4 أدلة إسرائيلية تثبت ولاء رأفت الهجان الكامل لمصر

العدو الصهيوني

رأفت الهجان
رأفت الهجان


قبل حوالى 29 عاماً ,وتحديداً فى السادس عشر من شهر إبريل عام 1988 ,الذى وافق أول أيام شهر رمضان ,بدأ التلفزيون المصرى فى عرض حلقات المسلسل الشهير  رأفت الهجان الذى تم صياغة حلقاته من ملفات المخابرات  العامة المصرية عن قصة شاب مصرى تم زراعته ,داخل المجتمع اليهودى فى مصر  فى نهاية الخمسينات,من أجل إعداده للسفر إلى إسرائيل بعد ذلك, ليكون عيناً لجهاز المخابرات المصرية  داخل الدولة العبرية .

المسلسل لاقى  إستحساناً كبيراً لدى المشاهدين فى مصر والأقطار العربية  ,وفى المقابل  أحدث  ضجة شديدة وحالة من الفزع لدى الإسرائيليين ,إذ خرجت التساؤلات حول شخصية  هذا العميل المصرى المجهول ,وكيف خدع المجتمع اليهودى فى مصر , بهذه الطريقة البسيطة   ,وإكتفى الإعلام الإسرائيلى وقتها بمحاولة التقليل من الحدث ,وأشاروا ان العمل من وحى خيال المؤلف "صالح مرسى " ,بل أن بعض الصحف همشت القصة إلى درجة الإدعاء أن موسيقى المقدمة والنهاية للمسلسل  ,مأخوذه من موسيقى إسرائيلية معروفة !!!

ومع  عرض حلقات الجزء الثانى عام 1990 ,بدأت الصحف الإسرائيلية تثير القضية من جديد بإهتمام أكبر ,خاصة مع إبراز المسلسل لأهمية شخصية الهجان داخل المجتمع الإسرائيلى ,إلى درجة أن عُرض عليه  الترشح أكثر من مرة لتولى مناصب حساسة داخل الدولة العبرية ,أبرزها رئاسته لاحد الاحزاب و تقديم أوراقه ليكون عضواً بالكنيست ,إلى جانب علاقته الوطيدة برئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير ووزير الدفاع "موشيه ديان ".

ووقتها ومع زيادة حالة  القلق بين الإسرائليين ,ومع تصاعد الشكوك فى كفاءة أجهزتهم الامنية ,  تم الكشف عن شخصية "الهجان " لاول مرة فى الصحف الإسرائيلية ,وإدعى مسئول بالجيش الإسرائيلى ,أن إسم الهجان  الحقيقى هو "جاك بيتون" ,وأن المخابرات الإسرائيلية كشفته  ,بعد وصوله لإسرائيل بفترة قصيرة  ,وأنها عرضت عليه إما التعاون معها ,أو إيداعه السجن بتهمة التجسس والعمالة .

وقال مسؤول سابق بوزراة الدفاع الإسرائيلية يُدعى "إمرا بريد" أن من   ضمن الشكوك التى حامت حوله ,هو إجادته الفرنسية بطلاقة شديدة ,وهو مالم يكن شائعاً بين أبناء الجالية اليهودية فى مصر ,علاوة على كثرة سفرياته لاوربا للقاء القائمين على تشغيله فى مصر ,وهو ما زاد من الشكوك حوله ,نظراً لعدم إمتلاك المهاجرين الجدد للمال فى هذا الوقت .

لم تكتف الصحف العبرية بتفنيد القصة بهذه الطريقة الهوليودية ,بل ظلت تنشر اكاذيبها بشتى الطرق ,لإثبات صدق روايتها عن عمالة "جاك بيتون" لمصلحتها ,ووقتها زعم  أحد الخبراء النفسيين الإسرائيليين قائلاً ,أن الرواية المصرية تقول ,أن الهجان ظل فى إسرائيل 17 عاماً كاملاً منذ عام 1956 حتى عام 1973 ,وأضاف أن العميل فى الحالات العادية لا يمكنه تحمل الضغط  النفسى لأكثر من ست سنوات ,ووهو ما يعنى أن "الهجان" كان يعمل وسط أجواء هادئة ,نتيجة تنسيق المخابرات الإسرائيلية معه جميع المعلومات التى كان يرسلها لمصر , وأضاف أن ما يبرهن على صدق كلامه , وجود مصحات لعلاج الأمراض النفسية داخل بعض أجهزة المخابرات فى العالم ,لعلاج العملاء الذين تعرضوا لإمراض نفسية ,نتيجة عملهم المرهق نفسياً ,وخوفاً من تسرب المعلومات التى بحوزتهم إلى الخارج .

كاتب أخر زعم عام 1994 ,أن لو كان "الهجان "بطلاً قومياً ,لمنحت السلطات المصرية الجنسية لإبنه دانيال ,بعد أن رفضت السلطات ذلك بحجة عدم وجود ما يثبت نسبه لرجل مصرى .

ومؤخراً نشرت صحيفة هاآريتس تقريراً يزعم إستغلال عمالة "جاك بيتون " للمخابرات الإسرائيلية ,لتضليل مصر قبل حرب 1967 ,حيث طُلب منه إبلاغ الجانب المصرى أن إسرائيل لا تنوى إستهداف سلاح الجو المصرى خلال الحرب ,وهو ما ثبت عكسه ,حيث قامت إسرائيل بضرب كل المطارات الحربية المصرية مما مكنها من تحييد 80% من قوة الجيش المصرى وقتها ,وأعتبرت الصحيفة أن المعلومات المضللة  التى نقلها الهجان لمصر ,أسهمت كثيراً  فى هزيمة المصريين فى الحرب .

شكوك إسرائيلية حول ولاء الهجان للدولة العبرية
رغم الاكاذيب الإسرائيلية المتواصله التى لم تتوقف حتى اليوم ,حول شخصية "الهجان " إلا أن بعض الروايات الإسرائيلية شككت أيضاً فى مدى ولاء "جاك بيتون " لإسرائيل .

من ضمن الروايات  ما قاله رئيس الموساد الأسبق "إيسر هارئيل" فى حديثه عن الهجان قائلاً "ان السلطات الإسرائيلية  كانت تشعر وقتها بإختراق قوى فى قمة جهاز الامن الإسرائيلى ,لكننا رغم ذلك لم نشك مطلقاً فى جاك بيتون "

كما أشار المحللان ,"إيتان هابر " و" يوسى ميمان فى كتابهما " الجواسيس " إلى رفض فكرة عمالة "جاك بيتون " لإسرائيل وأنه كان جاسوساً مصرياً خالصا .

وقبل عشرة أعوام تدخلت أجهزة الشاباك والموساد , لمنع  إصدار كتاب عن رأفت الهجان  يحمل عنوان "لدغة النحلة _قصة عميل مزدوج " ,بحجة إحتوائه على معلومات مغلوطة   وطالبت بإدخال تعديلات عليه ,لإحتواءه على بعض المعلومات, تثبت ولاء الهجان لمصر .

ولعل أكثر الأشياء التى تثبت ولاء "رأفت الهجان " الخالص لمصر ,وتفند أكاذيب إسرائيل حول عمالته لها ,هو عملية سقوط جاسوس إسرائيل الاول فى سوريا "إيلى كوهين " الذى عُرف داخل سوريا بإسم "  كامل أمين  ثابت" الذى تدرج فى أعلى المناصب داخل سوريا خلال فترة الستينات ,والذى ظل سر الكشف عنه ,أحد أهم الألغاز التى عجزت المخابرات الإسرائيلية عن فك شفرتها .

 بعد سنوات من البحث والتدقيق ,توصل الموساد الإسرائيلى إلى إحتمالين  أولهما ,أن كثرة المعلومات التى تم مطالبة "إيلى كوهين " بتوفيرها لإسرائيل ,تسببت فى كشفه بعد أن أُثيرت الشكوك حوله ,بينما الإحتمال الثانى الذى توصل له جهاز الموساد الإسرائيلى وهو الأقرب  ,هو أن المخابرات المصرية هى التى وقفت وراء عملية الكشف عن الجاسوس الإسرائيلى _وفقاً لصحيفة هاآريتس .

ويتطابق الإحتمال الذى توصلت إليه المخابرات الإسرائيلية ,مع الرواية التى أفصحت عنها "فالتراود بيتون" ,أرملة البطل المصرى "رأفت الهجان" ,التى أكدت قبل سنوات ,أن زوجها هو من تسبب فى الإيقاع بالعميل الإسرائيلى إيلى كوهين  .

وقالت زوجة الهجان فى روايتها ,التى نشرتها صحيفة "هاآريتس " أن زوجها كتب فى مذكراته أنه كان مقرباً من أعضاء الشبكة اليهودية التى قامت بأعمال تخريبية فى مصر عام 1954,التى عُرفت إعلاميا بإسم "فضيحة لافون" ,نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلى وقتذاك "بنحاس لافون " ,وأوضحت أن زوجها كان من المقربين من "مارسيل نينيو " إحدى عضوات الخلية ,ومن "إيلى كوهين " الذى كان من مواليد الأسكندرية ,و تم إعتقاله هو و"كوهين " بعد فشل العملية ,وتم الإفراج عنهما بعد التحقيقات ,وتفرقا بعد ذلك حتى هاجر "كوهين "أو كامل أمين ثابت " إلى إسرائيل عام 1957 ,لينضم  إلى وحدة تجهيز العملاء ,التابعة لجهاز المخابرات الحربية "امان" وبعدها ,تقرر سفره للارجنتين وتعلم هناك  اللغة الأسبانية , لإعداده  هناك كرجل أعمال وإبن لمهاجرين سوريين ,وليتم بعدها تسفيره  إلى سوريا ,حيث مكث بها أربع سنوات كاملة ,قام خلالها بتزويد إسرائيل بعلومات غاية فى الاهمية والدقة .

وروت زوجة "الهجان" ,أنه خلال إحدى الرحلات التى قام بها زوجها لألمانيا وأثناء تصفحه لجريدة عربية ,شاهد بالصدفة صورة "إيلى كوهين" وهو بصحبة مجموعة من الضباط السوريين وهم يتفقدون إحدى الحصون العسكرية على هضبة الجولان ,بالقرب من الحدود الإسرائيلية ,وعلى الفور إتصل "الهجان " بالقائمين على تشغيله فى مصر ,وأبلغهم أن  "كامل أمين  ثابت ",ما هو إلا الجاسوس "إيلى كوهين" الذى تورط من قبل فى قضية لافون  ,وعلى الفور قامت المخابرات المصرية ,بنقل المعلومة للمخابرات السورية التى قامت بالقبض على كوهين ,وصدر وقتها حكماً بإعدامه فى ساحة المرجة بدمشق فى 18 مايو عام 1965 .

أدت هذه الرواية إلى تشكك الكاتب الإسرائيلى  وخبير الشؤون العربية بصحيفة هاآريتس "يوسى ميلمان ",فى مدى ولاء "رأفت الهجان لإسرائيل ,وقام بطرح فرضية هامة ,قال خلالها نصاً "إذا كان "جاك بيتون " عميلاً مزدوجاً ,وأحد الجواسيس الهامين الذين تفتخر المخابرات الإسرائيلية بهم ,إذن  هناك صعوبة فى إثبات صحة هذه الرواية ,ولكن.. من المعروف أيضاً أن مهمة جعل العميل مزدوجاً ,هى مهمة غاية فى الصعوبة ,فى العمل المخابراتى ,وبها مخاطرة ومغامرة شديدة ,إذ  يكون ولاء  العميل المزدوج الاول  ,لأولئك الذين قاموا بتشغيله أولاً ,بل أنه فى معظم الاحيان ,يقوم  ,بخيانة  من قاموا بجعله عميلاً مزدوجاً "_ يقصد به المخابرات الإسرائيلية.

الكاتب الإسرائيلي قام بعرض هذه الرواية والفرضية على جهاز الموساد الإسرائيلى ,ورفض مسؤوليه الرد وإكتفوا بالقول ,أن الجهاز لا يقوم بنشر معلومات عن عملياته السابقة .

ووفقاً لوجهة النظر المصرية ,روى الكاتب الصحفى الأستاذ "عادل حمودة" أنه أثناء توليه رئاسة تحرير  مجلة  روزاليوسف  منتصف تسعينات القرن الماضى إتصل به  رجل المخابرات السابق "محمد نسيم " فى ساعة مبكرة وهو منفعل بشدة ,وطلب مقابلته فى أمر عاجل ,وبالفعل حددا موعداً فى مقر المجلة  فى الثامنة صباحاً ,وذهب "محمد نسيم فى الميعاد وبدا عليه الإنفعال والتوتر الشديد ,وقال لعادل حمودة وهو غاضب "اليهود يدعون أن رأفت الهجان كان عميلاً مزدوجاً ,وهذا كلام خاطىء ,فإسرائيل لم تعرف عن الهجان الذى قضى داخلها 20 سنة , شيئاً إلا بعد أن أفرجت المخابرات المصرية عن القصة "وأضاف " لوكان الهجان عميلاً مزدوجاً  فلماذا بقى فى إسرائيل وتسائل ,كيف كان الهجان عميلاً للموساد ويقيم فى إسرائيل ,وأضاف انه ليس من عادة المخابرات الإسرائيلية الإنتظار  طويلاً ,للكشف عن العملاء المزدوجين ,ودلل "محمد نسيم " بقصة الجاسوس "كيفوركى يعقوبيان " الذى جندته المخابرات المصرية ,ونجحت فى زرعه داخل إسرائيل فى الستينات  ,لكن بعد أن  تم كشفه ,حولت إسرائيل القضية ,إلى مهرجان دعائى ,ونشرت عنه كتاب يُدعى الذئب الوحيد .

وينطبق حديث "محمد نسيم " حول أسلوب  إسرائيل  فى سرعة  الكشف عن  العملاء ,على  قضية "أشرف مروان ",فإسرائيل لم تهدأ طوال السنوات ال15 الاخيرة ,من أجل التلميح والترويج  أن "مروان " كان عميلاً مزودجاً عمل لصالحها قبل حرب 1973  ,ولم تصبر ولم تهدأ حتى  قررت الكشف عن إسمه وهو مازال على قيد الحياه ,وقبل وفاته بخمسه أعوام  ,وهو ما أعتبره بعض القادة العسكريين ,جريمة لا تغتفر فى العمل الإستخباراتى  ,وستؤدى إلى صعوبة تجنيد عملاء جُدد مستقبلاً .