طارق الشناوي يكتب: دعوة مغموسة بالحرج!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


خيط رفيع على الفنان الحفاظ عليه، عندما يتصدى للخدمة العامة، ويعتلى كرسى النقيب الذى يُمثل المهنة. فى هذه الحالة ينسى تماما أنه الفنان ويتذكر فقط الفن الذى ينتمى إليه، لا يدافع عن موقعه الشخصى على الخريطة الفنية، ولكن يضع أمامه أولا خريطة الفن، لا يسأل: أين أنا، بل أولا أين زملائى الذين اختارونى لكى أحميهم ماديا وأدبيا؟

لكل هذه الأسباب تحفظت على قبول هانى شاكر دعوة مهرجان «جرش» الغنائى العريق فى دورته رقم 32، لإحياء ليلة من ليالى المهرجان أطلقوا عليها «المحروسة»، وحتى نوضح هذا الأمر الملتبس، قيمة هانى شاكر وتاريخه وإنجازه لا خلاف عليها، لأنه وعلى مدى تجاوز أربعة عقود من الزمان، لا يزال فى الساحة مبدعا، كما أنه صاحب رصيد من النجاح لا يمكن التشكيك فيه، إلا أن الأمر هنا انتقل من الخاص إلى العام، لا أتحدث عن هانى الفنان ولكن هانى النقيب.

وإليكم الحكاية، فى العام الماضى مثل هذه الأيام، تعالى صوت هانى شاكر بالغضب متهما مهرجان «جرش» الذى صار واحدا من أهم المهرجانات الأردنية بل العربية، اتهم هانى إدارة المهرجان بتهميش قيمة مصر الغنائية، لأنهم لم يوجهوا الدعوة لأى نجم طرب مصرى لإحياء واحدة من سهرات المهرجان السبع، وكتب برسالة غاضبة على موقعه الشخصى بصيغة تهكم «شكرا لمهرجان جرش الذى لم يعترف بالفن المصرى».

يومها اعتبرتها خطأ سياسيا ومهنيا لأربعة أسباب، أولا لأن هذا يعد تدخلا مباشرا فى حرية المهرجان لاختيار من يحلو له من مطربين ومطربات بعيدا عن الجنسية، ثانيا رصيد مصر حتى لو قررنا أن نجارى هانى فى تلك الحسبة العددية، لا يقاس فقط بمطربيها الذين يحيون الليالى، ولكن بتواجد العازفين والألحان والفرق الغنائية المصرية، وكان لمصر فى تلك الدورة النصيب الأكبر كالعادة، ثالثا أن هذا يعد تقليلا لقيمة المطرب المصرى وكأنه بحاجة للتدليل عليه، رابعا وهذا هو مكمن الحرج، أنه قد يساء التفسير ويعتقد القائمون على المهرجان أن هانى يقصد أن يقول أين أنا وليس أين الفنان المصرى؟.

لم أرتح إلى فكرة «الكوتة» فى السياسة، فما بالكم بالفن، والسؤال عن نصيب مصر؟! هو نوع من البحث عن نسبة مستحقة للتاريخ والجغرافيا، حدث وقتها شىء من الغمز واللمز بين نقيب الفنانين الأردنيين وهانى شاكر، ومر أقل من عام لتوجه الدعوة مباشرة لهانى شاكر، ويشكر فى رسالة القائمين على المهرجان، لحسن إدارتهم الفعاليات مؤكدا أنه سيحيى تلك الليلة.

نقيب الموسيقيين أحال قضيته من العام إلى الخاص، نعم هم وجهوا إليه الدعوة الرسمية، باعتباره الفنان والمطرب الكبير وليس النقيب، لا جدال فى هذا، ولكن كان عليه إدراك أنه بقبوله الدعوة اختصر الفن الغنائى المصرى كله فى شخصه. الدعوة غير بريئة. لو وجهت على الأقل هذه المرة لمطرب أو مطربة تحمل الجنسية المصرية، لتم ذلك فى هدوء وبلا أى حساسية، توجيهها للنقيب مباشرة فى العام التالى لإعلانه الغضب أحالها إلى معركة شخصية.

أعلم أن هانى يريد أن يعلن على الملأ وللجميع أنه لا يزال يشكل رقما عربيا رغم تعاقب الأجيال، فوافق على قبول الدعوة المغموسة بالحرج، نسى تماما أنه النقيب ولم يعد يتذكر سوى أنه الفنان!!

نقلًا عن المصري اليوم