فضيحة جديدة لقطر.. قصة حقائب النصف مليار دولار التي صادرها رئيس وزراء العراق

تقارير وحوارات

تميم والعبادي
تميم والعبادي


الأزمات التي تواجهها دولة قطر وأميرها الشاب تميم بن حمد آل ثاني عديدة ومتشعبة، وتضم أكثر من قضية وملف سياسي، لكن جديدها الذي يتمثل في أزمتها المتفاقمة مع العراق، ورئيس وزرائها حيدر العبادي مختلفة، ولها وجه خاص، وفوق كل هذا وذاك تتسم بدرجة عالية من الخطورة، قد تظهر آثارها في المستقبل القريب منه أو البعيد.

القصة تبدأ بإقدام 24 قطريًا، معظمهم من أبناء الأسرة الحاكمة على مواصلة سنتهم السنوية، بالذهاب إلى الصيد في دولة العراق قبل عام ونصف العام، حين كان ثلث أراضيه خارجا عن سيطرة الحكومة بسبب تمدد "داعش"، وتزعزع الأمن ووجود ميليشيات مسلحة، مع الإشارة إلى أن معظم مناطق الصيد الخصبة، تقع في الجنوب، بشكل مكثف، وهي المناطق التي معظم سكانها من أبناء الطائفة الشيعية.

القطريون دخلوا البلاد بطريقة مشروعة، ومن خلال تأشيرات دخول حصلوا عليها من السفارة العراقية في الدوحة، أي أنه كان دخولا قانونيا، ولكن ما هو غير قانوني وإنساني هو تعرضهم للخطف من قبل أحد الميليشيات المذهبية، ومطالبة هذه الميليشيات بفدية ضخمة مقابل إطلاق سراحهم.

معظم الوساطات والاتصالات التي جرت خلف الكواليس طوال العام ونصف العام الماضي باءت بالفشل، أو لم تحقق الا القليل من النجاح، إلى أن جاءت قضية البلدات السورية الأربع (الفوعة وكفريا والزبداني ومضايا) المحاصرة من قبل جماعات إسلامية معارضة للنظام السوري، فجرت عملية الربط بين الإفراج عن المحاصرين في هذه البلدات والإفراج عن الرهائن القطريين، ولا نريد الخوض في التفاصيل الطائفية والمذهبية لأن هذا الحيز ليس مكانها، بحسب صحيفة "رأي اليوم".

الأزمة تفجرت، وظهرت على السطح، عندما كشف رئيس الوزراء العراقي السيد العبادي في مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي عن العثور عن 23 حقيبة كانت على ظهر طائرة قطرية وصلت إلى مطار بغداد من أجل نقل الرهائن القطريين إلى الدوحة بعد الإفراج عنهم في إطار صفقة معقدة شملت تقديم فدى، والسماح بمغادرة الرهائن المحاصرين في البلدات السورية (المذكورة آنفا)، وتبين أن هذه الحقائب كانت تحتوي على 500 مليون دولار نقدا، حسب ما أكد "العبادي".

رئيس الوزراء العراقي كان صريحا، وفي بعض الأحيان مقنعا، عندما قال إنه لم يكن يؤيد منح الصيادين القطريين تأشيرات دخول إلى بلاده بسبب خطورة الأوضاع الأمنية، ولكنه لم يقل كيف لم يستطع التدخل، وهو رئيس للوزراء، والمسؤول الأكبر في الدولة، لعدم منحهم هذه التأشيرات المطلوبة، وأكد أن الأموال التي جاء بها القطريون كانت ستقدم فدية للخاطفين، واعتبر أن تقديم مئات الملايين من الدولارات لجماعات مسلحة "غير مقبول".

واختتم العبادي مؤتمره الصحفي بالقول إن حكومته تعتبر أن دخول هذه الأموال، ودون التشاور معها، يعتبر مخالفا للقوانين والتشريعات، ويمكن أن تؤدي إلى دعم الإرهاب، أو التورط في عمليات غسيل أموال ولهذا جرى التحفظ عليها.

وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رد على العبادي، قائلا: "إن إدخال هذه الأموال إلى بغداد جاء لدعم الحكومة العراقية وجهودها لإطلاق سراح المختطفين، وإن هذا الإدخال تم بشكل رسمي"، وقال "هذه أموال قطرية ويجب أن تعود إلى الخزينة القطرية إذا كان السيد العبادي لا يريدها"، وذلك في تصريح لقناة "الجزيرة".

ونفى الشيخ بن عبد الرحمن انتهاك دولته القوانين الدولية، أو أن هذه الأموال ستذهب إلى جماعات مسلحة، وأكد أنها دخلت بشكل رسمي.

الخارجية العراقية ردت في بيان فوري أمس الجمعة، قالت فيه "إن وضع اليد على الأموال القطرية التي دخلت البلاد بصورة غير مشروعة، ودون علم الحكومة القطرية يصب في اتجاه تحكيم القانون ومحاربة ظاهرة الاختطاف والترويج للابتزاز المالي، ولمنع حصول أي جهة على أموال طائلة من خلال تعريض حياة المواطنين العراقيين أو رعايا دول أخرى يدخلون العراق للخطر مستقبلا وللوقوف بقوة امام هذا المنهج الخطير".