د. نصار عبدالله يكتب: عن الأستاذة التى رقصت عشرة بلدى

مقالات الرأي



لا أدرى إن كانت عضو هيئة التدريس بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة قناة السويس والتى نقلت شبكة الإنترنت صورتها وهى ترقص عشرة بلدى، .. لا أدرى إن كانت مستوجبة حقا للغضب أم أنها مستوجبة للرثاء والشفقة!.. أم أنها لكلا الشعورين، .. بالنسبة لى شخصيا فهى مستوجبة لمشاعر أخرى عديدة كلها سلبية للأسف.. أما عن كونها مستوجبة للغضب فلأنها قدأساءت إلى صورة لا تخصها وحدها ولكنها تخص الأستاذ الجامعى بوجه عام، وهى مهنة من المهن التى ينبغى أن يكون لها من الهيبة والجلال والتوقير ما يتناسب مع طبيعتها التربوية شأنها فى ذلك شأن مهن معينة أخرى تفرض طبيعتها عليها قيودا لا يخضع لها غير العاملين بها (مهنة رجل الدين مثلا سواء كان إماما فى مسجد أو حاخاما فى كنيس أو قسا فى كنيسة .. ماذا ستقول الدكتورة البرنس.. وهذا هو اسمها لو أنها شاهدت على شبكة الإنترنت واحدا من النماذج سالفة الذكر وهو يرقص عشرة بلدى؟ .. هل ستقول إنها حرية شخصية وأن من حقه أن يفعل ما يشاء؟ وأن الرقص ليس عيبا؟.. بالطبع إن عبارة: الرقص ليس عيبا هى عبارة تنطوى على جانب من الصواب لكنها لا تمثل الحقيقة الكاملة.. ذلك أنه لا يوجد فى الواقع رقص فى المطلق، ولكن الذى يوجد هو رقص معين يمارسه شخص معين فى سياق معين، وهذا السياق هو الذى يحدد طبيعة حكمنا على الرقص والراقص وما إذا كان فعله تجليا من تجليات الفن أم مثالا من أمثلة المنكر.. وقد كان من الممكن للدكتورة البرنس أن ترقص نفس الرقصة وهى منفردة فى غرفتها أو أمام صديقاتها الأثيرات دون أن تعرض نفسها على شبكة الإنترنت، وعندئذ فقط كان سيصبح من حقها أن تقول : إن الرقص فى حد ذاته ليس عيبا) .. أما عن كون الدكتورة منى البرنس مستوجبة للرثاء والشفقة فلأن من الواضح أنها محرومة من أكثر من نعمة، ولعل هذا الحرمان هو الذى حدا بها على الأرجح أن تفعل ما فعلت.. فهى أولا عاطلة تماما أو شبه عاطلة من الجمال، والصور التى عرضتها بنفسها لنفسها فى الإنترنت أو التى نشرت لها الصحف تؤكد هذه السمة بوضوح.. وهى ثانيا عاطلة عن القدرة على التذوق الجمالى والخلقى (بدليل أنها فعلت ما فعلت دون أن تنتبه إلى ما تنطوى عليه فعلتها من قبح خلقى).. ثم يبقى بعد ذلك عنصر أخير لا نستطيع أن نجزم بامتلاكها إياه أو حرمانها منه، وهو المستوى العلمى لها فى مجال تخصصها، وإن كنا نرجح أنها محرومة منه أيضا، لأنها لو كانت متمتعة به لأتاح لها وحده إمكانية التحقق، ولكانت قد حققت ذاتها من خلال أداء علمى متميز دون الحاجة إلى ممارسة الرقص أو أى نشاط آخر من الأنشطة التى تحاول ذات إنسانية معينة أن تحقق بها نفسها فى عيون الآخرين .