طارق الشناوي تامر حسني "مبعوث العناية الإلهية"!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


بين الذكاء الذى يصل لتخوم الدهاء فى اختيار خطواته الفنية، وبين الولع الذى يصل لتخوم الجنون فى البحث عن لقب، تستطيع أن تراقب خطوات تامر حسنى «حبة فوق وحبتين ثلاثة تحت».

دعونا نبدأ بالحبة اللى فوق، من الذكاء مثلا أن يعلن اتفاقه على الغناء فى شرم الشيخ الأحد القادم لتعود حفلات أضواء المدينة المحسوبة على إعلام الدولة الرسمى، والذى تعثر كثيرا خاصة بعد اعتذار أنغام وبعدها وائل جسار، مؤخرا عن الغناء، وهو موقف له وجهه السياسى، تامر سافر قبل يومين للغناء فى الدوحة، عدد من النجوم خوفا من أن تلاحقهم الاتهامات بالخيانة يغلقون هذا الباب، تامر يغنى للشعوب، وليس للحكام، ولهذا جاء قراره صائبا، كما أن إعلان إحيائه بعدها بأيام، حفل «أضواء المدينة»، وتنازله عن جزء كبير من أجره، سيجعل الأمر يمر سياسيا وشعبيا بهدوء، المفروض أن الأنشطة الفنية والثقافية تتجاوز الخلافات السياسية مهما بلغ عمقها.

 

دعونا نُطل على نقطة ضعف تامر «أقصد الحبتين إللى تحت» إنه البحث عن لقب، يبدو تامر وكأنه طفل رضيع يُمسك بالببرونة، ولا يشبع أبدا، من السهل أن يقع فريسة لأى جمعية وهمية لو ألقوا له بهذا الطُعم، وهكذا منحته إحدى الجمعيات، قبل نحو سبع سنوات، لقب «أسطورة القرن»، أى بعد مرور عشر سنوات فقط على القرن الواحد والعشرين، ولا تدرى كيف أنه لم يشك لحظة واحدة، ما الذى من الممكن أن تقدمه الدنيا من أساطير فى التسعين عاما التالية لتتويجه باللقب.

 

ثم انتقل بعدها من الأساطير، التى لا نراها سوى فى الخيال، ليمنح نفسه لقبا من الممكن أن تلامسه وهو «نجم الجيل»، مع الزمن أدرك أن قماشته الفنية أوسع من أن يقيدها الجيل ولا حتى أجيال، وجاءت له على الطبطاب «نجم مصر الأول»، ثم تنبه أننا فى عصر الفضائيات، فأصبح نجم الوطن العربى الأول، ولا تسألنى أمال كاظم الساهر وصابر الرباعى وعمرو دياب وغيرهم بيعملوا إيه دلوقت؟ أكيد واقفين فى الطابور فى انتظار من يسمح له تامر بأن يحل ثانيا خلفه.

 

الجهة التى تروج للقب ليست شركة خاصة، حتى نشكك فيها، كما أنه ليس إعلانا دفع تامر ثمنه من حر ماله، ولكنه اتحاد الإذاعة المصرية والتليفزيون المصرى، فهما يعلنان عن الحفل المزمع إقامته الأحد، الدولة رسميا مضروبة فى إعلامها، الذى صار يتسول بقايا الفضائيات، وهم لا يصدقون أن تامر وافق على الغناء، وتطاردهم الكوابيس ليل نهار بأنه من الممكن أن يعتذر فتصبح فضيحتهم بجلاجل، وهو أدرك أنهم من الممكن أن يعملوا لإرضائه «عجين الفلاحة»، فاشترط عليهم أن يمنحوه لقب الأول مصريا وعربيا، لا أنكر على تامر موهبته وحضوره ونجاحه فى التلامس مع هذا الجيل، كلها حقائق من الممكن إحالتها إلى أرقام، ولكن عليه أن يدرك أن فى مثل هذه الألقاب التى تعنى التعالى على الآخرين «سُم قاتل»، فلم يطلق عبدالحليم على نفسه الأول، ولكن «العندليب»، وصباح «شحرورة»، وفيروز «جارة القمر»، ونجاة «صوت الحب»، وفايزة أحمد «الكروان»، وشادية «صوت مصر» وغيرها من الألقاب، التى من الممكن التعايش معها، حتى عندما أطلقوا على أم كلثوم «سيدة الغناء العربى»، تركوا الباب مواربا فلم يقولوا الأولى، ولكن تامر قفلها على الجميع بإضافة الأول، فهو يعيدنا مرة أخرى لزمن يوسف بك وهبى، عندما صار يحمل لقب «مبعوث العناية الإلهية» ولا أشك لحظة واحدة أن تامر خلال أيام سيحلو فى عينيه اللقب ويفعلها.


نقلًا عن المصري اليوم