فؤاد معوض يكتب: أنا و"ش..ش" داخل "حلة" فوق صفيح ساخن

مقالات الرأي



الثالثة ظهرًا من يوم الخميس 11/8/1982 درجات الحرارة فى هذا اليوم كما توضحه هيئة الأرصاد الجوية العظمى 42 درجة والصغرى 39 درجات الحرارة فى مثل هذا الوقت من السنة هذا هو معدلها باستمرار!

شقة شويكار لا تطاق فى منتهى الحر وكأنها تسكن بالقرب من خط الاستواء وليس فى حى الزمالك! نسمة الهواء فيما يبدو قد أخذت على خاطرها من الشقة فاختفت!.. حدث بينهما بين الشقة ونسمة الهواء خصام جعلها تمد إصبعها الخنصر فى حركة صبيانية وهى تقول للشقة مش حاعبرك ولا أسأل عنك.. مخصماكى هه!

شقة شويكار ياساتر يا رب عبارة عن حلة شوربة فوق بوتاجاز مشتعل وأنا وهى داخل هذه الحلة ساعة إجراء هذا الحوار.. و..

■ ■ ■

صدفة لم تكن على بالى والكلام على لسان شويكار أن أصبح بين يوم وليلة نجمة سينما ومسرح وتليفزيون وأى شيء آخر كانوا قد اخترعوه وقتها.. تستطيع أن تعتبرنى ظاهرة فنية.. كتب عنها الناقد الفنى جليل البندارى فى عدد أخبار اليوم الصادر فى 11/11/1960 يقول بأن «ش.ش» الاسم المختصر لـشويكار شكرى طوب صقال لم تظهر فى الحياة الفنية كما هو المعتاد من تحت إلى فوق كما يقول شكوكو ولكنها ظهرت من فوق أو حلقت كما الأطباق الطائرة تمامًا! تسألنى كيف حدث ذلك؟! سأحكى لك الحكاية من بداياتها -الكلام مازال على لسان شويكار- التقى بى ذات يوم الفنان محمود السباع وعرض على العمل فى المسرح.. قال لى وقتها سنعطيك عشرة جنيهات فى الليلة نظير التمثيل معنا.. ياه عشرة جنيه حتة واحدة؟! مبلغ كبير.. الجنيه أيامها كان فى استطاعتك أن تضع فوقه جنيه تانى وتالت وتشترى ما فى نفسك! محظوظة يا بنت صقال.. والدتك داعية لك بالتأكيد.. انكتب لك السعد فجأة.. وورقة وقلم لنحسبها.. عشرة جنيهات فى اليوم ثلثمائة جنيه فى الشهر مبلغ وقدره وهو فارق كبير بينه وبين ما كنت أتقاضاه من شركة شل التى التحقت للعمل بها نظير مبلغ لا يزيد على 18 جنيها فى الشهر.. نسيت أن أوضح لك الخصومات مثل ضريبة كسب العمل.. ضريبة الدفاع المدنى.. حصة التأمينات الاجتماعية.. صافى المرتب عند استلامه من موظف الخزينة لا يزيد على الـ 15 لحلوح! فرق كبير بين مرتب «شل» ومرتب فرقة أنصار التمثيل التى عرض علىَّ محمود السباع أن أعمل بها وهو الأمر الذى جعلنى أتقدم بالاستقالة من شركة شل والجرى فورًا إلى خشبة المسرح للقيام بدور البطولة فى مسرحية أمام الممثل القدير محمد توفيق ومن بعدها بشهر واحد بطولة فيلم «حبى الوحيد» أمام عمر الشريف ونادية لطفى!

■ ■ ■

ابتدأ نجمى يلمع وانهالت العروض علقت فى صدرى خشية الحسد سلسلة ذهبية تنتهى بـ«خمسة وخميسة» وضعت البخور تحت قدمى وتخطيته دائمًا ما أفعل ذلك قبل صعودى خشبة المسرح أو فى بلاتوه سينما خاصة وأنا أؤمن بالحسد جدا!.. كثير من النقاد حسن إمام عمر وسامى خشبة ومحمد بركات أطلقوا على ألقابا كبيرة من نوعية برنسيسة المسرح1.. الصاروخ الفنى عابر القارات!.. ناقد حاقد لا أذكر اسمه شبهنى بـ«المانيكان» قال بأننى على المسرح مجرد عارضة أزياء لا أكثر ولا أقل!.. ابتدأت أيضا تصلنى الكثير من رسائل المعجبين.. أعتز برسالة مازلت أحتفظ بها وأقرأها بانتظام.. قامت شويكار لتفتح أحد الأدراج وتجئ بالرسالة.. هل تظن «موجهة الحديث للعبد لله» أنها الصدفة مثلا فى أن يكون اسم كاتب هذه الرسالة مطابقا لاسمك واسم زوجى فؤاد المهندس فيما بعد؟! الرسالة موقع عليها بالحروف الأولى من اسميكما «ف.. ؤ..ا..د» كلمات الرسالة سأقرأها لك «إننى لا أستطيع أن أحبك أكثر مما أحبك الآن.. فلم يبق فى قلبى ذرة من الحب إلا ومنحتك إياها إعجابا بفنك وكل أدوارك»!

■ ■ ■

الشقة لاتزال درجة الحرارة فيها مرتفعة أكثر من اللازم وشويكار تواصل الحديث.. ياى.. ياى.. إيه الحر ده؟! عاوزة اشترى تكييف.. قلت لها ضاحكا: على بال ما تشترى التكييف يا ريت تلفوها ــ أقصد الشقة ــ فى فوطة مبلولة!.. ضحكت شويكار من «برودة» النكتة نصف ضحكة وردت بواحدة «أبرد»: أو نحطها فى الـ«ديب فريزر» من هنا ورايح!

■ ■ ■

سألتها عن قصة زواجها من فؤاد المهندس.. قالت سأحكى لك بالتفصيل.. فى أحد مشاهد مسرحية «أنا وهو وهى» مشهد ليس فيه أى كلام.. أتمدد خلاله إلى جانب فؤاد على خشبة المسرح وفى هذا المشهد بالذات همس فؤاد فى أذنى بعدة عبارات ليست فى النص المسرحى ولم يسمعها أحد غيرى «أنا بحبك يا شوشو» وفى الكواليس قال لى «ما تيجى نتجوز يا بسكوتة» وعندما أسدل الستار فى نهاية الفصل الأخير من المسرحية لم يشاهد الجمهور ذلك العناق الطويل الذى جرى بيننا ووقتها استدعينا المأذون وأصبحنا زوجين!.. فؤاد إنسان طيب.. بسيط ومحترم.. لو وضعوه فى سوق الرجال ــ منذ بداية معرفتى به ــ لاشتريته وحده بكل ما أملك!.. ليس هناك بينى وبينه أى عملية خصام أو زعل كما يتردد حاليا.. الذى بيننا حب كبير!.. ذكرتنى شويكار بمقولة قالها أحد الفلاسفة «لا الحبال ولا السلاسل تستطيع أن تربط بين اثنين متباغضين لكن الحب وحده هو الذى يستطيع أن يجمع بينهما بخيط خيالى من نسيجه الرقيق»! يحدث أحيانا ــ والكلام على لسان شويكار ــ سوء تفاهم على خفيف بيننا كأى طرفين.. الطرف الذى يشد والطرف الذى يرخى.. أليس الزواج كما يقولون أشبه برقصة التانجو؟!

ملحوظة: رقصة التانجو تتطلب شخصين لأدائها يضطر أحدهما إلى التراجع للخلف لتظل الرقصة مستمرة!

■ ■ ■

فؤاد المهندس ــ والكلام على لسان شويكار ــ يحتملنى كثيرا.. أنا عصبية.. أحيانا تدفعنى عصبيتى إلى تحطيم كل ما هو أمامى!

ملحوظة: العصبية ــ فى الأصل ــ مرض نفسى يتعلق بالانفعالات.. هناك نوع من العصبية مألوف وطبيعى ونوع آخر يصيب الممثل أو الممثلة الشهيرة فى الليلة التى تقدم فيها دورا جديدا على المسرح قد يزيد من اضطرابها عما تكون عليه فى الظروف العادية!.. والواقع أن اللامعين ــ رجالا ونساء ــ يدفعون من صحتهم ثمن ما يصيب أعصابهم من إجهاد حينما يلقى على عواتقهم ما يفوق طاقتهم من أعباء.. بل كثيرا ما يؤدى الاضطراب الشديد ــ الذى يسبق القيام بمواجهة الجماهير ــ إلى الإعياء الذى يستدعى المبادرة للعلاج «من كتاب هل أنت عصبى صفحة 142 لطبيب أمراض نفسية أجنبى اسمه هويتز»! ..و..

■ ■ ■

رصيدى من الأعمال الفنية حتى الآن أكثر من 30 فيلما وحوالى 9 مسرحيات ومسلسلات فى الإذاعة لا أعرف عددها ومسلسلات تليفزيونية فى الطريق إن شاء الله.. إلى جانب ذلك تجدنى ست بيت من الدرجة الأولى.. ليس لى أصدقاء من الوسط الفنى.. معظم صديقاتى من أيام الدراسة أو الجيران من سكان مصر الجديدة أسماؤهن سهير .. سلوى .. زيزى.. ناهد والأخيرة من لبنان كانت فى المدرسة معى.. خفيفة الدم.. بنت نكتة قالت لى بالأمس نكتة.. اسمعها.. طلبت سيدة لبنانية دكتورا بالتليفون بعد منتصف الليل خاطبته قائلة:
ــ الحقنى وحياة مدامتك يا دكتور1

ــ شو.. فيه .. خبرينى!

ــ كل ما آخذ نفسى أحس روحى بتطلع يا حكيم!

ــ طيب اصطبرى.. جاى حالا!

ــ عقبال ما بتيجى شو بتريد أعمل؟!

ــ تبطلى تاخدى نفسك!.. هاااء.. هاااء!

■ ■ ■

رأيى فى الكوميديانات خد عندك زينات صدقى أفضل كوميديانة أنجبتها مصر! وداد حمدى تضحكنى أحيانا!.. نجوى سالم بلاش علشان ماتزعلش منى.. أنا ــ وأعوذ بالله من قولة أنا ــ ما ليش زى!.. مطربى المفضل محمد فوزى وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالمطلب بالتحديد أغنيته التى يقول فيها يا حاسدين الناس مالكم ومال الناس! رفضت ــ هذا الأسبوع ــ فيلما اسمه «دنيا» فالدور لا يصلح لى بتاتا.. ــ وصدق أو لا تصدق ــ دور طالبة فى الجامعة!.. حاليا فاضية..لا شغلة ولا مشغلة لذلك قررت السفر.. سأسافر إلى إسبانيا للفسحة والعلاج من العصبية التى تنتابنى أحيانا!.. قلت أقاطعها: هل تعرفين العادات الشائعة فى إسبانيا؟! قالت: لا.. قلت لها: هناك عادة امتداح الرجل الإسبانى لأى امرأة يشاهدها فى الطريق وهذا المديح أو «المعاكسة» بلغتنا يتراوح بين عبارات «لم أر حسناء فى جمالك» أو «تحيا الأم التى أنجبتك» أو «إنك من الجمال بحيث يقف القطار أمامك يتأملك» تقابلها عندنا كلمات مماثلة من نوعية «يا قمر» أو «يا عسل بالطحينة وغمس».. النساء الإسبانيات يشعرن بالزهو والخيلاء عند سماع مثل هذه المداعبات البريئة بل إن إحداهن اشتكت إلى صديقة لها قائلة «إننى أشعر بضيق شديد إذا ذهبت لشراء حاجياتى ولم يغازلنى أى أحد!.. قاطعتنى شويكار قائلة: لن أسير فى الشارع بمفردى سيكون بجوارى فؤاد وابنتى وزوجها للحماية!.. قلت لها: لا تخافى فقد صدر ــ هذا الأسبوع بالتحديد ــ فى إسبانيا قانون يحرم هذا النوع من الغزل يقضى بدفع غرامة مالية كبيرة لمن يغازل امرأة غريبة عن إسبانيا.. لذلك كثيرا ما ستشاهدين رجالا قد قاموا بوضع أيديهم على شفاههم كلما شاهدوك فى الطريق. وهذا ما سيجعلك تنفجرين من الضحك على المنظر!

قالت شويكار: ياى.. ياى حاليا سأنفجر من شدة الحر.. يا لطيف.. يا لطيف.. يا لطيف!