مى سمير تكتب: تاريخ المخابرات الأمريكية الطويل فى اغتيال قادة وزعماء العالم

مقالات الرأي



بعد اتهام كوريا الشمالية لها بمحاولة اغتيال زعيمها كيم جونج أون

■ واشنطن حاولت اغتيال كاسترو 8 مرات.. بالسيجار السام والمفخخ والحقنة السامة والعشيقة الخائنة


تتمتع المخابرات المركزية الأمريكية بتاريخ طويل من المؤامرات لاغتيال قادة الدول المختلفة، وما بين محاولات دس السم إلى الاغتيال باستخدام الوسائل التكنولوجية مرورا بالضربات الجوية،  لعبت الـCIA دورا كبيراً فى تغيير الخريطة السياسية عبر التخلص من قادة وزعماء عدد من الدول.

كانت وزارة الأمن فى كوريا الشمالية قد كشفت هذا الأسبوع  أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تتخل عن طرقها القديمة، وفى بيان يوم الجمعة، اتهمت كوريا الشمالية كلا من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومخابرات كوريا الجنوبية بأنهما  وراء محاولة اغتيال جرت مؤخرا ضد زعيمها كيم جونج أون.

وبحسب تقرير جريدة الجارديان البريطانية نجحت وكالة الاستخبارات الأمريكية منذ عام 1945 فى إزاحة أو قتل مجموعة من القادة فى أماكن  مختلفة من العالم ، إما بشكل مباشر أو باستخدام القوات المحلية المتعاطفة أو المجرمين المحليين أو المنشقين.

غير أن التصريح الرسمى لكوريا الشمالية  إلى أن المحاولة اعتمدت على استخدام المواد الكيميائية الحيوية بما فيها المواد المشعة والمواد النانوية السامة، كون نتائجها القاتلة تظهر بعد ستة أو 12 شهراً.


1- تاريخ من القتل

على الرغم من الصمت الأمريكى إزاء اتهامات كوريا الشمالية إلا أن هذا الادعاء لا يمكن اعتباره غريبا أو غير معتاد نظرا لقائمة طويلة من تورط الولايات المتحدة فى الانقلابات والاغتيالات فى جميع أنحاء العالم . وكانت الوكالة  اضطرت  للحد من عمليات القتل بعد أن كشف تحقيق أجراه مجلس الشيوخ الأمريكى فى  السبعينيات عن حجم عملياتها فى عالم القتل أو التخطيط لقتل الزعماء والقادة.

بعدها، وقع الرئيس جيرالد فورد فى عام 1976 أمرا تنفيذيا ينص على أنه «لا يجوز لأى موظف فى حكومة الولايات المتحدة أن يشارك فى عمليات الاغتيال السياسى أو يتآمر فيها».

وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تتخل تماما عن هذه الاستراتيجية، بل غيرت فقط المصطلحات، وبدلا من استخدام تعبير الاغتيال لجأت إلى تعبير عمليات القتل المستهدف.


2- أشهر مؤامرة

بعض من أشهر عمليات وكالة المخابرات المركزية لقتل قادة العالم كانت تلك التى تستهدف الرئيس الكوبى الراحل فيدل كاسترو، وتراوحت المحاولات من استخدام القناصة إلى مؤامرات خيالية تتناسب مع أحداث غير واقعية لأحد أفلام التجسس.

أثبتت محاولات وكالة الاستخبارات المركزية عدم جدواها فى التخلص من الرئيس الكوبى الراحل كاسترو الذى غادر عالمنا العام الماضى متأثرا بأمراض الشيخوخة، واعترفت الولايات المتحدة بثمانى محاولات اغتيال  لكاسترو، فى المقابل تؤكد كوبا أن هذه المحاولات تجاوزت الـ100 محاولة،  وكان لكاسترو تعليق شهير «إذا كانت النجاة من الاغتيالات بمثابة مسابقة  ضمن الألعاب الأولمبية، أنه سوف يفوز بالميدالية الذهبية».

قضت المخابرات المركزية الأمريكية ما يقرب من 50 عاماً فى محاولات اغتيال كاسترو، وحسب أحد رجال الأمن المقربين من كاسترو وصل عدد هذه العمليات إلى 634 محاولة.

بدأت هذه المحاولات مع ثورة 1959، وفى عام 1961  عندما حاول المنفيون الكوبيون، بدعم من الحكومة الأمريكية، الإطاحة به أثناء أزمة خليج الخنازير، كانت الخطة لاغتيال فيدل وراؤول كاسترو جنبا إلى جنب مع تشى جيفارا. ويبدو أن المخابرات المركزية الأمريكية كانت مهتمة باغتيال كاسترو أكثر من اهتمامها بحماية الرئيس الأمريكى، والدليل أن يوم اغتيال الرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى فى عام 1963، كان هناك عميل من المخابرات المركزية الأمريكية فى باريس يحمل حقنة سامة وفى طريقه لكوبا لمحاولة اغتيال كاسترو.

ومن أشهر مؤامرات اغتياله محاولة منحه سيجارًا متفجرًا أثناء زيارته للأمم المتحدة فى نيويورك، واعتمدت مؤامرة أخرى على دس البوتولينوم السام فى السيجار، ولكن كل هذه المؤامرات فشلت وتوقفت المخابرات الأمريكية عن فكرة استغلال السيجار لاغتيال كاسترو فى عام 1985 بعد أن توقف الأخير عن التدخين.

كما تم تجنيد إحدى عشيقاته، ومنحتها المخابرات الأمريكية أقراصاً سامة قامت العشيقة بإخفائها فى علبة كريم خاصة بها، ولكن الحبة ذابت وقررت السيدة أنه سيكون من الصعب دسها فى فم كاسترو أثناء نومه. وبحسب رواية السيدة نفسها فإن كاسترو أدرك نواياها وبشكل بطولى أعطاها مسدساً لكى تنتهى من مهمتها ولكنها ردت عليه قائلة «لا أستطيع تنفيذ المهمة فيدل».  


3- الاغتيال الجوى

الكثير من الغارات الجوية التى شنتها الولايات المتحدة الأمريكية كانت تستهدف بشكل غير علنى التخلص من قادة وزعماء الدول، وفى كتابه «عملية الدورادو: حرب ريجان غير المعلنة مع القذافى»  يعطى الكاتب الأمريكى جوزيف ستانيك صورة مفصلة عن هجمات عام 1986 على طرابلس وبنغازى التى كانت تتويجا لحملة مطولة من زعزعة الاستقرار التى شنت ضد النظام الحاكم الليبى السابق، حسب الكتاب.  

قرر ريجان شن غارات جوية ردا على الدور الليبى فى تفجير ديسكو برلين الغربية فى 5 أبريل 1986، والذى قتل فيه جنديان أمريكيان خارج الخدمة.

وضع المخططون العسكريون الأمريكيون قائمة بالأهداف فى المدينتين الليبيتين الرئيسيتين، بما فى ذلك المواقع العسكرية وكذلك أحد مواقع التدريب العسكرى، بالإضافة لمنشآت حكومية رئيسية أيضا، وذلك بناء على النظرية التى احتضنتها إدارة أوباما بعد 25 عاما، بأن جميع المرافق الحكومية الليبية  تلعب دورا فى الاتصالات المتعلقة بالجيش.

وكان مجمع باب العزيزية هدفاً محتملاً للتفجير، مع العلم أن القذافى والعديد من أفراد عائلته يقيمون هناك. ووفقا لكتاب ستانيك، اختار ريجان شخصيا باب العزيزية ليكون المحور الرئيسى للهجوم. ونقل عن الأميرال ويليام كروى، الذى كان آنذاك رئيس هيئة الأركان المشتركة، «أنه كان هناك شعور قوى ولأغراض نفسية بأن علينا أن نفعل شيئا لمقر إقامته الشخصى ونحصل على مركز اتصالاته ومقره».

وأشار المقدم أوليفر نورث، وهو عضو فى مجلس الأمن القومى آنذاك، إلى المداولات التى دارت فى تلك المرحلة، وقال «قتله لم يكن أبدا جزءا من خطتنا» ولكن من ناحية أخرى، عاد وأضاف  «نحن بالتأكيد لم نبذل أى محاولة لحمايته من قنابلنا».

وفقا لتوصيات المخططين العسكريين  تم تخصيص ست طائرات حربية لضرب مجمع باب العزيزية، وأمر ريجان شخصيا البنتاجون بتحويل ثلاث طائرات  كان من المفترض أن تستهدف مطار طرابلس العسكرى إلى مجمع باب العزيزية، مما أدى إلى زيادة عدد الطائرات إلى تسع طائرات، من بينها اثنتان تستهدفان على وجه التحديد مسكن القذافى.

وأسفرت العملية عن مقتل 37 من الليبيين وإصابة 93 آخرين، معظمهم من المدنيين، ولم تنجح هذه العملية فى اغتيال القذافى ولكنها أسفرت عن مقتل ابنته بالتبنى هناء.  

نفس الاستراتيجية طبقتها الولايات المتحدة الأمريكية عندما قذفت صربيا عام 1999 وكانت تستهدف قتل الرئيس الصربى سلوبودان ميلوسيفيتش، وعندما اتخذت قرارها بغزو العراق فى 2003 حيث كان من ضمن أهدافها غير المعلنة اغتيال الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.

4- مؤامرات اغتيال

ومن بين الحلقات التى تم توثيقها فى وقت سابق محاولة الـCIA لاغتيال  رئيس وزراء الكونجو باتريس لومومبا، والذى حكمت عليه الولايات المتحدة بأنه قريب جدا من  روسيا، فى عام 1960، أرسلت وكالة المخابرات المركزية عالما لقتله بفيروس مميت، على الرغم من أن هذا أصبح غير ضرورى عندما تمت إزالته من منصبه فى عام 1960.

وكان تقرير أصدرته لجنة بلجيكية عام 2001 قد أشار إلى مؤامرات أمريكية وبلجيكية من أجل قتل لومومبا، منها محاولة وكالة المخابرات المركزية لتسميمه، والتى جاءت بناء على أوامر من الرئيس الأمريكى دوايت إيزنهاور. قام سيدنى جوتليب الكيميائى فى وكالة المخابرات المركزية، وهو شخص رئيسى فى هذه الخطة، بابتكار سم يشبه معجون الأسنان. فى سبتمبر 1960، جلب جوتليب زجاجة السم إلى الكونجو مع خطط لوضعه على فرشاة الأسنان لومومبا، ومع ذلك، تم التخلى عن مؤامرة فى وقت لاحق.