عبد الحفيظ سعد يكتب: "فتنة كوليبالى".. اللعب بورقة الاضطهاد يصل لملاعب كرة القدم

الفجر الرياضي



اللاعب الإيفوارى سعى للهروب من الأهلى بادعاء إجباره على السجود

■ الغريب أنه نفس توقيت ترديد المهاجم من إنجلترا خوفه من الوضع الأمنى كانت لندن تتعرض لـ3 عمليات إرهابية


قبل نهاية مباراة لنادى الأهلى الأخيرة، مع فريق «الوداد» المغربى فى تصفيات المجموعة بأبطال الدورى الإفريقى، رسم لاعب الأهلى «جونيور اجاى»، أثناء استبداله قبل نهاية المباراة بدقائق، «الصليب» على صدره، تباركا بعد نجاحه فى التألق فى المباراة، وإحرازه هدفا عزز فيه تفوق فريقه فى البطولة..

رسم الصليب، عادة مشهورة فى ملاعب كرة القدم عند إحزار اللاعب هدفا أو التبرك بعد التوفيق فى المباراة، وهى تماثل حركة السجود بالشكر فى الملاعب المصرية، والتى بسببها حصل منتخب مصر لكرة القدم على لقب «منتخب الساجدين».

لكن رسم الصليب من قبل لاعب الأهلى «أجاى» مساء يوم الأحد الماضى، حمل معانى خاصة، لأنها جاءت بعد ساعات قليلة، من قضية مهاجم الأهلى الهارب «سليمانى كوليبالى»، الذى هرب إلى إنجلترا منذ أيام بعد أن ترك فريقه، سعيا وراء عقد احتراف فى أحد الأندية الإنجليزية، لكن لجأ إلى حيلة غريبة، باختلاق قصة ملفقة، لكى يهرب من العقوبة المتوقعة عليه من قبل فيفا فى حالة ترك الفريق والهرب دون أخذ أذن.

ادعى اللاعب الإيفوارى كوليبالى، فى خطاب لـ«الفيفا» أن سبب تركه الأهلى، نتيجة لتعرضه لضغوط من النادى، تمثلت فى إجباره على أداء سجدة شكر والصلاة عقب إحرازه هدفا للفريق، بل إن اللاعب الإيفوارى الهارب سرد فى ادعائه فى تبرير الهروب أن أسرته «المسيحية» التى كانت تعيش معه فى القاهرة «لا تجد فرصة أن تؤدى شعائرها فى مصر»..

ويظهر من تفنيد ادعاء اللاعب، أنه لجأ إليه لكى يفلت من العقاب لهروبه من فريقه، والعمل فى فسخ عقده، دون أن يلتزم بالعقوبات المالية والتأديبية التى تقرها لوائح فيفا فى مثل هذه الحالات، خاصة أنه يتردد أن اللاعب يبحث عن فرصة للاحتراف فى احد الأندية الإنجليزية، على الرغم من أن اللاعب كان بإمكانه تحقيق غرضه فى الاحتراف، خاصة أنه ظهر بشكل جيد مع الأهلى خاصة فى مبارياته السبع الأولى التى لعبها معه وأحرز خلالها 6 أهداف، لكنه يطمع فى الحصول على أكبر مكاسب من ناديه الجديد دون أن يحصل النادى الأهلى على حقوقه.

لذلك اختار الحل السهل باختلاق واقعة عن تعرضه للاضطهاد، والتلميح بوجود قلق أمنى فى مصر، وهى القضية السياسية التى انتقلت للملاعب، والتى تعبر عن ازدواجية فى التعامل مع مصر فى قضية الإرهاب، خاصة فى مجال السياحة، ومحاولة استغلالها اقتصاديا رغم وجود الإرهاب فى كل مناطق العالم، لكن يتم تحميلها على مصر بقدر كبير ومبالغ فيه، تظهر فيه رائحة تصفية الحسابات السياسية.

ونجد فى واقعة اللاعب الإيفوارى ما يثير السخرية، لأنه فى نفس التوقيت الذى خرج فيه عن خوفه من الحالة الأمنية فى مصر، أثناء وجوده فى إنجلترا، كان قلب العاصمة لندن يتعرض لثلاث عمليات إرهابية متزامنة، مما أوقع 7 قتلى وما يزيد على 50 جريحا، وهى حوادث أصبحت معتادة فى الفترة الأخيرة فى العواصم الأوروبية، لكن دون ان يحدث مثل الضجة التى تأتى للحوادث فى مصر.

ولكن يبدو أن اللاعب وجد من السهل أن يلعب بورقة الطائفية، والتى اقترنت بالعمليات الإرهابية التى تستهدف فى الأساس فى الأقباط والتى كان آخرها حادث أتوبيس المنيا، لدرجة أن أحد النشطاء المسيحيين فى الخارج مجدى خليل، قام بنشر ما ذكره اللاعب، على صفحته على فيس بوك، كدليل على وجود تعصب فى مصر، رغم أنه يدرك تماما أن ما ذكره اللاعب ما هو إلا حيلة ماكرة للهروب من ناديه، وسار وراءه عدد من المواقع الإخبارية الأخرى، وهو ما رد عليه المفكر كمال زاخر، مؤكدا أن ادعاء اللاعب الإيفوارى، ما هو إلا محاولة منه للهروب من النادى، وهو ما سار على نهجه عشرات الأقباط الآخرين، فى نفى وجود اضطهاد للاعب، قبل أن تتحول القضية إلى فتنة، وادعاء يمكن أن يضر بسمعة البلد، سواء سياسيا أو اقتصاديا.

خاصة أن بوابة الفتنة هذه المرة، جاءت من باب غير تقليدى، عبر اللعبة الأكثر شعبية وجماهيرية، والتى يتقاسم فيها جميع المصريين الفرحة، على الرغم من ندرة اللاعبين الأقباط فى الدورى المصرى، فلم يلمع منهم نجم فى المنتخب، باستثناء هانى رمزى، الذى كان ضمن المنتخب الذى لعب كأس العالم 1990، ويمكن أن تكون قضية ندرة اللاعبين الأقباط فى كرة القدم ظاهرة غريبة، تحتاج إلى بحث يقوم به المتخصصون فى اللعبة، بخاصة بعد أن تفجرت فى واقعة الناشئ، والذى اجتاز اختبار الالتحاق بالنادى الأهلى، وتم رفضه بعد علم مدربه باسمه الذى دل على ديانته طبقا لما ذكره شقيقه فى حينها، وهو ما أجبر النادى الأهلى بعدها ليفتح تحقيقاً فى الواقعة، ليلحق بعدها النادى فى فرق الناشئين.

لكن لا تدل واقعة ناشئ الأهلى، على وجود تميز فعلى فى الملاعب، مثلما ادعى اللاعب كوليبالى أو أن سجدة اللاعبين، تميز دينى، وأنها مجرد تعبير عن الفرحة، وتميمة مباركة لجلب التفاؤل، لا تختلف كثيرا عن رسم الصليب أو أى علامة لأى معتقد آخر، لكن يبدو أن هناك حالة تربص بمصر والسعى بلعبة بورقة الفتنة الطائفية سواء فى التفجيرات الإرهابية أو حتى فى ملاعب كرة القدم.