"زنقة" البرلمان.. بين أحلام الشعب وأوامر الحكومة

العدد الأسبوعي

مجلس النواب - أرشيفية
مجلس النواب - أرشيفية


تجاهل القوانين المكملة للدستور ومرر المقيدة للحريات


بخطى غير منتظمة يسير مجلس النواب فى تشريع القوانين، ورغم اقتراب دور الانعقاد الثانى من الانتهاء، إلا أن أحدًا تحت قبة البرلمان لا يعلم ما هى المعايير التى على أساسها تتخذ هيئة مكتب المجلس برئاسة الدكتور على عبدالعال قراره بمناقشة مشروعات قوانين وإقرارها، وإبعاد أخرى.

عشرات القوانين لم تر النور حتى الآن فى مجلس النواب، رغم تقدم أصحابها بها منذ وقت طويل، فى الوقت الذى أنجز فيه البرلمان عدة مشروعات قوانين فى ساعات معدودة، ما دعا البعض إلى إطلاق اسم قوانين كبار الزوار على بعض القوانين التى أنجزها البرلمان سريعا، رغم الاعتراضات الكثيرة التى لاقتها.

ونصت المادة 20 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على: «يضع مكتبُ المجلس جدولَ أعمال الجلسات وفقاً لخطة العمل المقررة، مراعيا أولوية إدراج مشروعات القوانين التى انتهت اللجان المختصة من دراستها، وكذلك الموضوعات الهامة الجارية».


1- قوانين فى الثلاجة

من أبرز القوانين التى لم تر النور رغم الانتهاء منها داخل اللجان النوعية المختصة، قانون المحليات، والذى استحوذ على أغلب نشاط لجنة الإدارة المحلية، وشهد العديد من المناقشات الساخنة داخل اللجنة على مدى عدة أشهر، ورغم الانتهاء منه، إلا أنه لم يعرض على الجلسة العامة حتى الآن.

الأدهى من ذلك، أن هناك توقعات من جانب عدد من النواب بأن البرلمان قد يرجئ مناقشة القانون إلى دور الانعقاد المقبل، بدعوى أنه سيستغرق وقتا كبيرا خلال مناقشته بالجلسة العامة، إضافة إلى أن هناك أولويات تشريعية أخرى على رأسها مناقشة الموازنة العامة، والتى ستنتهى بالتزامن مع الإجازة البرلمانية فى يونيو المقبل، ما ضرب حديث المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء حول إجراء انتخابات المحليات فى الربع الأول من 2017 عرض الحائط.

وسبق وأعلن رئيس الوزراء فى برنامج الحكومة أمام البرلمان العام الماضى، حسم إجراء انتخابات المحليات فى الربع الأول من عام 2017، إلا أن هذا الحديث أصبح فى مهب الريح، خاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية فى 2018.

وفى يناير الماضى وافقت لجنة الخطة والموازنة على تعديل قانون الموازنة العامة، بإلزام الحكومة بتقديم تقرير سنوى عن الديون، والذى تقدم به النائب محمد فؤاد عن حزب الوفد، واستحداث مادة بالقانون تهدف إلى تطوير نظام المتابعة المالية والاقتصادية، من خلال إعداد تقرير لاستدامة الدين.

ويتيح ذلك وضع خطة لسداد تلك الديون ومتابعتها ومتابعة مصادرها وحجمها وحصرها وكيفية السداد بشكل أفضل، مضافًا إليه ديون الهيئات العامة والصناديق ذات الميزانيات المستقلة، لأنها تبقى فى النهاية ديونًا تلتزم بها فى النهاية الخزانة العامة للدولة، وحتى الآن لم يدرج مشروع القانون على جدول أعمال المجلس.

قوانين الاستحقاقات الدستورية هى الأخرى عانت من التجاهل وعدم طرحها ضمن أولوية عمل المجلس، والدليل على ذلك النائبة أنيسة حسونة، لها قانونان معلقان داخل اللجنة التشريعية منذ فترة طويلة، وهما قانونا مفوضية المساواة ومكافحة الفساد، حيث سبق وتقدمت فى دور الانعقاد الأول بمشروع قانون مفوضية المساواة ومنع التمييز، إضافة إلى قانون الهيئة التنسيقية  لمكافحة الفساد المقدم منها وثلثى النواب، وتلك القوانين استحقاقات دستورية، طبقا لنصوص المادتين 53 و218 من الدستور.

ليس ذلك فحسب، أيضًا قانون التصالح فى مخالفات البناء، من القوانين التى لم تر النور، على الرغم من تأكيدات أعضاء اللجنة أنه سيوفر للدولة أكثر من 30 مليار جنيه حال إصداره، أما مشروع قانون تجريم العنف ضد المرأة المقدم من النائبة سولاف درويش فى فبراير الماضى، فلم يناقش حتى الآن داخل اللجان النوعية المختصة، ما دعا النائبة مقدمة المشروع لمطالبة الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، بضرورة مناقشة اللجان النوعية المختصة لمشروع القانون المقدم منها، والذى أحاله رئيس المجلس للجنة مشتركة من لجان الشئون الدستورية والتشريعية وحقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى والأسرة فى 26 فبراير الماضى.


2- قوانين خلافية

قوانين أخرى كان مصيرها التجاهل بمجرد الاعلان عنها، نظرا لإثارتها الرأى العام، وجاء على رأسها قانون الرؤية الذى تقدمت به النائبة سهير الحادى، عضو ائتلاف دعم مصر، والذى لاقى رفضًا شديدًا، سواء من جانب المنظمات الحقوقية المهتمة بشئون المرأة أو من خلال الأمهات المطلقات، لما له من تمييز ضد النساء فى مسألة حضانة الطفل.

أضف إلى ذلك قانون الإيجارات القديمة، الذى بمجرد الإعلان عن مناقشة المجلس له، أثيرت العديد من الانتقادات والانقسامات فى الشارع المصرى بين مؤيد ومعارض للقانون، ما دعا الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس إلى التأكيد فى إحدى الجلسات العامة على أن قانون الإيجار القديم لم تتم مناقشته داخل أى لجنة من لجان المجلس، وليس له أى وجود من الناحية القانونية، وشدد وقتها على أن المجلس لا يمكنه تمرير أى قانون يضر بالمواطنين بصورة أو بأخرى.

واستهدف مقترح تعديل قانون تنظيم العلاقة الإيجارية القديم، المقدم من النائب معتز محمود، الرئيس السابق للجنة الإسكان بالبرلمان إيجاد حلول للمشكلات الناشئة عن استمرار قانون الإيجار القديم، الذى تم وضعه فى سبعينيات القرن الماضى، وأهمها تدنى القيم الإيجارية للوحدات السكنية والتجارية المؤجرة وفقًا لأحكامه، والتى لا تتعدى بضعة جنيهات، بينما تقدر مثيلاتها فى ذات المنطقة أو الشارع نفسه، بما لا يقل عن 1000 جنيه، فضلا عن حالة «التوريث الإيجاري» لأقارب المستأجر من الدرجة الأولى.

قانون العدالة الانتقالية هو الآخر أحد القوانين المكملة للدستور، والذى كان لزامًا على البرلمان إصداره فى دور الانعقاد الأول، يعانى أيضًا من بعض العثرات تحت القبة، نظرا لرفض النواب فكرة التصالح مع الإخوان لاعتبارها جماعة إرهابية متورطة فى الدم، ما أدى إلى تراجع الحكومة عن تقديم القانون، وأفسحت الطريق للبرلمان لإصداره.


3- قوانين كبار الزوار

على عكس ما سبق، شهد مجلس النواب إنجازًا لبعض القوانين فى فترات قصيرة، ما دعا البعض إلى تشبيه مناقشات البرلمان لهذه القوانين بعمليات «السلق»، أو إطلاق مسمى قوانين «كبار الزوار» عليها.

ومن أبرز هذه القوانين، تعديل قوانين السلطة القضائية، الذى تقدم به النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل اللجنة التشريعية، والذى أعطى لرئيس الجمهورية سلطة اختيار جميع رؤساء الجهات والهيئات القضائية باستثناء رئيس المحكمة الدستورية العليا، من بين 3 مرشحين تختارهم المجالس العليا لكل جهة من بين أقدم 7 نواب للرئيس.

وأنجز البرلمان مشروع القانون فى وقت قياسى، رغم اعتراضات القضاة، وشبه عدم دستورية القانون، لمخالفته مبدأ استقلال القضاء، وكذلك قانون الجمعيات الأهلية، الذى أعده النائب عبدالهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن، واحد من القوانين التى خرجت إلى النور فى وقت قياسى، رغم اعتراضات بعض الحقوقيين والسياسيين، وأعضاء مجلس النواب.

وناقش البرلمان أيضًا فى وقت قصير جدا قانون التنظيم المؤسسى للصحافة والإعلام، والذى يستهدف معالجة الأوضاع الصحفية والإعلامية وسد الفراغ الذى نتج عن انتهاء صلاحيات المجلس الأعلى للصحافة فى الثالث من يناير الماضى.