الأسماء الحركية.. الشفرة الغامضة للتنظيمات الإرهابية فى مواجهة الأمن

العدد الأسبوعي

من عزاء شهداء تفجير
من عزاء شهداء "تفجير الكنيستين"


من "فونيا" و"عبقرينو" و"العو" إلى "أبوالبراء" و"أبوإسحاق" و"الدكتور"


تضليل الأمن، ومحو الماضى، والانسلاخ الكامل من الحياة السابقة وقطع كل صلة للفرد بالعالم الخارجى وبهويته الأصلية، إيذاناً بميلاد جديد له فى «مجتمع» التنظيم، باسم جديد.. وهوية جديدة أيضاً.

بتلك الدوافع وغيرها تحول استخدام الألقاب والكنى و«الأسماء الحركية» إلى «تقليد ثابت»، وإحدى أهم آليات «العمل السرى»، داخل التنظيمات الإرهابية، منذ نشأتها على يد «الإخوان المسلمين»، ووصولاً الآن إلى «داعش».


1- شفرة ميلاد تنظيمية

ومثلما يمنح «الاسم الحركي» التغطية الأمنية الضرورية لفرد التنظيم، ويكفل له التمويه اللازم للحركة والتخطيط والتنفيذ أثناء العمليات بعيداً عن عيون أجهزة الأمن، فإن «الاسم الحركى»، بالكنية واللقب الجديدين، على الجانب الآخر، هو أيضاً تحول «مفصلى» تماماً فى حياة كل إرهابى.

بذلك الاسم ينتقل إلى الإرهابى الشعور بـ«الأفضلية» و«الاستعلاء» على محيطه العادى، وبأنه قد انتقل إلى عالم جديد، تحول فيه إلى فرد من مجتمع «الصحابة» ومن «الجيل المتفرد»، بعد أن أصبح يحمل على أرض الواقع «لقباً» و«كنية»، تشبهاً بهم.

مؤخراً أيضا، تحولت «الأسماء الحركية» للإرهابيين إلى الشفرة الأكثر غموضاً فى العمليات الإرهابية الأخيرة داخل مصر، كما انتقلت إشكالية «الأسماء الحركية» للإرهابيين كذلك من كونها تفصيلة تنظيمية «دقيقة» بين سطور الدراسات الأمنية أوالدراسات المتخصصة فى شئون الجماعات المسلحة، لتصبح الآن مثارا للجدل والشكوك والتساؤلات على نطاق أوسع وأشمل فى وسائل الإعلام وحوارات المواطن العادى، خاصة بعد تفجير كنيسة «البطرسية» بالعباسية ديسمبر2011، حيث ظهر التناقض بين الاسم الحركى للانتحارى محمود شفيق، الذى أعلنته وزارة الداخلية «أبودجانة الكنانى» وبين الاسم الحركى الذى نسبه له تنظيم «داعش» «أبوعبدالله المصرى».

وتكرر الجدل مجدداً بعد تفجيرى كنيسة «المرقسية» بالإسكندرية، ومار جرجس فى طنطا، حيث أعلن «داعش» أن الاسم الحركى لانتحارى مار جرجس، ممدوح أمين بغدادى هو «أبوإسحق المصرى»، وأن الاسم الحركى لانتحارى «المرقسية» محمود حسن مبارك» هو «أبوالبراء المصري»، ثم ظهرت المفاجأة بأن انتحارى «المرقسية» لم يكن لديه ابن ذكر من الأساس، ولم يرزق إلا بـ3 بنات فقط.


2- خريطة الأسماء الحركية لقادة «ولاية سيناء»

الاسم الحركى للإرهابى وكنيته إذن لا يرتبطان باسم ابنه فى الواقع، كما يمكن أن يحمل «الإرهابي»عدة أسماء حركية فى نفس الوقت، زيادة فى تضليل الأمن، وهو ماتم الاستدلال به فى حالة أبوهاجر الهاشمى، الزعيم الجديد لتنظيم «ولاية سيناء/أنصار بيت المقدس»، أعلن التنظيم مسبقاً أن زعيمه الجديد يدعى «أبوعبدالله» فيما يرجح أنهما كنيتان لزعيم واحد للتنظيم، يحمل أكثر من كنية واسم حركى.

وفى بعض الأحيان يكون تعدد «الكنى» أو «الأسماء الحركية» بتعدد المهام والوظائف التى يؤديها «الفرد» داخل التنظيم، أو بتعدد المجموعات التى يعمل معها، وأحياناً – أيضا - يتغير الاسم الحركى للإرهابى بانتقاله من بلد إلى آخر، أو من مكان إلى آخر فى نفس الدولة، ناهيك عن وجود «أسماء حركية»و«كنى» «مؤقتة» تنتهى بانتهاء المهمة المرتبطة بها.

وكما جرت العادة أن يكون الاسم الحقيقى لعضو التنظيم، بمثابة معلومة سرية، حتى بين أعضاء الخلية الواحدة، زيادة فى عنصر «الأمان»، وتحسبا لوقوع أى من الأعضاء فى قبضة الأمن والتحقيق معه والضغط عليه، وتلجأ التنظيمات عادةً فى اختيار«الأسماء الحركية» لأفرادها، خاصة القيادات منهم، إلى استخدام «كنى» بأسماء القيادات العسكرية فى حروب المسلمين فى صدر الإسلام.

ويكون النسب فى الاسم الحركى للإرهابى، إما لجنسيته الأصلية، كالمصرى أو السورى وغيرهما، أو إلى نسبه أو قبيلته التى ينتمى إليها، كما فى حالة أبوهاجر الهاشمى زعيم تنظيم «ولاية سيناء/أنصار بيت المقدس» الجديد، حيث يشير لقبه «الهاشمى، وفقا للباحث أحمد كامل البحيرى، إما لجنسيته أولامتداد أصله لقبيلة «بنى هاشم».

وكانت القوات المسلحة قد أعلنت عن نجاحها مؤخراً فى استهداف «أبوأنس الأنصاري» أحد القيادات المؤسسة لـ«أنصار بيت المقدس/ولاية سيناء»، وأحد أبرز قياداته بشمال سيناء، وأن اسمه الحقيقى هو سالم سلمى الحمادين، كما نجحت قبلاً فى استهداف «أبودعاء» زعيم ولاية سيناء السابق وهو نفسه، الإرهابى السيناوى توفيق فريج زيادة، ومن قبل ذلك تم الكشف أيضاً عن أن أبوأسامة المصرى القيادى الأخطر فى التنظيم هو نفسه الإرهابى محمد أحمد على، وأن كمال علام القائد العسكرى بالتنظيم كان يستخدم الاسم الحركى «أبوعبدالله».

فيما عرف قيادى التنظيم البارز أيضا سليمان دهبيش أبوملحوس باسمين حركيين هما «أبوعمر» و«أبوالزبير، وكذلك أحمد محمد زايد الجهينى، مسئول التدريب على استخدام الأسلحة والمتفجرات وعرف باسمين حركيين هما «أبويعقوب» و«أبوسليمان».


3- "فونيا" و"كابو" و"عبقرينو" و"العو"

كانت خلية «كتائب حلوان» بدورها أيضاً من أخطر الخلايا الإرهابية النوعية التابعة لجماعة الإخوان، والتى كشفت التحقيقات عن هوية أفرادها وأسمائهم الحركية والجديرة بالتوقف عندها، وقد تم تقسيمها إلى  أربع كتائب، ضمت عناصر مهمة أبرزهم  خالد عبدالرحمن عبدالوهاب واسمه الحركى أبوحمزة المصرى، نسبةً إلى الأمير الثانى لتنظيم داعش الذى تولى قيادة التنظيم بعد مقتل أبومصعب الزرقاوى.

وآخرون بأسماء حركية مثل «طايل، وكيمو والدكتور وأبوالقاسم وفونيا، وبلبل، والشيخ وكابو وأبوالوليد والبرنس وسلطان البحر والزعيم وأبوجبل وصقر وريجو وتايجر والعو  وعبقرينو والونش وأبوشنب وأبودراع وبالوظة وشيبسى والجزار وحلوان والمسحراتى».


4- مهدى عاكف "أبوأحمد".. وعبود الزمر "منصور".. والإسلامبولى "ظافر"

الإخوان المسلمون هم أول من ابتدعوا فكرة الأسماء الحركية «المؤقتة» بالأساس، حيث كانت تتعلق عادة بمهمة محددة يقوم بها القيادى الإخوانى أو عضو مكتب الإرشاد إلى قيادات التنظيم الدولى بالخارج، فقد سبق أن كشفت مراسلات التنظيم الدولى للإخوان عددا من الأسماء الحركية لمرشدين وقيادات مصرية ودولية للجماعة، فكان عمر التلمسانى يحمل اسم « أبوعابد»، أما مصطفى مشهور فحمل اسم «أبوهاني»، وحمل مهدى عاكف اسم «أبوأحمد».

ولجأ «الإخوان المسلمون» إلى استخدام الأرقام فى عهد «النظام الخاص»، فحمل قائده عبدالرحمن السندى اسم رقم «1» يليه أحمد زكى حسن رقم «2 « ومحمود الصباغ رقم «3»، فكانت الأوامرالتنظيمية الموجهة إلى أعضاء التنظيم عادةً ماتحمل توقيعات بهذه الأرقام فقط وكثيراً ما لا يعرف هؤلاء شخصية صاحب الرقم.

لكن فى كل الأحوال يظل «ظافر» هو الاسم الحركى الأشهر فى تاريخ التنظيمات الإرهابية فى مصر، وقد حمله خالد الإسلامبولى فى عملية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، والذى أطلق التنظيم عليه اسم حركى أيضاً أثناء العملية وهو «فرعون»، كما حمل عبود الزمر وقتها اسم حركى هو «منصور»، فيما حمل طارق الزمر فى العملية اسم «أبوالفداء».

كما حمل باقى قيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد أسماء حركية فى ذلك التوقيت ومنهم ناجح إبراهيم وكان اسمه الحركى «أبوالفضل»، وأسامة حافظ وحمل الاسم الحركى «أبوالعباس»، وكذلك عصام دربالة وكان اسمه الحركى أبوالحسين»، بخلاف ماهر عبدالعزيز بكرى ابن شقيقة شكرى مصطفى زعيم تنظيم التكفير والهجرة، وقد حمل الاسم الحركى «زامل» حيث كان ضلعاً أساسياً فى عملية اغتيال الشيخ الذهبى الشهيرة فى السبعينيات.


5- رفاعى طه يتزوج باسمه الحركى

عرف أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة باسمه الحركى « أبوعبدالله»، كما حمل أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم «القاعدة» الحالى الاسم الحركى «عبدالمعز»، فيما اشتهر منظر القاعدة الدكتور سيد إمام عبدالعزيز باسمين حركيين هما «الدكتورفضل» و«عبدالقادر عبدالعزيز»، كما عرف الضابط السابق محمد إبراهيم مكاوى القائد العسكرى لتنظيم القاعدة، بـ«سيف العدل»، وقد سبقه فى نفس المنصب «أبوحفص المصرى» صهر أسامة بن لادن، وهو محمد عاطف المعروف أيضاً بصبحى محمد أبوستة الجوهرى، وذلك بخلاف المسئول العام لتنظيم القاعدة فى أفغانستان قبل مقتله، قيادى القاعدة الأشهر مصطفى أبواليزيد المعروف بالاسم الحركى «سعيد المصرى» وكذلك عرف مصطفى الست مريم المنظر الاستراتيجى للقاعدة بـ«أبومصعب السورى»، وعرف على أمين الرشيدى الرجل الثانى فى القاعدة حتى لقى مصرعه فى بحيرة فيكتوريا بـ«أبوعبيدة البنشيري».

واستخدم محمد شوقى الإسلامبولى أيضاً الاسم الحركى «أبوخالد»، كما استخدم طلعت فؤاد قاسم قيادى الجماعة الإسلامية الأشهر الاسم الحركى «أبوطلال القاسمى»، فيما عرف محمد خليل الحكايمة بـ«أبوجهاد»، وعرف مصطفى حمزة مهندس عملية محاولة اغتيال الرئيس الأسبق مبارك، بالاسم الحركى «أبوحازم» وذلك بخلاف قيادى تنظيم الجهاد عبدالعزيز الجمل وعرف بـ«أبوخالد».

ثم وصولاً أيضًا إلى قيادات القاعدة التى قتلت فى غارات أمريكية على مدار الأشهر الماضية، وهم رفاعة طه رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بالخارج وعرف بعدة أسماء حركية منها «أبوياسر»، وذلك بعد أن كان يستخدم اسماً حركيا آخر هو «أبوأيوب» الذى أتم به عقد زواجه، كما يفعل تنظيم «داعش» منذ نشأته حيث يتم عقد الزواج لأعضاء التنظيم بأسمائهم الحركية.

وأحمد سلامة مبروك الذراع اليمنى للظواهرى فى السابق، ومسئول تنظيم الجهاد فى أذربيجان، ثم القيادى فى «جبهة النصرة» بعد الإفراج عنه وهروبه إلى سوريا واسمه الحركى «أبوالفرج المصرى إضافة إلى «أبوالخير المصرى» الرجل الثانى لتنظيم القاعدة فى سوريا، واسمه الحقيقى عبدالله عبدالرحمن.


6- الأسماء الحركية على طريقة "داعش"

منذ وضع اللبنة الأولى أيضاً لتنظيم «داعش» فى العراق، بتأسيس تنظيم «التوحيد والجهاد» وقد تبنى التنظيم استخدام الأسماء الحركية منهجاً ثابتا لديه، بداية من زعيمه المؤسس أبومصعب الزرقاوى وهو الأردنى أحمد فاضل نزال الخلايلة، ثم من بعده خليفته أميرا للقاعدة فى بلاد الرافدين ووزير الحرب فى «دولة العراق الإسلامية» كذلك أبوحمزة المهاجر، أو أبوأيوب المصرى، وهو المصرى من محافظة سوهاج عبدالمنعم عز الدين على بدوى، وكذلك أبوعمر البغدادى واسمه الحقيقى حامد داود محمد خليل الزاوى، ثم وصولاً إلى أبوبكر البغدادى الزعيم الحالى لتنظيم «الدولة الإسلامية / داعش» واسمه الحقيقى إبراهيم عواد إبراهيم على البدرى السامرائى.

وذلك بخلاف أشهرقادة التنظيم الذين لقى أغلبهم مصرعه على وقع ضربات التحالف الدولى أو فى المواجهات، وكان وجميعهم يحمل أسماء حركية، بداية من أبوعلى الأنبارى وأبوالعلاء العفرى الذراع اليمنى لخليفة البغدادى ونائبه،واسمه الحقيقى عبدالرحمن مصطفى، وأبومحمد العدنانى الناطق باسم داعش، واسمه الحقيقى طه صبحى فلاحة، وأيضاً أبوسليمان الناصر رئيس مجلس الحرب والقائد العسكرى فى داعش واسمه الحقيقى نعمان سلمان منصور الزيدى، وأبوعمر الشيشانى وهو الجورجى طرخان باتيرشفيلى وأبووهيب واسمه الحقيقى شاكر وهيب المهداوى الدليمى وغيرهم.