عبد الحفيظ سعد يكتب: تكتيك الإخوان للهروب من وضعهم على قوائم الإرهاب الأمريكية

مقالات الرأي



الاعتراف بإسرائيل والترويج للمراجعات ومخاطبة ود القادة العرب وتحميل فاتورة الإرهاب لمحمد كمال

■ بناء على نصائح أصدقاء الإخوان فى المخابرات الأمريكية بعد مذكرة لإدارة ترامب تحذر من خسارة «حلفائهم» فى التنظيم


لا تنعزل تحركات تنظيم الإخوان فى مصر، ومدن أخرى أبرزها لندن وإسطنبول، عما يدور فى العاصمة الأمريكية واشنطن التى تشهد زيارة مهمة ومفصلية للرئيس عبد الفتاح السيسى، ولقائه مع الوافد الجديد للبيت الأبيض دونالد ترامب.

وبدأ تنظيم الإخوان للتو، يفيق من صدمة ما حدث له فى 30 يونيو، ليتحرك بوتيرة.. أخذت شكل مبادرات للمصالحة ومراجعات عما اقترفه من كوارث، وخطاب مختلف تماما مع رؤساء العرب.. واعتراف ضمنى بـ»إسرائيل».. وعملية انشقاقات واستقالات للرموز التى تتبنى خطاب العنف والإرهاب من داخل التنظيم.

كان كلمة السر فى تحركات الإخوان تلك «واشنطن» العاصمة التى يلعنها التنظيم بالنهار.. ويخاطب ود فراشها بالليل.. هكذا تنظيم الإخوان أدمن السرية، وصارت له عادة..

لا يتحرك ويغير مواقفه ولا يستجيب لمصالح وطنه ودينه، لكن ما يدفعه للتحرك واتخاذ المواقف، أجهزة مخابرات دولية، وأيادٍ خفية تحرك التنظيم، والذى لم يتزحزح أو يراجع نفسه رغم الملايين التى خرجت ضده فى مصر فى 30 يونيو، وأصوات غاضبة فى عواصم عربية أخرى.

لكن ما دفع التنظيم للتحرك، التهديد الصاعد من أمريكا بعد إدارتها الجديدة، بتصنيف الإخوان كتنظيم إرهابى، وهو الورقة التى يخشاها الإخوان وتصاعدت عقب وصول ترامب للبيت الأبيض، ووجود أغلبية للجمهوريين فى مجلس النواب والكونجرس الأمريكى، ما يهدد الأمان الذى حصل عليه التنظيم، من إدارة أوباما أو المخابرات الأمريكية، فى أنه لن يمس.

من هنا ظهرت التحركات الأخيرة للتنظيم، والتى برزت عبر إعلان أجنحة مختلفة فى التنظيم بإجراء مراجعات سياسية، بعد مرور ما يقرب من 4 سنوات من 30 يونيو، وتوجيه خطاب للقادة والرؤساء العرب فى قمة البحر الميت بالأردن، كان أبرز ما فيه الاعتراف الضمنى بـ«إسرائيل»، عندما وصفها بدولة إسرائيل، وليس دولة «الاحتلال» أو «الصهيونية» كما اعتاد على مدار عدة عقود، وذلك فى الرسالة التى وجهها التنظيم للرؤساء العرب قبل انعقاد قمته الأسبوع الماضى فى الأردن.

وكان يقف وراء الرسالة ليس قائد التنظيم فى مصر محمود عزت، القائم بأعمال المرشد فقط، بل عززها وأعلن عنها إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولى، ليؤكد ذلك أن تحظى بمباركة أفرع التنظيم فى البلاد المتواجد بها.

لكن لا تعد رسالة الإخوان والتى ضمت الاعتراف بإسرائيل، إلا جزءاً من عملية حراك، نصح به أصدقاء الإخوان فى أجهزة مخابرات عالمية أبرزها «CIA» الأمريكية، و«MI6» البريطانية، بضرورة أن يتحرك التنظيم ليغير خطابه وتكتيكاته الحالية حتى يتلافى التصعيد المتوقع من الإدارة الأمريكية الجديدة، والذى يمكن أن يصل إلى وضع كـ«منظمة إرهابية»، فى ظل مشروع قانون مقدم بالفعل للكونجرس الأمريكى، وتوجه لدى إدارة الرئيس ترامب، خاصة أن موضوع الإخوان من ضمن الملفات التى يحملها السيسى أثناء زيارته لواشنطن، والتى كانت تعد الحضن الدافئ للتنظيم قبل ثلاثة أشهر، فى ظل إدارة أوباما.

ولذلك جاءت نصائح أصدقاء الإخوان فى الأجهزة المخابراتية الأمريكية والبريطانية، بضرورة أن يغير التنظيم خطابه، سواء تجاه إسرائيل القريبة من الإدارة الأمريكية الجديدة، أو طريقة التعامل مع النظم العربية، وهو ما ظهر فى خطاب الجماعة لقمة «البحر الميت»، والذى خاطبهم بـ«أصحاب السعادة والفخامة» فى لغة غابت عنها الاستعلاء والإنكار للواقع والذى أصاب الإخوان سواء بعد وصولهم للحكم أو سقوطهم عنه.

ولم تكتف الإشارات الصادرة من الإخوان فى تغيير الخطاب تجاه إسرائيل أو الأنظمة العربية، بل ظهر خطاب جديد للجماعة، التى بدأت تسريبات من داخلها عن إجرائها مراجعات، تعتذر فيها عما اقترفته من أعمال خلال السنوات الست الماضية، ومحاولة فتح صفحة جديدة، والتى وصلت لحد أنهم يقبلون بالتراجع عدة خطوات وأن يقبلوا بالوضع الذى كانوا فيه طوال فترة حكم مبارك، بل تجاوز ذلك بتوجيه الإخوان رسالة بأنهم يتخلون عن العمل السياسى والاكتفاء بالدعوى، وهى لعبة قديمة استخدمها الإخوان مرتين فى السابق، سواء بعد عودتهم على يد الملك فاروق بعد مقتل حسن البنا، والمرة الثانية عندما عادوا للعمل مع الصلح مع السادات فى السبعينيات، وهى الصفقة التى لعب دور كبير فيها كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية والمعروف بصلاته القوية بالأجهزة الأمريكية.

ومن هنا يسعى الإخوان بناء على نصائح أعضاء أجهزة المخابرات المرتبطين بها، فى محاولة خلق شكل جديد له، للتبرؤ مما فعلوه فى السنوات الست الماضية، خاصة ارتباطهم بالإرهاب، وهو ما يفسر دفع الإخوان للداعية وجدى غنيم للاستقالة من التنظيم، خاصة أنه من أصحاب خطاب التحريض بالقتل والإرهاب، ضد الجيش المصرى، ووفقا لما ذكرته مصادر، فإن عملية خروجه، كان يقف وراءها إبراهيم منير، الذى أرسل له رسالة بذلك عبر ابن غنيم «ياسر» ، ويتوقع أن يتبرأ الإخوان من أسماء أخرى، تبنت خطاب العنف والإرهاب مثل محمد عبد المقصود وعاصم عبدالماجد، مع تحميل فاتورة العمليات الإرهابية التى قام بها أعضاء الإخوان على الفريق الذى كان يقوده محمد كمال، والذى أسس اللجان النوعية، قبل مقتله، وهو يفسر قيام الإخوان بطرد العناصر التابعة لهذه المجموعة من مساكنهم فى السودان، ويتوقع أن يقوم الإخوان بقطع الدعم المادى عن عناصر هذه المجموعة فى تركيا.

تحركات قادة تنظيم الإخوان فى مصر تزامن معها إجراء تكتيكى آخر، بإعلان أفرع للتنظيم بالانفصال عنه وهو ما حدث من قبل حركة حماس فى فلسطين والإخوان فى الأردن، وهو النهج الذى تسير عليه حركة النهضة فى تونس، وحزب العدالة والتنمية فى المغرب.

ويفسر ذلك، المذكرة التى رفعتها المخابرات الأمريكية، لإدارة ترامب فى فبراير الماضى، والتى أوصت بعدم اعتماد مشروع القانون الذى قدمه السيناتور تيد كروز، للكونجرس الأمريكى، ويطالب بوضع الإخوان كتنظيم إرهابى، واعتبرت المخابرات الأمريكية، سوف تعرض علاقات الولايات المتحدة مع عدد من «الحلفاء التاريخيين» للخطر، فى ظل وجود عناصر من الإخوان وتحالفهم فى حكومات فى المغرب وتونس، والأردن والكويت، ما يهدد مصالح أمريكا معهم.

ولذلك لم يكتف أصدقاء الإخوان فى المخابرات الأمريكية، بمذكرة ضد تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، خشية أن يدفع عدد من إدارة ترامب فى اتجاه والذى لهم موقف معلن من العداء للإخوان، خاصة مع فتح الموضوع خلال زيارة السيسى لواشنطن، ما دفعهم أن يطلبوا من أصدقائهم فى تنظيم الإخوان باتخاذ خطوات تتلافى صدور القرار، سواء بالإعلان عن المراجعات والاعتراف بإسرائيل، والتبرؤ من عناصرهم التى تورطت فى أعمال إرهابية.