أحمد شوبير يكتب: النداء الأخير.. أنقذوا الشباب قبل أن يضيع الوقت

الفجر الرياضي




■ الإعلام الرياضي ساهم بشدة فى زرع التطرف لدى الشباب 

■ الوقت لم يفت والفرصة مازالت أمامنا

كفانا شعارات وخلافه فى الهواء تعالوا نعمل بجد لصالح الوطن ولو لمرة واحدة كفاية كلاما إنشائيا لا معنى له ولا فائدة منه على الإطلاق فحتى لحظة كتابة هذه السطور لم أر مبادرة أو خطوة من أى مسئول رياضى للوقوف صفا واحدا ضد الإرهاب الذى يهدد حياة الآمنين فى كل مكان فى مصر وعلى الرغم من اعترافى بالمجهود اللامعقول الذى تبذله أجهزة الأمن فى بلد بحجم مصر يتسع حدوده آلاف الكليومترات، إلا أن الأمن لن يستطيع بمفرده أن يوقف هذه الهجمات فالأزمة أكبر بكثير مما نتصور واللعب فى عقول الشباب أصبح أخطر مما يتخيله العقل والندوات والمحاضرات النظرية التى نقرأ عنها أو نشاهدها فى البرامج التليفزيونية لا تخاطب الشباب الذين نرجوهم فمن منا يتخيل أن شابا فى العشرينات من عمره يضع حزاما ناسفا ويفجر نفسه فى جمع من الناس أيا كانوا مسلمين أو مسيحيين مدنيين أم عسكريين ولكن كيفية الوصول إلى هؤلاء الشباب وتجنيدهم ثم فى النهاية إقناعهم بأن الجنة فى انتظارهم فتكون النتيجة ضحايا أبرياء لا هم لهم سوى إرضاء ربهم بالصلاة سواء فى مسجد أو كنيسة ثم يخرج علينا بعض الإعلاميين بصراخ وعويل ووعيد وهو الأمر الذى لم يجد أبدا مع هؤلاء.

لن أتحدث عن تغيير الخطاب الدينى فهذا ليس شأنى ولا أعرف فيه شيئا فأنا مسلم.. أصلى وأصوم وأزكى وأحاول أن أكون صالحا قدر إمكانى وأمور الدين يفهمها رجال الدين وهم الأقدر على التحدث والخوض فيها وإيصال مفهوم الدين الصحيح للجميع ولكن ما أعرفه جيدا هو كيفية مخاطبة الشباب والوصول إلى قلوبهم ثم عقولهم فالفكر المتطرف لا يعرف أولا سوى البدء بالقلوب والترغيب فى الجنة وتكفير الحاكم والمسئول واللعب على وتر الفقر والمرض والحاجة ولهم شيوخهم ورجالهم الذين يجيدون تماما هذه اللعبة ولديهم من الصبر ما يكفى لسنوات لزرع الفكر المتطرف فى عقول هؤلاء الشباب وهم لا ينتظرون إلا أعدادا قليلة توافق وتقتنع بفكرة الحاكم الكافر والغريب أنهم دائما وأبدا ما ينجحون والدليل أن الذى فجر نفسه فى الكنيسة البطرسية كان شابا لا يتجاوز العشرينات ثم تكرر الأمر نفسه فى طنطا والإسكندرية كل هذا ونحن فقط ما زلنا نخاطب ود الجماهير وكيفية الالتزام حال العودة للمدرجات وكأن المباريات دون جماهير أصبحت كفرا وعدوانا وظلما كل هذا ونحن حتى لم نستطع توجيه رسالة ترغيب ثم ترهيب اللهم إلا أخيرا وبواسطة الأمن لهؤلاء الشباب والذين كانوا للأسف وقود التمرد والخروج عن القانون فى كل مكان من مصر فوجدناهم فى القاهرة وبورسعيد حتى سقط العشرات ضحايا من هذا الفكر الشيطانى والذى نجح أئمة الكفر والتطرف فى زرعه بداخلهم بل إننا تجاوزنا عن صفحاتهم والتى كانت تدعو وبوضوح إلى الخروج على الدولة والإضراب والعنف حتى أصبح مجرد دخول مباراة رياضية دربا من أنواع الجنون ولم نتحرك ولم نضع الحلول حتى بالقانون إلا مؤخرا عندما صدرت الأحكام الرادعة فبات الكل أو المعظم خائفا لأنه علم أخيرا أنه فى دولة يحكمها القانون وأنه لا يمكن للجماهير أن تسير الأمور بمزاجها والأمر مازال دون السيطرة الكاملة حتى الآن ولكنه على الأقل أصبح فى طريق السيطرة فالقانون هو الذى يحكم وفى الوقت نفسه الحوار مع الذين يفهمون ويعقلون مطلوب ليس فقط بالنداءات ولكن باختيار الشخصيات التى يمكنها أن تؤثر فى فكر وعقل الشباب بدلا من النماذج السيئة التى زرعها البعض داخل القنوات لتشجع وتساند الإرهاب والتطرف فى البرامج التليفزيونية وللعلم فقد حذرت شخصيا مسئولين كبارًا من أن هذا الفكر وهذه البرامج الموتورة المهتزة ستكون عاملا رئيسيا فى اشتعال أزمات وتفجيرات ولكن وبكل أسف لم ينتبه أحد لكلامى وحتى عندما خرج السيد رئيس الجمهورية فى أحد البرامج ليعلن أننا تأخرنا ولم ننتبه لتحذيرات أحمد شوبير، غضب البعض وشن حملة شعواء على شخصى وازداد فى الدفاع عن هذا الفكر المتطرف الذى لم نعرفه طوال حياتنا فى الملاعب إلا بأيدى هؤلاء والذين لا أحملهم المسئولية بل أحمل الكبار والذين ساعدوهم إما بالتغاضى والكسل عن كل ما فعلوه من خروج عن النص والقانون أو بتشجيعهم بأنهم أبناؤنا ولابد من الحوار والكلام وهو الأمر الذى لم يجد من قريب أو بعيد فكانوا بداية للتطرف والقتل والدمار. 

ومرة أخرى أقول: إن هناك كثيرين ممن لعبوا فى عقولهم وزرعوا الفتن بينهم من أئمة جهلاء ملوك تطرف وزاد على ذلك بوجود إعلاميين منتشرين فى القنوات المختلفة يزرعون هذا الفكر ويروجون له سواء من خلال التعليق على المباريات، وقد رصدت كل ما فعلوه وقدمته بالأدلة والبراهين للسادة المسئولين ولكن وبكل أسى وأسف لم ينظر أحد أبدا إلى ما قدمناه بل استخفوا بنا حتى وصلنا إلى أن الشباب يفجر نفسه فى شباب مثله وأطفال أبرياء وشيوخ لا حول ولا قوة لهم إلا الدعاء لله بأن يغفر للجميع.. هذه هى الفرصة الأخيرة لكى تكون هناك رسالة واضحة للمجتمع كله ولا أطلب ذلك من وزير أو رئيس وزراء بل لابد وأن تكون سياسة دولة وقوانين مكتوبة ومعروفة تطبق بإحكام وصرامة على الجميع إن أردنا أن نوقف نزيف الدم الذى يهدد مجتمعنا واقتصادنا وأرواحنا ويروع الآمنين ويحرج الدولة بجميع مؤسساتها.. نعم أعلن أن الحل ليس يسيرا ولكن على الأقل أن نسير فيه ونبدأه ونحاول أن نضع خطوات العلاج بدلا من الضحك على الكبار بمشروعات وافتتاحات ونترك الشباب يموت فى كل مكان.