منال لاشين تكتب: المبشرون بكعكة المناصب العليا

مقالات الرأي



■ وزارة المالية ترفض طلبًا لصندوق النقد بإقرار علاوة غلاء للموظفين

■ اختفاء 800 مليون جنيه من منحة الاتحاد الأوروبى للتغذية المدرسية

■ ترشيح مشيرة خطاب رئيسًا لمكتبة الإسكندرية تعويضًا عن خسارتها المتوقعة فى اليونسكو

■ جهات تستبعد أسامة الغزالى حرب من رئاسة القومى لحقوق الإنسان بعد لجنة العفو الرئاسى ومصطفى الفقى.. البديل


أصعب خطوة على الدولة هى حسم مصير المجالس والمناصب المهمة جدا والمميزة جدا فى مصر. هذا عرف قديم. الحكومة تقدم خطوة وتؤخر عشر خطوات قبل حسم مصير هذه المناصب. هذه المناصب مهمة ورفيعة المستوى ولها بعد دولى رغم أنها بعيدة عن مقعد أو بالأحرى منصب الوزير.

ويظل المبشرون بهذه المناصب مجرد ترشيحات. هذه الترشيحات تتغير من حين لآخر أو بالأحرى تبعا لمواقف المرشحين وقربهم من مراكز اتخاذ القرار وأصحاب النفوذ.

المثير أن إحدى المرشحات تحتفط بفرصتين أو بالأحرى منصبين أحدهما دولى والآخر داخل مصر وإن كان ذا بعد دولى. وهناك مرشح واحد لمنصبين مختلفين تمام الاختلاف.

فكواليس اختيارات المناصب المهمة أو بالأحرى كريمة المناصب لا تخلو من المتناقضات والأسرار و«الزنب».

الأكثر إثارة أن بعض المناصب الرفيعة جدا يتم توزيعها بمنطق التعويض. تعويض صاحب منصب عزل عن منصبه، ومن وجهة نظر السلطة أنه تجب مكافأته تعويضا له عن خسارته المنصب الأول. ربما تكون أشهر هذه الحالات هى تعيين السياسى الشهير الراحل كمال الشاذلى رئيسا للمجالس القومية المتخصصة وهو منصب يعامل كرئيس وزراء. وذلك بعد تركه منصب وزير مجلسى الشعب والشورى الذى مكث فيه لسنوات. ويتكرر هذا الوضع أو الصيغة التعويضية فى البنوك. فمع خروج وزراء المالية والاقتصاد من المجموعة الاقتصادية يتم تعيينه كرئيس لأحد البنوك كنوع من التعويض على خلعه من الوزارة. وعندما خرج رئيس الحكومة السابق الدكتور الراحل عاطف عبيد من رئاسة الحكومة منحوه رئاسة المصرف العربى الدولى كنوع من التعويض.. وكان هذا النوع من التعويض منتشرا بكثرة فى أيام نظام مبارك.

أحيانا يكون البحث عن منصب لشخصية عامة دافعا لترشيحه فى أكثر من منصب حتى لو كانت المناصب مختلفة ولا توجد علاقة بين الهيئات أو المؤسسات التى يتم ترشيح هذه الشخصيات لرئاستها.

وفى أحيان أخرى يعجب الحكومة أو النظام بأداء شخصية عامة فى إحدى الأزمات وتعتبره موقفًا مسانداً لها فيتم ترشيحه لأحد المناصب. ففى مصر كواليس الاختيار لرئاسة المؤسسات والمجالس معقدة وأحيانا مربكة.


1- سر المكتبة

بعد ثورة 25 يناير تقدم بعض العاملين بمكتبة الإسكندرية ببلاغات ضد رئيسها الدكتور إسماعيل سراج الدين. ودخل الرجل فى دوامة من الاتهامات. وبعد انتهاء هذه الدوامة طلب الرجل إعفاءه من منصبه. وأعاد الطلب عدة مرات بعد ثورة 30 يونيو. ويبدو أن سراج الدين وهو عالم جليل قد تأثر بما حدث له وما لحق به من اتهامات باطلة. ويرجع الموقف العدائى من مكتبة الإسكندرية إلى وجود سوزان مبارك على رأس المكتبة. ورحيل سراج الدين من طبائع الأمور. ولكن اختيار خليفة له طابع مصرى. فى البداية تم ترشيح السفيرة مشيرة خطاب لترأس المكتبة. ولكن فجأة ظهر اقتراح بترشيح مشيرة خطاب لمنصب دولى آخر وهو مدير اليونسكو. وبالفعل قامت مصر بترشيح خطاب إلى المنصب. وكان من البديهى البحث عن مرشح آخر لخلافة سراج الدين فى مكتبة الإسكندرية. وبالفعل طرح اسم الدكتور مصطفى الفقى. فالرجل سفير قدير وخبير سياسى وله باع فى الشأن الثقافى وشبكة علاقات كبيرة. كما أن المنصب تعويض للفقى على سحب مصر ترشيحه لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية والتى ذهبت لنبيل العربى. لكن تدخلت جهة عليا لتأجيل اختيار مدير جديد لمكتبة الإسكندرية لما بعد انتخابات اليونسكو. وذلك لاختيار مشيرة للمكتبة فى حال خسارتها انتخابات اليونسكو. ومشيرة أمامها معركة صعبة جدا خاصة بعد دخول فرنسا المنافسة بترشيح مرشحة فرنسية للمنصب. وتراهن مصر فى هذه المعركة على حق المجموعة العربية فى الفوز بالمنصب مرة لأنها المجموعة الوحيدة التى لم تفز بالمنصب الرفيع طوال عمر اليونسكو. ولكن فى ظل هذه الأوضاع لا يمكن الرهان على المنصب، وذلك نظرا لكثرة المرشحين العرب للمنصب. فإلى جانب مصر هناك لبنان وقطر والمغرب.

ولذلك ومع كل امنياتنا بالفوز لمصر ومرشحتها السفيرة مشيرة خطاب فإن احتمالات الفوز لا تزال ضعيفة. ولذلك احتمال اختيار مشيرة لمنصب مدير مكتبة الإسكندرية لا يزال قائما. وعلى الجميع الانتظار لحين الفضل فى انتخابات اليونسكو فى شهر أكتوبر القادم.


2- أزمة حقوق الإنسان

رسميا انتهت المدة القانونية للمجلس القومى لحقوق الإنسان. وبحسب الدستور يجب أن يصدر قانون جديد له ويتم اختيار رئيس المجلس واعضائه من قبل البرلمان.

وفى بداية عمل البرلمان الجديد بدأت الحكومة فى التواصل مع أعضاء المجلس ورئيسه الأستاذ محمد فايق للاتفاق على مشروع القانون. وكانت هذه الفترة شهر عسل بين النظام والمجلس القومى لحقوق الإنسان بتشكيله الحالى. ولكن شهر العسل انتهى مع مجىء وزير الشئون البرلمانية السابق المستشار مجدى العجاتى. وأصبح مشروع قانون المجلس يكتب بعيدا عن أعضاء المجلس وبدون الأخذ بآرائهم، بل تراجع اهتمام الحكومة بالقانون. وتأثر وضع المجلس مع تزايد الهجمة على حقوق الإنسان. واضطر رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل لإصدار قرار بالمد لرئيس وأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان لمدة عام حتى يظل وجودهم قانونياً من ناحية، وانتقالياً ومؤقتاً من ناحية أخرى.

منذ أشهر كان هناك مرشحان اثنان لرئاسة المجلس القومى لحقوق الإنسان. وكان كل من الاسمين يحظيان بالتوافق إلى حد كبير. أحد المرشحين كان الدكتور أسامة الغزالى حرب والآخر كان الدكتور مصطفى الفقى. والفقى كان عضوا سابقا فى مجلس ما قبل الثورة. وله موقف مهم

فقد كان الفقى من ضمن أعضاء المجلس الذين أصروا على نشر تقرير المجلس حول انتهاكات انتخابات مجلس الشعب المزورة فى 2010.وقد رفضت الحكومة إتاحة هذا التقرير للنشر. وهذا التقرير استخدمه حقوقيون فى دعوى قضائية لحرمان أعضاء هذا المجلس من الترشح بدعوى إفساد الحياة السياسية.

أما الدكتور أسامة الغزالى حرب فله قصة أخرى. فعندما طرح اسم الدكتور أسامة كانت عدة جهات بالدولة ترى أنه الشخص المناسب لتولى هذا المنصب الحساس. فمن جهة يحظى الغزالى باحترام عدد كبير من النشطاء أو المعارضين، ومن جهة أخرى فالرجل يعد شخصية توافقية إلى حد كبير ويظهر حكمة بالغة فى المواقف الحرجة. وقد انعكس هذا التقدير فى اختيار الغزالى حرب رئيسا للجنة العفو الرئاسى عن النشطاء المسجونين والمحبوسين. ولكن عمل الغزالى حرب فى هذه اللجنة اصطدم بأجهزة أمنية، وتقاطع مع عدم رغبة هذه الأجهزة فى الإفراج عن نشطاء رشحتهم لجنة الغزالى للحصول على العفو الرئاسى. ولذلك بدأت أسهم الغزالى حرب فى الانخفاض كمرشح محتمل للمجلس القومى لحقوق الإنسان. بتعبير أحد أصدقاء الغزالى «أسامة يطلع له فى كل شق ثعبان».

وطرح مرة واحدة اسم وزير الخارجية السابق نبيل فهمى ولكن لم يصمد هذا الترشح على الإطلاق. لأن بعض الجهات فى الدولة تعتبر نبيل فهمى منفتحاً أكثر مما يجب على الخارج، وجهات أخرى تحسبه على الدكتور محمد البرادعى.


3- التكريم والسن

المجالس الإعلامية سواء المجلس الوطنى للإعلام أو المجلس الوطنى للصحافة من المناصب المهمة التى شهدت كواليسها أحداثاً مثيرة. فالحكومة تأخرت فى حسم مصير هذه المجالس حتى تنتهى انتخابات مجلس نقابة الصحفيين. وقد دفع هذا التأجيل بعض الأسماء التى كانت تنوى الترشح على منصب النقيب إلى التراجع طمعا أو أملا فى رئاسة أحد المجالس.

وهناك أسماء ترددت فى الفترة الأخيرة مثل الأستاذ مكرم محمد أحمد وللإعلام الأستاذ أحمد انيس. ومكرم قامة صحفية كبيرة، ولكنه لعب دورا أثار الجدل والغضب من شباب الصحفيين فى أزمة اقتحام النقابة. وبدا للبعض أن هذا الموقف مسانداً للحكومة على حساب كرامة النقابة واستقلاليتها. وأنيس خبرة كبيرة فى الإعلام التليفزيونى. ولكن ظهرت اعتراضات أو بالأحرى توصيات من إحدى الجهات النافذة حول الاثنين. والملاحظه خاصة بعمر كل من الأستاذين مكرم وأنيس حيث شارفا على الثمانين «امد الله فى عمرهما». ولذلك نصحت الجهة البحث عن أسماء أخرى تجمع ما بين الكفاءة والحكمة أو الولاء، لكن أصغر عمرا حتى تكون قريبة من كل أجيال الصحافة. ولذلك فاختيار كل من مكرم وأنيس مهدد بسبب السن. وإن لم يتم استبعادهما تماما. ولكن يجرى الآن البحث عن ترشيحات أخرى من جيل الوسط وتدور أعمارها فى الستينيات. وتضمن قائمة الترشيحات نواباً من البرلمان ورؤساء سابقين لمجالس إدارات مؤسسات صحفية قومية وأستاذة وعمداء سابقين لكلية الإعلام. ولكن كثرة المرشحين لا تعنى سهولة المهمة. ألم أقل لكم الاختيار للمناصب فى مصر عملية معقدة وقرارات اختيار رؤساء هذه المناصب يسير بسرعة السلحفاة.