغة المجتمع ضعفت ثقافته، وخصوصًا اننا مجتمعات متلقية للثقافة وليست منتجة لها، والحل الوحيد تواجد سياسة لغوية جديدة للمجتمع في مصر، والاتجاه إلى أخذ الجانب الإيجابي من الترجمة بعمق والتعرف على الآخر، دون الاعتماد على الجانب السلبي والهامشي في الترجمة".

وثمنت"نهاد" مبادرة عدد من الشباب بترجمة أفلام عربية إلى لغة انجليزية عير موقع"اليوتيوب" مثل ترجمة فيلم عسل اسود، قائلة: "تلك المبادرة اعتبرتها ايصال صوت، أننا لدينا انتاج عربي يمكن مشاهدته، وفرض اللغة العربية".

 

فيما قالت المترجمة"منى النموري" إن دور النشر في مصر يتجه إلى ترجمة قصص الفانتزيا للمراهقين دون باق الأنواع الأدبية على الرغم من اهميتها وتعدد انتاجها بشكل كبير في الخارج، وذلك عقب نجاح ترجمة سلسلة"هاري بوتر" لاطفال، وأن دور النشر اصبحت تتجه إلى ترجمة باق أنواع قصص الفانتزيا لاطفال، لرفع مبيعاتها.

 

وأرجعت"منى" ترجمة ايضًا قصص الفانتزيا للاطفال بسبب المحاذير المجتمعية التي تضع على الطفل المراهق في عدد من الموضوعات السياسية والمجتمعية، وخصوصاُ أيضًا أن الطفل المراهق في تلك الفترة يفقد قدرته على استيعاب الواقع السياسي من حوله، مما أدى إلى اتجاه إلى قصص الخيال ومدرسة السحر.

 

قد كشفت المترجمة عن واقع معايشة نجلها إلى قصص هاري بوتر، قائلة: "نجلي في سن المراهقة قد تعلق بهاري بوتر كانه صديقه الحقيقي، وبدأ يشعر بالاغتراب بداخله، وعندما اصبح ابني شاب وزار متحف هاري بوتر في امريكا، وجدته منبهر بالمتحف وكانه رجع طفل يقرأ هاري بوتر، وهذا دفعني كمترجمة إلى ترجمة قصص فانتزيا لاطفال لكن اكثر فائدة وذات قيمة".

 

وأوضحت أن أدب الاطفال قد كان بدايته قصص مترجمة بدأت على أيدي رفاعة الطهطاوي من الأدب الانجليزي، وقد تولى الشاعر"محمد عثمان جلال" ترجمة الآدب الفرنسي إلى العربية، وأن تلك الحركة قد ساهمت في تشجيع عدد من الكتاب والشعراء على كتابة أدب مخصوص للاطفال مثل الشاعر"احمد شوقي"، لكن انتاجه الشعري لاطفال قد كان محدود.

وتحدثت عن أهم المشاكل التي تواجه مترجم الاطفال، منوهة إلى أن مترجم الاطفال مازال ينظر إليه عن أنه مترجم درجة ثانية، مثلما يتم النظر إلى باق الفنون الأدبية مثل القصص البوليسية والالغاز، على الرغم أنها مسلية وقد تكون مفيدة وتحمل قيم، خاصة أن القصص المترجمة لها اهمية كبرى لاطفال في مرحلة قبل الدراسة، وأن تلك القصص المترجمة أثرت في تشكيل تصميم القصة والوانها والصور الخاصة بها، مثل ضرورة تطابق الصورة مع هدف النص.

 

 

فيما أكدت هبه مكرم على اهمية حركة الترجمة في التعرف على الاخر ومعايشة مشاكله واحتياجاته البشرية واهم قضاياه، والتي سيتفاجئ القارئ أنها متشابهة في الواقع العربي لكن مع اختلاف الثقافات، مستنكرة دافع عدد من الشباب إلى تعلم لغة أجنبية أو قراءة كتب مترجمة، بهدف التعرف على ما اسماه"لغة العدو".

 

ووصفت الترجمة الأدبية والقصصية بالجسر السحري بين الشعوب، فضلًا عن أنها اعطت قيمة للثقافات والكتابات، ذاكرة أن معظم قصص الاطفال في مورثنا الشعبي مثل قصة"السلحفاة والأرنب" هي قصص مترجمة، وأنها تعلم قيم مفيدة لاطفال.

 

وتحدثت"هبه" عن أهمية دور المترجم بأنه ليس شخصية مجهولة كما يعتقد عنه، بل أنه يلعب دور هام بالانتقال من الترجمة الحرفية للكتب إلى ايصال المعني الحقيقي الذي يريده المؤلف، قائلة: "عمل المترجم ليس هين، ويحتاج إلى وعي كبير ومسئولية، لأنه ينقل ثقافة شعوب إلى مجتمعات".

 

وشددت على أهمية أن يعي المترجم بأن الاستعمار لسنوات في مصر قد تسبب في شعور أن الآخر هو دائمًا الافضل والاستهانة باللغة العربية، وأن تلك النقطة يجب أن يراعيها مترجم اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، حتى يحافظ على قيمة المحتوى العربي بكلماته.