إيران.. دولة عنصرية من طراز خاص لهذه الأسباب

تقارير وحوارات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


"دولة عنصرية من طراز خاص"، هكذا تصف المنظمات الحقوقية دولة إيران بسبب ما تفعله السلطة الإيرانية من ممارسات، حجزت دولتهم في المراتب الأولى للعنصرية على مستوى العالم.

 

إيران الثانية في العنصرية

وفق دراسة أجريت نهاية 2016، فإيران هي الثانية عالمياً في العنصرية، ولا تسبقها سوى الهند، وذلك وفق استطلاع شمل نحو 80 دولة، قامت به مجموعة من الباحثين السويديين، للتعرف على تعامل الدول مع الأعراق المتنوعة فيها.

 

وتظهر عنصرية الإيرانيين نظاماً ومحكومين في تعاملهم مع العرب أو مع السنة، فرغم أن العرب يمثلون قرابة 10% من الشعب الإيراني، فإنهم ممنوعون من ارتداء الزي العربي وكذلك من تعلم العربية، وغيرت إيران أسماء المدن العربية إلى فارسية وتمنع العرب من إكمال الدراسات العليا ومن تولي المناصب القيادية والقضائية.

 

أما الطائفية ضد السنة، فتأخذ أبعاداً أخطر: منذ 2011 أعدمت طهران 400 سني، ورغم وجود 22 مليون سني في إيران، فهم ممنوعون من التمثيل البرلماني. كما لا يوجد في طهران مسجد سني واحد. ولا تنفك تعتقل علماء السنة وتجرم بيع الكتب السنية.

 

وتغذي خطابات رسمية وإعلامية ضد العرب، توسعت بشكل لافت، العنصرية في إيران، ما جعل مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في طهران، يصدر بيانات عن سوء الأوضاع هناك.

 

عنصرية الشعب الإيراني

والشعب الإيراني "عنصري" أيضًا، ففي سبتمبر 2016 هتف عدد كبيرا من المشجعين الإيرانيين، بشعارات عنصرية معادية للعرب، أثناء مباراة منتخب بلادهم مع المنتخب القطري بملعب "آزادي" في العاصمة طهران.

 

وبهذه المناسبة، أصدر "مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران" والذي يديره ناشطون أهوازيون، بياناً دان فيه هذه الهتافات العنصرية، وطالب الشخصيات ووسائل الإعلام والقوى الديمقراطية والمناهضة للعنصرية في إيران وخارجها باتخاذ موقف حاسم تجاه الخطاب المعادي للعرب في إيران.

 

وجاء في البيان أنه "ليست هذه المرة الأولى التي يهتف فيها الجمهور الرياضي الإيراني بعبارات عنصرية، حيث سبق أن هتف هذا الجمهور ضد العرب وضد الأتراك في إيران من ملعب آزادي في طهران وملاعب مدن أخرى كأصفهان وكرمان غيرها، وأن عناوين الصحف والجرائد الرياضية وغير الرياضية الفارسية مملوءة بالخطاب العنصري المعادي للعرب بشكل خاص".

 

وأكد مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران، أن "النظام الإيراني متواطئ مع العنصريين الذين يروجون الخطاب المعادي للعرب، وذلك بهدف كسب القوميين المتطرفين من جهة، وأيضاً لتجييش الرأي العام الإيراني بهدف تبرير تدخلاته العسكرية في الدول العربية، من جهة أخرى".

 

وحذر البيان من نتائج تصاعد موجة العنصرية في إيران وذكر أنه إذا لم تكافح هذه الموجة وإن لم تستنكر الشخصيات ووسائل الإعلام والقوى الديمقراطية والمناهضة للعنصرية هذه الحادثة بملعب آزادي في طهران ومثيلاتها، فإن غداً سيكون قد فات الأوان.

 

أسباب العنصرية الإيرانية

كشف المفكِّر الإيراني البارز الأستاذ بجامعة طهران صادق زيبا كلام، عن العنصرية الفارسية ضد العرب ولعْنهم لأهل السنة، مشيرًا إلى أن الفرس لم ينسوا هزيمتهم أمام العرب في موقعة القادسية.

 

وندد الباحث صادق زيبا خلال مقابلتين أجراهما مع أسبوعية "صبح آزادي" الإيرانية، بالنزعة العنصرية الفارسية تجاه الشعوب الأخرى وبالمثل العنصرية من قبل الآخرين تجاه الفرس، مؤكدًا أن الكثير من الإيرانيين سواء أكان متدينًا أو علمانيًّا يكره العرب.. كما أن الكثير من العرب يكرهون الفرس أيضًا.

 

وأكد صادق زيبا أن نظرة الفرس تجاه القوميات الإيرانية الأخرى سلبية كذلك، مستشهدًا بالنكت التي تبث حول هذه القوميات في إيران، مشددًا على أنه لا فرق بين الإيراني والأفغاني والعراقي والإماراتي والباكستاني والهندي والياباني والأمريكي والنرويجي مع سائر أبناء البشر، وأن الاعتقاد بوجود فرق يعد نمطًا من أنماط العنصرية.

 

وقال متحدثًا عن العنصرية الإيرانية: "للأسف أنا واثق من أن الكثير منا -نحن الإيرانيين- عنصريون، فلو نظرتم بإمعان إلى ثقافات الشعوب الأخرى تجاه سائر القوميات والشعوب والإثنيات وأخذتم ظاهرة النكت كمقياس لوجدتم أننا أكثر إساءة من خلال النكت، فانظروا كيف نسيء إلى الترك واللور".

 

واعتبر "صادق زيبا كلام" نظرة الإيرانيين تجاه العرب شاهداً آخر على عنصرية الإيرانيين، مضيفاً: "أعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال. قد تقولون لي: إن الكثيرين من العرب يكرهون الإيرانيين أيضًا. أقول لكم: نعم هذا صحيح، الكثير من العرب يكرهوننا ولكن هذا ليس موضوع نقاشنا"، مؤكدًا ضرورة سرد النزعة العنصرية الإيرانية تجاه الغير.

 

ويرجع النزعة العنصرية عمومًا إلى تدني المستوى الثقافي، مشيرًا إلى أن أغلبية العنصريين في أوروبا غير متعلمين. أما عنصرية الإيرانيين تجاه العرب فيرجعها إلى الحقد والضغينة تجاه السنة ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين، مشيرًا إلى أنه الوجه الآخر للحقد على العرب، ويؤكد على كلامه بأن العنصرية في إيران أكثر انتشارًا بين المثقفين الإيرانيين، الكثير من المثقفين الإيرانيين يبغضون العرب، والكثير من المتدينين ينفرون منهم، وهي منتشرة بين المتدينين على شاكلة لعن أهل السنة.

 

وعن الأسباب التاريخية لكره العرب يقول زيبا كلام: "يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب ولم ننس القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقدًا دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة". ويستدل على هذا الكلام بأنه كلما اتخذ جيرانهم في الإمارات والبحرين وقطر والكويت موقفًا ما ضد إيران فإن رد الجمهورية الإيرانية يكون عنصريًّا أكثر منه موقفًا سياسيًّا، وتساءل: "ماذا يعني هذا؟ أي عندما يتحدث الناطق باسم خارجيتنا أو وزير خارجيتنا أو إمام جمعتنا أو رئيس برلماننا.. فإن ردود أفعالهم تأتي من منطلق استعلائي، فعلى سبيل المثال يقولون لهم "الدول العربية" هل أنتم بشر؟ ما أهمية الإمارات؟ لو نفخ الإيرانيون من هذه الضفة للخليج "الفارسي" على الضفة الأخرى سيمحونكم من الوجود..".

 

وأوضح صادق زيبا أن الشعب الإيراني أكثر تطرفًا وسخافة من الحكومة، ضاربًا مثالاً على ذلك بموقف الشعب الإيراني عندما عبَّرت الإمارات عن موقفها من الجزر الثلاث ومن تسمية الخليج العربي بـ"الفارسي"، حيث احتشد الناس أمام سفارة الإمارات العربية المتحدة، ورددوا شعارات استعلائية، وأشار كذلك إلى قول الإيرانيين لبعضهم: "لماذا تسافرون إلى البلدان العربية وتصرفون أموالكم هناك؟!"، مشيرًا إلى أنه لا أحد يسأل؛ لماذا يسافر الإيرانيون بهذه الأعداد الكبيرة إلى تركيا؟ وأشار إلى أن هذه النظرة الاستعلائية تجاه العرب موجودة منذ الحقبة الملكية، حيث كانت تسود إيران نظرة تحطُّ من شأن العرب، وهي مستمرة إلى اليوم، وأكد أن الدوافع من وراء تأسيس مجمع اللغة الفارسية كانت طرد الكلمات والمصطلحات العربية من الفارسية، وهذا يدل على الحقد تجاه العرب. وتساءل: "لماذا يتم حذف كلمة عربية دخلت اللغة الفارسية منذ ما يزيد على 1000 عام ووجدت مكانتها في هذه اللغة وأصبحت جزءًا منها ونجدها في كتب من قبيل "جولستان" و"بوستان" و"الشاهنامة" وديوان حافظ وأشعار جلال الدين الرومي؟ فهذه الكلمات (العربية) نجدها في كل مكان فهي جزء من ذاكرتنا التاريخية".

 

وأكد "زيبا كلام" حقوق القوميات الإيرانية الأخرى من غير الفارسية كالترك والكرد والعرب والبلوش، وأنه يدافع عنها حتى الانفصال في حالة عدم رغبتها في البقاء مع إيران.