عبد المسيح ممدوح يكتب: كاهنان ومأساة فقيرة

ركن القراء

عبد المسيح ممدوح
عبد المسيح ممدوح


حظها العثر جعلها تتأخر لتلحق بآخر الطابور، طابور ممتد أمام مكتب القس "ف" كاهن بكنيسة في الجيزة، مكتبه فخم مكيف الهواء، ظل الطابور يتحرك ببطء إلى أن اقتربت منه وهي تدعو الله أن تبتسم كالخارجين من المكتب حاملين بعض المواد التموينية ودجاجة، لكن حظها العثر لم يشأ أن يتركها فقد انتهى القس من توزيع كل الدجاج، استعطفته أنها تريد فقط دجاجة تطهوها لأطفالها في العيد، نهرها بشدة ودعاها للخروج من المكتب وبعدها استعطفته كثيرا طردها وهو يصرخ في وجهها "امشي اطلعي برا لأندهلك الأمن يطردوكي" ، وبالفعل ضغط على زر الجرس ليهرول شابين ناحيتها ويخرجانها من الكنيسة بالكامل والدموع تعلو عينيها.

 

ليت القس المسكين يعلم أن اسم السيد المسيح ارتبط بأعمال الخير والإحسان، ولذا جاء بين آيات الإنجيل ما يعبر عن خدمته دون انتظار المقابل "كان يجول يصنع خيرا" في كل مكان يذهب إليه وتطأه قدميه، حباً منه في الإحسان والاهتمام بالمحتاجين والمعوزين والبسطاء طاف وضم تلاميذ لينتشروا ويكرزوا ويخدمون الجميع بمحبة عارمة.

 

دفع هؤلاء التلاميذ وإيمانهم بالتعاليم التى رأوها فى المعلم "المسيح" اتسموا بالوداعة والبساطة والحنو للجميع واحتواء الكل ولم يلفظ يوماً إنسان وبخاصة الفقراء الذين اسماهم المسيح "إخوة الرب" ليعزز مكانتهم وضرورة الاهتمام بهم.

 

رغم أن الكنيسة بدورها دائماً وأبدا تؤكد أنها تسير فى درب الأباء الأولين وعلى خطوات المسيح، بينما غاب عنها خلال الأونة الأخيرة أهم مظاهرها وهو الاهتمام بالخدمة وبخاصة الفقراء والمحتاجين؟!

 

تلجأ الكنيسة لخدمة المحتاجين في القرى والنجوع وحتى المدن، لتسد ما تعجز الدولة عنه في تلبية احتياجاتهم بسبب فشل الدولة في أداء دورها تجاه مواطنيها على أكمل وجه.

 

وفي أحد المدن وتحديدا الإسكندرية، أنه يوجد أحد الآباء الكهنة الذي يعامل "أخوة الرب" كأنهم عبيد عنده، بمعاملة غير آدمية على الاطلاق، إضافة لصوته العالي معهم، ومعاملته السيئة جدا التي يجب ألا تخرج من أب كاهن يجب عليه الحفاظ على أبنائه وبناته بالكنيسة.

 

هذا الكاهن لا يقوم بتوزيع احتياجات الفقراء أول بأول، بل يقوم بحفظها حتى يتحول أغلبها للعفن، وحدث هذا مرات عديدة ولا يستمع لأحد ولا يقوم بتغيير أسلوبه الذي لا يتناسب مع نوع الخدمة.

العديد من الأشياء حدث بها تسوس بسبب أن السيد المسؤول عن الخدمة رفض أن يقوم بتوزيعها إلا قبل الصوم، رغم أن الكنائس بهذه المنطقة من الكنائس التي يأتي إليها العديد والعديد من مستلزمات الخدمة من مختلف الأماكن والأديرة.

 

لماذا أيها الكاهن العظيم لا تقم بتوزيع ما يتواجد عندك طالما هناك وفرة و"الخير كتير"؟

 

أيها السادة القائمون على أمور الكنيسة هل من منقذ لهؤلاء اللأشخاص الذين ليس لهم حول ولا قوة أو أي من القلوب الرحيمة لتحنوا عليهم؟ لأنهم يحتاجون رفقا بأحوالهم وبظروفهم ويجب عليكم احتوائهم بشكل سليم.

 

يجب على القائمين على أمور الكنيسة وقداسة البابا الاهتمام بهذا النوع من الخدمة لأنهم يعانون في الكثير من المناطق من بعض ممن يسمون أنفسهم كهنة مسؤولين عن الخدمة، وهم لا يعلمون معنى كلمة خدمة عملا بكلام السيد المسيح.

 

ملحوظة القصتين المذكورتين حدثتا بالفعل وليستا من نسج الخيال، لكن الكاهنان ببساطة نسيا كلام السيد المسيح وتعاليمه وعطفه ولو بكلمة على الفقراء والمحتاجين والمعوزين والمرضى، وحينما انتهره الكتبة والفريسيين أنه يجلس مع الخطاة والعشارين قال لهم "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى".