مجمعات الصناعات المتقدمة المصرية.. إنجازات وإبداعات متجددة

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


تذخر مجمعات الصناعات المتقدمة المصرية سواء العاملة على التصنيع الحربي أو المدني في مصر، بمئات المهندسين والكوادر الذين أبهروا العالم، سواء بالإمكانيات الصناعية المتقدمة الموجودة فيها، أو بإعادة تحديث ماكينات لتضاهى الجديدة منها بدلاً من تكهينها أو شراء ماكينات بملايين الدولارات، أو تصنيع أجزاء دقيقة ومتخصصة بدلاً من شرائها بمبالغ كبيرة بالعملة الصعبة.

وتسجل الهيئة العربية للتصنيع في سجلاتها صفحات من نور بشأن أطقم فنية من المهندسين، والعمال، والفنيين الذين تلقوا تدريبات سواء داخل مراكز التأهيل المختلفة بالهيئة، أو غيرها من مراكز وجهات متخصصة داخل مصر، أو خارجها بالتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة، بما يرفع من قدرات العاملين بالهيئة على حل المشاكل العاجلة التى تواجههم.

ويستغل فنيو «العربية للتصنيع» الخبرات التي اكتسبوها فى تعميق التصنيع المحلى فى عدد من المنتجات التى تعمل عليها الهيئة، وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والفريق عبدالعزيز سيف الدين، رئيس مجلس إدارة «العربية للتصنيع» بتعميق التصنيع المحلى، بما يقلل من المكونات الأجنبية فى العمليات التصنيعية المختلفة، ويوفر العملة الصعبة للبلاد.

فى مصنع قادر للصناعات المتطورة، التابع للهيئة العربية للتصنيع، نجح فريق من شباب المهندسين فى تصنيع جزء من عربة الجند المُدرعة من طراز «فهد» كان يستورد من دولة أوروبية بمبالغ مالية كبيرة.

يقول المهندس أحمد سلامة، رئيس فريق المهندسين والفنيين العاملين على المشروع، إن المشروع بدأ بتحدٍ كبير واجهه مصنعه، وورش إنتاج المدرعات بداخله، حين توقف الجانب الأوروبى عن توريد «بروفيلات» السيارات الفهد المدرعة فى ظروف معينة، وهى الأجزاء المعدنية التى تربط بدن السيارة المدرعة ببعضها.

ويضيف «سلامة»، أننا «اتحطينا فى تحدى، وكنا لازم ننجح فيه لأن صناعتنا بتوفر للبلد ملايين بدلاً من شراء عربات مدرعة من الخارج، وبتستخدم فى حفظ أمن البلد، وعشان كدا اشتغلنا بأيدينا وسناننا عشان نعوض الجزء ده».

وتابع: «الموضوع لم يكن بالبساطة التى يتخيلها البعض؛ فالتحدى كان أن نخرج منتجاً محلياً بجودة أعلى من المنتج فى الخارج، وكان لا بد من أننا نشغل دماغنا، والحمد لله نجحنا فى إيجاد البديل».

وأشار إلى أن وفداً من شركة ألمانية زاروا ورش تصنيع «المدرعات»، وأنهم فوجئوا بأن مصر استطاعت إنتاج البديل، خاصةً أن البديل كان من «الصلب المدرع»، وأن جودته كانت أعلى من جودة المنتج الذى كان يأتى من الخارج.

وأوضح «سلامة» أن إنجازهم ساهم فى تصنيع، وعمرة، وصيانة المدرعات بأفضل وجه ممكن، وأنها وفرت معدلات إنتاج، ورفعت نسبة التصنيع المحلى لها، ووفرت دولارات، وعملة صعبة للبلاد.

ولفت إلى أن الإنجاز الذى تحقق «عمل جماعى» وليس عملاً فردياً؛ فهو إنجاز تم بدعم من أكبر مسئول بالهيئة، حتى إدارة المصنع، وأصغر فنى موجود به.

وأوضح «سلامة» أن التدريب الجيد الذى حصل عليه، ومهندسو وفنيو مصنع قادر داخل وخارج مصر أسهم بشكل كبير فى دعم خبراتهم، ومهاراتهم، ما مكنهم من احتراف العمل فى تصنيع المدرعة، وقدرتهم على حل المشكلة التى واجهتهم فى إطار عملهم.

أما المهندسة رضا عبدالغنى، مدير إدارة الصيانة الكهربائية فى مصنع «صقر» للصناعات المتطورة، فنجحت فى توفير ملايين الدولارات على الدولة، بإجراء تحديث معدات قديمة كانت موجودة لدى مصانع الهيئة المختلفة بأحدث الأنظمة العالمية، بالتعاون مع نخبة من مهندسى وفنيى الهيئة.

وقالت «رضا»، إن الماكينات التى جرى تطويرها كانت قديمة، ومعظم شركات تصنيع قطع غيارها توقفت عن العمل، وكان بدن الماكينة سليماً، ولكن «كنترول» تشغيلها وأنظمتها كان بها مشكلات، ليتم الاستعانة بشركة سيمنز الألمانية لتحديث إحدى الماكينات، ليتعلم مهندسو المصنع كيفية التطوير والتحديث ليتولوا هم تلك المسئولية بالتعاون مع الجانب الألمانى.

ولفتت إلى أن مهندسى «صقر» تمكنوا من الإتيان بأحدث مكونات، و«سوفت وير» لتشغيل الماكينات، وجرى تحديثها «كأنك لسه شاريها جديدة النهارده»، على حد قولها، موضحة أن ذلك وفر لمصانع الهيئة مبالغ مالية كبيرة جداً تُقدر بملايين الدولارات، وذلك بعدما كانت الماكينات على شفا «التكهين».

وعن تعامل مسئولى «الهيئة» معهم بعد الإنجاز الذى حققوه، قالت إنه كان إيجابياً جداً، حيث أشادوا بنا، وقرروا صرف مكافآت فورية لفريق العمل، وإجراء ترقيات استثنائية لدى البعض، مردفةً: «المهندسين المصريين يقدروا يعملوا كتير عشان البلد، بس يكونوا متدربين كويس، وتدعمهم الإدارة وقياداتهم عشان يشتغلوا وينتجوا».

وفى مصنع حلوان للصناعات المتطورة، التابع لـ«العربية للتصنيع»، نجح شاب فى تصنيع أحد أجزاء قطع الغيار للطائرة الهليكوبتر متعددة المهام من طراز «جازيل»، بتكلفة أقل نحو 197 مرة لو جرى شراء هذا المكون من الخارج.

وقال اللواء مهندس مجاهد الفرماوى، رئيس مجلس إدارة المصنع، إنه تم إنتاج جزء بالطائرة «جازيل»، بتكلفة 200 جنيه، مقابل نحو ألفى يورو لو جاء هذا الجزء بمفرده من خارج البلاد.

أضاف رئيس مصنع حلوان للصناعات المتطورة، أن الجزء الذى نجح المهندس فى إنتاجه بمساعدة من زملائه بالمصنع جرى تصنيعه فى ورش عادية جداً، وبدقة، وجودة، وخامة أحسن من الخامات التى كان يتم استيرادها.

أما فى مصنع «الطائرات»، التابع لـ«الهيئة» أيضاً؛ فنجح مهندسو المصنع فى تعميق التصنيع المحلى لمحطات معالجة الصرف الصحى التى ينتجها وينفذها المصنع، وقالت المهندسة فتحية حسنى، مهندسة بمصنع الطائرات، إنهم استخدموا أسلوب «الهندسة العكسية» لتصنيع مكونات «مصفاة ميكانيكية» موجودة فى المحطات التى تنفذها الهيئة بعدد أجزاء نحو 88 بنداً، موضحةً أن فريقاً من 4 مهندسين كانت من بينهم، و4 فنيين، و16 عاملاً كانوا فريق العمل الذى حقق إنجاز تعميق التصنيع المحلى لمشروعات الصرف الصحى.

وأوضحت «فتحية»، أن ذلك يأتى بعد ما اكتسبه المصنع من خبرات فى مجال الصرف الصحى، حيث ينفذ محطات منذ عام 1991 حتى الآن بمختلف تكنولوجيات المعالجة.

ولفتت إلى أن مراحل معالجة مياه الصرف الصحى هى 3 مراحل، الأولى فيزيائية، والثانية بيولوجية، والثالثة تعمل على «التعقيم».

وفى مصنع الطائرات ذاته، إصلاح ماكينة معطلة منذ 18 سنة، بتكلفة 1200 جنيه، بدلاً من دفع 17 مليون جنيه بحسب تقديرات سابقة، فى حين سبق للمصنع أن اشترى مثل تلك الماكينة بسعر نصف مليون دولار، وذلك بعدما نجح مهندسون شباب فى إصلاحها، حسب مسئولى المصنع.

تعود الواقعة إلى أن مصنع الطائرات قد كلف فريق صيانة تابعاً له بالعمل على صيانة الماكينة، ليعكف على صيانتها بأقل مبالغ مالية ممكنة، ليتم الإصلاح بتكلفة مالية بسيطة، بما يؤكد كفاءة الأطقم الفنية العاملة داخل المصنع بما يسهم فى زيادة إنتاجية المصنع.

الجدير بالذكر أن الماكينة التى تم إصلاحها هى ماكينة «اللحام الغاطس»، التى توقفت عن العمل لعدم الصلاحية منذ عام 1998، وأن فريق العمل الذى نجح فى صيانتها تكون من 6 أفراد هم: «المهندس محمود عبدالمنعم، ومجدى وهبة، وعصام عبدالجواد، وسيد محمود، وإبراهيم مراد، وصالح سعد»، وهم جميعاً من الشباب.

جاء ذلك بعدما استعان فريق الصيانة بكتالوج ماكينة شبيهة بالماكينة التى جرى إصلاحها، مع إجراء مراجعة اللوحة الكهربائية لها، وكابلاتها، مع العمل على تصنيع التروس التالف بداخله